الطيران الحربي السوداني يشن غارات مكثفة على مدن في دارفور

قتلت وأصابت مدنيين وألحقت أضراراً كبيرة بمستشفى الضعين

من الأضرار التي أصابت مستشفى الضعين (الشرق الأوسط)
من الأضرار التي أصابت مستشفى الضعين (الشرق الأوسط)
TT

الطيران الحربي السوداني يشن غارات مكثفة على مدن في دارفور

من الأضرار التي أصابت مستشفى الضعين (الشرق الأوسط)
من الأضرار التي أصابت مستشفى الضعين (الشرق الأوسط)

شن الطيران الحربي التابع لقوات الجيش السوداني غارات مكثفة على عدد من مناطق البلاد، مستهدفاً أماكن سيطرة «قوات الدعم السريع»، وشملت مدينة الضعين حاضرة ولاية شرق دارفور، ومدينة الطويشة شرقي الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، ومدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة وسط البلاد، وألحقت خسائر كبيرة بالمواطنين المدنيين بين قتيل وجريح، وبالبني التحتية، بما في ذلك مستشفى الضعين المدني، ومدارس لجأ إليها نازحون، ومنازل ومحال المواطنين.

وتناقلت وسائط التواصل الاجتماعي معلومات وصور ومقاطع فيديو، عن الخسائر البشرية والمادية التي سُجّلت جراء الغارات. وقال مواطنون لـ«الشرق الأوسط» عبر الإنترنت الفضائي، إن المناطق التي استهدفها الطيران «لا توجد بها قوات تابعة لـ(قوات الدعم السريع)، وإن عدداً من المواطنين العزل لقوا مصرعهم، وجُرح آخرون كثر، ما أثار موجة غضب عارمة، دفعت الناس للمطالبة بفرض حظر طيران لحمايتهم من الغارات الجوية والقصف المدفعي العشوائي».

من مستشفى الضعين في شرق دارفور (الشرق الأوسط)

ومنذ أسابيع، خلت معظم مناطق التماس بين القوات المسلحة و«قوات الدعم السريع»، من الاشتباكات المباشرة، بينما دأب الجيش على شن غارات جوية على بعض المناطق، بينما استخدمت «قوات الدعم السريع» المدفعية الثقيلة والراجمات، ما أدى لإحداث خسائر بين المدنيين، في أم درمان وعدد من المناطق التي تقع تحت سيطرة الطرفين.

وطالب الناطق باسم وفد تفاوض «قوات الدعم السريع» إلى مباحثات جنيف، محمد المختار، في تصريحات صحافية، بفرض حظر طيران في المناطق التي تسيطر عليها قواته، باعتبار ذلك أولوية لإيصال المساعدات الإنسانية التي يعرقلها القصف الجوي العشوائي، وعدَّ وقف القصف الجوي من النقاط الثلاث التي هي ضمن أجندته لمباحثات جنيف، وتتمثل في: إيصال المساعدات الإنسانية، وهدنة لوقف إطلاق النار، وآلية مراقبة متفق عليها.

ولم يتسنَّ التحقق من أعداد القتلى والجرحى، بسبب انقطاع الاتصالات، واتساع دائرة العملية الحربية الجوية.

وكانت «منظمة العفو الدولية» قد طالبت في يوليو (تموز) الماضي، بفرض حظر تسلح على السودان، يطول كل أنحاء البلاد، وألا يقتصر على دارفور، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1591 عام 2005، ودعت المجتمع الإنساني لتوقيع عريضة للمطالبة بحظر السلاح في السودان، من أجل حماية المدنيين.

ولقي آلاف مصرعهم وجرح عشرات الآلاف، بينما نزح داخلياً أو لجأ إلى بلدان الجوار نحو 16 مليون سوداني، فراراً من الحرب التي دخلت شهرها السادس عشر، وتوسعت خلالها دائرة القتال، لتشمل أكثر من 80 في المائة من مساحة البلاد.

