تركيا تترقب زيارة السيسي لتعزيز مسار المصالحة

سفير أنقرة بالقاهرة أكد أنها ستتضمن توقيع اتفاقيات تعاون

جانب من لقاء السيسي وإردوغان في القاهرة (الرئاسة المصرية)
جانب من لقاء السيسي وإردوغان في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

تركيا تترقب زيارة السيسي لتعزيز مسار المصالحة

جانب من لقاء السيسي وإردوغان في القاهرة (الرئاسة المصرية)
جانب من لقاء السيسي وإردوغان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

مستهدفة تعزيز مسار المصالحة بين البلدين، تترقب تركيا زيارة، طال انتظارها، للرئيس المصري عبد السيسي. وقال سفير أنقرة بالقاهرة، صالح موتلو شن، مساء الخميس، إن «بلاده تتطلع لإتمام الزيارة خلال الفترة المقبلة».

وأضاف شن، في كلمته خلال حفل استقبال نظمته السفارة احتفالاً بـ«يوم النصر»، أو ما يعرف بـ«يوم القوات المساحة التركية»، أن «الزيارة سوف تشهد توقيع اتفاقيات تعاون في عدة مجالات، لا سيما المتعلقة بالتكنولوجيا والتعليم».

وعدّ السفير التركي زيارة السيسي لبلاده «نقطة تحول في مسار العلاقات، تعزز وتتوج أواصر الأخوة التاريخية بين البلدين»، مشيراً إلى أن «القاهرة وأنقرة دولتان كبيرتان تتشاركان تاريخاً طويلاً، ومن شأن تعزيز التعاون بينهما أن يُسهم في تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة».

وتعدّ زيارة السيسي المرتقبة لتركيا هي الأولى من نوعها، بعد أكثر من عقد من الزمان، وتأتي بناء على دعوة وجهها له الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال زيارته للقاهرة في فبراير (شباط) الماضي، التي كانت الأولى من نوعها أيضاً.

وبينما لم يعلن شن موعداً محدداً للزيارة، التي كانت مقررة، وفق مصادر تركية، في مايو (أيار) الماضي، تداولت وسائل إعلام تركية خلال الفترة الماضية أنباء عن إتمام الزيارة في4 سبتمبر (أيلول) المقبل، دون تأكيدات من الجانب المصري.

زيارة إردوغان للقاهرة في فبراير الماضي (الرئاسة المصرية)

وقال السفير التركي إن «العلاقات بين القاهرة وأنقرة تستهدف تحقيق 3 محاور رئيسية؛ وهي السلام والرخاء والتنمية»، موضحاً أن «التعاون في مجال الاقتصاد والتنمية يحتل الجزء الأكبر من المباحثات بين البلدين». وأضاف أن «مصر دولة مهمة بالنسبة لتركيا»، مشيراً إلى «تعاون وتنسيق مرتقبين بين البلدين في المجال العسكري، لا سيما أن بلاده تشارك القاهرة كثيراً من العادات العسكرية».

وفي هذا الصدد، أشار السفير التركي إلى أن «بلاده كانت من بين الدول الثلاث الأولى التي شاركت في المعرض الدولي للصناعات الدفاعية بمصر العام الماضي، كما أنها مهتمة بالمشاركة في معرض الطيران الحربي الذي سيقام لأول مرة هذا العام بمدينة العلمين المصرية».

وفي سبيل تعزيز العلاقات بين الجانبين، أعلن السفير التركي عن رفع مستوى التمثيل العسكري لبلاده في القاهرة، بترقية الملحق الدفاعي في السفارة أحمد طوسون إلى رتبة عقيد.

وكان السيسي وإردوغان، قد وقعا في القاهرة، عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، إضافة إلى إعلان مشترك حول «إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين»، الذي أكد الرئيس المصري، أخيراً، تطلعه لعقده باعتباره «نقلة نوعية في مسار التعاون الثنائي»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث الرئاسي المصري بداية الشهر الحالي.

وأكد السفير التركي «دعم بلاده لجهود الوساطة التي تبذلها مصر لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة». وقال: «حمام الدماء في غزة يجب أن يتوقف»، مشيراً إلى أن «أنقرة تتواصل مع الوسطاء في الهدنة، وتستخدم تأثيرها مع جميع الأطراف المعنية من أجل إتمام الاتفاق»، مؤكداً أنه «على الجميع العمل من أجل وقف إطلاق النار ودعم جهود مصر وقطر والولايات المتحدة». وأعلن شن أن «بلاده تعتزم المشاركة في إعادة إعمار غزة بعد إتمام وقف إطلاق النار». وقال: «ستشهد الفترة المقبلة تعاوناً وثيقاً مع مصر بشأن هذه القضية».

