القاهرة لتنشيط التنسيق مع الغرب بهدف احتواء التصعيد الإقليمي

شددت على ضرورة التوصل لاتفاق وقف النار في غزة

الرئيس المصري يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

القاهرة لتنشيط التنسيق مع الغرب بهدف احتواء التصعيد الإقليمي

الرئيس المصري يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري يستقبل وفداً من الكونغرس الأميركي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

تُنسق القاهرة بشكل مُكثف مع الغرب لاحتواء التصعيد الإقليمي، وسط تشديدات مصرية متكررة من خطورة التوتر في المنطقة بسبب استمرار الحرب في قطاع غزة.

وفي إفادات مصرية متتالية مع أميركا وألمانيا ودول أخرى، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على «ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لوقف التصعيد بالأراضي الفلسطينية». وأكد «ضرورة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن والمحتجزين».

والتقى الرئيس المصري، في القاهرة، الخميس، وفداً من لجان في الكونغرس الأميركي، برئاسة السيناتور جوني إرنست، بحضور وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، الدكتور بدر عبد العاطي. ووفق إفادة للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير أحمد فهمي، فإن الوفد الأميركي حرص خلال اللقاء على «تأكيد الأهمية التي توليها مختلف المؤسسات والدوائر الأميركية للعلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، والتي تمثل حجر الزاوية للاستقرار الإقليمي».

ونوه وفد الكونغرس الأميركي إلى الدور المصري الراسخ في حفظ الأمن ودعم جهود السلام في المنطقة، ودور مصر الجوهري منذ اندلاع الأزمة بغزة، سواء على صعيد الجهود المشتركة للتهدئة، أو الدور القيادي في تقديم وتنسيق وإيصال المساعدات الإنسانية. وأوضح الوفد أن زيارته الحالية للمنطقة تأتي في إطار «دعم مسار التوصل لاتفاق لتبادل الرهائن والمحتجزين، ووقف إطلاق النار، وخفض التصعيد بالمنطقة».

السيسي خلال لقاء رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية في القاهرة (الرئاسة المصرية)

حل الدولتين

وشدد السيسي من جانبه على «خطورة حالتي التصعيد والتوتر اللتين تشهدهما المنطقة بسبب استمرار الحرب بقطاع غزة»، مؤكداً اعتزام مصر مواصلة جهودها بالتنسيق مع الشركاء بهدف وضع حد لهذه الحرب التي تسببت في كارثة إنسانية بقطاع غزة.

وحذر من الخطورة البالغة للتصعيد الإسرائيلي الحالي في الضفة الغربية، الذي يزيد بشدة من مخاطر تعقيد الموقف الإقليمي، لافتاً إلى «ضرورة العمل على تنفيذ ما تم التوافق عليه دولياً ويحظى بشرعية كاملة بشأن حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، بما ينقل المنطقة إلى واقع جديد يسوده السلام والعدل والأمن بشكل مستدام، بدلاً من الوضع الحالي الذي يُنذر بالعنف والدمار وإهدار مقدرات الشعوب».

وأضاف متحدث الرئاسة المصرية، أن اللقاء تطرق كذلك إلى الأوضاع بالسودان. وأكد الرئيس المصري «مواصلة القاهرة جهودها المكثفة لوقف إطلاق النار وعودة الأمن والاستقرار، والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني، ودعم جميع المسارات التي تؤدي للوصول لحل سياسي ينهي الأزمة بالسودان، ويحفظ مقدرات شعبه الشقيق».

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 13 مليون سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة. واستضافت العاصمة المصرية، في يوليو (تموز) الماضي، مؤتمراً للقوى السياسية والمدنية السودانية، وتضمن البيان الختامي للمؤتمر توصيات تتعلق بـ3 مسارات أساسية هي «وقف الحرب الداخلية، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والتأسيس لحل سياسي شامل تشارك فيه كل الأطراف السودانية».

مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة في يوليو الماضي (الخارجية المصرية)

السيسي - بايدن

وكان السيسي قد تلقى قبل أيام اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأميركي جو بايدن، في إطار جهود الوساطة المكثفة التي تبذلها الدولتان لوقف إطلاق النار بقطاع غزة. وأكد الرئيسان أهمية التزام الأطراف المعنية بتذليل العقبات، وإبداء المرونة لإتمام الاتفاق. وقال السيسي خلال الاتصال الهاتفي إن «التوصل لاتفاق فوري لوقف إطلاق النار يكتسب أهمية فائقة في هذا التوقيت الدقيق، سواء لضرورة وضع حد للمعاناة الإنسانية الكارثية بقطاع غزة، أو لإنهاء حالة التصعيد وتجنيب المنطقة ويلات توسّع نطاق الصراع، بما لذلك من تداعيات خطيرة على شعوب الإقليم كافة».

