سفير تركيا في القاهرة: زيارة السيسي لأنقرة ستُترجم لاتفاقيات تشمل جميع القطاعات

موطلو شن توقّع لـ«الشرق الأوسط» تطوراً أكثر للعلاقات بين البلدين مستقبلاً

السفير التركي في القاهرة صالح موطلو شن خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط» من مقر السفارة بحي الزمالك
السفير التركي في القاهرة صالح موطلو شن خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط» من مقر السفارة بحي الزمالك
TT

سفير تركيا في القاهرة: زيارة السيسي لأنقرة ستُترجم لاتفاقيات تشمل جميع القطاعات

السفير التركي في القاهرة صالح موطلو شن خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط» من مقر السفارة بحي الزمالك
السفير التركي في القاهرة صالح موطلو شن خلال مقابلة مع «الشرق الأوسط» من مقر السفارة بحي الزمالك

كشف السفير التركي في القاهرة، صالح موطلو شن، عن ملفات التعاون بين القاهرة وأنقرة، سواء في الإطار الثنائي، أو على الصعيد الإقليمي، لا سيما في ليبيا والبحر المتوسط وغزة، مشدداً على «الحوار سبيلاً لإيجاد الحلول».

وأكد السفير التركي في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، بمناسبة أول زيارة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، أن بلاده «تؤيّد تماماً» موقف مصر من معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، الرافض بقاء إسرائيل في جانبه الفلسطيني، لافتاً إلى أن زيارة السيسي ستُترجم لاتفاقيات تشمل جميع القطاعات.

زيارة التقارب

وتتوّج زيارة السيسي إلى تركيا مسار تقارب بين البلدين، شمل محطات ومستويات عدة منذ 2021، وأنهى نحو عِقد من التباينات في ملفات كثيرة.

ولن يتوقف الأمر على قمة السيسي وإردوغان؛ إذ يتوقع موطلو شن أن «تتطور العلاقات أكثر بما يعود بالنفع على البلدين في الفترة المقبلة»، مؤكداً أن تلك «التطورات هي ثمرة للحوار المكثف بين سلطات الدولتين في السنوات الماضية، وكان مهندس ومنفذ مسيرة التقارب، توافقاً مع إرادة القيادة السياسية، هو وزير الخارجية هاكان فيدان».

وعن أهمية زيارة السيسي لأنقرة، قال موطلو شن إنها «تشهد عَقد أول اجتماع للمجلس الاستراتيجي الرفيع المستوى على مستوى الرؤساء، وهناك اتفاقيات في مختلف القطاعات تم التوقيع عليها من قِبل رؤساء المؤسسات المعنية والوزراء في هذا الاجتماع».

الرئيس المصري وقرينته يصطحبان الرئيس التركي وقرينته في زيارة إلى مسجد الإمام الشافعي بالقاهرة فبراير الماضي (الرئاسة المصرية)

وبخصوص الثمار الإقليمية لهذه العلاقات، يرى السفير التركي في القاهرة أن «تركيا ومصر، باعتبارهما دولتين كبيرتين، ستقدمان مساهمات جادة في الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، من خلال التنسيق والحوار الأكثر فاعلية».

أما بشأن التفاهمات في بعض الملفات بالمنطقة، فيرى السفير التركي أنه «من الطبيعي أن يكون هناك حوار وتواصل أوثق بين تركيا ومصر بشأن القضايا الإقليمية، وسواء في ليبيا أو السودان أو اليمن، فإن أهدافنا مشتركة، وهي أن يتحقق الأمن والسلام والاستقرار هناك». ولهذا الغرض «نعمل على تعزيز اتصالاتنا وحوارنا، ونعتقد أنها ستؤدي إلى نتائج إيجابية» تعود بالنفع على شعوب المنطقة ودولها كافة؛ و«لذلك؛ أنا متأكد من أننا سنقدم مساهمات جادة للأمن والسلام والاستقرار الإقليميين، من خلال التشاور والتنسيق الوثيق بين الدولتين بشأن القضايا الإقليمية، وآمل أن يتم الحصول على النتائج في المناطق الجغرافية، ومناطق الأزمات التي ذكرتها».