وشهدت العلاقات المصرية - التركية اتجاهاً متصاعداً نحو التطبيع، بعد عقد كامل من الانقطاع والتوتر، بسبب دعم أنقرة تنظيم «الإخوان» المحظور في مصر منذ نهاية عام 2013.

وتسارع مسار التطبيع منذ مصافحة إردوغان والسيسي خلال افتتاح مونديال كأس العالم في قطر عام 2022. وأعلن البلدان في يوليو (تموز) من العام الماضي، ترفيع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى السفراء. وبلغ التقارب ذروته مع زيارة إردوغان للقاهرة.

وقال مصدر دبلوماسي تركي لـ«الشرق الأوسط»، إن «التعاون الاقتصادي يحتل الجزء الأكبر من مسار العلاقات بين البلدين»، مشيراً إلى أن «مصر تسعى لتحقيق التنمية، وتركيا مستعدة للمساعدة في ذلك». لكنه في الوقت نفسه لفت إلى مسارات أخرى للتعاون على المستويين السياسي والعسكري، بقوله إن «القاهرة وأنقرة قوتان كبيرتان لا يستهان بهما، وتوافقهما قد يشكل عاملاً لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

من جانبه، أكد الخبير في الشأن التركي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، كرم سعيد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيارة السيسي المحتملة لتركيا تأتي في توقيت مهم وحاسم للغاية للبلدين وللإقليم أيضاً»، مشيراً إلى «استمرار الحرب في غزة، والتوتر على الجبهة اللبنانية، واحتمالات التصعيد بين إيران وإسرائيل، إضافة إلى التطورات الدولية المغايرة المتعلقة بانتخابات الرئاسة الأميركية، والحرب الروسية - الأوكرانية».

وعلى مستوى العلاقات الثنائية، قال سعيد إن «البلدين نجحا في حل كثير من القضايا الخلافية، وهناك توافق وحرص بينهما على وضع استراتيجية أمنية جديدة لمواجهة التحديات، لا سيما توترات البحر الأحمر وأزمات القرن الأفريقي، في ضوء انخراط مصري - تركي لافت في هذه القضية».

الرئيس السيسي خلال استقباله هاكان فيدان والوفد المرافق له في القاهرة مطلع الشهر الحالي (الرئاسة المصرية)

وتوقع سعيد أن «تشهد مباحثات السيسي وإردوغان المرتقبة تنسيقاً بين البلدين لوقف الحرب في غزة، على أرضية دعم أنقرة لجهود الوساطة المصرية»، لافتاً إلى أن «المباحثات سوف تركز على زيادة حجم التبادل التجاري من 10 إلى 15 مليار دولار، وتعزير التعاون العسكري والدفاعي، حيث تسعى مصر لشراء مسيرات تركية». (الدولار الأميركي يساوي 48.6 في البنوك المصرية).

وكان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أعلن في فبراير الماضي، أن «بلاده وافقت على تزويد مصر بطائراتها المسيرة التي تحظى بشعبية مزدادة»، مشيراً حينها إلى أن الصفقة تأتي في «إطار تطبيع العلاقات بين البلدين».

وبشأن الأزمات الإقليمية، أشار الخبير في الشأن التركي إلى أن «المباحثات المصرية - التركية المرتقبة ستتناول بحث دور أنقرة في حل أزمة (سد النهضة) الإثيوبي، ودور القاهرة في تسوية الخلافات بين تركيا وقبرص»، إضافة إلى «تعاون البلدين في حل النزاع الإثيوبي - الصومالي»، على حد قوله.

واستضافت تركيا، منتصف الشهر الحالي، اجتماعا ثلاثياً تركياً - صومالياً - إثيوبياً، في إطار الجولة الثانية من المباحثات الرامية إلى التوصل إلى حل وسط بين مقديشو وأديس أبابا، في النزاع المتعلق بإقليم «أرض الصومال».


