«مجلس الأمن» يدعو لحل أزمة «المركزي» الليبي بـ«التوافق»

المنفي رحّب بدعوة البعثة الأممية لـ«حوار وطني»

عبد الفتاح عبد الغفار الرئيس المكلف رئاسة المصرف المركزي (المصرف المركزي الليبي)
عبد الفتاح عبد الغفار الرئيس المكلف رئاسة المصرف المركزي (المصرف المركزي الليبي)
TT

«مجلس الأمن» يدعو لحل أزمة «المركزي» الليبي بـ«التوافق»

عبد الفتاح عبد الغفار الرئيس المكلف رئاسة المصرف المركزي (المصرف المركزي الليبي)
عبد الفتاح عبد الغفار الرئيس المكلف رئاسة المصرف المركزي (المصرف المركزي الليبي)

تفاعل محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، سريعاً مع دعوة مجلس الأمن الدولي «الأطراف الفاعلة» لحل أزمة المصرف المركزي بـ«التوافق»، قبل أن يحذّرهم من «اللجوء إلى استخدام العنف أو الأعمال العسكرية».

واستبق المنفي باقي أطراف الأزمة الليبية ليرحب ببيان مجلس الأمن، الصادر، الخميس، مجدداً دعوته رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، «إلى إعادة النظر في قراره بإيقاف العمل بالاتفاق السياسي من جانب واحد، ومعالجة الآثار المترتبة على ذلك». علماً أن «اتفاق جنيف» أنتج سلطة تنفيذية في ليبيا، ممثلة في «الرئاسي»، وحكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وأبدى المنفي في بيان نشره عبر حسابه على منصة «إكس»، الخميس، قبوله بدعوة البعثة الأممية للمشاركة في «حوار وطني» لمعالجة أزمة المصرف المركزي، وذلك في إطار المناصب السيادية، ووفق خريطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي، وانتقال الاختصاص إلى المؤسسات المشكّلة للملتقى.

المنفي والحداد رئيس أركان قوات غرب ليبيا (المجلس الرئاسي)

وأيَّد المنفي «مواصلة العمل على ما تم إنجازه من قِبل لجنة (6+6)»، التي سبق أن شكلها مجلسا النواب و«الأعلى للدولة» لإصدار قانوني الانتخابات العامة؛ وقال إن اللجوء إلى خيار استشارة الشعب بشأن المواد الخلافية المتبقية «يمثل وسيلة للوصول إلى توافق وطني؛ بهدف إجراء انتخابات عامة بموجب هذه التوافقات، قبل17 فبراير (شباط) 2025».

وسبق للبعثة الأممية الإعلان عن عزمها عقد اجتماع طارئ تحضره الأطراف المعنية بأزمة مصرف ليبيا المركزي؛ بهدف التوصل إلى توافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، كما دعت إلى «تعليق العمل بكل القرارات الأحادية المتعلقة بالمصرف».

نائبة الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا القائمة بأعمال رئيس البعثة ستيفاني خوري خلال لقائها وفداً من الطوارق بمقر البعثة (البعثة الأممية)

ودخل مجلس الأمن الدولي على خط أزمة خلاف شرق ليبيا وغربها على رئاسة محافظ المصرف المركزي، معرباً عن «قلقه» إزاء التطورات والتوترات الأخيرة في ليبيا، التي أدت إلى إغلاق الحقول والموانئ النفطية، الواقعة تحت سيطرة «الجيش الوطني».

وتصاعدت الأزمة على رئاسة منصب المحافظ بين المجلس الرئاسي والبرلمان، بعدما أقدم الأول على تعيين عبد الفتاح عبد الغفار، محافظاً مؤقتاً للمصرف، وسط تقدم المحافظ المقال الصديق الكبير ببلاغ إلى النائب العام ضد رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي.

ونقلت البعثة الأممية في ليبيا، الخميس، بيان أعضاء مجلس الأمن، الذين دعوا فيه القادة والمؤسسات السياسية والاقتصادية والأمنية الليبية كافة إلى «تهدئة التوترات، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، أو اتخاذ أي تدابير اقتصادية تهدف إلى ممارسة الضغط». كما دعوا إلى «ضرورة التوصل إلى حل توافقي للأزمة الحالية فيما يتعلق بالمصرف المركزي».

الصديق الكبير (رويترز)

وحثت البعثة الأطراف الليبية على «تجنب أي أعمال عسكرية، من شأنها تعريض الاستقرار الهش في ليبيا وأمن المدنيين، وكذلك اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 2020 للخطر»، مؤكدين على «أهمية المساءلة».

