الشباب الجزائري عشية الانتخابات... تأرجح بين الإحباط والتمسّك بالأمل

البعض ينتظر تحقق وعود الرئيس... والآخر لا يحلم سوى بمغادرة البلاد

شبان جزائريون يمرون من أمام لافتة عليها صورة المرشح عبد العالي حساني (أ.ف.ب)
شبان جزائريون يمرون من أمام لافتة عليها صورة المرشح عبد العالي حساني (أ.ف.ب)
TT

الشباب الجزائري عشية الانتخابات... تأرجح بين الإحباط والتمسّك بالأمل

شبان جزائريون يمرون من أمام لافتة عليها صورة المرشح عبد العالي حساني (أ.ف.ب)
شبان جزائريون يمرون من أمام لافتة عليها صورة المرشح عبد العالي حساني (أ.ف.ب)

يترقّب الشباب الجزائري، الذي يشكّل أكثر من ثلث الناخبين، الانتخابات الرئاسية، السبت، متأرجحاً بين الإحباط والتمسّك بأمل يستند إلى انتظار تحقّق وعود الرئيس عبد المجيد تبون، المرشّح لولاية ثانية.

مراقبون يؤكدون أن عدد الشبان الذين لا يشاركون في الانتخابات كبير (أ.ف.ب)

يقول عبد النور بن خروف، وهو حلّاق يبلغ 20 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم تحمل السنوات الخمس الماضية أي جديد. فمنذ عام 2019 لم نحقّق أي شيء ملموس. وبعد فوزنا بكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم (يوليو/ تموز 2019)، توقّف كلّ شيء».

الرئيس تبون أكد أنه يعوّل كثيراً على تصويت الشباب في تجمّع قبل الانتخابات في مدينة وهران (أ.ف.ب)

من جهته، يقول كريم بلجودي (19 عاماً): «بصراحة، لم نشهد خلال السنوات الخمس الماضية أي تقدّم أو تطوّر في البلاد. لم يتغيّر شيء في وضعنا. ومنذ عام 2019 ونحن نعيش الروتين نفسه. عاماً بعد عام، تمرّ السنوات من دون أن نتمكن من تحقيق أي شيء يُذكر».

عزوف عن الاقتراع

على الرغم من عدم توافر أرقام رسمية، فإنه يبدو واضحاً أن عدد الشباب الذين لا يشاركون في الاقتراع كبير. ففي الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي جرت في خضم مظاهرات الحراك الحاشدة المطالِبة بتغيير النظام الحاكم منذ استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي في 1962، بلغت نسبة الامتناع عن التصويت 60 في المائة، وهو رقم قياسي. ووعد عبد المجيد تبون، الذي يعوّل كثيراً على تصويت الشباب، في تجمّع قبل الانتخابات في مدينة وهران (غرب)، بتوفير 450 ألف وظيفة جديدة، وزيادة منحة البطالة، وهي إعانة شهرية تم استحداثها في عام 2022 لمن تتراوح أعمارهم بين 19 و40 عاماً، من 15 ألف دينار إلى 20 ألف دينار (135 دولاراً) لتتساوى مع الحد الأدنى للأجور.

بعض الشبان يرون أن الرئيس تبّون أعاد البلد جزئياً للوقوف على قدميه (أ.ف.ب)

لكن بالنسبة لفؤاد الإبراهيمي، وهو رسام يبلغ 22 عاماً، فإن الشبان يريدون «وظائف لأن هذه الإعانة غير دائمة». وهي كغيرها من الإعانات الاجتماعية، يتمّ تمويلها من المكاسب غير المتوقعة من الغاز الطبيعي، الذي تعد البلاد أكبر مصدر له في أفريقيا، والذي ارتفع منذ الحرب في أوكرانيا في عام 2022. وبالنسبة لهذا الرسام الشاب «لا يوجد تقدّم حقيقي في أي ميدان. ويمكن القول إن الرئيس تبّون أعاد البلد جزئياً للوقوف على قدميه، ولكن كل ما يفعله هو مواصلة ما تبقى من المشاريع السابقة»، بحسب تعبيره. ويمثّل الشبان الذين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً أكثر من نصف عدد السكان في الجزائر؛ أي نحو 23 مليوناً، وكل شاب من ثلاثة عاطل عن العمل، في حين أن معدّل البطالة العام يقارب 12 بالمائة. في هذا السياق، يقول سامي رحماني (39 عاماً)، وهو عاطل عن العمل، وكان يقف قرب مكتب انتخابي للمرشح تبّون، إنه يتردّد في الكلام؛ لأن البعض يصوّره على أنه «خائن للحراك»، الذي كان «عضواً نشيطاً فيه».

حلم واحد مشترك: الهروب للخارج

يؤكد رحماني أنه «راضٍ» عن السنوات الخمس الماضية؛ لأن الرئيس «بذل جهداً حقيقياً. وإن شاء الله سيبذل في السنوات القادمة المزيد من الجهد، وسيقدّم الدعم للشباب المهمّش؛ لأننا نرى شباباً يحمل شهادات ولا يجد عملاً». ويضطر بعض أصحاب الشهادات العليا للعمل في وظائف بسيطة، ومن دون تأمين في قطاعات، مثل توصيل الطلبات ونقل الأشخاص والبيع في الشارع. ولتبرير هذا الواقع الصعب في بلد يعج بالثروات، يعتقد إسحاق الشاذلي، وهو طالب يبلغ 21 عاماً، أن الولاية الأولى لتبون «تزامنت مع فترة (كوفيد-19)، لذلك لم يتمكّن الرئيس من إنهاء المشاريع التي بدأها ووعدنا بها. سنتان أو ثلاث لم تكن كافية، فهو يحتاج إلى مزيد من الوقت، وسنرى ما إذا كان سيفي بوعوده حقاً».

