اتصالات مصرية مع شركات الشحن العالمية لمجابهة توترات البحر الأحمر

في ظل استمرار تراجع عائدات «قناة السويس»

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية (رويترز)
TT

اتصالات مصرية مع شركات الشحن العالمية لمجابهة توترات البحر الأحمر

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية (رويترز)

سعياً لمجابهة تداعيات توترات البحر الأحمر على عائدات قناة السويس المصرية، تواصل القاهرة اتصالاتها مع شركات الشحن العالمية والأطراف الدولية، أملاً في عودة حركة الملاحة بالقناة إلى طبيعتها.

ففي العاصمة اليابانية طوكيو، كانت «التهديدات التي تواجه أمن البحر الأحمر وسلامة الملاحة الدولية»، أحد محاور النقاش بين وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، ورئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، الجمعة.

وأكد عبد العاطي أن «استمرار الأزمات دون قدرة المجتمع الدولي على إيجاد حلول لها يؤدي إلى تفاقمها، ما يؤثر على مصالح عدد كبير من الدول، ومن بينها مصر واليابان»، داعياً إلى «تضافر الجهود الدبلوماسية للحيلولة دون تفاقم الأزمات»، وفق إفادة رسمية للمتحدث باسم الخارجية المصرية.

وفي القاهرة، عقد رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، اجتماعاً الخميس، مع «وفد رفيع المستوى» من مجموعة «ميرسك إيه بي موللر» للشحن، كما التقى ربيع ممثلي شركة «سفيتزر»، المتخصصة في مجال القاطرات البحرية.

وأوضح رئيس هيئة قناة السويس أن «التحديات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة البحر الأحمر تفرض ضرورة تفعيل التواصل والتنسيق المشترك مع كل عملاء الهيئة من الخطوط الملاحية والمنظمات الدولية العاملة في مجال النقل البحري، لتقليل تأثير الأوضاع الراهنة على حركة التجارة العالمية وسوق النقل البحرية»، وفق إفادة رسمية لهيئة قناة السويس.

وتصاعدت التوترات بمنطقة البحر الأحمر، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

ودفعت تلك الهجمات شركات شحن عالمية لتغيير مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر، ما كانت له تداعيات على الاقتصاد وحركة التجارة العالمية.

من جانبه، أشار نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة «ميرسك»، والرئيس التنفيذي لمجموعة «إيه بي موللر تيرمينالز»، كيث سفندسن، إلى «أهمية قناة السويس لحركة التجارة العالمية ولسياسات الإبحار الخاصة بمجموعة (ميرسك)». وقال: «إن عودة السفن التابعة للمجموعة للإبحار مرة أخرى عبر قناة السويس أمر حتمي، فور استقرار الأوضاع في المنطقة».

رئيس هيئة قناة السويس خلال لقائه مسؤولي مجموعة «ميرسك» للشحن (هيئة قناة السويس على «فيسبوك»)

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وبلغت إيراداتها العام الماضي 10.3 مليار دولار، وفق الإحصاءات الرسمية. (الدولار الأميركي يساوي 48.78 جنيه في البنوك المصرية). لكن هذه العائدات شهدت تراجعاً في الشهور الأخيرة، بسبب توترات البحر الأحمر؛ إذ انخفضت حصيلة رسوم المرور في قناة السويس بمعدل 7.4 في المائة، لتسجل 5.8 مليار دولار، مقابل 6.2 مليار دولار في الفترة بين يوليو (تموز) الماضي ومارس (آذار) من العام الحالي.

والشهر الماضي، قال رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي: «إن بلاده تخسر ما بين 500 و550 مليون دولار شهرياً، بسبب توترات البحر الأحمر».

وأشار الأمين العام لاتحاد الموانئ البحرية-العربية، اللواء عصام الدين بدوي، إلى «الجهود والاتصالات المكثفة من جانب القائمين على هيئة قناة السويس لتنشيط حركة الملاحة»، واصفاً إياها بأنها «محاولات جيدة»، لكنه أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «استعادة حركة الملاحة في البحر الأحمر مرتبطة بحل سياسي لأزمة غزة». وقال بدوي: «إن مواجهة الأزمة يتطلب تأمين حركة الملاحة في البحر الأحمر، وهو أمر مرتبط بدوره باستقرار الأوضاع السياسية»، لافتاً إلى أن «توترات البحر الأحمر لم تؤثر سلباً على قناة السويس فقط؛ حيث امتد تأثيرها للاقتصاد العالمي كله».

سفينة شحن ترفع العَلم اليوناني رست في ميناء عدن عقب تعرّضها لهجوم في البحر الأحمر مارس الماضي (رويترز)

وشهدت الفترة الماضية اتصالات مصرية مكثفة، مع شركات الشحن، أو قادة المجتمع الدولي لوضع حد لتوترات البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس عن حوافز تسويقية وتخفيضات لتنشيط حركة الملاحة، وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.