في سياق ذلك، ذكّر أعضاء مجلس الأمن جميع القادة السياسيين في ليبيا بالتزاماتهم وتعهداتهم؛ والبناء على الاتفاق السياسي الليبي، وخريطة طريق (ملتقى الحوار السياسي) الليبي، والبناء على القوانين الانتخابية المحدثة التي اتفقت عليها لجنة «6+6».

واجتمع المحافظ المكلف رئاسة «المركزي» عبد الفتاح عبد الغفار في مقر المصرف، الخميس، مع مديري الإدارات والمكلفين المصرف لمناقشة الكثير من الملفات المهمة، المتعلقة بسير العمل المصرفي. وقال المصرف في بيان إن الاجتماع تناول تنظيم وترتيب آليات صرف المرتبات، وتوفير السيولة النقدية، وتطوير النظم المصرفية لتسهيل الخدمات المقدمة للمواطنين، وكذا متابعة إجراءات توحيد المصرف المركزي بشكل فعلي ومهني، بالإضافة إلى معالجة ملف المقاصة وتوحيد نظامها الأساسي.

وشدد المحافظ المكلف خلال الاجتماع على «ضرورة رفع وتيرة العمل في كل إدارات المصرف بكفاءة عالية»؛ لإنجاز هذه الملفات في أسرع وقت ممكن، مؤكداً أن مجلس إدارة المصرف المركزي «سيعمل على حلحلة كل العراقيل التي تواجه العمل المصرفي». في وقت تسارع فيه سلطات طرابلس لتجاوز «العقبات المالية» بعد سيطرتها على مصرف ليبيا المركزي.

واجهة مصرف ليبيا لمركزي (أ.ف.ب)

وكان المصرف المركزي قد خاطب المصارف التجارية بتسييل رواتب أغسطس (آب) الحالي لجميع الجهات العامة والوزارات والقطاعات، والمؤسسات الممولة من الخزانة العامة. ووجّه في بيان، مساء الأربعاء، المصارف التجارية لاستلام حوافظ المرتبات للشهر الحالي لجميع الجهات العامة، والوزارات والقطاعات والمؤسسات الممولة من الخزانة العامة وتسييلها إلى المستفيدين منها؛ على أن يتم الخصم من حسابات تلك الجهات بضمانة حسابات وزارة المالية طرف المصرف المركزي».

وفي خطاب للدبيبة، طالب رؤساء الهيئات والمؤسسات والمراكز الممولة من الخزانة العامة، إحالة أذون رواتب شهر أغسطس إلى المصارف التجارية، على أن تجري وزارة المالية التسوية اللازمة لتسييل الرواتب مع المصرف المركزي.

رئيس مجلس النواب توعد بـ«استمرار منع تدفق النفط والغاز إلى حين عودة محافظ مصرف ليبيا المركزي» (الشرق الأوسط)

وسبق أن توعد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بـ«استمرار منع تدفق النفط والغاز إلى حين عودة محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، لممارسة مهامه القانونية»، بداعي الحفاظ على ثروة الشعب الليبي.

في سياق ذلك، سعى صالح مبكراً لتوثيق علاقته بخالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، مرحباً بالتئام مجلسه وانتخابه لهيئة الرئاسة، المتمثلة في النائبين الأول والثاني، وقال صالح إن هذا «الالتئام سيؤدي إلى إعلاء مصلحة الوطن عبر التوافق مع مجلس النواب». داعياً في بيان المشري للوصول إلى «تقاربات وتوافقات مع مجلس النواب، تفضي إلى حلحلة الأزمة الليبية، والوصول إلى الاستحقاق الانتخابي واستقرار البلاد».

صدام حفتر مستقبلاً وفداً من مشايخ وأعيان وحكماء بني وليد (رئاسة أركان القوات البرية)

في شأن مختلف، استقبل رئيس أركان القوات البرية، الفريق صدام حفتر، في مكتبه بمقر الرئاسة بنغازي وفداً من مشايخ وأعيان وحكماء بني وليد.

وأوضحت رئاسة الأركان أن اللقاء استهدف «استلام أبناء القبيلة، الذين كانوا محتجزين لدى السلطات النيجرية»، منوهة إلى أن الإفراج عنهم بتوجيهات من القائد العام للجيش، المُشير خليفة حفتر.

ونقلت رئاسة الأركان عن الوفد «شكرهم لجهود القيادة العامة المتواصلة لحماية المواطنين الليبيين، وضمان عودتهم بأمان إلى وطنهم».