وعقب جولة مفاوضات للوسطاء في القاهرة قبل أيام، اجتمع مفاوضون من الولايات المتحدة ومصر وقطر وإسرائيل في الدوحة، الأربعاء، لإجراء محادثات «فنية وعلى مستوى فرق العمل» بشأن وقف إطلاق النار في غزة.

أيضاً، أكد الرئيس المصري خلال لقاء رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الفريق أول تشارلز براون، في القاهرة، أخيراً، أن الوضع الإقليمي الراهن يتطلب وقفة حاسمة من المجتمع الدولي وجميع الأطراف الفاعلة، لبذل جميع المساعي وتكثيف الضغوط، لنزع فتيل التوتر، ووقف حالة التصعيد التي تهدد أمن واستقرار المنطقة بالكامل، محذراً من مخاطر فتح جبهة جديدة في لبنان، مؤكداً ضرورة صون استقرار لبنان وسيادته.

كما قال السيسي خلال مباحثات مع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الشهر الجاري، في مدينة العلمين الجديدة (شمال مصر)، إن الوقت قد حان لإنهاء الحرب الجارية في غزة والاحتكام لصوت العقل، مشدداً على خطورة توسع نطاق الصراع إقليمياً «على نحو يصعب تصور تبعاته».

بلينكن أثناء لقاء الرئيس المصري في مدينة العلمين بشمال مصر (رويترز)

اتفاق الهدنة

وتواصلت الاتصالات المصرية خلال الساعات الماضية لاحتواء التصعيد في المنطقة. وبحث السيسي والمستشار الألماني، أولاف شولتز، خلال اتصال هاتفي، مساء الأربعاء، قضايا المنطقة. وبحسب متحدث «الرئاسة المصرية» تم التوافق خلال الاتصال على «أهمية بذل جميع الجهود الممكنة للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع بالإقليم، ووضع حد للحرب بقطاع غزة».

وأكد الرئيس المصري أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بدور حاسم وفاعل نحو ضمان توافر الإرادة السياسية التي تحقق التوصل إلى الاتفاق المنشود لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين، والتجاوب بإيجابية مع جهود الوسطاء. واتفق السيسي وشولتز على استمرار التشاور والتنسيق بشأن جهود استعادة السلام والاستقرار بالمنطقة. وأشار المستشار الألماني إلى الجهود المصرية المكثفة والمخلصة لمحاولة نزع فتيل الأزمة ووقف الحرب.

في هذا الصدد، تلقى الرئيس المصري أخيراً اتصالاً هاتفياً من الرئيس البلغاري رومِن راديف، تناول الأوضاع بالشرق الأوسط. وحذر السيسي حينها من أن استمرار التصعيد الجاري يضع المنطقة رهينة لاحتمالات توسع الحرب إقليمياً، وما قد ينتج عن ذلك من عواقب خطيرة على شعوب المنطقة كافة.


مقالات ذات صلة

أين يقف طرفا هدنة غزة ووسطاؤها؟

العالم العربي صبية فلسطينيون يملأون المياه يوم الأحد في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (أ.ب) play-circle

أين يقف طرفا هدنة غزة ووسطاؤها؟

ما زالت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و«حماس» تراوح مكانها بين اقتراحات وتحديثات واجتماعات بين القاهرة والدوحة وتل أبيب... فأين تقف الآن؟

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي منازل مدمرة نتيجة الحرب في جنوب قطاع غزة (رويترز) play-circle

قتيلان في قصف مُسيّرة إسرائيلية لمنطقة شرق جحر الديك بوسط غزة

أفادت وكالة إخبارية فلسطينية، السبت، بمقتل شخصين في قصف لطائرة مسيّرة إسرائيلية شرق منطقة جحر الديك وسط قطاع غزة. ولم تذكر الوكالة تفاصيل أخرى.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية أطفال فلسطينيون يحصلون على حصة عائلاتهم من وجبة إفطار في نقطة توزيع طعام بمخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: تحركات من الوسطاء لـ«تضييق الفجوات»

تحركات تتواصل من الوسطاء نحو حلحلة أزمة تعثر مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطينية تنتحب قرب جثث ضحايا الغارة الإسرائيلية في شمال قطاع غزة السبت (رويترز)

إسرائيل ترد على مقترح «حماس» بتصعيد في غزة... وتقتل 9 في ضربة واحدة 

رفضت إسرائيل مقترح «حماس» الإفراج عن رهينة يحمل الجنسية الأميركية وأبقت الباب مفتوحاً لاحتمال تصعيد متدرج في قطاع غزة استهلته السبت بقتل 9 فلسطينيين دفعة واحدة.

كفاح زبون (رام الله)
خاص وزير خارجية السودان علي يوسف الشريف (الخارجية السودانية)

خاص الخرطوم ومقديشو تؤكدان التزامهما بالموقف العربي ضد «تهجير» الفلسطينيين

أكد مسؤولون بالبلدين «التزام الخرطوم ومقديشو بالموقف العربي الرافض لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم».

