عزلت «مديرية» حملة الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، المترشح لولاية ثانية، من صفوفها عضو الحكومة السابق حمزة آل سيد الشيخ، بحجة «ارتكابه خطأً جسيماً؛ لاستخدامه التكليف (يخص تنشيط تجمعات الدعاية) خارج الإطار المحدد له».
وأبعد إبراهيم مراد، مديرُ حملة تبون، أمس الثلاثاء، عضوَ «الثلث الرئاسي» في «مجلس الأمة (الغرفة البرلمانية الثانية)» حالياً وكاتب الدولة للزراعة الصحراوية سابقاً، آل سيد الشيخ، من الفريق المعني بتنظيم التجمعات الدعائية لمصلحة الرئيس المترشح، من دون تقديم تفاصيل أخرى عن أسباب القرار الذي صدر في بيان.
وجاء عزل آل الشيخ بعد 24 ساعة فقط من تعيينه من طرف مراد نفسه، بوصفه أحد أبرز منشطي حملة تبون. وأبدى ناشطون في إدارة حملة الرئيس المترشح تحفظاً عن الخوض في «الخطأ الجسيم»، الذي ارتكبه الوزير الأسبق، علماً بأنه كان من أبرز داعمي تبون خلال كامل ولايته الأولى (2019 - 2024)، ولهذا اختاره ليكون برلمانياً في «الثلث» الذي يمثله في «مجلس الأمة».
ويعدّ إبعاد حمزة آل سيد الشيخ من المحيط القريب للرئيس المترشح أول «حادثة» تشهدها الكتلة السياسية النشطة في حملة تبون، وذلك منذ بدايتها في 15 أغسطس (آب) الحالي، وهي تتكون من عشرات الأحزاب والجمعيات، التي انتشرت في الميدان بكثافة لحشد الأصوات لمصلحته، استعداداً ليوم الانتخاب المقرر في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل.
والمعروف أن مدير الحملة هو في الوقت نفسه وزير الداخلية، وقد وضعه تبون بصفته رئيساً للجمهورية في «إجازة خاصة» خلال فترة الدعاية الانتخابية، التي تستغرق 21 يوماً، على أن يعود إلى مهامه الحكومية في 4 سبتمبر المقبل؛ أي قبل 3 فقط أيام من التصويت. وهذا التصرف من جانب تبون لم يسبقه إليه أي رئيس جزائري ترشح لدورة ثانية.
وفي سياق الحملة، أكد عبد القادر بن قرينة، رئيس «حركة البناء الوطني» وأحد أهم منشطي الدعاية لمصلحة تبون، أمس الثلاثاء، في تجمع بشرق العاصمة، أنه كان وراء عزل 7 وزراء على الأقل، على أساس تقارير رفعها للرئيس تتضمن «شكاوى منهم، يعدّ أصحابها كوادر بالوزارات المعنية ومواطنين عاديين».
وأوضح بن قرينة، وهو وزير سابق، أنه اعتاد «زيارة الرئيس مرة كل شهرين؛ لأنقل له، بناء على طلبه، النقائص والأشياء السلبية التي تجري في البلاد». وقال تحديداً، تحت هتافات ناشطين في حملة تبون: «أكد لي أنه يريد مني أن أحيطه علماً بكل ما هو غير إيجابي من أفواه الناس البسطاء عندما ألتقيهم. وقال لي: يا حاج عبد القادر، أكثر من يوجدون في محيطي المباشر ينقلون لي فقط الأخبار الإيجابية، وأنت تتردد على الأسواق والمقاهي والجنائز، أريد منك أن تبلغني برأي المواطن البسيط فيّ أنا، وفي الوزراء».
وأضاف بن قرينة، وهو يشرح المهمة التي كلفه إياها تبون: «رأيتموني من حين لآخر أهاجم وزيراً من الوزراء... لقد كنت سبباً في تنحية من 7 إلى 8 أعضاء في الطاقم الحكومي (خلال ولاية تبون الأولى)، والله لم أظلمهم؛ لأن مواطنين وكوادر في الوزارات المعنية اشتكوا لي ظلماً لحق بهم من هؤلاء الوزراء»، مشيراً إلى عزل وزيرين للزراعة ووزير لصناعة الدواء، ووزير للبريد، على أساس «ملفات» وضعها هو شخصياً بين يدي تبون.
وتابع بن قرينة: «قبل مدة قصيرة نقلت له مآخذ على بعض الوزراء الحاليين، لكن أكد لي أنه لا يريد إحداث تغيير إلا بعد الانتخابات الرئاسية، إذا جدد الشعب ثقته به، وطلب مني أن أتوقف عن نقل التقارير إليه إلى أن تنتهي الانتخابات». كما تحدث بن قرينة عن «وزير متورط في أخطاء جسيمة»، يحتمل إبعاده، من دون أن يذكر القطاع الذي يشرف عليه.
وتعدّ هذه الطريقة في التسيير شكلاً غير مألوف في المسؤوليات الكبرى بالبلاد، أو على الأقل لم يعلَن عنها أمام الصحافة. وتعكس، وفق مراقبين، انعدام الثقة من جانب الرئيس بمستشاريه وبمساعديه، وبأجهزة الرقابة الحكومية؛ المكلفة دستورياً ووفق قوانين البلاد، إعداد تقارير عن سوء التسيير والفساد.