«هدنة غزة»: تحركات للوسطاء من أجل تقليص الفجوات

اجتماعات أمنية بالدوحة... وقلق إسرائيلي بشأن «انتفاضة» بالضفة

فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: تحركات للوسطاء من أجل تقليص الفجوات

فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ جديدة للوسطاء لإنهاء الحرب في غزة كان أحدثها اجتماعات بالدوحة تستهدف «تقليص الفجوات» في ظل عمليات عسكرية إسرائيلية تتصاعد من غزة للضفة الغربية، واتهامات متبادلة بين طرفي الأزمة بـ«المماطلة»، وحديث أميركي عن إمكانية إتمام الاتفاق.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن تحركات الوسطاء، مصر وقطر وأميركا، في الدوحة استكمال لجولة القاهرة بهدف «جسر الهوة» ونقل النقاط الرئيسية محل الاتفاق إلى بنود قابلة للتنفيذ.

وعدوا تلك الاجتماعات «مهمة وحاسمة في تقريب وجهات النظر»، مشترطين لنجاح ذلك المسار عدم توسيع العمليات العسكرية بنقلها للضفة الغربية، وتواصل الضغوط الأميركية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

واستكمالاً لجولة القاهرة، اجتمع مفاوضون من إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر في الدوحة، الأربعاء؛ لإجراء محادثات «فنية وعلى مستوى فرق العمل» بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وفق ما أفاد به مصدر مطلع لوكالة «رويترز» للأنباء، وسط مخاوف من «عقبات رئيسية» تهدد المفاوضات، على رأسها تمسك نتنياهو، بالبقاء في «محور فيلادلفيا» الحدودي على خلاف الرغبة المصرية وشروط «حماس» بانسحاب إسرائيلي من القطاع.

دخان يتصاعد من منزل عقب غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (رويترز)

وأفادت «هيئة البث الإسرائيلية» الرسمية، الثلاثاء، بأن وفداً إسرائيلياً سيشارك في محادثات الدوحة، الأربعاء. ونقل موقع «أكسيوس» الأميركي، عن مسؤول إسرائيلي رفيع، أن «الوفد يشمل ممثلين من الموساد والشاباك والجيش، والمحادثات مع الوسطاء بهدف تقليص الفجوات في القضايا العالقة».

كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مسؤول أميركي قوله إن المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في غزة «ستستمر في قطر». وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، في حديث لـ«القناة 12 الإسرائيلية»، الثلاثاء، إن المحادثات «بنّاءة»، متطلعاً إلى «مزيد من المفاوضات بالدوحة في الأيام المقبلة».

ويرى كيربي أن اتفاق الهدنة يتطلب تنازلات من إسرائيل و«حماس»، وأن «الأطراف ما زالت تتواصل، وهذا جيد». ويعتقد أن «انتقال (جولة القاهرة) إلى مستوى آخر مع مجموعات العمل في الدوحة ليس بالأمر السيئ في ظل وجود (حماس)»، لافتاً إلى أن «هذا يعني أن الأمل ما زال قائماً في أن نتمكن من حسم هذه التفاصيل القليلة الأخيرة والمضي قدماً».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، يرى أن «الاجتماعات بدأت حالياً تتحرك في إطار مجموعات عمل لبحث الأطر الفنية بناءً على ما تم التوصل إليه من مبادئ رئيسية في جولة القاهرة، وهذا هو المنهج المتبع في المفاوضات الكبرى»، موضحاً أن هذه الاجتماعات تناقش تفاصيل البند مثل عدد الأسرى وتواريخ الإفراج عنهم... وهكذا في كل ملف.

وانتقال المحادثات من المبادئ الرئيسية إلى التفاصيل الفنية التنفيذية، وفق حجازي، «دليل على أن هناك تقدماً حققته الوفود التفاوضية على مستوى المبادئ (بجولة القاهرة)»، داعياً إلى ترجمة تلك الأطر بشكل تنفيذي لا يؤدي إلى خلافات تزيد العقبات أمام التوصل إلى اتفاق.

في حين يعتقد السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، أن «الوسطاء سيظلون معنيين بتقريب وجهات النظر وسد الفجوات والثغرات»، مضيفاً: «لكن ما زالت الفجوات كبيرة ومتعددة وما زال نتنياهو يصر على عدم الانسحاب من معبر رفح ومن محوري فيلادلفيا ونتساريم ويضع فيتو على أسماء معينة ولا يسمح بتبادلها مع أسراه».

دبابة إسرائيلية تعمل بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

ووسط تلك المحاولات التفاوضية الجديدة في الدوحة، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في جنين وطولكرم بالضفة الغربية هي الأوسع منذ 2002، «ستستمر بضعة أيام».

