فرق الطوارئ تكابد لتوصيل مساعدات للناجين بعد انهيار سد في السودان

TT

فرق الطوارئ تكابد لتوصيل مساعدات للناجين بعد انهيار سد في السودان

تعمل حفارة واحدة على نقل الناس والطعام بين مياه الفيضانات في أربعات (رويترز)
تعمل حفارة واحدة على نقل الناس والطعام بين مياه الفيضانات في أربعات (رويترز)

تسابق فرق الطوارئ الزمن اليوم الثلاثاء لمعرفة عدد مفقودي الفيضانات الناجمة عن انهيار سد في شرق السودان في أسوأ حلقة من سلسلة من الفيضانات التي اجتاحت البلد المنكوب بالفعل بحرب مستمرة منذ 500 يوم.

ووفقا لـ«رويترز»، أودى انهيار سد أربعات يوم الأحد بحياة 30 شخصا وربما عشرات آخرين، إذ تسبب في أحدث فيضان في السودان خلال موسم الأمطار الذي جاء أقوى هذا العام وجاء مبكرا في بعض المناطق عن السنوات الماضية.

ويعاني السودان المنكوب بالحرب بالفعل من أكبر أزمات الجوع والنزوح في العالم، كما أعاقت الفيضانات تسليم المساعدات التي تعطلت بالفعل بسبب الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية.

وقال محمد عثمان، زعيم إحدى القرى التي غمرتها الفيضانات: «حتى قبل انفجار السد، كان الناس محاصرين بسبب الفيضانات وغير قادرين على الحصول على أي شيء من بورتسودان. المساعدات التي تأتي الآن لا يمكنها الوصول إلى الناس».

وأضاف: «الأطفال جائعون والطرق مسدودة».

وتعمل حفارة واحدة على نقل الناس والطعام بين مياه الفيضانات في أربعات.

ونزح نحو 118 ألف شخص وتضرر أكثر من 300 ألف في أنحاء السودان، حيث دمرت الفيضانات المنازل ونشرت الأمراض بما في ذلك الكوليرا.

وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية ينس لايركه: «لا نعرف عدد الذين لا يزالون في عداد المفقودين (في أربعات). من الصعب للغاية الحصول على معلومات من هناك».

وفي إقليم دارفور، أعاقت الفيضانات تسليم المواد الغذائية، بما في ذلك أول شحنة من الإمدادات من برنامج الأغذية العالمي إلى بلدة كرينيك المهددة بالمجاعة منذ إعادة فتح معبر أدري الحدودي أمام فرق المساعدات الإنسانية.

وقال أحد المتطوعين المحليين إن الأمطار دمرت الجسر المؤدي إلى البلدة، حيث يعيش آلاف النازحين على القليل من الطعام.

وقال برنامج الأغذية العالمي يوم الأحد إن أولى الشحنات منذ منتصف يوليو (تموز) تمكنت من الوصول عبر معبر الطينة الحدودي إلى شمال دارفور بعد أن توقفت بسبب الفيضانات هناك.

وفي طوكر بولاية البحر الأحمر، نزحت ما لا يقل عن 500 أسرة حتى يوم الأحد، حيث يخوض الناس في أنهار من الفيضانات بين المنازل المتضررة.

وهطلت أمطار غزيرة خلال الليل في عدة مناطق من شمال السودان، وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي انهيار أسقف ومياها تغمر أحياء على الرغم من عدم وجود معلومات رسمية تذكر بشأن الخسائر هناك.


مقالات ذات صلة

أميركا تدعو الطرفين المتحاربين في السودان لكبح جماح الانتهاكات

شمال افريقيا أصحاب عربات تشاديون ينقلون متعلقات سودانيين فرّوا من الصراع في منطقة دارفور بالسودان أثناء عبورهم الحدود بين السودان وتشاد في أدري... تشاد 4 أغسطس 2023 (رويترز)

أميركا تدعو الطرفين المتحاربين في السودان لكبح جماح الانتهاكات

دعا المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو، الثلاثاء، الطرفَين المتحاربَين في البلاد إلى فرض مدوّنة سلوك؛ للحدّ من الانتهاكات الواسعة النطاق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا يافعون سودانيون (الثلاثاء) في مدينة أم درمان بالعاصمة الخرطوم (د.ب.أ)

حرب السودان تبلغ يومها الـ500 وتوقع آلاف الضحايا

انقضت 500 يوم على السودانيين وهم يكابدون إحدى «أسوأ الأزمات الإنسانية» في العالم، فالحرب التي تأكل أبناء الوطن الواحد لا يبدو لنهايتها أي أفق.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيون يمشون الثلاثاء بمحافظة مروي الشمالية وسط مياه الأمطار المتراكمة (أ.ف.ب)

