خوري تمهّد الطريق للقاء أطراف أزمة «المركزي» الليبي

التقت ممثلين عن «المجالس الثلاثة»

خوري أمام جلسة مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي عبر الدائرة التلفزيونية (البعثة الأممية)
خوري أمام جلسة مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي عبر الدائرة التلفزيونية (البعثة الأممية)
TT

خوري تمهّد الطريق للقاء أطراف أزمة «المركزي» الليبي

خوري أمام جلسة مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي عبر الدائرة التلفزيونية (البعثة الأممية)
خوري أمام جلسة مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي عبر الدائرة التلفزيونية (البعثة الأممية)

بينما أكدت الإدارة الجديدة لـ«مصرف ليبيا المركزي» على «حيادها السياسي»، اجتمعت المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري، الاثنين، بممثلين للمجالس الثلاثة الرئيسية: (الرئاسي والنواب والأعلى للدولة) تمهيداً لحل الأزمة والتوصل إلى توافق بشأن الخلاف حول إدارة المصرف.

المنفي يلتقي خوري في لقاء سابق بمقر المجلس الرئاسي في طرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)

ويأتي هذا الاجتماع الذي عُقد بمقر البعثة، ولم يعلن عن موعده مسبقاً، في إطار الصراع المحتدم بين جبهتَي غرب ليبيا وشرقها على إدارة المصرف الموجود على ساحل البحر المتوسط في العاصمة طرابلس.

وكانت خوري طرحت مقترحاً إثر تأزم المواقف بشأن تعيين «المجلس الرئاسي» محافظاً جديداً للمصرف على غير رغبة البرلمان، وأبدت البعثة الأسبوع الماضي اعتزامها عقد «اجتماع طارئ» تحضره الأطراف المعنية بالأزمة لـ«التوصل إلى توافق يستند للاتفاقات السياسية والقوانين السارية».

وقال مصدر مقرب من مجلس النواب، إن الاجتماع الذي ضم رئيس لجنة المصالحة بالبرلمان عبد الهادي الصغير، ورئيس اللجنة المالية بمجلس الدولة عبد الجليل الشاوش، ومستشار المجلس الرئاسي زياد دغيم، استهدف التمهيد للقاء أوسع يضم رؤساء المجالس الثلاثة هذا الأسبوع.

وأثير في الأوساط الليبية أن الشاوش والصغير اعترضا على حضور دغيم الاجتماع بالنظر إلى أنه يشغل منصب سفير ليبيا لدى هولندا، وبالتالي فهو غير معنيّ ببحث أزمة المصرف، لكن المصدر نفى ذلك في حديثه إلى «الشرق الأوسط». كما أن البعثة اعتبرت في تصريح صحافي أن هذه الأقاويل تستهدف «التشويش على مساعي حل أزمة المصرف».

والتوافق الذي تستهدفه البعثة الأممية بين قادة البلاد، «يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، وإلى مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية الخدمة العامة».

وكانت البعثة دعت فور وقوع الأزمة إلى تعليق العمل بكل «القرارات الأحادية» المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي، ووقف التصعيد والإحجام عن استعمال القوة لتحقيق مآرب سياسية أو منافع فئوية، بالإضافة إلى الرفع الفوري لـ«القوة القاهرة» عن حقول النفط.

وقال الباحث والمحلل السياسي الليبي محمد امطيريد، إنه نما إلى علمه وجود اعتراض من الصغير والشاوش على حضور دغيم الاجتماع، لكن يفضّل الانتظار لحين اتضاح الأمور أكثر، مشيراً إلى أن مثل هذه الأجواء هي «بداية الفشل بين الأطراف خاصة بعد شخصنة الأمور».

الباحث والمحلل السياسي الليبي محمد امطيريد (الشرق الأوسط)

ويرى امطيريد في حديث إلى «الشرق الأوسط» أنه في حالة اتفاق الثلاثة على موعد للاجتماع الموسع سيحضر المنفي وصالح، لكن سيظل الخلاف حول من يمثل المجلس الأعلى للدولة المتنازع على رئاسته: هل هو خالد المشري، أو محمد تكالة؟

وأعاد امطيريد التذكير بأن المفترض قانوناً، وحسب «الاتفاق السياسي»، أن كل ما يتعلق بالمصرف المركزي هو من سلطة مجلسَي النواب و«الدولة»، وقال إن البعثة الأممية «لا تستطيع تغيير المشهد في هذا التوقيت؛ هي لم تحرك ساكناً أمام التصعيد المتكرر، مما زاد الملف السياسي تجميداً».