بينما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، تحذيرات استخباراتية من «تصعيد متوقع في الضفة الغربية، ينطلق من طولكرم، وقد يتطور إلى انتفاضة، ويشمل هجمات بالمتفجرات أو هجوم منظم من الكتائب الفلسطينية في شمال الضفة على المستوطنات أو المزارع الفردية غير المحمية، على غرار ما فعلته (حماس) في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمشاركة عناصر من أجهزة الأمن الفلسطينية». وبالتزامن عدت «حماس» أن تلك العملية الإسرائيلية ما هي إلا «مستنقع جديد سيغرق به جنود الاحتلال المنهزمون في كل جبهات القتال».

وحذر حجازي من تأثير تلك العمليات على المفاوضات، مؤكداً أن «المقاومة مشروعة؛ لكن توقيت تصعيدها الحالي خطأ استراتيجي قد يستغله نتنياهو في فتح مجابهة عسكرية لإقحام الضفة والتنكيل بها على نحو ما حدث في غزة»، داعياً إلى التهدئة «وتفويت الفرصة عليه» وانتظار مآل مفاوضات الهدنة.

ويتفق معه الفرا بأن «ما يجري في الضفة والقدس والمسجد الأقصى يؤثر على سير المفاوضات»، موضحاً أن «الأمر خطير في الضفة الغربية ولا يبتعد كثيراً عما جرى ويجري في غزة»، داعياً واشنطن إلى «ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف الحرب».


مقالات ذات صلة

بايدن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» سيدخل حيز التنفيذ صباح الغد

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» سيدخل حيز التنفيذ صباح الغد

أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم (الثلاثاء) على أن التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان «نبأ سار وبداية جديدة للبنان».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في اشتباكات بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل أحد جنوده، اليوم (الثلاثاء)، في اشتباكات بشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يعقد مؤتمراً صحافياً في ختام اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في فيوجي بوسط إيطاليا في 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب) play-circle 01:03

بلينكن: محادثات اتفاق إطلاق النار في لبنان «في مراحلها الأخيرة»

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، أنّ الجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان «في مراحلها النهائية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

أنهى وزراء خارجية «مجموعة السبع» اجتماعها الذي استمر يومين في فيوجي بإيطاليا، وقد بحثوا خلاله القضايا الساخنة في العالم.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)

إسرائيل تقصف طرق إمداد لـ«حزب الله» في القصير السورية

اختارت إسرائيل وقت الذروة في منطقة القصير عند الحدود مع لبنان، لتعيد قصف المعابر التي سبق أن دمرتها بغارات.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
TT

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)

أثار ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» في مصر تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، امتزج بحالة من الجدل المستمر بشأن القرار، الذي يخشى البعض أن يكون مدخلاً لـ«المصالحة» مع تنظيم «الإخوان»، لا سيما أنه تضمّن أسماء عدد من قياداته.

ورفعت مصر، الأحد الماضي، أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية»، بعد تحريات أمنية أسفرت عن «توقف المذكورين عن القيام بأي أنشطة غير مشروعة ضد الدولة أو مؤسساتها»، مع «الاستمرار في مراجعة موقف بقية المدرجين في القوائم لرفع أسماء مَن يثبت توقفه عن أنشطة ضد الدولة».

وعقب البيان الذي أصدرته النيابة المصرية، أشارت قناة «إكسترا نيوز» المصرية إلى أن «القرار جاء استجابةً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي». ونقلت عنه تأكيده أنه «حريص على أبنائه، ويفتح لهم صفحةً جديدةً للانخراط في المجتمع، كمواطنين صالحين يحافظون على بلدهم، ويعيشون في أمان على أرضها».

ورحَّب الأزهر بالقرار، وأكد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في بيان على «إكس»، ترحيبه العميق «بتوجيهات الرئيس السيسي التي مهَّدت الطريق لإعطاء الفرصة لهم لبدء صفحة جديدة للعيش بصورة طبيعيَّة في وطنهم ولمِّ شمل أسرهم».

وأثار ترحيب الأزهر ردود فعل عدة على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد عدّ الترحيب «خطوةً في صالح المجتمع»، ومعارضٍ انتقد تعليق الأزهر، بصفته مؤسسةً تعليميةً دينيةً، على أمور سياسية، في حين ذهب البعض إلى حد اتهام بعض قادة الأزهر بـ«دعم الإخوان».

وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليق من مصادر مسؤولة بالأزهر، لكن لم يتسنَّ لها ذلك.

وبينما رفض أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، الانتقادات الموجَّهة للأزهر؛ بسبب ترحيبه بالقرار، أرجع حالة الجدل إلى «غياب ونقص المعلومات بشأن أسباب صدور القرار ومعناه، لا سيما أن بعض مَن وردت أسماؤهم في القرار لا يزالون في السجون».