أمطار «غير مسبوقة» تداهم شمال السودان

اجتاحت سيول مدمّرة، الثلاثاء، عشرات المدن والبلدات في شمال السودان، بعد هطول أمطار «غير مسبوقة» هي الأعلى التي تسجَّل في الولاية الشمالية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا أشخاص يسيرون على طول شارع يحمل آثار الدمار في أم درمان... السودان 27 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

20 قتيلاً في الفاشر جراء قصف مدفعي لـ«الدعم السريع»

قُتل 20 شخصا في قصف مدفعي لـ«قوات الدعم السريع» طال مخيما للنازحين في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بغرب السودان، بحسب ما أفادت لجان محلية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا إحدى القرى التي غمرتها مياه الفيضانات في طوكر (مواقع التواصل)

سيول جديدة تدمر مدينة في شرق السودان وتخلف قتلى ومئات المفقودين

تبعد طوكر نحو 250 كيلومتراً من مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، ويقطنها أكثر من 170 ألف نسمة، وظلت تعاني لفترات طويلة من الإهمال الحكومي المركزي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

من ينتصر في معركة «لي الذراع» بين شرق ليبيا وغربها؟

حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)
حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)
TT

من ينتصر في معركة «لي الذراع» بين شرق ليبيا وغربها؟

حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)
حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)

بدأت نذر معركة «النفط» مقابل «المركزي» تدور رحاها سريعاً، بين السلطتين التنفيذيتين في كل من غرب ليبيا وشرقها، وسط استياء مجتمعي واسع من استخدام «مقدرات الشعب» ورقة ضغط سياسي.

وأغلقت سلطات بنغازي، ممثلة في حكومة أسامة حمّاد بشرق ليبيا، الحقول والمواني النفطية كافة التي تقع تحت سيطرتها، رداً على تعمّد المجلس الرئاسي تغيير محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، على غير رغبة مجلس النواب.

واجهة المصرف المركزي الليبي (رويترز)

وفتح الصراع الدائر راهناً بين الطرفين الباب حول ما يمكن تسميتها «لعبة عض الأصابع» ضمن معركة «لي الذراع» بين ساسة البلاد المتنفذين، تخوفاً من تعطيل مصادر التمويل المتحصلة من أموال النفط، وسط تساؤلات حول من ينتصر فيها.

وفي ظل حالة الاستقطاب الحادة التي تتصاعد على خلفية الصراع، ينتظر الليبيون لمعرفة ما إذا كانت الأزمة ستُحل بالتحرك الأممي أم تزداد تعقيداً في قادم الأيام، وذلك بالنظر إلى «الأوزان السياسية» لقادة البلاد على الأرض، وخصوصاً بين المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي.

الصديق الكبير (رويترز)

سياسيون ليبيون عدُّوا دعوة المنفي للبرلمان، أمس (الاثنين)، في بيان رسمي، إلى اختيار محافظ جديد للمصرف المركزي في جلسة «قانونية علنية وشفافية»، بالتشاور مع مجلس الدولة، نوعاً من «التراجع عن موقفه السابق».

وكان المجلس الرئاسي قد قرر تعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي، وإعادة هيكلة مجلس إدارته، رداً على إنهاء البرلمان ولاية «الرئاسي» وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة؛ لكن حمّاد الذي يحظى بدعم قائد «الجيش الوطني» سارع بإغلاق النفط.

ويعتقد الكاتب الصحافي الليبي، عيسى عبد القيوم، أن حديث المنفي يشير «بما لا يدع مجالاً للشك إلى أن ما أقدم عليه كان بمثابة محطة لقياس الأوزان، استعداداً للجولة القادمة. تقدم فيها خطوة لم تكن محسوبة بدقة؛ لكنه تراجع اليوم ميلاً إلى الوراء».

المنفي مستقبلاً الكبير في لقاء سابق (المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي الليبي)

وقدّم المنفي ما يشبه «استعطافاً»، وفق رؤية المنتمين لجبهة شرق ليبيا، قائلاً: «نراهن على المسؤولية الوطنية لقيادة المؤسسة العسكرية، لمنع مغامرات إغلاق ما تبقى من النفط الليبي الذي أُغلق نصفه قبل أسابيع».

ويرى عبد القيوم -في تصريح صحافي- أن بيان المنفي «حمل نداء استغاثة للبرلمان، أن يكلف محافظاً لـ(المركزي)؛ واستعطافاً للقيادة العامة أن ترفع حالة (القوة القاهرة) عن حقول النفط».

مع ذلك، يتمسك المنفي بتعيين محافظ ومجلس إدارة جديد للمصرف المركزي، ويعدُّه «قراراً نافذاً»، مؤكداً على «حقه في ممارسة اختصاصاته، وفقاً للاتفاق السياسي حول تعيين كبار الموظفين».

ليبيون انتقدوا استخدام النفط «ورقة ضغط سياسي» (رويترز)

وتقع غالبية الحقول تحت سيطرة «الجيش الوطني»، علماً بأن منطقة الواحات بجنوب غربي ليبيا تعد من أبرز المناطق الغنية بالحقول النفطية في البلاد.