حرب غزة

بخصوص حرب غزة، يؤكد السفير التركي، أن «إقرار وقف إطلاق النار، والبدء في إيصال القدر الكافي من المساعدات الإنسانية إلى غزة في أقرب وقت ممكن، يشكل أولوية أساسية في السياسة الخارجية التركية».

مصافحة بين الرئيس السيسي ونظيره التركي بين التوقيع على اتفاقيات ثنائية بين البلدين (أ.ب)

وقال موطلو شن بهذا الخصوص: «لقد قدمت تركيا، بالتعاون مع مصر، مؤخراً قدراً كبيراً من المساعدات الإنسانية، وقد حققنا ذلك بفضل مصر والدعم الذي قدمته لنا القاهرة وتعاونها معنا، لكن لسوء الحظ، توقفت هذه المساعدات منذ إغلاق معبر رفح الحدودي. وبطبيعة الحال، فمشكلة معبر رفح الحدودي هي بسبب الاحتلال الإسرائيلي. ونحن نؤيد تماماً موقف مصر في هذه القضية، أي موقفها الثابت بتسليم المعبر للفلسطينيين، ومن خلال ضمان ذلك في أقرب وقت ممكن، سنواصل تقديم مساعداتنا الإنسانية».

تعاون اقتصادي

في مجال الطاقة، كانت تركيا خلال العامين الماضيين، أكبر مشترٍ للغاز الطبيعي المسال في مصر، بحسب السفير التركي، الذي قال بهذا الخصوص: «مصر تمتلك منشأة كبيرة جداً لتسييل الغاز الطبيعي، ونحن على استعداد تام لشراء الغاز الطبيعي المسال. ونأمل أن تستمر علاقة الطاقة وتجارة الغاز الطبيعي المسال، ما دام أن هناك قدرة إنتاجية وتصديرية كافية في مصر».

وأكد موطلو شن في هذا السياق أن مفتاح التنمية والازدهار هو التعاون الاقتصادي، لافتاً إلى أن هدف أنقرة هو «زيادة تجارتنا مع القاهرة إلى 15 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة»، متوقعاً رقماً قياسياً في حجم التجارة في 2024، ومؤكداً أن «تركيا هي أكبر سوق للصادرات المصرية، وهدفنا هو الحفاظ على هذا».

ومن أبرز الملفات الاقتصادية محل التعاون الواعد بين البلدين، قطاع السياحة الذي يعدّ «أحد المجالات المهمة بين البلدين»، وفق السفير التركي في القاهرة، الذي أوضح أن «هناك زيادة كبيرة في عدد السياح إلى مصر، خاصة شرم الشيخ التي تحظى بشعبية كبيرة في تركيا، ونحن نشجع المواطنين الأتراك على زيارة مصر، بما في ذلك مدينة العلمين الجديدة».

ويقدر السفير التركي أنه يمكن «خلال 5 إلى 10 سنوات، الوصول إلى 500 ألف سائح قادم إلى مصر»، وأكد بهذا الخصوص أنه: «لا توجد عقبات في هذا».

الرئيس المصري ونظيره التركي خلال اللقاء الصحافي الذي عُقد في أنقرة على هامش زيارة السيسي لتركيا الأربعاء (إ.ب.أ)

وفي مجال الصحة، تستهدف تركيا، بحسب موطلو شن، «إنشاء مستشفى خاص في الفترة المقبلة، هو مستشفى الصداقة التركية -المصرية»، لافتاً إلى أنه «قد تكون لدينا مشاريع مماثلة في مجال التعليم أيضاً. وكلما أصبحت العلاقات بين مصر وتركيا أقرب، سيمكّن ذلك البلدين من أن يصبحا أقوى معاً، ويستخدما مواردهما بشكل أكثر فاعلية، كما أنها تساهم في تحقيق الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة».



جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
TT

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)

في حين تغرق العلاقات بين الجزائر وباريس في دوامة من التوترات، جدّد جزائريون يعيشون بوسط فرنسا حملة سبق أن أطلقوها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لنزع اسم حاكم عسكري بالجزائر خلال القرن الـ19، اشتهر بالبطش ضد قبائل قادت ثورات عسكرية، بهدف طرد الاستعمار الفرنسي من البلاد.

