زيادة مصروفات المدارس الخاصة تعمّق الأزمات المادية لأسر مصرية

نسب الارتفاع تصل إلى 25 %

محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم المصري خلال اجتماع مع قيادات الوزارة ومديري المديريات (وزارة التعليم المصرية)
محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم المصري خلال اجتماع مع قيادات الوزارة ومديري المديريات (وزارة التعليم المصرية)
TT

زيادة مصروفات المدارس الخاصة تعمّق الأزمات المادية لأسر مصرية

محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم المصري خلال اجتماع مع قيادات الوزارة ومديري المديريات (وزارة التعليم المصرية)
محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم المصري خلال اجتماع مع قيادات الوزارة ومديري المديريات (وزارة التعليم المصرية)

«كأولياء أمور نضطر إلى دفع مصروفات المدرسة المُبالغ فيها، والاستجابة للزيادات التي تقررها إدارتها لأجل مصلحة أولادنا»، قالتها المصرية الأربعينية لبنى يوسف، وهي أم لثلاثة أبناء يدرسون بمرحلة التعليم الأساسي في إحدى المدارس الخاصة للغات بحي مدينة نصر (شرق القاهرة)، في إشارة إلى قيام مدرسة أطفالها برفع المصروفات من 16 ألفاً و600 جنيه مصري العام الماضي إلى 20 ألف جنيه للعام الدراسي المقبل (الدولار يساوي 48.56 جنيهاً في البنوك المصرية)، بنسبة تقدر بنحو 22 في المائة، رغم أن نسبة الزيادة السنوية التي حددتها وزارة التربية والتعليم المصرية لفئة مدرستها تبلغ 12 في المائة.

وأعلنت وزارة التربية والتعليم المصرية، قبل أيام، اعتماد شرائح المصروفات بالمدارس الخاصة بجميع أنواعها (عربي - لغات)، والمدارس التي تطبق مناهج ذات طبيعة خاصة (دولية)، كنوع من التقنين لها قبل العام الدراسي المقبل (2024 - 2025).

ويبدأ العام الدراسي الجديد بالمدارس الحكومية والخاصة (عربي - لغات) والقوميات 21 سبتمبر (أيلول) وينتهي 5 يونيو (حزيران) 2025، بإجمالي 35 أسبوعاً دراسياً. وحدد قرار وزارة التعليم الزيادة السنوية بجميع المدارس بنسب تتراوح من 5 إلى 25 في المائة من مصروفاتها الحالية، السابق إقرارها العام الدراسي الماضي.

مقر وزارة التربية والتعليم المصرية (صفحة الوزارة على «فيسبوك»)

عودة للأم لبنى، التي أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «غالبية المدارس الخاصة لا تلتزم بضوابط المصروفات، وتقوم برفعها كل عام وفق هواها ودون محاسبة من أي جهة، وهو ما يزيد الأعباء المالية علينا، فدخل الأسرة لا يزيد سنوياً بنفس النسبة لكي نستطيع دفع الزيادات للمدارس».

وأضافت «يجب أن تكون هناك رقابة مشددة على مصروفات المدارس، وما نأمله أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المدارس بالفعل». في إشارة منها لما جاء في قرار «التعليم» بحظر قيام أي مدرسة بتحصيل مصروفات أكثر من المقررة قانوناً بخلاف الشرائح أو إعادة تقييم المصروفات. وذكرت الوزارة أنه «حال ثبوت قيام أي مدرسة بمخالفة ذلك، فسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المدرسة والتي تصل إلى وضع المدرسة تحت الإشراف المالي والإداري».

ويبلغ إجمالي عدد المدارس الخاصة في مصر 10 آلاف 450 مدرسة، تضم 88 ألفاً و644 فصلاً دراسياً، يدرس بها نحو مليونين و800 ألف طالب وطالبة، وفق كتيب «مصر في أرقام 2024»، الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر في مارس (آذار) الماضي.

و«تشهد المدارس الخاصة إقبالاً من الأسر المصرية، خصوصاً الطبقة المتوسطة والعليا، لكونها تقدم خدمة تعليمية بجودة أعلى، وهذا الطلب المتزايد يمنح المدارس المبرر لرفع أسعارها»، بحسب الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، رئيس مركز «المصريين للدراسات الاقتصادية والاجتماعية»، والذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع تكاليف التشغيل لبعض هذه المدارس مثل أجور بعض المعلمين الأجانب بالعملة الصعبة، يعد سبباً آخر لرفع رسومها».

من شرق القاهرة إلى غربها، قالت مي المرسي، ولية أمر لطالب في الشهادة الإعدادية، وطالبة في الصف الثالث الابتدائي بإحدى مدارس اللغات بمدينة 6 أكتوبر: «نعيش في قلق منذ أكثر من شهرين بسبب الزيادة العشوائية للمصروفات». وبينت أن مدرسة أولادها قررت زيادة المصروفات للعام الجديد من 36 ألف جنيه إلى 47 ألفاً «دون إبداء مبرر، ودون سند قانوني».

وأوضحت مي لـ«الشرق الأوسط» أنه «مع صدور قرار وزارة التعليم أخيراً، تراجعت المدرسة وحددت المصروفات بـ40 ألف جنيه، وهو أيضاً رقم يفوق النسبة المقررة، كما أننا نتعرض للابتزاز لشراء كتب الأنشطة (البوكليت) التي يتم استبدالها بكتب الوزارة، وهي أيضاً مرتفعة السعر»، مُطالبة الوزارة بعمل منشورات بالقرارات الوزارية وإعلانها في المدارس بشكل واضح حتى لا يتم استغلال أولياء الأمور مجدداً.

طالبات في مدرسة «الكلية الأميركية» بالقاهرة (حساب المدرسة على «فيسبوك»)

من جانبها أشارت داليا الحزاوي، مؤسسة «ائتلاف أولياء أمور مصر»، الخبيرة التربوية والاجتماعية، إلى أنه مع الإعلان عن شرائح زيادة المصروفات بالمدارس الخاصة، طالب أولياء الأمور بضرورة المتابعة الجيدة لتنفيذ هذه الزيادات، لأن هناك بعض المدارس تصر على عدم الالتزام، مما يشكل ضغوطاً كبيرة على الآباء، في ظل أزمة اقتصادية ترهق الجميع، خصوصاً أن هناك التزامات دراسية أخرى من كتب خارجية وزي مدرسي ودروس خصوصية وغيرها. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنه على الوزارة «إصدار تعليمات للمدارس بتحصيل المصروفات الدراسية على أقساط متباعدة، لتخفيف الأعباء عن كاهل ولي الأمر».

وهنا أكد رئيس مركز «المصريين للدراسات الاقتصادية والاجتماعية» أن ارتفاع أسعار المدارس الخاصة، والمدارس الدولية التي تحصل مصروفاتها بالدولار ويتجاوز بعضها مبلغ المليون جنيه، له تداعيات وآثاره السلبية، منها توسيع الفجوة الاجتماعية وتعميق فجوة الدخل بين أفراد المجتمع، فالأسر القادرة على تحمل هذه المصروفات هي التي تتلقى التعليم الجيد، بينما الأسر ذات الدخل المحدود يُحرم أطفالها من فرص تعليمية أفضل، وبالتالي حدوث نوع من أنواع التباين الاجتماعي في المجتمع.

مدرسة «ريجينت» البريطانية (حساب المدرسة على «فيسبوك»)

وتتصدر المدارس الدولية قائمة الأعلى مصروفات دراسية، وبحسب وسائل إعلام محلية فإن مدرسة الكلية الأميركية القاهرة تتصدر قائمة هذه المدارس، حيث بلغت مصروفاتها نحو 810 آلاف جنيه العام الماضي.

ووفق «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار» التابع لمجلس الوزراء المصري، تم افتتاح أول مدرسة دولية بمصر في ديسمبر (كانون الأول) 2002 لتدريس المنهج الكندي، فيما ارتفع عدد المدارس الدولية من 168 مدرسة عام 2011 إلى 785 مدرسة في عام 2020.