وأكد ربيع، خلال لقائه مسؤولي «ميرسك» للشحن، «حرص الهيئة على تعزيز آليات التعاون المشترك، واستثمار العلاقات الاستراتيجية الممتدة لخلق إطار عمل متكامل يمتد ليشمل مجالات عمل جديدة، مثل التعاون في مجال التحول الأخضر وتطوير محطة تداول الحاويات بميناء شرق بورسعيد».

كما أعرب «سفندسن» عن «تطلعه لتعزيز التعاون بين المجموعة وهيئة قناة السويس في مجالات عدة»، مشيراً إلى «قرب انتهاء الأعمال الإنشائية للمرحلة الأولى من محطة (تداول الحاويات 2) بميناء شرق بورسعيد، بطول 955 متراً، والاستعداد لتشغيلها بنهاية الربع الأول من العام المقبل».


مقالات ذات صلة

غالبية الإسرائيليين تتوقع أن يجهض نتنياهو محادثات القاهرة

المشرق العربي العلم الفلسطيني يظهر أمام قسم من الجدار في ممر فيلادلفيا بين مصر وغزة في يوليو 2007 (أ.ب)

غالبية الإسرائيليين تتوقع أن يجهض نتنياهو محادثات القاهرة

أكد غالبية الخبراء الإسرائيليين أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيواصل تخريب مفاوضات القاهرة والسعي لإجهاضها.

نظير مجلي (تل أبيب)
يوميات الشرق الفنان المصري علي الحجار اعتذر إلى جمهوره عن عدم إذاعة حفله (صفحته في «فيسبوك»)

علي الحجار يشكو عدم إذاعة حفله عبر الفضائيات ويعتذر إلى الجمهور

تقدَّم الفنان المصري علي الحجار باعتذار إلى جمهوره عن عدم إذاعة حفله ضمن مهرجان القلعة للموسيقى والغناء الذي أحياه، الأربعاء.

انتصار دردير (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف خلال إحدى جولاته بالمدراس (وزارة التربية والتعليم)

مصر: هل تُسهم زيادة الحوافز المادية للمعلمين في مواجهة «الدروس الخصوصية»؟

أثار قرار الحكومة المصرية بزيادة الحوافر المادية للمعلمين بالمدارس ابتداء من بداية العام الدراسي الجديد، تساؤلات حول مدى تأثيرها في مجابهة «الدروس الخصوصية».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا بدر عبد العاطي خلال مباحثات مع رئيس وزراء اليابان في طوكيو (الخارجية المصرية)

مصر تعوّل على اليابان في دعم السياحة ومشروعات التنمية

تحدث وزير الخارجية والهجرة والمصريين في الخارج، بدر عبد العاطي، عن «الدعم الياباني المستمر للمشروعات التنموية المهمة بمصر، والشراكة في مجال التعليم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال استقبال الوزير محمد عبد اللطيف (وزارة التربية والتعليم المصرية)

«التعليم» المصرية تستعين بالأزهر لتحصين الطلاب ضد «التطرف»

تُعزز وزارة التربية والتعليم المصرية تعاونها مع الأزهر من أجل تحصين الطلاب ضد «التطرف».

أحمد عدلي (القاهرة)

مصر تعوّل على اليابان في دعم السياحة ومشروعات التنمية

بدر عبد العاطي خلال مباحثات مع رئيس وزراء اليابان في طوكيو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال مباحثات مع رئيس وزراء اليابان في طوكيو (الخارجية المصرية)
TT

مصر تعوّل على اليابان في دعم السياحة ومشروعات التنمية

بدر عبد العاطي خلال مباحثات مع رئيس وزراء اليابان في طوكيو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال مباحثات مع رئيس وزراء اليابان في طوكيو (الخارجية المصرية)

تعوّل مصر على اليابان في «دعم السياحة ومشروعات التنمية». وتحدث وزير الخارجية والهجرة والمصريين في الخارج، بدر عبد العاطي، عن «الدعم الياباني المستمر للمشروعات التنموية المهمة بمصر، والشراكة في مجال التعليم»، مؤكداً حرص بلاده على «توسيع مجالات التعاون مع اليابان من خلال إضافة مجالات جديدة كالذكاء الاصطناعي، والحوكمة، والتعاون بين المؤسسات ومراكز البحث لتبادل ونقل الخبرات، فضلاً عن تعزيز السياحة اليابانية الوافدة إلى مصر».

التأكيدات المصرية جاءت خلال لقاء عبد العاطي، الجمعة، رئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا، على هامش زيارة وزير الخارجية والهجرة المصري إلى اليابان للمشاركة في الاجتماع الوزاري لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا (التيكاد).

ووفق إفادة للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية والهجرة، أحمد أبو زيد، فإن الوزير عبد العاطي نقل لرئيس الوزراء تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي وتقديره للدور الذي اضطلع به كيشيدا لترفيع العلاقات بين البلدين لمستوى الشراكة الاستراتيجية.

