رئيس الحكومة الإسبانية يبحث في نواكشوط وقف تدفقات الهجرة

فرض تأشيرة عبور على الموريتانيين الذين يتوقفون في مطارات إسبانيا

وزير الداخلية الموريتاني خلال توقيع اتفاق الهجرة مع الجانب الأوروبي في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
وزير الداخلية الموريتاني خلال توقيع اتفاق الهجرة مع الجانب الأوروبي في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

رئيس الحكومة الإسبانية يبحث في نواكشوط وقف تدفقات الهجرة

وزير الداخلية الموريتاني خلال توقيع اتفاق الهجرة مع الجانب الأوروبي في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
وزير الداخلية الموريتاني خلال توقيع اتفاق الهجرة مع الجانب الأوروبي في فبراير الماضي (أ.ف.ب)

يزور رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز العاصمة الموريتانية، نواكشوط، مساء اليوم (الثلاثاء)، في زيارة عمل تستغرق 24 ساعة، يبحث خلالها مع مسؤولي الحكومة الموريتانية سبل تكثيف الجهود والإجراءات، للتصدي لتدفقات المهاجرين غير النظاميين إلى السواحل الإسبانية، عبر الأطلسي.

قوات الأمن تقدم الإسعافات الضرورية لركاب قارب وصل لجزر الكناري بطريقة غير شرعية (أ.ف.ب)

وتشمل جولة سانشيز 3 دول من غرب أفريقيا، تعدها إسبانيا والاتحاد الأوروبي نقطة انطلاق آلاف من المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء الذين يستخدمون زوارق خشبية، بقصد الوصول إلى سواحل أرخبيل جزر الكناري بإسبانيا. ويتعلق الأمر بموريتانيا والسنغال وغامبيا، وهي 3 دول تنطلق منها مراكب مهاجرين من عدة دول أفريقية، كغينيا ومالي وساحل العاج وسيراليون، ونيجيريا وغانا وبوركينا فاسو والنيجر.

وأفادت مصادر دبلوماسية في نواكشوط بأن سانشيز سيعمل على الضغط على حكومات الدول الأفريقية، لتطبيق بنود اتفاقيات محاربة الهجرة غير النظامية، بوصفها أداة للحد من أمواج المهاجرين غير النظاميين الذين يبحرون من سواحل هذه الدول في زوارق خشبية، مستفيدين من ضعف الرقابة، ومن نشاط شبكات إجرامية لتهريب البشر والاتجار بهم؛ لكن أغلب المهاجرين غير النظاميين يموتون غرقاً في رحلتهم المحفوفة بالمخاطر نحو سواحل جزر الكناري.

ووقَّعت موريتانيا وإسبانيا مطلع العام الحالي اتفاقاً لمحاربة الهجرة غير النظامية، يقضي بتشديد الرقابة على السواحل الموريتانية، وتقديم معونات اقتصادية لموريتانيا.

قوات البحرية الإسبانية تعترض قارباً لمهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

وحسب وسائل إعلام إسبانية، و«وكالة الأنباء الألمانية»، فإن هذه الجولة تهدف إلى تعزيز التعاون لمواجهة التحديات الناجمة عن ازدياد الهجرة غير النظامية.

وسيجتمع سانشيز خلال جولته برؤساء الدول الثلاث، بدءاً من الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، مروراً بالرئيس الغامبي أداما بارو، والرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي. وترافقه في الجولة وزيرة الإدماج والهجرة إلما سايز، ووزير الاقتصاد كارلوس كويربو.

وتعد هذه الزيارة هي الثانية لسانشيز إلى موريتانيا خلال 6 أشهر، بعدما زارها في فبراير (شباط) الماضي رفقة رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين؛ حيث تم الإعلان عن مساعدات بقيمة 500 مليون يورو لدعم إدارة الهجرة.

ومن المنتظر أن يؤكد سانشيز للسلطات الموريتانية استمرار دعم إسبانيا في مواجهة التحديات المتعلقة بالهجرة غير النظامية؛ خصوصاً في ظل التوقعات بزيادة الضغط مع اقتراب فصل الخريف.

وتزامناً مع هذه الزيارة، ستبدأ إسبانيا فرض تأشيرة عبور على الموريتانيين الذين يتوقفون في المطارات الإسبانية، بدءاً من يوم غدٍ، الأربعاء.

كما تشمل الجولة زيارة إلى غامبيا، في أول زيارة لرئيس حكومة إسباني لهذا البلد، وسيلتقي سانشيز بالرئيس بارو، كما سيزور أفراد الشرطة الوطنية والحرس المدني الإسبانيين، الموجودين هناك للتعاون في مكافحة الهجرة غير النظامية.