وأكد السيد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار خطوة جيدة واستجابة لحكم محكمة النقض»، مشيراً إلى أن «تضمينه أسماء عدد من قيادات الإخوان يثير تساؤلات بشأن نية الدولة للمصالحة، وهي تساؤلات من الصعب الإجابة عنها في ظل نقص المعلومات».

ووفقاً لما نشرته وسائل إعلام محلية، فإن قرار الاستبعاد تضمّن أشخاصاً يُحاكَمون على «ذمة قضايا أخرى»، من بينهم وجدي غنيم، وإن القرار متعلق بقضية واحدة فقط؛ وهي القضية المعروفة إعلامياً باسم «تمويل جماعة الإخوان».

وتعود القضية إلى عام 2014، وأُدرج بموجبها 1526 شخصاً على «قوائم الإرهاب»، عام 2018 لمدة 5 سنوات. وفي 18 مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية بإلغاء حكم «جنايات القاهرة» بتمديد إدراج هؤلاء على «قوائم الإرهاب» لمدة 5 سنوات أخرى، لأن قرار التمديد «لم يُبيِّن بوضوح الوقائع والأفعال التي ارتكبها كل منهم».

وعدّت رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان» السفيرة مشيرة خطاب، قرار الاستبعاد «خطوةً إيجابيةً»، مشيرة إلى أنه «جاء بعد دراسة متأنية من الجهات القانونية المختصة، ولم يكن عشوائياً». وأكدت أن «هناك دستوراً للبلاد، ولا يمكن بأي حال من الأحوال خرقه أو تجاوزه».

وأشارت خطاب، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة تأهيل المستبعدين من قوائم الإرهاب، كونهم تعرَّضوا لضغوط نفسية واجتماعية، ما يتطلب العمل على إعادة دمجهم في المجتمع». وقالت: «برامج التأهيل لا بد أن توضع بعناية بمشاركة عدد من الجهات المعنية، وبعد دراسة القوائم، وخلفية المدرجين عليها، ومواقعهم، والأدوار التي قاموا بها».

ويتعرَّض كل مَن يتم إدراجه على «قوائم الإرهابيين» لتجميد الأموال وحظر التصرف في الممتلكات، والمنع من السفر، وفقاً لقانون «الكيانات الإرهابية» الذي أصدره الرئيس المصري عام 2015.

بدوره، قال الخبير بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، لـ«الشرق الأوسط» إن القرار «خطوة على طريق التسامح والعدالة الانتقالية»، رافضاً حالة الجدل الدائرة بشأنه، ومتهماً منتقدي القرار بأنهم «يسعون لإبقاء الأوضاع مشتعلةً في البلاد».

وأثار قرار الاستبعاد جدلاً وانتقادات إعلامية، وعلى منصات التواصل الاجتماعي. وقال الإعلامي المصري أحمد موسى، في منشور عبر حسابه على «إكس»، إن موقفه «واضح ودون مواربة... لا أمان ولا عهد للإخوان، ولن نتسامح معهم».

وأعرب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من أن يدفع القرار نحو «المصالحة» مع تنظيم «الإخوان». وانتقدت الإعلامية لميس الحديدي، القرار، وقالت عبر «إكس»: «نريد أن نفهم ماذا يعني توجه الدولة لمراجعة القوائم ولماذا الآن؟ هل هناك ضغوط دولية لإبرام مصالحة مع الإخوان مثلاً؟».

لكن عضو مجلس النواب محمود بدر، نفى الاتجاه للمصالحة. وقال، عبر «إكس»: «السيسي هو الضمان الأكبر، وربما الوحيد لرفض المصالحة مع الإخوان»، مؤكداً سعادته بـ«ردود الفعل ورفض الناس فكرة المصالحة».

وقال الإعلامي المصري عمرو أديب، في برنامج «الحكاية» على فضائية «إم بي سي»، مساء الاثنين، إن «التفاعل مع القرار أحدث استفتاءً شعبياً بأن 99.9 في المائة من المصريين ضد الإخوان».

ورداً على تلك الانتقادات، قالت خطاب: «الشعب عانى كثيراً من الإخوان، وتعرَّض لمآسٍ، لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نخرق القانون... والعقاب لن يستمر مدى الحياة». وأضافت: «مسؤولية الدولة هي إصلاح مَن فسد، والأجدى للمجتمع محاولة إصلاح وتأهيل مَن غرَّر به بدلاً مِن السعي للانتقام ضمن دائرة مفتوحة لا تنتهي».

وعكست الانتقادات حالة من الاحتقان الشعبي، «نبهت إلى دور الإعلام والمؤسسات الدينية في نشر المعلومات لإزالة الشقاق على أساس احترام الدستور والقانون»، بحسب رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان».