ليبيا: قتلى وجرحى بعد «تغوّل» ميليشيا مصراتة في الخُمس

مسلحوها دكوا منزل مواطن بالقذائف... ومساعٍ لـ«وأد فتنة»

أحد منتسبي الشرطة في شوارع الخمس شمال غربي ليبيا (مديرية أمن الخمس)
أحد منتسبي الشرطة في شوارع الخمس شمال غربي ليبيا (مديرية أمن الخمس)
TT

ليبيا: قتلى وجرحى بعد «تغوّل» ميليشيا مصراتة في الخُمس

أحد منتسبي الشرطة في شوارع الخمس شمال غربي ليبيا (مديرية أمن الخمس)
أحد منتسبي الشرطة في شوارع الخمس شمال غربي ليبيا (مديرية أمن الخمس)

تسبب «تغوّل» ميليشيا تابعة لمدينة مصراتة الليبية في مدينة الخُمس المجاورة، بقصد اعتقال مواطن في وقوع قتيلين و3 جرحى، كما وضع المدينتين على أبواب «توتر محتمل»، وسط إعلان حالة الطوارئ خلال ساعات متأخرة من ليل الأربعاء.

ووقعت الاشتباكات عندما دخلت قوة من ميليشيا «التدخل والسيطرة»، التي يترأسها المدعو ماريندا زقل، وتتبع مصراتة، مدعومة بعناصر أمنية أخرى لاعتقال مواطن من عائلة البكوش، مما أوقع القتلى والمصابين، قبل أن تبدأ معركة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة انتهت بدك منزل البكوش.

ما تبقى من منزل البكوش في الخمس الليبية بعد قصفه بالقذائف (صفحات موثوقة على مواقع التواصل الاجتماعي)

وقبل انقشاع غبار المعركة التي روعت المواطنين، سارع مجلس أعيان ومشايخ الخمس إلى توضيح الأمر في رسالة إلى أعيان مصراتة، سعياً لـ«وأد الفتنة» ووقف اتساع الخلاف، مؤكداً أنهم «لا يملكون في الخمس أي تاريخ عدائي مع مدينة مصراتة».

وطالب مجلس أعيان ومشايخ الخمس كبار مصراتة وأعيانها اتخاذ الإجراءات اللازمة لإخراج ما تُسمى بالقوة المساندة (التدخل والسيطرة) التي تتبع حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، من مدينة الخمس، بما في ذلك المدعو زقل، رافضين بشدة وجود هذه الميليشيات في مدينتهم. وقال المجلس إن مدينتي مصراتة والخمس «تتمتعان بنسب وتاريخ مشترك؛ ولذا نأمل من كبار مصراتة مراعاة هذا الأمر والسيطرة على أبنائهم؛ وترك مدينة الخمس في ظل حماية الجيش والشرطة، دون الحاجة إلى أي مسميات أخرى».

أحد أفراد قبيلة «أولاد بوحميرة» يلقي بيانها بخصوص البيدجا (من مقطع فيديو)

وقال شهود عيان إن المعركة التي استمرت حتى الساعات الأولى من صباح الخميس، استخدمت فيها الأسلحة والقذائف المدفعية، التي أتت على منزل البكوش. وعقب اندلاع الاشتباكات، تحدثت بلدية الخمس عن إعلان الغرفة الصحية المشتركة بالبلدية حالة الطوارئ.

في غضون ذلك، تتواصل في مدينة الزاوية (غرب) تداعيات عملية اغتيال عبد الرحمن ميلاد، آمر «معسكر الأكاديمية البحرية» المعروف بـ«البيدجا»، الذي تعرض للتصفية مساء الأحد الماضي، داخل سيارته أمام مقر الأكاديمية البحرية بجنزور، ونعته سلطات طرابلس. وحمّلت قبيلة «أولاد بوحميرة» بالزاوية، التي ينتمي إليها «البيدجا»، حكومة الدبيبة المسؤولية بسبب تبعية المتورطين لجهاز يتبعها، هو جهاز «مكافحة التهديدات الأمنية»، الذي يقوده محمد بحرون، الشهير بـ«الفأر».

وطالبت القبيلة في بيان «تسليم المتهمين في هذه القضية كافة، وحل الأجهزة الأمنية المتورطة في اغتيال (البيدجا)، ومطالبة النائب العام بالشفافية التامة، باعتبارها قضية رأي عام». كما تمسكت بضرورة «اختيار قاضٍ مشهود له بالنزاهة والوطنية للحكم في القضية، وتكليف ضابط من أهل (البيدجا) لمتابعة التحقيق».

ووسط حالة توتر تعيشها الزاوية راهناً على خلفية اغتيال «البيدجا»، قالت النيابة العامة إن سلطة التحقيق «وجهت مأمور الضبط القضائي بسماع أقوال مشتبه في قضية ميلاد سلم نفسه طوعاً». وأوضحت النيابة في بيانها أنها أمرت بضبط ثلاثة مشتبهين، أسفر البحث عن تأكيد ضلوعهم في الجريمة؛ ووجّهت مكونات وزارة الداخلية بإنفاذ هذا التدبير.

وسبق أن أفاد مكتب النائب العام بأن سلطة التحقيق نجحت في استجلاء هويتيْ المشتبه بهما في قتل ميلاد خلال مروره بالطريق الرابط بين مدينتي طرابلس والزاوية.

وقال ليبيون متابعون للأزمة التي أحدثها اغتيال «البيدجا» إن «الفأر» وصل مقر «اللواء 111»، اليوم (الخميس)، ومنه إلى مكتب النائب العام، مشيرين إلى أنه سلم نفسه، بعد ضمانات من قيادات أمنية وسياسية بأنه «سيتم إطلاق سراحه»، لكن مصدراً بالنيابة العامة نفى صحة هذا الحديث.

وكان الدبيبة قد كلف وزارة الداخلية والأجهزة المختصة بفتح تحقيق عاجل في استهداف «البيدجا»، وقال إن الأخير ورفاقه كانت لهم جهود محمودة في إعادة تأهيل الأكاديمية البحرية، وتخريج دفعات جديدة منها بعد توقف دام أكثر من عقد، كما أثنى كذلك على مساعيه في الصلح والمصالحة في مدينته الزاوية.

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

في شأن آخر يتعلق بمعبر «رأس جدير الحدودي» بين ليبيا وتونس، تحدثت مديرية أمن المنفذ اليوم (الخميس) عن ملابسات وقوع حالة وفاة داخل المعبر، قبل الوصول لمنطقة الإجراءات النهائية.

وأشارت مديرية أمن المعبر أن بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تداولت بأن الوفاة كانت نتيجة الازدحام، والوقوف لأكثر من ثماني ساعات؛ «وهذا لم يحدث أبداً؛ فالانتظار لم يتجاوز ثلاث ساعات، وسبب الازدحام ضيق المسافة من الجانب التونسي، وهذه هي قدرة الاستيعاب لديهم».

المنفي خلال افتتاح قمة منتدى التعاون الصيني-الأفريقي في بكين (المجلس الرئاسي الليبي)

في شأن مختلف، شارك رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، اليوم الخميس، في افتتاح قمة منتدى التعاون الصيني - الأفريقي (فوكاك)، بحضور الرئيس الصين شي جينبينغ، وعدد كبير من القادة الأفارقة.

ويعتبر المنتدى‏ المقام في بكين، بحسب مكتب المنفي، إطاراً مؤسساتياً للتعاون الاقتصادي، حيث تأسس بمبادرة مشتركة من الصين والدول الأفريقية، بهدف تعميق التعاون لتحقيق التنمية الاقتصادية، ومواجهة تحديات العولمة، ويخصص هذا المنتدى أعماله لتعزيز التعاون والشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول الأفريقية، ومن بينها ليبيا.


مقالات ذات صلة

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

شمال افريقيا زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

يعتقد ليبيون بأن «نفوذاً روسياً يتمدد في جنوب البلاد ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند الأخيرة إلى سبها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

المزرعة الليبية في غينيا تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً ومخصصة لإنتاج المانجو والأناناس وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

توقفت الاشتباكات التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية الليبية مخلفة 3 قتلى و5 جرحى.

خالد محمود (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.