ويختتم سانشيز جولته في السنغال بلقاء رجال الأعمال الإسبان، وتعزيز التعاون في مجال الهجرة الدائرية التي تهدف إلى توظيف العمالة من الدول الأفريقية للعمل مؤقتاً في إسبانيا، ثم العودة إلى بلدانهم.



من ينتصر في معركة «لي الذراع» بين شرق ليبيا وغربها؟

حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)
حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)
TT

من ينتصر في معركة «لي الذراع» بين شرق ليبيا وغربها؟

حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)
حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)

بدأت نذر معركة «النفط» مقابل «المركزي» تدور رحاها سريعاً، بين السلطتين التنفيذيتين في كل من غرب ليبيا وشرقها، وسط استياء مجتمعي واسع من استخدام «مقدرات الشعب» ورقة ضغط سياسي.

وأغلقت سلطات بنغازي، ممثلة في حكومة أسامة حمّاد بشرق ليبيا، الحقول والمواني النفطية كافة التي تقع تحت سيطرتها، رداً على تعمّد المجلس الرئاسي تغيير محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، على غير رغبة مجلس النواب.

واجهة المصرف المركزي الليبي (رويترز)

وفتح الصراع الدائر راهناً بين الطرفين الباب حول ما يمكن تسميتها «لعبة عض الأصابع» ضمن معركة «لي الذراع» بين ساسة البلاد المتنفذين، تخوفاً من تعطيل مصادر التمويل المتحصلة من أموال النفط، وسط تساؤلات حول من ينتصر فيها.

وفي ظل حالة الاستقطاب الحادة التي تتصاعد على خلفية الصراع، ينتظر الليبيون لمعرفة ما إذا كانت الأزمة ستُحل بالتحرك الأممي أم تزداد تعقيداً في قادم الأيام، وذلك بالنظر إلى «الأوزان السياسية» لقادة البلاد على الأرض، وخصوصاً بين المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي.

الصديق الكبير (رويترز)

سياسيون ليبيون عدُّوا دعوة المنفي للبرلمان، أمس (الاثنين)، في بيان رسمي، إلى اختيار محافظ جديد للمصرف المركزي في جلسة «قانونية علنية وشفافية»، بالتشاور مع مجلس الدولة، نوعاً من «التراجع عن موقفه السابق».

وكان المجلس الرئاسي قد قرر تعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي، وإعادة هيكلة مجلس إدارته، رداً على إنهاء البرلمان ولاية «الرئاسي» وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة؛ لكن حمّاد الذي يحظى بدعم قائد «الجيش الوطني» سارع بإغلاق النفط.

ويعتقد الكاتب الصحافي الليبي، عيسى عبد القيوم، أن حديث المنفي يشير «بما لا يدع مجالاً للشك إلى أن ما أقدم عليه كان بمثابة محطة لقياس الأوزان، استعداداً للجولة القادمة. تقدم فيها خطوة لم تكن محسوبة بدقة؛ لكنه تراجع اليوم ميلاً إلى الوراء».

المنفي مستقبلاً الكبير في لقاء سابق (المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي الليبي)

وقدّم المنفي ما يشبه «استعطافاً»، وفق رؤية المنتمين لجبهة شرق ليبيا، قائلاً: «نراهن على المسؤولية الوطنية لقيادة المؤسسة العسكرية، لمنع مغامرات إغلاق ما تبقى من النفط الليبي الذي أُغلق نصفه قبل أسابيع».

ويرى عبد القيوم -في تصريح صحافي- أن بيان المنفي «حمل نداء استغاثة للبرلمان، أن يكلف محافظاً لـ(المركزي)؛ واستعطافاً للقيادة العامة أن ترفع حالة (القوة القاهرة) عن حقول النفط».

مع ذلك، يتمسك المنفي بتعيين محافظ ومجلس إدارة جديد للمصرف المركزي، ويعدُّه «قراراً نافذاً»، مؤكداً على «حقه في ممارسة اختصاصاته، وفقاً للاتفاق السياسي حول تعيين كبار الموظفين».

ليبيون انتقدوا استخدام النفط «ورقة ضغط سياسي» (رويترز)

وتقع غالبية الحقول تحت سيطرة «الجيش الوطني»، علماً بأن منطقة الواحات بجنوب غربي ليبيا تعد من أبرز المناطق الغنية بالحقول النفطية في البلاد.

وكان جُل الليبيين يتوقعون هذه الخطوة، لا سيما بعد تلويح عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بذلك، عندما حذَّر الأسبوع الماضي من أن «أي تغيير في منصب محافظ المصرف المركزي قد يؤدي إلى إغلاق منشآت النفط، ووقف تحويل الإيرادات إلى المصرف المركزي».