الصعوبات الاقتصادية وغياب الآفاق يدفعان مئات الشباب كل عام إلى المغامرة بحياتهم للوصول إلى أوروبا (أ.ف.ب)

ودفعت الصعوبات الاقتصادية وغياب الآفاق مئات الشباب كل عام إلى «الحَرقة»، وهو التعبير الشعبي للهجرة غير القانونية، من خلال عبور البحر الأبيض المتوسط للوصول إلى أوروبا عبر قوارب الموت. ولإثنائهم عن ذلك، جرّمت السلطات محاولات الهجرة غير الشرعية. بدورهما لم يخفِ عبد النور وكريم إحباطهما، وانتقدا «كثرة الوعود من دون أن يتم الإيفاء بها». ويعترفان بأن كليهما لديه حلم واحد فقط: «الحَرقة».


مقالات ذات صلة

لماذا تبدو انتخابات الرئاسة في الجزائر محسومة لتبون؟

شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون مخاطباً مؤيديه في حملته الانتخابية (أ.ب)

لماذا تبدو انتخابات الرئاسة في الجزائر محسومة لتبون؟

يعتبر الرئيس الحالي عبد المجيد تبون الأوفر حظاً للفوز بولاية ثانية خلال انتخابات الرئاسة المقررة بعد غد السبت لأسباب كثيرة وجوهرية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا عبد المجيد تبون في آخر مهرجان انتخابي (حملة المترشح)

الجزائر: حسم الجدل حول «عفو» محتمل عن وجهاء نظام بوتفليقة

حسم الرئيس الجزائري جدلاً يثيره قطاع واسع من الإعلام، ويجري تداوله منذ مدة غير قصيرة في الإعلام الاجتماعي بخصوص «عفو محتمل» عن وجهاء من النظام السابق.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الجزائري التطورات في فلسطين

بحث الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، مع نظيره الجزائري أحمد عطاف، الثلاثاء، تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا صورة أرشيفية لمقاتلين من الطوارق من تنسيقية حركات أزواد يمرون بالقرب من كيدال شمال مالي (أ.ف.ب)

«مشادات» بين الجزائر ومالي في أجهزة الأمم المتحدة

وقعت ملاسنة بين ممثلي البلدين في جلسة نقاش بمناسبة الذكرى الـ75 لاتفاقيات جنيف حول النزاعات المسلحة، نظمت بجنيف نهاية الشهر المنقضي...

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من أحد مداخل مدينة تلمسان (مواقع التواصل)

الجزائر تعلن تفكيك «شبكة تجسس» تضم مواطنين ومغاربة

قطعت الجزائر علاقاتها مع الرباط في أغسطس (آب) 202، منددة بسلسلة «أفعال عدائية» من جانب جارتها التي اعتبرت أن هذا القرار «غير مبرر»، ورفضت الاتهامات الجزائرية...

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

إعادة توقيف المرشح للرئاسة في تونس العياشي زمال بعد الإفراج عنه

المرشح الرئاسي العياشي زمال (متداولة)
المرشح الرئاسي العياشي زمال (متداولة)
TT

إعادة توقيف المرشح للرئاسة في تونس العياشي زمال بعد الإفراج عنه

المرشح الرئاسي العياشي زمال (متداولة)
المرشح الرئاسي العياشي زمال (متداولة)

أعادت السلطات الأمنية في تونس توقيف المرشح للرئاسة العياشي زمال للمرة الثانية بعد فترة وجيزة من صدور قرار قضائي بالإفراج عنه ليل الخميس.

وأعلن فريق الحملة الانتخابية للمرشح زمال أن فرقة أمنية أعادت توقيفه من أمام سجن برج العامري، بعد دقائق من مغادرته.

وأرجأت محكمة في ولاية منوبة النظر في التهم الموجهة له إلى جلسة ثانية يوم 19 سبتمبر (أيلول) الحالي وأمرت بإبقائه في حالة سراح، قبل أن يجري توقيفه مرة أخرى، وفق وكالة الأنباء الألمانية.

ولم تصدر إيضاحات بشأن أسباب الإيقاف. وكان زمال وهو رجل أعمال وناشط سياسي ورئيس حركة «عازمون»، أوقف في المرة الأولى، الاثنين الماضي، بدعوى تورطه في جمع تزكيات شعبية مفتعلة من الناخبين، وفق ما لاحظته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وكانت الهيئة قد أقرت ترشح ثلاثة مرشحين للانتخابات الرئاسية التي تُجرى يوم السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، من بينهم العياشي زمال ورئيس حركة الشعب زهير المغزاوي والرئيس التونسي الحالي قيس سعيّد الساعي إلى ولاية ثانية.