ويبلغ متوسط نصیب الفرد من الإنفاق السنوي للأسرة على «التعليم» 5.7 في المائة من قيمة إنفاقها السنوي، بحسب كتيب «مصر في أرقام 2024». لكن عادل عامر أشار إلى أن نحو 50 في المائة من دخل الأسر المصرية المتوسطة وجّه إلى الإنفاق على التعليم خلال السنوات العشر الأخيرة، وزاد خلال العامين الأخيرين إلى نحو 75 في المائة.

وأوضح أن زيادة المصروفات تمثل عبئاً جديداً أمام الأسر المصرية، في ظل ارتفاع نسب التضخم، ما يمثل حملاً كبيراً للغاية على دخل الأسرة، في ظل محدودية الدخل وغلاء الأسعار، وبالتالي سيكون لقرار زيادة مصروفات المدارس تبعات اقتصادية سلبية على الأسر، منه لجوء بعض الأسر إلى سحب أبنائهم من المدارس الخاصة والالتحاق بالمدارس الحكومية، أو المعاهد الأزهرية، وهو ما حدث فعلياً.

أمام هذا العبء، ناشدت داليا الحزاوي أولياء الأمور بحتمية التفكير في تقليل النفقات الدراسية، من خلال الاستعانة بالأدوات المدرسية والزي المدرسي من العام الماضي، والاكتفاء بشراء الضروريات فقط، وتبادل الكتب الخارجية مع الجيران أو الأصدقاء نظراً لارتفاع أسعارها.

كما لفت محمد الأصمعي، أستاذ التخطيط التعليمي واقتصاديات التعليم، إلى أن الارتفاع الكبير لأسعار المدارس الخاصة والدولية له مدلول اقتصادي واجتماعي وثقافي، إذ يؤدي هذا الأمر إلى غياب التلاحم المجتمعي، بمعنى وجود فئات مجتمعية غير متجانسة وغير مترابطة، لا تربطها أي روابط ثقافية. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه بالتالي ستكون لذلك عواقب مع وجود مجتمع تضاءلت بين أعضائه روابط التجانس، حيث «تتضخم البديلات الثقافية والخصوصيات مع غياب عموميات الثقافة، أو على أحسن تقدير ضعفها، والتي لا توحد أفراد المجتمع الواحد تجاه قيم محددة وسلوكيات منضبطة».


مقالات ذات صلة

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

شمال افريقيا السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه، الخميس، مع قادة القوات المسلحة المصرية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
TT

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)
علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

مع اقتراب دفع المحكمة الجنائية الدولية بـ«المرافعات» الختامية في قضية السوداني علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم بدارفور، وصف الدفاع المتهم كوشيب بأنه «كبش فداء» قدّمته الحكومة السودانية للتغطية على المتهمين الرئيسيين، وهم: الرئيس المخلوع عمر البشير، ووزيرا «الدفاع» وقتها عبد الرحيم محمد حسين، و«الداخلية» أحمد هارون.

وقالت المحكمة الجنائية، في «ورشة عمل» عقدتها للصحافيين السودانيين في العاصمة الكينية كمبالا، الجمعة، إن المحكمة قررت تقديم المرافعات الختامية في قضية المدعي العام ضد علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، في الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بمقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية.

ويواجه عبد الرحمن 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يُزعم أنها ارتُكبت في إقليم بدارفور السودان، خلال الفترة بين أغسطس (آب) 2003، وأبريل (نيسان) 2004، بمناطق مكجر وبندسي ودليج وكدوم بوسط دارفور.

مطالب بتسليم البشير وهارون

وقال المستشار بمكتب المدعي العام داهيرو سان آنا، عبر تقنية مؤتمر فيديو من لاهاي، إن مكتبه يحقق في أحداث دارفور الناجمة عن الحرب الحالية، وإنه كلف فريقاً يقوم بجمع المعلومات في دارفور يتعلق بالقضايا الجديدة، في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتحدث الناس أنها تحدث في الإقليم المضطرب، وبنهاية التحقيقات سيجري تقديم طلبات لقضاة المحكمة لتوجيه اتهامات.