ويبقى السؤال: هل تستطيع البعثة الأممية «إذابة الجليد السياسي» بين قادة ليبيا المتنازعين على السلطة؟ هنا يرى متابعون أن جزءاً من الأزمة هو عدم التوصل إلى توافق خلال العامين الماضيين بين رئيس «النواب» عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة المنتهية ولايته تكالة، ومن قبله المشري، علماً أن مجلسَي النواب و«الدولة» يرفضان تغيير محافظ المصرف، ويعتبران ذلك حقاً أصيلاً لهما وفق «الاتفاق السياسي».

ويتنازع المشري وتكالة راهناً على منصب رئاسة المجلس الأعلى للدولة؛ فالأول الذي أنصفته اللجنة القانونية بالمجلس، بات يمارس اختصاصاته من مقره الأصلي، في حين أن الثاني اتخذ مقراً آخر في مبنى كان يتبع في السابق وزارة السياحة، بطريق الشط في العاصمة طرابلس.

وكان مجلس الأمن الدولي دعا جميع القادة إلى تهدئة التوترات والامتناع عن استخدام القوة، والتوصل إلى حل توافقي للأزمة الحالية فيما يتعلق بالمصرف المركزي، كما أعرب عن دعمه الكامل لبعثة الأمم المتحدة لمواصلة تنفيذ ولايتها في ليبيا.

خوري عقب اجتماع الأسبوع الماضي مع النائب عبد الهادي الصغير (البعثة الأممية)

وكان عبد الهادي الصغير قال إنه اجتمع الثلاثاء الماضي مع خوري، وبحث معها الأزمة الحالية للمصرف المركزي وتداعياتها وأنجع السبل لمعالجتها بأسرع وقت ممكن منعاً للمزيد من التدهور في الوضع المالي والاقتصادي للدولة، والحد من تبعاتها على حياة المواطنين.

وفي سياق الأزمة، أكد المصرف المركزي، مجدداً في وقت مبكر من صباح الاثنين، أن المصرف «عاد إلى حالته الطبيعية، وأن جميع الأنظمة قد تم إصلاحها بشكل آمن، وأن عملياته قد استؤنفت بكامل طاقتها».

وقال إنه «كمؤسسة مع موظفيه، يسعون دائماً جاهدين للحفاظ على الحياد السياسي، ويحافظون للبقاء على مسافة متساوية من جميع الأطراف»، مشدداً على أن «المصرف يؤكد على التزامه بالوفاء بجميع الالتزامات الماضية والحالية والمستقبلية وفقاً للقوانين والمعايير والممارسات المصرفية المقبولة والمتعارف عليها بشكل عام».

ويرى أن «المحافظ المعين حديثاً، نجح هو وفريق الإدارة التنفيذية الحالي، ومجلس الإدارة الجديد، في استعادة جميع جوانب عمليات مصرف ليبيا المركزي بنجاح وأمان، ويتعهد بتنفيذ مهمته في الالتزام الصارم بالحوكمة السليمة والشفافية والنزاهة المهنية».

ونوّه بأن المصرف «ملتزم تماماً بالحفاظ على أعلى معايير إدارة الجرائم المالية، بما في ذلك مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والرشوة والفساد والاحتيال، وفقاً لتوصيات مجموعة العمل المالي ومعايير (بازل) وجميع المبادئ والممارسات المشتركة المقبولة عموماً».

وانتهت إدارة المصرف المركزي الجديدة إلى أنه «سيظل على اتصال وثيق بجميع الأطراف المناظرة المحلية والدولية، ويعزز بقوة مثل هذه العلاقات ويشجع التعاون المتعدد الأطراف. ندرك أننا جزء من المجتمع الدولي، ونعتزم أن نكون مساهمين إيجابيين».


مقالات ذات صلة

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

شمال افريقيا زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

يعتقد ليبيون بأن «نفوذاً روسياً يتمدد في جنوب البلاد ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند الأخيرة إلى سبها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة في غينيا (محفظة ليبيا أفريقيا للاستثمار)

الدبيبة يسعى لاستعادة «أكبر مزرعة» ليبية في غينيا

المزرعة الليبية في غينيا تبلغ مساحتها 2150 هكتاراً ومخصصة لإنتاج المانجو والأناناس وملحق بها مصنع للعصائر وسبع بحيرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

توقفت الاشتباكات التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية الليبية مخلفة 3 قتلى و5 جرحى.