مبادرة الجالية الجزائرية في فرنسا تأتي في وقت تتفاقم فيه التوترات بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

القصة بدأت قبل عدة أسابيع، عندما بدأت «جمعية فرنسيين من أصول جزائرية» تنشط بمدينة ليون، تضغط على عمدتها غريغوري دوسيه، من أجل استبدال اسم المارشال توماس بيجو (1784-1849) من شارع رئيسي بالدائرة السادسة بالمدينة، بحجة أن «الإبقاء عليه تمجيدٌ لمجرم حرب، وإهانة لنا، ولجميع الفرنسيين الذين يؤمنون بقيم الجمهورية والقيم الإنسانية لبلدنا فرنسا»، وفق ما كتبه ناشطو الجمعية في حساباتهم بالإعلام الاجتماعي.

ونظم مئات الأشخاص، عدد منهم يحمل جنسيتي البلدين، وآخرون هاجروا من الجزائر إلى فرنسا في بداية الألفينات، مظاهرة الأحد الماضي في الشارع، الذي يحمل اسم بيجو، لمطالبة رئيس البلدية دوسيه بإلغاء اسمه من المكان، على أساس أنه «عرف بمجازره التي ارتكبها في الجزائر في القرن التاسع عشر».

ووصف المتظاهرون أنفسهم بأنهم «أبناء مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، الذين تم خنقهم وحرقهم أحياء على يد مارشال فرنسا توماس بيجو»، الذي حكم الجزائر من 1830 إلى 1840.

اسم المارشال بيجو على اللوحة في باريس قبل نزعه (متداولة)

ويناضل المحتجون ليحمل الشارع، الذي يقع بالقرب من القنصلية الجزائرية، اسم «شارع 17 أكتوبر 1961»، تكريماً لـ297 جزائرياً نكّل بهم محافظ شرطة باريس، موريس بابون، عندما خرجوا في مظاهرات في ذلك التاريخ لدعم ثورة التحرير (1954-1962)، التي كانت على وشك الحسم مع الاستعمار.

ووفق الصحافة المحلية في ليون، فقد أعلن غريغوري دوسيه منذ فترة عن دعمه لفكرة تغيير تسمية شارع بيجو، وأكدت أنه «من المتوقع أن تطلق مدينة ليون في الأسابيع المقبلة لجنة من الخبراء لإجراء جرد للشارع والتماثيل، وكذا اللوحات والمواقع التي تُثير الجدل، وتقديم حلول لكل منها».

عمدة مدينة ليون غريغوري دوسيه (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

من جهته، أعلن «الاتحاد الجزائري»، وهو جمعية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، عزمه رفع دعوى قضائية ضد دوسيه بتهمة «تمجيد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، مقترحاً أن يصبح شارع بيجو «شارع كاميل بلان»، عمدة إيفيان-ليه-بان، الذي جرى اغتياله عام 1961 من قِبَل «منظمة الجيش السري»، في حين كان يناضل من أجل السلام في الجزائر.

وقتلت هذه المنظمة المئات من الأشخاص في الجزائر غداة الإعلان عن استقلالها عام 1962، رافضة فكرة خروج فرنسا منها.

عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)

وفي حين يستمر الجدل في ليون، حسمت عمدة باريس، آن هيدالغو، القضية نفسها عندما نزعت في 14 من أكتوبر الماضي، اسم المارشال بيجو من طريق رئيسي بالدائرة رقم 16 «بسبب دوره السيئ في الجزائر؛ حيث ارتكب ما يمكن أن يعد اليوم جرائم حرب»، وفق بيان للعمدة التي تنتمي لليسار، والتي سمّت الطريق نفسه باسم هوبرت جيرمان، أحد رموز تحرير فرنسا من ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وتتزامن هذه التطورات مع اقتراب العلاقات بين البلدين من القطيعة، بعد أن اشتدت الأزمة بين البلدين في يوليو (تموز) الماضي، عندما أعلنت باريس دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وهو ما أثار سخط الجزائر، التي سحبت سفيرها فوراً، وألغت ترتيبات زيارة كانت ستقود الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا في خريف العام الماضي.

جانب من المظاهرة بدعم من الحزب الشيوعي الفرنسي (متداولة)

ومع ذلك ظل هدير الأزمة صامتاً، على الرغم من الحملات التي شنّها اليمين الفرنسي المتطرف بهدف إلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يؤطر مسائل الإقامة والدراسة والعمل والتجارة، و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.