عمر البشير خلال محاكمته بالفساد يونيو 2019 (رويترز)

وأوضح أن المتهمين الرئيسيين؛ الرئيس السابق عمر البشير، ووزير دفاعه وقتها عبد الرحيم محمد حسين، ووزير داخليته أحمد محمد هارون، لا يزالون دخل السودان. وأضاف: «وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي، يجب تسليمهم للمحكمة، وهو التزام لا يزال قائماً». وتابع أن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي قاده الجيش صعب الأوضاع المتعلقة بتسليم المتهمين.

وقال داهيرو إن تسليم المتهمين يقع على حكومة السودان التي تَعلم مكان المتهمين. وتابع: «سألناهم، العام الماضي، ولم يعطونا معلومات، وقالوا إنهم يحققون في مكان وجود أحمد هارون». واستطرد: «التحقيقات مع كوشيب أشارت إلى ضلوع هارون في كل الجرائم المرتكبة بواسطة كوشيب، وطالبنا بتسليمه ليحاكَم الرجلان معاً، لكن هذا لم يحدث».

وعادت قضية تسليم أحمد محمد هارون إلى الواجهة مجدداً، بعد تصاعد الصراعات داخل حزب البشير «المؤتمر الوطني»، وانتخاب الرجل رئيساً للحزب، رغم التهم الموجهة له من قِبل المحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التي يواجهها في القضاء المحلي.

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وبإطاحة حكم الرئيس عمر البشير، يواجه الرجال الثلاثة المحاكمة باتهامات تتعلق بتدبير انقلاب 1989، تصل عقوبتها للإعدام. وعقب اندلاع الحرب، في 15 أبريل، خرج هارون ومتهمون آخرون من السجن، ولا يعلم مكان وجودهم، بينما لا تزال السلطات تقول إن البشير وحسين لا يزالان قيد الحبس، دون أن تكشف عن مكان حبسهما.

اتهامات لحكومة السودان

بدوره، قال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، إن المحكمة لا تستطيع توسيع نطاق اختصاصها إزاء الجرائم التي يزعم أن قوات «الدعم السريع» ترتكبها في مناطق جديدة من السودان؛ لأن السودان ليس عضواً في ميثاق روما المكون للمحكمة الجنائية الدولية، وأن اختصاصها يقتصر على قرار مجلس الأمن 1593 الصادر في 2005، الذي أحال الوضع في دافور للمحكمة.

واتهم محامي المتهم سيريل لاوشي، في إفادته، للصحافيين، «حكومة السودان» بأنها قدمت كوشيب «كبش فداء» للتستر على المتهمين الرئيسيين. وقال: «جاء ممثل السودان، وقال: خذوه وحاكموه، فهذا هو الشخص الذي يجب أن تجري محاكمته، على الرغم من وجود المتهمين الرئيسيين؛ عمر البشير ومساعديْه وزيري الدفاع والداخلية».

وأرجع محامي كوشيب تأخير إجراءات المحاكمة إلى عدم مثول المتهمين الآخرين، وأضاف: «كان يمكن أن تسير الإجراءات بشكل يحقق العدالة، بحضور المتهمين». وأقر المحامي لاوشي بوقوع الجرائم موضوع المحاكمة، وطالب بجبر ضرر الضحايا، بقوله: «للمجني عليهم الحق في جبر الضرر، بغض النظر عن إدانة كوشيب أو تبرئته، وحق الضحايا لن يتأثر بكونه مجرماً أو غير مجرم».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

ووفقاً للمتحدثين باسم محكمة لاهاي، فإن مكتب المدعي العام والممثلين القانونيين للضحايا، وهيئة الدفاع سيدلون بمرافعاتهم الختامية، في الوقت المحدد، أمام الدائرة الابتدائية الأولى المكونة من القاضية جوانا كورنر «قاضية رئيسة»، والقاضيتين راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس.

وبدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى، في 5 أبريل 2022، على أثر تسليمه نفسه للمحكمة في يونيو (حزيران) 2020، واستجوبت المحكمة، خلال التقاضي، 56 شاهداً، وقفلت قضية الادعاء في 5 يونيو 2023، وينتظر أن تستمع المحكمة إلى مرافعتَي الاتهام والدفاع الختاميتين، قبل اتخاذ قرار بشأن الرجل المحبوس لدى المحكمة في لاهاي.