مقالات ذات صلة

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

شؤون إقليمية مجلس الأمن يصوت بالإجماع على القرار «2231» بعد أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بفيينا في 20 يوليو 2015 (أرشيفية - الأمم المتحدة)

«سناب باك»... إيران تواجه شبح العقوبات الأممية

لوّحت بريطانيا، الأحد، بتفعيل آلية «سناب باك» لمواجهة الخروقات الإيرانية في الاتفاق النووي لعام 2015؛ ما يعرض طهران لخطر العودة التلقائية إلى العقوبات الأممية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يبحثون وسط الأنقاض بعد غارة إسرائيلية أصابت مدرسة تديرها الأمم المتحدة لجأ إليها الناس في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس»: واشنطن شريك مباشر بحرب الإبادة في غزة

أكدت حركة «حماس» أن واشنطن «شريك مباشر بحرب الإبادة» في غزة بعد «الفيتو» بمجلس الأمن.

«الشرق الأوسط» (غزة)

تعليق جوبالاند التعاون مع الصومال... هل يقود إلى «انفصال»؟

تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)
تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)
TT

تعليق جوبالاند التعاون مع الصومال... هل يقود إلى «انفصال»؟

تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)
تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)

محطة جديدة من التوتر بين ولاية جوبالاند، جنوب الصومال، والحكومة الفيدرالية، عقب قرار الإقليم تعليق العلاقات والتعاون مع مقديشو، بعد خلافات زادت وتيرتها عقب إجراء الانتخابات الرئاسية، وفوز أحمد مدوبي بولاية ثالثة، بالمخالفة لتشريع صومالي جديد يدخل حيز التنفيذ العام المقبل بالعودة إلى «الانتخابات المباشرة».

ذلك التعليق من جانب ولاية جوبالاند التي تقع على الحدود مع كينيا وإثيوبيا، جاء بعد إصدار سلطات الجانبين مذكرتي اعتقال لقيادة الإقليم والحكومة الفيدرالية، ويراه خبراء تحدّثوا مع «الشرق الأوسط» أنه قد يقود إلى «انفصال» للولاية عن مقديشو، ويفاقم من الصراع الأهلي، ويسمح لحركة «الشباب» الإرهابية التي ستستغل تلك الخلافات لزيادة تمددها.

وتُعد ولاية جوبالاند «سلة غذاء» الصومال، وعاصمتها «كسمايو»، ميناء مهماً من الناحية الاستراتيجية، وتحد ساحلها منطقة بحرية متنازع عليها بشدة، مع وجود مكامن نفط وغاز محتملة، و«يزعم كل من الصومال وكينيا السيادة على هذه المنطقة»، وفق «رويترز».

وجاء القرار في ظل أزمة انتخاب مدوبي الذي ترفضه مقديشو متزامناً مع إصدار محكمة «كسمايو» مذكرة اعتقال بحق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، متهمة إياه بـ«إشعال حرب أهلية وتقويض الوحدة الوطنية»، وذلك غداة إصدار محكمة بنادر الإقليمية التابعة لمقديشو، الأربعاء، مذكرة اعتقال بحق مدوبي، متهمة إياه بـ«انتهاك الدستور الصومالي».

وجاءت انتخابات جوبالاند، الاثنين، بعد يومين من مصادقة نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت الماضي، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعني بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي الذي يُعد رئيساً لجوبالاند منذ إنشائها عام 2013، ويُعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)

وكان الصومال يعتمد منذ عام 2000 على نظام انتخابات غير مباشرة مبني على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس، ولتجاوز هذا النظام توصّل «منتدى المجلس التشاوري الوطني» في مايو (أيار) 2023 إلى اتفاق يقضي بإجراء انتخابات مباشرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، في عودة إلى آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، لكن لم تُنظم لعدم وجود قوانين للانتخابات، واتفق أعضاؤه على إجراء اقتراع مباشر في سبتمبر (أيلول) 2025، بعد وضع القانون الذي صدر قبل نحو أسبوع.

وباعتقاد المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، فإن «إصدار مذكرات اعتقال وتعليق العلاقات واعتبار انتخاب مدوبي غير قانوني انعكاس لتصاعد التوتر بين الحكومة الفيدرالية وجوبالاند؛ مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع السياسية وزيادة الانقسامات».

وسيكون خيار «احتمالية الانفصال» مطروحاً، حسب بري؛ «إذا استمرت التوترات»، موضحاً أن «جوبالاند قد تسعى إلى إعلان انفصال فعلي. لكن هذا يتطلب دعماً محلياً ودولياً، بالإضافة إلى استقرار سياسي داخلي».