وكان جُل الليبيين يتوقعون هذه الخطوة، لا سيما بعد تلويح عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بذلك، عندما حذَّر الأسبوع الماضي من أن «أي تغيير في منصب محافظ المصرف المركزي قد يؤدي إلى إغلاق منشآت النفط، ووقف تحويل الإيرادات إلى المصرف المركزي».

ومضى صالح حين ذلك في تهديده الذي بات واقعاً؛ حيث قال: «لن نسمح باستمرار ضخ إيرادات الثروة الليبية لأشخاص جاؤوا بطريقة مشبوهة، وأيدٍ غير أمينة».

رئيس مجلس النواب حذَّر من أن أي تغيير في منصب محافظ المصرف المركزي قد يؤدي لإغلاق منشآت النفط (المكتب الإعلامي لعقيلة)

وقبيل توجيه حمّاد إلى إغلاق النفط، أقدم محتجون على إقفال حقل «الشرارة» الذي تشغله شركة «ريبسول» الإسبانية، وذلك بإيعاز من اللواء صدام حفتر، حسب وسائل إعلام محلية، رداً على إصدار مذكرة قبض بحقه، أثناء عودته إلى ليبيا من العاصمة الإيطالية روما.

ومن غير أموال النفط الذي يُوصف بـ«قوت الليبيين»، والذي يُشكّل 98 في المائة من موارد البلاد، فإن السلطة التنفيذية في طرابلس، ممثلة في «الرئاسي» و«الوحدة»، تعد «منزوعة الأظافر»، إذ إنها تستمد قوتها ونفوذها من عوائد النفط التي تعتمدها لبقية مؤسسات الدولة، ومن بينها حماية العاصمة.

وتظهر بيانات ديوان المحاسبة الليبي، أن النصف الأول من السنة المالية 2024 سجَّل إجمالاً للموارد النفطية ما يزيد على 44 مليار دينار، موزعة على إيرادات النفط والغاز والمشتقات النفطية. والدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية.

وتسبب إغلاق حقل «الشرارة» الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 300 ألف برميل يومياً، في خسارة ليبيا حتى الآن 3.5 مليار دينار ليبي، حسب تصريحات صحافية لنقيب قطاع النفط، سالم الرميح.

وأمام تعهد محافظ المصرف المركزي المكلف مؤقتاً من المجلس الرئاسي، عبد الفتاح غفار، بأن رواتب الموظفين سيتم صرفها في مواعيدها، أشار إلى أنهم على استعداد لتسليم مهامهم لأي مجلس إدارة جديد متوافق عليه.

غير أن المصرف المركزي، برئاسة الكبير، قد حذَّر عبر موقعه الإلكتروني من تعطيل عمل المصرف، وعدم تمكينه من تنفيذ راتب شهر أغسطس (آب)، وفتح وتغطية الاعتمادات المستندية والحوالات الشخصية، وقال إن اقتحام المصرف لليوم الثاني يعرض أصوله وحساباته ومنظوماته وعلاقاته الخارجية وسمعته للخطر.

ويعتقد مراقبون ليبيون أن «من يمتلك مفاتيح حقول النفط، قادر على تحريك دفة الأزمة السياسية»، لذا يشيرون إلى أن لجوء معسكر حفتر إلى تعطيل إنتاج النفط، بقدر ما يُلحق ضرراً بالبلاد في المنظور القريب، فإنه «يسرّع من تحريك المياه الراكدة على المسار السياسي، ويزيد من لي ذراع خصومه».

الكبير بدوره برر لنظرية «لي الذارع» في خطاب إلى المبعوث الأميركي إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، تم تسريبه، ونشرته صفحات شخصيات ليبية؛ حيث تعهد الكبير بأن إغلاق حقول ومواني النفط «بحكم التجارب السابقة، لن يؤثر على الوضع الاقتصادي للبلاد، ويمكن تسيير كافة شؤون ليبيا لمدة طويلة».

وذهب الكبير موضحاً الغرض من الإغلاق قائلاً: «نحن لا نشجع على هذا الإغلاق، إلا أن حدوثه يعد تعبيراً مقبولاً للضغط على المجلس الرئاسي للتراجع عن قراره، حفاظاً على مصالح الدولة الليبية».

وعَدَّ رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي» أسعد زهيو، رسالة الكبير للمبعوث الأممي «مخجلة»، وقال: «لا تنبغي إعادته إلى منصب محافظ المصرف».

وذكَّر زهيو بأن الكبير «سبق واشتكى عشرات المرات من أن إقفال النفط يعمل على تشويه الاقتصاد الوطني، ويسبب عجزاً في الموازنة العامة، وإذا به يتوسل للأميركان حتى لا يحتجوا على وقفه هذه المرة فقط، ليتم الضغط على المجلس الرئاسي، ويعود هو لوظيفته التي شغلها لأربعة عشر عاماً متواصلة».