ليبيون يعلّقون آمالهم على تقارُب صالح والمشري لإحياء المسار الانتخابي

وسط تخوّف بعض السياسيين من استمرار «الجمود»

لقاء سابق يجمع صالح والمشري وستيفان ويليامز المبعوثة الأممية بالإنابة (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي)
لقاء سابق يجمع صالح والمشري وستيفان ويليامز المبعوثة الأممية بالإنابة (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي)
TT

ليبيون يعلّقون آمالهم على تقارُب صالح والمشري لإحياء المسار الانتخابي

لقاء سابق يجمع صالح والمشري وستيفان ويليامز المبعوثة الأممية بالإنابة (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي)
لقاء سابق يجمع صالح والمشري وستيفان ويليامز المبعوثة الأممية بالإنابة (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي)

تدفع أزمة المصرف المركزي الليبي لإمكانية العودة إلى بحث العملية السياسية، في ظل عقد البعض آمالاً على عودة التقارب بين مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» لإحياء المسار الانتخابي.

وكانت البعثة الأممية للدعم في ليبيا قد أكّدت أن حل أزمة المصرف يُعدّ «ضرورة مُلِحّة لتهيئة الظروف المواتية لعملية سياسية شاملة، يكون هدفها وضع ليبيا مجدداً على طريق الانتخابات». كما دعت إلى «التوافق على حكومة موحَّدة لإنهاء أزمة تآكل شرعية المؤسسات وانقسامها».

بدايةً، يرى عضو مجلس النواب الليبي، جلال الشهويدي، أن «استقرار الأوضاع بالمجلس الأعلى للدولة أخيراً، وحسم ملف الصراع على رئاسته لخالد المشري، قد يُسرّع إمكانية عقد لقاء بينه وبين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قريباً».

خالد المشري (مجلس الدولة)

وأوضح الشهويدي لـ«الشرق الأوسط» أن لقاء صالح والمشري قد يركّز على مناقشة ملف التمهيد للانتخابات، عبر تشكيل «حكومة موحدة»، وأيضاً حسم تسمية شاغلي المناصب السيادية، ومن بينها المصرف المركزي.

وكان صالح قد رحّب بـ«التئام» مجلس الدولة برئاسة المشري، ودعاه للوصول إلى «تقاربات وتوافقات مع مجلس النواب، تُفضي إلى حلحلة الأزمة الليبية، والوصول إلى الاستحقاق الانتخابي».

وعلى الرغم من ترحيب الشهويدي ببيان مجلس الأمن الداعم لتنفيذ القوانين الانتخابية التي توصّلت إليها اللجنة (6 + 6) المُشكّلة من مجلسَي النواب و«الدولة»، فإنه لا يزال «يشكّك بجدّية» المجتمع الدولي حيال المُضيّ قُدماً بمسار إجراء الاستحقاق الانتخابي.

وقلّل الشهويدي مما يطرحه البعض حول احتمال تجدّد الخلافات بين البرلمان و«الدولة»، وقال بهذا الخصوص: «لن أقول إن الصورة ستصبح وردية؛ فهذا ليس واقعياً، وحدوث أي خلاف أمر صحي، وفي النهاية هناك قواعد حاكمة لتسمية شاغلي المناصب السيادية، وسيتم التقيّد بها لتفادي أي خلاف».

محمد تكالة (إ.ب.أ)

ورفض الشهويدي دعوة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، لطرح المواد الخلافية بمخرجات لجنة (6 + 6) للاستفتاء الشعبي، بحيث تُجرى الانتخابات قبل 17 فبراير (شباط) 2025، ورأى أن تحديد موعد قريب لإجراء الانتخابات «يعني عدم الجدية بالذهاب إليها، وأي حكومة قادمة لا بد أن تكون بتوافق الليبيين، وخصوصاً مجلسَي النواب و(الدولة)، وقد تستغرق عامين على الأقل للتمهيد للانتخابات».

وسبق أن دعا مجلس الأمن قادة ليبيا للبناء على «الاتفاق السياسي»، وخريطة طريق (ملتقى الحوار السياسي)، وعلى القوانين الانتخابية المُحدّثة التي اتفقت عليها لجنة (6 + 6).

بدوره، توقّع عضو «الأعلى للدولة»، سعد بن شرادة، عقد لقاء قريب بين صالح والمشري، وذلك «رغم التوترات التي لا يزال يثيرها الرئيس السابق لمجلسه محمد تكالة ومؤيدوه حتى الآن».

محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي (الوحدة)

وقال بن شرادة لـ«الشرق الأوسط» إن تكالة «لا يزال يُصرّ على أنه رئيس المجلس، وقد يمتنع مؤيّدون له عن حضور أي جلسة تصويت يدعو لها المشري لإقرار خطوات مستقبلية يتم التوافق بشأنها مع البرلمان»، مشيراً إلى أنه «في النهاية سيتم الاحتكام للائحة الداخلية المنظِّمة لعمل المجلس فيما يتعلق بنصاب الجلسة القانوني واحتساب الأصوات، وإذا لم يشاركوا فإنهم بذلك يكونون قد أقصَوا أنفسهم».

بالمقابل، استبعد المحلّل السياسي محمد محفوظ، «تطبيق أي مخرجات يتم التوافق عليها إذا ما اجتمع المشري وصالح». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن عودة المفاوضات بين المجلسَين حول أي قضية تتطلّب «توحيد المجلس الأعلى للدولة، وهذا غير متحقّق؛ لأن الصراع لا يزال مستمراً على رئاسة الأخير... والأهم أن بيان مجلس الأمن دعا للبناء على القوانين التي أنجزتها لجنة (6 + 6)، وهو ما يعني أنها لا تزال خاضعة للنقاش والحوار؛ لوجود خلافات بشأنها من طيف غير هيّن بالمجتمع الليبي».

وشدّد محفوظ على أن أي «لقاء سيجمع بين المشري وعقيلة صالح سينحصر حول ملف تشكيل الحكومة الجديدة، وليس بحث إجراء الانتخابات»، مشدّداً على أن خروج هذه الحكومة للنور «يتطلّب موافقة دولية، وهو أمر غير متحقّق حتى الآن»، معتقداً أن «العواصم الغربية الكبرى المتدخّلة بملف الأزمة، وفي مقدمتها واشنطن، تعارض انفراد المجلسَين بمسارات الحكومة والانتخابات، وترغب بتوسيع قاعدة المشاركة، وخصوصاً أن المشهد الليبي اليوم لم يَعُد حكراً عليهما مقارنةً بفاعلية أطراف أخرى».

وانتهى محفوظ بتأكيد أن «المحاولات الراهنة من قِبل البعثة الأممية لاستثمار أزمة المصرف للدخول في مفاوضات حول المسار السياسي، قد يتم قطع الطريق عليها بعقد صفقة سياسية بين الأطراف الفاعلة في شرق ليبيا وغربها، وهو ما يترتب عليه إعادة إنتاج وتصدير النفط، ومن ثم عودة الجمود للمشهد السياسي».


مقالات ذات صلة

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

شمال افريقيا عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

دخلت أزمة المصرف المركزي الليبي، مرحلة جديدة، السبت، وسط محاولة من حكومة الوحدة المؤقتة في العاصمة طرابلس، لاحتواء لانتقادات أميركية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع صالح وسفير الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا (حساب السفير على «إكس»)

«الأوروبي» يدعو قادة ليبيا إلى «خفض التوترات»... وتشغيل النفط

أطلقت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا عدداً من التحذيرات لقادة البلاد ودعتهم للتحاور والاستجابة لمبادرة الأمم المتحدة، كما شددت على ضرورة إعادة إنتاج وضخ النفط.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا طالبت لجنة الأزمات والطوارئ ببلدية زليتن المواطنين بالابتعاد عن مجرى الوادي (مديرية أمن طرابلس)

سيول جارفة تضرب مناطق متفرقة في ليبيا... وتنشر المخاوف

ضربت أمطار غزيرة وصلت إلى حد السيول مناطق عدة في شمال غربي ليبيا، وأعلن جهاز الإسعاف والطوارئ رفع درجة الاستعدادات وسط إنقاذ عائلات عالقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الصديق الكبير محافظ البنك المركزي الليبي (رويترز)

صحيفة: محافظ «المركزي الليبي» يفر من البلاد خوفاً على حياته

محافظ البنك المركزي الليبي، الصديق الكبير، قال إنه وموظفين كباراً آخرين في البنك أجبروا على الفرار من البلاد لحماية أرواحهم من هجمات محتملة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
TT

«حميدتي» يُصدر أوامر مشدّدة لقواته بحماية السودانيين

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

أصدر قائد «قوات الدعم السريع» في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ(حميدتي)، السبت، أوامر مشدّدة لقواته بحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية، التزاماً بالتعهدات التي قطعها وفده في محادثات جنيف في وقت سابق من أغسطس (آب).