مقالات ذات صلة

حرب السودان الكارثية... مشكلة كبرى أمام العالم الصامت

شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

حرب السودان الكارثية... مشكلة كبرى أمام العالم الصامت

يلقى النزاع في السودان جزءاً ضئيلاً من الاهتمام الذي حظيت به الحرب في غزة وأوكرانيا، ومع ذلك فهو يهدد بأن يكون أكثر فتكاً من أي صراع آخر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مطار طابا الدولي (محافظة جنوب سيناء)

مصر تنفي طعن سائحين إسرائيليين في طابا

نفت مصر تعرض سائحين إسرائيليين في طابا للطعن، بحسب ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، نقلاً عن مصدر أمني مسؤول، مساء الجمعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس «أرض الصومال» يستقبل السفير الإثيوبي الجديد تيشومي شوندي هاميتو الذي قدم أوراق اعتماده الخميس (رئاسة أرض الصومال على إكس)

تصريحات ومواقف إثيوبية «تعمِّق التوتر» مع مصر

في خطوة تصعيدية جديدة من إثيوبيا تجاه الصومال، عيّنت أديس أبابا، الخميس، سفيراً لدى «أرض الصومال»، غير المعترف بها دولياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا إحدى الصيدليات داخل مستشفى حكومي في مصر (الصحة المصرية)

مصر: تعهدات حكومية جديدة بحل أزمة «نواقص الأدوية»

أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، «تخصيص 10 مليارات جنيه حتى الآن في إطار حل أزمة الدواء».

أحمد عدلي (القاهرة)

مصر تنفي طعن سائحين إسرائيليين في طابا

مطار طابا الدولي (محافظة جنوب سيناء)
مطار طابا الدولي (محافظة جنوب سيناء)
TT

مصر تنفي طعن سائحين إسرائيليين في طابا

مطار طابا الدولي (محافظة جنوب سيناء)
مطار طابا الدولي (محافظة جنوب سيناء)

نفت مصر تعرض سائحين إسرائيليين في طابا بمحافظة جنوب سيناء المصرية للطعن، بحسب ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، نقلاً عن مصدر أمني مسؤول، مساء الجمعة.

وبحسب المصدر الأمني، فإن مشاجرة نشبت بين عامل في أحد الفنادق، وعدد من السائحين من «عرب 48» على خلفية عدم رغبة السائحين في سداد مقابل الخدمة التي حصلوا عليها، ما أسفر عن «إصابة عامل مصري بإصابات بالغة الخطورة، بجانب إصابة 3 عمال آخرين، وكذا إصابة 3 من السائحين، أصحاب المشكلة».

وباشرت الجهات الأمنية في مصر تحقيقات في الحادث، وتم نقل المصابين للمستشفى لتلقي العلاج، فيما نفى المصدر أن يكون الحادث «طعناً لسائحين إسرائيليين» كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.

ويسمح لحملة الجنسية الإسرائيلية بالدخول إلى مدن جنوب سيناء، ومن بينها طابا، على الشريط الحدودي، من دون الحصول على تأشيرة دخول مسبقة بموجب اتفاقية «كامب ديفيد».

يصل حملة الجنسية الإسرائيلية لطابا من دون تأشيرة (محافظة جنوب سيناء)

وتقع طابا على رأس خليج العقبة على بعد 7 أميال من إيلات، واستردتها مصر في 19 مارس (آذار) عام 1989 بعد مفاوضات ومعركة قانونية استمرت لنحو 7 سنوات مع إسرائيل بسبب الخلاف حول العلامات الحدودية.

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد أكد، الخميس، في مؤتمر صحافي، أن مصر الدولة الوحيدة بالمنطقة التي استطاعت تحقيق الجذب السياحي الخارجي رغم الصراعات الموجودة في المنطقة، بحسب التقارير الدولية، مؤكداً «استمرار العمل على تحقيق مستهدفات الوصول إلى 30 مليون سائح سنوياً.

وبلغ إجمالي أعداد السائحين الوافدين لمصر خلال النصف الأول من العام الحالي 7.069 مليون سائح، بحسب بيانات رسمية صدرت عن وزارة السياحة والآثار المصرية، مطلع الشهر الماضي.

وبحسب مراقبين، «واجهت فنادق طابا ونويبع منذ أحداث (حرب غزة) في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تراجعاً في نسب الإشغالات، وطلب عدد منها الحصول على دعم حكومي، نتيجة تراجع أعداد السائحين الإسرائيليين، الذين كانوا يشكلون غالبية مرتادي فنادق هذه المناطق».

من جهتها، عملت الحكومة المصرية على الاعتماد بشكل أكبر في الترويج للمنطقة على «سياح من دول وسط وغرب أوروبا».