و«ربما كانت مذكرتا الاعتقال المتبادلة بين الطرفين ليستا إلا ستاراً داكناً تجري من ورائه الرغبة في تحرير خطاب العداء المتبادل الذي يجتهد طرفاه في التغطية عليه بمفاهيم الشرعية الدستورية لطبيعة الانتخابات»، وفق تقدير الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج.

ويرى أنه لو أصبح الصومال على هذه الحالة من التنازع فسوف يتحول إلى «بؤرة جاذبة للنشاط الإرهابي»، ومسرح لعمليات عسكرية يكون مداها واسعاً حول عموم منطقة القرن الأفريقي.

البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)

وقبل أيام، نشرت الحكومة الصومالية الفيدرالية ما يقرب من 1000 جندي فيدرالي في منطقة رأس كامبوني جنوب البلاد التي تنتشر فيها قوات جوبالاند، بعد انسحاب قوات بعثة الاتحاد الأفريقي، لضمان الاستقرار ومواجهة حركة «الشباب». وعدّ إعلام صومالي محلي تلك الخطوة «تصعيداً كبيراً للخلاف بين الولاية ومقديشو».

بينما عدّت وزارة الأمن الداخلي في جوبالاند تلك الخطوة أنها «محاولة لتدمير النظام الفيدرالي وإثارة القلاقل السياسية والأمنية في الإقليم»، محذرة من «وقوع صدام بين تلك القوات وقوات الولاية الإقليمية».

وأزمة جوبالاند هي الثانية أمام مقديشو، في ظل استمرار توتر علاقاته مع إقليم أرض الصومال الانفصالي منذ بداية العام، مع عقد إثيوبيا مع الإقليم اتفاقاً مبدئياً، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

ورفضت مقديشو تلك الخطوة وعدّتها مساساً بالسيادة، وأدى الاتفاق إلى توتر في منطقة القرن الأفريقي، وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي، وإعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام، المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029؛ بسبب «انتهاكها الصارخ لسيادة الصومال واستقلاله».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (الرئيس الصومالي على «إكس»)

ويرى الحاج أن الصراع الذي بلغ «حد اللاعودة» بين الحكومة الفيدرالية في الصومال وإقليم جوبالاند، يشير إلى فاعلية التدخلات الحدودية في محيط القرن الأفريقي؛ حيث يتشارك إقليم جوبالاند الحدود مع إثيوبيا، وهي ذات الدولة التي أضحت علاقاتها مع الصومال تسير على نحو مضطرب ومتوتر منذ أن أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مع إقليم أرض الصومال.

ويعتقد أن كل ما جرى من توترات بشأن الانتخابات في جوبالاند وحكومة الصومال ليس إلا بذرة خلاف لزعزعة وحدة الصومال، بعدما أثبتت التجربة الانتخابية في أرض الصومال نجاحها، و«ربما مُضيها في اتجاه الانفصال والاستقلال». ولا يستبعد «وجود أصابع إثيوبية تعمل على توجيه بوصلة مدوبي نحو تبني خيارات الانفصال والمطالبة بالاستقلال بعيداً عن هيمنة السلطة المركزية في مقديشو».

ويتفق معه بري على أن «إثيوبيا تلعب دوراً في دعم بعض المجموعات في جوبالاند؛ مما يعزّز مخاوف إمكانية حدوث انفصال جديد، خصوصاً أن التدخل الإقليمي يُعد عاملاً مهماً في الديناميات المحلية».

عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية الصومالية (أ.ب)

وبشأن إمكانية حدوث حل للأزمة، يرى الحاج أن «تخفيف مقديشو حدة الخطاب العدائي بين الصومال وأقاليمه ذات النزعة الانفصالية، يصبح هو الرهان الآن بغية تحييد الدور الإثيوبي ومنع نفوذها الساعي لاستغلال أوضاع المنطقة عموماً؛ لأجل تمرير مصالحها الحيوية دون الاكتراث لمستقبل القرن الأفريقي».

بينما أوضح بري أنه يمكن تدارك الأمور عبر إجراء الحكومة الفيدرالية وجوبالاند حواراً شاملاً لمعالجة القضايا العالقة، وتدخل وساطة دولية لتسهيل ذلك الحوار، مؤكداً أن الوضع في جوبالاند «يتطلّب خطوات عاجلة وفعّالة من جميع الأطراف المعنية، باعتبار أن الحوار والتعاون سيكونان المفتاح لتحقيق الاستقرار في المنطقة وتجنّب تصعيد النزاع».