ومضى صالح حين ذلك في تهديده الذي بات واقعاً؛ حيث قال: «لن نسمح باستمرار ضخ إيرادات الثروة الليبية لأشخاص جاؤوا بطريقة مشبوهة، وأيدٍ غير أمينة».

رئيس مجلس النواب حذَّر من أن أي تغيير في منصب محافظ المصرف المركزي قد يؤدي لإغلاق منشآت النفط (المكتب الإعلامي لعقيلة)

وقبيل توجيه حمّاد إلى إغلاق النفط، أقدم محتجون على إقفال حقل «الشرارة» الذي تشغله شركة «ريبسول» الإسبانية، وذلك بإيعاز من اللواء صدام حفتر، حسب وسائل إعلام محلية، رداً على إصدار مذكرة قبض بحقه، أثناء عودته إلى ليبيا من العاصمة الإيطالية روما.

ومن غير أموال النفط الذي يُوصف بـ«قوت الليبيين»، والذي يُشكّل 98 في المائة من موارد البلاد، فإن السلطة التنفيذية في طرابلس، ممثلة في «الرئاسي» و«الوحدة»، تعد «منزوعة الأظافر»، إذ إنها تستمد قوتها ونفوذها من عوائد النفط التي تعتمدها لبقية مؤسسات الدولة، ومن بينها حماية العاصمة.

وتظهر بيانات ديوان المحاسبة الليبي، أن النصف الأول من السنة المالية 2024 سجَّل إجمالاً للموارد النفطية ما يزيد على 44 مليار دينار، موزعة على إيرادات النفط والغاز والمشتقات النفطية. والدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية.

وتسبب إغلاق حقل «الشرارة» الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 300 ألف برميل يومياً، في خسارة ليبيا حتى الآن 3.5 مليار دينار ليبي، حسب تصريحات صحافية لنقيب قطاع النفط، سالم الرميح.

وأمام تعهد محافظ المصرف المركزي المكلف مؤقتاً من المجلس الرئاسي، عبد الفتاح غفار، بأن رواتب الموظفين سيتم صرفها في مواعيدها، أشار إلى أنهم على استعداد لتسليم مهامهم لأي مجلس إدارة جديد متوافق عليه.

غير أن المصرف المركزي، برئاسة الكبير، قد حذَّر عبر موقعه الإلكتروني من تعطيل عمل المصرف، وعدم تمكينه من تنفيذ راتب شهر أغسطس (آب)، وفتح وتغطية الاعتمادات المستندية والحوالات الشخصية، وقال إن اقتحام المصرف لليوم الثاني يعرض أصوله وحساباته ومنظوماته وعلاقاته الخارجية وسمعته للخطر.

ويعتقد مراقبون ليبيون أن «من يمتلك مفاتيح حقول النفط، قادر على تحريك دفة الأزمة السياسية»، لذا يشيرون إلى أن لجوء معسكر حفتر إلى تعطيل إنتاج النفط، بقدر ما يُلحق ضرراً بالبلاد في المنظور القريب، فإنه «يسرّع من تحريك المياه الراكدة على المسار السياسي، ويزيد من لي ذراع خصومه».

الكبير بدوره برر لنظرية «لي الذارع» في خطاب إلى المبعوث الأميركي إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، تم تسريبه، ونشرته صفحات شخصيات ليبية؛ حيث تعهد الكبير بأن إغلاق حقول ومواني النفط «بحكم التجارب السابقة، لن يؤثر على الوضع الاقتصادي للبلاد، ويمكن تسيير كافة شؤون ليبيا لمدة طويلة».

وذهب الكبير موضحاً الغرض من الإغلاق قائلاً: «نحن لا نشجع على هذا الإغلاق، إلا أن حدوثه يعد تعبيراً مقبولاً للضغط على المجلس الرئاسي للتراجع عن قراره، حفاظاً على مصالح الدولة الليبية».

وعَدَّ رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي» أسعد زهيو، رسالة الكبير للمبعوث الأممي «مخجلة»، وقال: «لا تنبغي إعادته إلى منصب محافظ المصرف».

وذكَّر زهيو بأن الكبير «سبق واشتكى عشرات المرات من أن إقفال النفط يعمل على تشويه الاقتصاد الوطني، ويسبب عجزاً في الموازنة العامة، وإذا به يتوسل للأميركان حتى لا يحتجوا على وقفه هذه المرة فقط، ليتم الضغط على المجلس الرئاسي، ويعود هو لوظيفته التي شغلها لأربعة عشر عاماً متواصلة».