وقال في تدوينة على منصة «إكس»: «أصدرت أمراً إدارياً استثنائياً لجميع القوات، بما فيها (قوة حماية المدنيين)، حول عدد من الالتزامات الخاصة بتعزيز حماية المدنيين، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية»، ودعا حميدتي جميع القادة في المستويات كافة للتقيد بالأوامر، وتنفيذ التعليمات وقواعد الاشتباك أثناء القتال، بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني، وكل من يخالف هذه الأوامر يعرّض نفسه للمساءلة القانونية.

وذكر أن هذا الأمر الاستثنائي يأتي تماشياً مع مخرجات محادثات جنيف، ويتَّسق مع الأوامر الإدارية الروتينية التي نصدرها كل 3 أشهر، وتستند تلك الأوامر إلى أحكام قانون «قوات الدعم السريع» لسنة 2017، ووفاءً للتعهدات التي التزمت بها «قوات الدعم السريع» في محادثات جنيف.

أرشيفية تُظهر عناصر من «قوات الدعم السريع» بالعاصمة السودانية الخرطوم (رويترز)

«قوة حماية المدنيين»

وتُتَّهَم «قوات الدعم السريع» بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، بما في ذلك مجازر عديدة في ولاية الجزيرة وسط السودان، لكنها تنفي ذلك. وأعلن حميدتي في أغسطس تشكيل قوة لحماية المدنيين، شرعت فوراً في أداء مهامها في ولايتي الخرطوم والجزيرة.

وتتكون القوة -حسب رئيس وفد «قوات الدعم السريع» للتفاوض في جنيف، عمر حمدان- من 27 عربة قتالية، مدعمة بقوات محترفة للتعامل مع التفلّتات التي تصدر من قواته. والأسبوع الماضي أكّد حميدتي التزامه الكامل بمخرجات محادثات جنيف، التي قاطعها وفد الجيش، وبتعهداته في تلك المحادثات، وعلى رأسها الاستجابة لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية.

ووافق طرفا القتال في السودان، الجيش و«قوات الدعم السريع»، على توفير ممرَّين آمنَين للمساعدات الإنسانية دون عوائق، وحماية المدنيين، وتطوير إطار عمل لضمان الالتزام بـ«إعلان جدة»، للتخفيف من تداعيات الحرب الدائرة بينهما منذ نحو عام ونصف عام.

وتلقّى الوسطاء الدوليون خلال محادثات جنيف التزامات قوية من «قوات الدعم السريع»، بإصدار توجيهات قيادية إلى جميع المقاتلين بالامتناع عن ارتكاب أي انتهاكات ضد المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها القوات.

صناديق تحتوي على مساعدات مخزَّنة في مستودع تديره مفوضية العون الإنساني (رويترز)

قوافل المساعدات

وفي موازاة ذلك استمر دخول قوافل المساعدات الإنسانية عبر معبر «أدري» مع الحدود التشادية، لتوزيعها على المتضررين في إقليم دارفور غرب السودان. وقالت مفوضية اللاجئين، يوم السبت، إن شاحنات تابعة لها نقلت 200 شحنة إغاثة أساسية من تشاد إلى السودان عبر المعبر، بوصفها جزءاً من قافلة مساعدات الأمم المتحدة.

وأوضحت المفوضية الأممية أن «هذه الإمدادات التي تشمل الأغطية البلاستيكية والبطانيات وأدوات المطبخ، ستدعم الأسر المتضررة من النزاع في ولاية غرب دارفور»، ويزور البلاد هذه الأيام وفد رفيع من الأمم المتحدة برئاسة النائبة الخامسة للأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد، وكبار المسؤولين من الوكالات الأممية.

من جانبه، جدّد مجلس السيادة السوداني لدى لقائه الوفد الأممي التزامَه بفتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية عبر المعابر التي تم الاتفاق عليها مع الأمم المتحدة والشركاء في محادثات جنيف. وقالت أمينة محمد إن زيارتها للسودان جاءت للوقوف على تطورات الأوضاع، مشيدةً بالخطوة التي اتخذتها حكومة السودان بفتح معبر أدري لمرور المساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين من الحرب. وأكدت المسؤولة الأممية أن المنظمة الدولية ترحب بتعاون الحكومة السودانية من أجل إيصال الغذاء للمحتاجين.

بدوره قال وزير الخارجية السوداني حسين عوض في تصريحات صحافية: «على الرغم من توجّس حكومة السودان من معبر أدري، إلا أن الحكومة تعاونت في فتح هذا المعبر».