أحمد إمبابي (القاهرة )

البرلمان الجزائري يقيد نشر النواب «معلومات سرية»

المجلس الشعبي الوطني الجزائري خلال جلسة لمساءلة الحكومة مطلع عام 2023 (البرلمان)
المجلس الشعبي الوطني الجزائري خلال جلسة لمساءلة الحكومة مطلع عام 2023 (البرلمان)
TT

البرلمان الجزائري يقيد نشر النواب «معلومات سرية»

المجلس الشعبي الوطني الجزائري خلال جلسة لمساءلة الحكومة مطلع عام 2023 (البرلمان)
المجلس الشعبي الوطني الجزائري خلال جلسة لمساءلة الحكومة مطلع عام 2023 (البرلمان)

أعلن «المجلس الشعبي الوطني» الجزائري، الأحد، عن تعديلات اقترحتها «لجنة الشؤون القانونية والحريات» به، لإدخالها على النظام الداخلي لغرفة البرلمان الأولى، من شأنها أن تثير حفيظة قطاع من النواب، كونها تتضمن قيوداً على نشر ملاحظاتهم المتعلقة بأعمال الحكومة ومداولات البرلمان المصنفة «سريّة» أو «ذات صلة بأمن الدولة».

وتم إدراج مادة جديدة في «النظام الداخلي»، حسب الوثيقة التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، تفيد بأنه «يمنع على نواب المجلس نشر أو إفشاء أي وثيقة أو معلومة ذات طابع سري، تتعلق بعمل المجلس أو بمداولاته الداخلية أو بأي مسألة تتعلق بأمن الدولة، أو أي أمر آخر يُعدّ سرياً بموجب القوانين المعمول بها».

«انتهاك للواجبات الدستورية»

وأوضحت المادة «152 مكرر» أن «الوثائق والمعلومات السرّية هي تلك التي يتم تصنيفها على هذا النحو من قبل مكتب المجلس أو أي جهة معنية، وفقاً للقوانين المعمول بها، أو التي تم تحديدها بأنها تتعلق بأمن الدولة أو مصالحها العليا»، مبرزة أنه «يعدّ إفشاء أو نشر هذه الوثائق أو المعلومات من قبل أي نائب انتهاكاً لواجباته الدستورية والقانونية، ويعرضه للمساءلة القانونية والعقوبات المقررة في هذا الشأن».

وتنصّ المادة ذاتها على أنه «لا يجوز لأي نائب أن يستخدم هذه الوثائق أو المعلومات السرّية لأغراض شخصية أو لصالح أطراف أو جهات خارج المجلس، ويجب على النائب الحفاظ على سرية المعلومات المستلمة أثناء تأدية مهامه البرلمانية».

وتستند وثيقة التعديل إلى «المادة 87 مكرر 1» من القانون المنظم للعلاقة بين غرفتي البرلمان والحكومة، لتبرير حظر نشر الوثائق «ذات الطابع السرّي»، التي تقول: «يمنع على عضو البرلمان نشر المعلومات والوثائق المتحصل عليها في أي وسيلة إعلامية، خاصة تلك التي من شأنها المسّ بمصالح الدولة أو الإخلال بالنظام العام». وتشير الوثيقة إلى «المعلومات والوثائق التي تكتسي طابعاً سرياً واستراتيجياً، وتتعلق بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي، والمصالح الحيوية للاقتصاد الوطني، وتلك المتعلقة بوقائع تكون محل إجراء قضائي».

«قطاعات حساسة»

وأفاد عضو بالبرلمان، طلب عدم نشر اسمه، بأن «سبب الحظر الذي يتضمنه النص مرتبط بنشر نواب ردود بعض الوزراء على أسئلتهم، تتضمن معلومات عن قطاعات تقدّر الحكومة أنها حساسة وتفضّل ألا تنشر للرأي العام»، مشيراً إلى «قطاعات الخارجية والداخلية والطاقة والقضاء على سبيل المثال»، مع العلم أن النواب يتحاشون من تلقاء أنفسهم نشر الردود على استفساراتهم المتعلقة بقضايا الدفاع والأمن.

واللافت أن العديد من البرلمانيين ينشرون الأجوبة المكتوبة على أسئلة رفعوها إلى الوزراء، على حساباتهم في منصات التواصل الاجتماعي. وغالباً ما يتم إعادة نشرها على نطاق واسع في المواقع الإلكترونية داخل البلاد وخارجها، وأصبح ذلك مزعجاً للحكومة، حسب النائب نفسه، الذي أكد أن مقترح هذا التعديل عرضه رئيس «المجلس الوطني» إبراهيم بوغالي على النواب، قبل أشهر، لكنه لم يلقَ قبولاً، حسبه، فعاود طرحه عن طريق اللجنة البرلمانية للشؤون القانونية والحريات التي ستعرضه بدورها على الجلسة العامة للتصويت. وحينها يتوقع أن يحتدم النقاش حول النص.