خالد محمود (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)
اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)
اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

عاد الهدوء النسبي إلى مدينة الزاوية الليبية، الواقعة غرب العاصمة طرابلس، اليوم (الثلاثاء)، بعد اشتباكات مفاجئة اندلعت بين ميليشيات تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص، وإصابة 5 آخرين، وتعرض بعض الممتلكات العامة والخاصة لأضرار، وسط صمت رسمي.

وتوقفت الاشتباكات، التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مساء الاثنين، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية بالمدينة، التي تقع على بعد 45 كيلومتراً غرب طرابلس، بين مجموعة «الكابوات» التابعة لعثمان اللهب، آمر «الكتيبة 103»، المعروفة بـ«كتيبة السلعة»، ومجموعة «الغويلات» التابعة لآمر «قوة الإسناد» الأولى محمد بحرون، الملقب بـ«الفأر»، وأدت بحسب وسائل إعلام محلية إلى خسائر في الممتلكات العامة، وإصابة عدد غير معلوم من الأشخاص، بالإضافة إلى مسجد في منطقة القتال.

ولم تعلق حكومة «الوحدة»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، أو وزارة داخليتها، على هذه الاشتباكات، التي تعد الأحدث من نوعها مؤخراً في المدينة، التي تشهد من حين لآخر اندلاع قتال مسلح بين ميليشياتها، المتنازعة على مناطق السيطرة والنفوذ.

في شأن مختلف، قال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، إن محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية لحكومة «الوحدة»، ولجنة ترسيم الحدود، قدّما خلال اجتماعهما مساء الاثنين بطرابلس، إحاطة شاملة حول آخر التطورات في ملف الحدود البرية والبحرية بين ليبيا ودول الجوار، مشيراً إلى الجهود المبذولة في توثيق هذه الحدود، والحفاظ على السيادة الوطنية.

ونقل المنفي عن اللجنة تأكيدها أن الحدود البرية بين ليبيا ودول الجوار تم تحديدها، وفقاً لاتفاقيات تاريخية رسمية، من بينها اتفاقية 1910 بين الاستعمار الفرنسي والعثماني، التي تعدّ الإطار القانوني الأساسي لتحديد الحدود بين الدول، كما تم إعادة بناء النصب الحدودية بين ليبيا وتونس في عام 2020 لضمان وضوح الحدود، وتوثيقها باستخدام أحدث التقنيات الجغرافية.

ووفقاً للمنفي، فقد أشارت اللجنة إلى أنها تعمل بشكل مستمر بالتنسيق مع لجان حدودية مشتركة مع دول الجوار لضمان الحفاظ على استقرار الحدود، مع التركيز على تعزيز التنسيق الأمني والاقتصادي لمكافحة التهريب والهجرة غير المشروعة، بالإضافة إلى مواجهة أي تهديدات قد تؤثر على السيادة الوطنية. كما أكدت أن الحدود البرية والبحرية بين ليبيا ودول الجوار هي حدود ثابتة وفقاً للقانون الدولي، وأنها تعمل بشكل مستمر على ضمان استقرارها وحمايتها من أي تحديات قد تطرأ.

فرحات بن قدارة رئيس مؤسسة النفط الليبية (المؤسسة)

في غضون ذلك، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط، في بيان، الثلاثاء، ارتفاع إنتاج النفط والغاز، حيث سجل إجمالي الإنتاج 1572679 برميلاً يومياً، بزيادة 4775 برميلاً، بينما ارتفع إنتاج الغاز إلى 199776 برميلاً يومياً.

وأكدت المؤسسة أن الحقول النفطية تشهد عملاً مكثفاً منذ شهرين لزيادة الإنتاج، وفق استراتيجية تستهدف الوصول إلى مليوني برميل يومياً بحلول 2027، بشرط توفر الميزانية اللازمة.

وكانت المؤسسة قد أوضحت مساء الاثنين أنها حوّلت إيرادات النفط، البالغة أكثر من 14 مليار دولار منذ بداية العام، إلى المصرف المركزي دون تأخير، نافية مسئوليتها عن أي عوائق في صرف مرتبات القطاع العام. وأشارت إلى أن انخفاض الإيرادات مؤخراً نجم عن أزمة المصرف، وإغلاق بعض الحقول.