تصاعد القصف الجوي والمدفعي بين الجيش السوداني و«الدعم السريع»

مقتل وإصابة عشرات المدنيين... وسكان دارفور يطالبون بحظر طيران ولجنة تحقيق دولية

صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
TT

تصاعد القصف الجوي والمدفعي بين الجيش السوداني و«الدعم السريع»

صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)
صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

لقي عشرات المواطنين مصرعهم، وأصيب آخرون بجراح، جراء تبادل القصف الجوي والمدفعي بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، في عدد من مناطق البلاد، وطالب «تكتل مدني» المجتمع الدولي بفرض «حظر طيران لحماية المدنيين والأعيان المدنية، التي دأب طيران الجيش على قصفها، والتحقيق في استخدامه لأسلحة محرمة ضد المدنيين في دارفور، على وجه الخصوص».

وشوهدت ألسنة الدخان تتصاعد من منطقة بري، شرق الخرطوم، جراء غارة جوية شنّتها الطيران الحربي للجيش، فيما نُقل عدد من المواطنين إلى مستشفى بأم درمان لإصابتهم بجراح نتيجة قصف مدفعي شنّته قوات «الدعم السريع» على منطقة كرري العسكرية.

وقال شهود عيان إن الطيران الحربي قصف «نادي الشرطة» بمنطقة بري الواقعة شرق الخرطوم، حيث تتمركز مجموعات من قوات «الدعم» التي تسيطر على المنطقة.

وفي أم درمان، التي يتقاسم الطرفان السيطرة عليها، واصلت قوات «الدعم» قصف منطقة كرري التي يسيطر عليها الجيش، وقال المتحدث باسم وزارة الصحة بولاية الخرطوم، محمد إبراهيم، لإذاعة «بلادي» المملوكة لجهاز المخابرات العامة، إن 7 مدنيين نقلوا لـ«مستشفى النو» لتلقي العلاج من إصابات القصف المدفعي، وإن وزارته لا تملك حصراً للحالات التي لم تصل المستشفى.

وعادة ما «يخطئ» القصف الجوي والمدفعي المتبادل أهدافه، ويصيب المدنيين ملحقاً بهم خسائر فادحة، فقوات «الدعم السريع» ظلت منذ عدة أشهر تستهدف حاضرة ولاية شمال دارفور، الفاشر، التي تفرض عليها حصاراً محكماً، مثلما تستهدف منطقة كرري بمدينة أم درمان.

ومنذ أكثر من أسبوع كثّف الطيران الحربي التابع للجيش غاراته الجوية على عدد من المناطق التي تسيطر عليها قوات «الدعم» في الخرطوم وولايات الجزيرة وسنار ودارفور، ملحقة خسائر فادحة بالمواطنين هناك.

ولقي 19 شخصاً مصرعهم في مدينة مليط بقصف جوي شنّه الطيران الحربي التابع للجيش، وأصيب 25 بجراح، وفقاً لتقرير بثّته كتلة منظمات المجتمع المدني بولاية شمال دارفور.

وطالبت «الكتلة المدنية»، في بيان، الأربعاء، بفرض «حظر طيران» في السودان، وقالت إن طيران الجيش «شنّ غارات عبثية انتقامية على مدينة مليط، نتجت عنها مجزرة راح ضحيتها 19 مواطناً، بينهم نساء وأطفال، فضلاً عن إصابة العشرات بجراح متفاوتة».

وأشار البيان إلى أن المنطقة التي قصفها الطيران الحربي بمدينة مليط خالية من أي مقار عسكرية، وقال: «نعدّ القصد من هذا الهجوم تعطيل الحياة الآمنة وتشريد للمواطنين وإيقاف الحركة التجارية والاقتصادية في المدينة الاستراتيجية».

وأبدى «التكتل المدني» استنكاره لـ«صمت المجتمع الدولي» عن الهجمات «البربرية التي يشنها الطيران الحربي»، وطالب قادة الجيش «باحترام القانون الدولي الإنساني، والتوقف عن استهداف المدنيين الأبرياء».

أرشيفية تُظهر عناصر من «قوات الدعم السريع» بالعاصمة السودانية الخرطوم (رويترز)

كما طالب «التكتل» بفرض حظر للطيران الذي «دمر الأسواق وأماكن العلاج والمعيشة»، حسبما ورد في البيان، ودعا إلى فرض «الرقابة الكلية على المجال الجوي»، وناشد «الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، إجراء تحقيق عن أسلحة محرمة يستخدمها طيران الجيش في دارفور»، كما دعا إلى تشكيل لجنة للتقصي في «الجرائم والفظائع التي يقوم بها الطيران الحربي ضد الأعيان المدنية والمواطنين».

وكثف الطيران الحربي غاراته الجوية على مناطق سيطرة «الدعم» في ولايات الخرطوم ودارفور والجزيرة وسنار، طوال الأيام الماضية، وكان قد استهدف الثلاثاء في الخرطوم وحدها مناطق: المقرن، قيادة القوة الاستراتيجية، جزيرة توتي، بري، المنشية، الرياض، مدينتي سنجة والسوكي بولاية سنار، إضافة إلى عدة مناطق في إقليم دارفور.

وما زالت قوات «الدعم السريع» تسيطر على معظم العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث، عدا «جيوب» تتمثل في القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، ومنطقة الشجرة العسكرية، ومعسكرات «حطاب» و«الاستراتيجية» و«العيلفون» بمدينة الخرطوم بحري، ومنطقة أم درمان القديمة وكرري العسكرية.

دبابة مُدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)

فيما يسيطر الجيش بشكل كامل على ولايات البحر الأحمر وكسلا، ويسيطر «الدعم» على ولايات غرب، وجنوب، ووسط، وشرق دارفور، ويسيطر بشكل شبه كامل على ولايتي الجزيرة وسنار وسط البلاد، باستثناء منطقة «مناقل» بولاية الجزيرة، ومركز ولاية سنار «مدينة سنار».

كما تسيطر قوات «الدعم» على معظم ولاية شمال دارفور، ما عدا حاضرتها الفاشر، كما تسيطر على ولايات غرب وشمال كردفان، ما عدا مدينتي الأبيض والنهود، وتشمل سيطرتها الجزء الشمالي أيضاً من ولاية جنوب كردفان.


مقالات ذات صلة

هدوء القتال في السودان... هدنة غير معلنة أم استراحة محارب؟

تحليل إخباري البرهان و«حميدتي» خلال تعاونهما في إطاحة نظام البشير (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle

هدوء القتال في السودان... هدنة غير معلنة أم استراحة محارب؟

تشهد محاور القتال في السودان هدوءاً نسبياً، أرجعه خبراء إلى إنهاك الطرفين المتحاربين والصراعات الداخلية في صف كل طرف والضغوط الدولية.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا نزوح من مدينة الفاشر التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» (أرشيفية - الشرق الأوسط)

الفاشر المحاصرة تنازع القتال والجوع

على وقع الحصار المستمر لمدينة الفاشر في غرب السودان، تراجعت قدرات السكان الشرائية، وباتوا عاجزين عن شراء القليل من الطعام بسبب الغلاء.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا جامعة الخرطوم قبل الحرب (المكتبة الوطنية السودانية)

السودان: 3 مليارات دولار خسائر «التعليم العالي» جراء الحرب

قدَّرت وزارة التعليم العالي السودانية الأضرار الناتجة عن الحرب بقطاع التعليم العالي بنحو 3 مليارات دولار.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو يلقي كلمة  أمام قواته (أرشيفية - قناته على «تلغرام»)

«تحالف تأسيس» لــ«الشرق الأوسط»: الإعلان عن الحكومة خلال أيام

قالت مصادر من «تحالف السودان التأسيسي» إن تشكيل الحكومة على أراضي سيطرة «قوات الدعم السريع» سيكون خلال أيام

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا فلاحون سودانيون (رويترز - أرشيفية)

مزارعو السودان يعانون من جفاف أراضيهم مع استمرار الحرب

يعاني مزارعو السودان من جفاف أراضيهم، وارتفاع تكلفة الزراعة مع استمرار الحرب، وخسارتهم مواسمهم الزراعية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الدبيبة يتوعد ميليشيات في طرابلس بـ«الحرب»

رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة بليبيا عبد الحميد الدبيبة (حكومة «الوحدة«)
رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة بليبيا عبد الحميد الدبيبة (حكومة «الوحدة«)
TT

الدبيبة يتوعد ميليشيات في طرابلس بـ«الحرب»

رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة بليبيا عبد الحميد الدبيبة (حكومة «الوحدة«)
رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة بليبيا عبد الحميد الدبيبة (حكومة «الوحدة«)

في تصعيد جديد للأزمة الأمنية في العاصمة الليبية طرابلس، أعلن رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة تمسكه بخطة «بسط سلطة الدولة»، وتفكيك الميليشيات المسلحة.

ووضع الدبيبة شروطاً لتجنيب الحرب ضد المجموعات المسلحة، من بينها تسليم المطلوبين للنائب العام، وإخضاع المطارات والموانئ والسجون لسلطة الدولة. وقال مخاطباً التشكيلات الخارجة عن القانون: «صبرُنا نفد وآن الأوان لبسـط سلطة الدولة».

وفي شرق ليبيا، فرضت حكومة أسامة حمّاد في بنغازي قيوداً على تحركات أفراد البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وأدرجت ذلك ضمن ما سمّته «ضوابط تحقق التوازن بين الالتزامات الدولية، وضرورة فرض الأمن والسيادة الوطنية».

ودعت حكومة حمّاد البعثات والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية إلى «الالتزام الكامل بالأغراض الدبلوماسية»، مُشدّدةً على عدم القيام بأي زيارات أو لقاءات رسمية داخل الدولة الليبية من دون إشعار مسبق.