وزار رئيس وزراء اليابان، مصر في أبريل (نيسان) عام 2023، وتم خلال الزيارة ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية». وقال كيشيدا خلال لقاء عبد العاطي، الجمعة، إن «مصر شريك مهم للغاية بالنسبة لليابان باعتبارها دولة إقليمية كبرى تلعب دوراً محورياً ومهماً في منطقة الشرق الأوسط».

من جانبه، أشار وزير الخارجية والهجرة المصري إلى حرص بلاده على الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية تماشياً مع ترفيع العلاقات السياسية، لافتاً إلى «أهمية تعزيز تدفق الاستثمارات اليابانية إلى السوق المصرية، ونجاح مصر في جذب العديد من الاستثمارات بالرغم من التحديات الاقتصادية الإقليمية والعالمية والأوضاع المتأزمة في محيطها الإقليمي». ودلّل على ذلك بمخرجات مؤتمر الاستثمار المصري - الأوروبي.

جانب من توقيع مذكرة تفاهم بين مصر والاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي (الرئاسة المصرية)

وتوافقت مصر والاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) الماضي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة». وانعقد مؤتمر الاستثمار المصري - الأوروبي في يونيو (حزيران) الماضي. وشهد حضور نحو 632 من أفراد وشركات أوروبية ومؤسسات عالمية، إلى جانب 647 من الأفراد والشركات والجهات الحكومية المصرية، حسب بيانات «مجلس الوزراء المصري».

وأكد عبد العاطي حرص مصر على فتح مجالات جديدة للتعاون الاقتصادي المشترك، وخاصة تلك المتعلقة بالتغير المناخي، معرباً عن تطلعه لقيام الشركات اليابانية بالاستفادة من استراتيجية الهيدروجين الأخضر المصرية التي تم إقرارها خلال أغسطس (آب) الجاري.

وتناولت مباحثات «عبد العاطي - كيشيدا» الجهود المصرية على مختلف المسارات لاستئناف المفاوضات الخاصة بالتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية للفلسطينيين. وبينما شدد عبد العاطي على موقف بلاده الراسخ بـ«رفض سياسات التصعيد والاغتيالات وانتهاك سيادة الدول التي تنتهجها إسرائيل»، أشار كيشيدا إلى أن بلاده «تتابع بقلق عميق تطورات الأوضاع في المنطقة». وترى أن «استمرار التصعيد لن يصب في مصلحة أحد»، معرباً عن تأييد بلاده للجهود المصرية الرامية لخفض التصعيد، مشيراً إلى أن بلاده تعمل بالتوازي على استمرار إيصال المساعدات إلى غزة.

وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء سكرتير عام «رابطة الصداقة البرلمانية اليابانية - المصرية» (الخارجية المصرية)

وفي لقاء آخر لعبد العاطي في طوكيو مع «مجلس الأعمال المصري - الياباني»، شدد على أن مصر تخطو خطوات اقتصادية ثابتة وسريعة على الرغم من الأزمات الاقتصادية العالمية، والتحديات التي فرضتها الاضطرابات الواقعة في محيطها الإقليمي، مما أسفر عن زيادة تنافسية الاقتصاد المصري، وتمكين القطاع الخاص، وحشد مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلاً عن الترويج لمصر باعتبارها مركزاً إقليمياً لسلاسل الإمداد للشركات الأوروبية، ولنقل وتداول الطاقة المتجددة والخضراء.

وتناول عبد العاطي خلال اللقاء نتائج مؤتمر الاستثمار المصري - الأوروبي وما أسفر عنه من نتائج؛ إذ طرح إمكانية النظر في عقد مؤتمر استثماري مصري - ياباني خلال الفترة القادمة.

والاتحاد الأوروبي أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر؛ إذ «بلغت صادرات مصر لدول الاتحاد نحو 11.8 مليار دولار عام 2023، في حين بلغت الواردات نحو 19.4 مليار دولار في العام نفسه»، وفقاً لبيانات «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء» (الدولار الأميركي يساوي 48.78 جنيه في البنوك المصرية). كما بلغ حجم استثمارات الاتحاد الأوروبي في مصر نحو 38 مليار يورو، وتستحوذ دول الاتحاد على نحو 30 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية في السوق المصرية.

في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء سكرتير عام «رابطة الصداقة البرلمانية اليابانية - المصرية»، كانجو يامادا، وعدد من أعضاء الرابطة من الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، أن «ترفيع العلاقات بين مصر واليابان لمستوى الشراكة الاستراتيجية العام الماضي يتطلب تعزيز آليات التعاون والتنسيق في شتى المجالات، بما في ذلك بين السلطات التشريعية في الدولتين»، مبرزاً التهديدات الإقليمية المتلاحقة التي تواجه مصر والمنطقة، مشيراً إلى «حالة انعدام الاستقرار التي تشهدها كل من ليبيا والسودان وقطاع غزة، بالإضافة إلى الاضطرابات في منطقتَي الساحل والقرن الأفريقي، بما يضع أعباءً إضافية على مصر».