دخان كثيف يتصاعد في مدينة الفاشر بإقليم دارفور إثر معارك سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (د.ب.أ)

والأسبوع الماضي، قالت: «منظمة الهجرة الدولية»، إن شخصاً واحد من بين كل خمسة داخل السودان، نازح داخلياً، بينما فر نحو 2.3 مليون شخص خارج البلاد، هرباً من القتال.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، إن السودان «يشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم، وإن أكثر من 25 مليون شخص من جملة سكانه البالغ عددهم 48 مليون، يعانون من حالة غذائية حرجة، من بينهم 755 ألفاً يتعرضون بشدة لخطر المجاعة».


مقالات ذات صلة

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

شمال افريقيا أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف بلاده مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار في أعقاب مباحثات أجراها في أسمرة مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة أن لجنة من وزارة التعليم المصرية ستزور بعض المدارس الأخرى لمراجعة قرار إغلاقها

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

رحب المسؤول الأممي توم فليتشر الثلاثاء بإعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بالسماح لمنظمات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات بالبلاد

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
TT

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

ألقى «النفوذ الروسي» في ليبيا بظلاله على تقديرات محللين ليبيين بشأن أبعاد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، غير المسبوقة إلى الجنوب الليبي.

ولم تُكشف تفاصيل كافية عن نتائج مباحثات نورلاند مع رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة، الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، في مدينة سبها الجنوبية، في وقت سابق هذا الأسبوع. لكنّ متابعين تحدثوا عن «رمزية» زيارة نورلاند إلى سبها، خصوصاً أنها «الأولى لمسؤول أميركي للمدينة الجنوبية، في ظل أوضاع أمنية مستقرة بعد موجات انفلات أمني سابقة»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا والقائم بالأعمال خلال زيارة لسبها (السفارة الأميركية على إكس)

ويبدو أنه لم تغب «ظلال الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا، ومحاولات احتواء النفوذ الروسي عن زيارة المبعوث الأميركي إلى الجنوب الليبي»، في رأي عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة «جون هوبكنز»، حافظ الغويل، الذي يرى أن «امتداد نفوذ روسيا في الجنوب الليبي ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند»، علماً بأن تسريبات ظهرت منذ مارس (آذار) الماضي تتحدث عن أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ، الواقعة جنوب البلاد.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

ومنذ أقل من عامين أطلقت إدارة بايدن ما يعرف بـ«استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار - الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا»، وتهدف هذه الخطة من بين بنودها إلى «دمج الجنوب الليبي المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع، وتأمين الحدود الجنوبية».

ومع أن نورلاند اكتفى عقب لقاء صدام حفتر بحديث عام عن الدور الحيوي الذي يلعبه جنوب ليبيا في استقرار المنطقة، وحماية سيادة ليبيا، والتغلب على الانقسامات، فإن زيارته حسب الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة طرابلس»: «قد لا تخرج عن سياقات صراع نفوذ مع موسكو، واستكشاف التمدد الروسي في المنطقة».

وكان اللافت أيضاً حديث المبعوث الأميركي عن دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية، عبر «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد»، وهو ما رآه الأطرش في تصريح إلى «الشرق الأوسط» غطاء لحقيقة هذه الزيارة، التي تستهدف موسكو بالأساس، مقللاً من رؤى تستند إلى لقاء سابق جمع بين وزير الداخلية المكلف في غرب البلاد، عماد الطرابلسي وصدام، وهو تصرف أحادي.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى بنغازي (الشرق الأوسط)

في المقابل، ذهب فريق من المحللين إلى الحديث عن مخاوف أميركية شديدة من توسيع ما سموه بالأنشطة الصينية في ليبيا، إذ إن الجنوب الليبي، وفق المحلل السياسي عز الدين عقيل «يمكن أن يكون محطة مهمة بقطع طريق الحرير الصيني، واستخدامه أيضاً بوصفه قاعدة لإزعاج ومواجهة الصينيين بأفريقيا».

ويستند عقيل إلى ما ذُكر بشأن الصين في إحاطة «الدبلوماسية الأميركية جنيفر غافيتو، حيث كان من المقرر تعيينها سفيرة لواشنطن في طرابلس قبل أن تعتذر في صيف هذا العام».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، نبهت غافيتو في بيان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى «النجاحات العميقة» لشركات مرتبطة بالصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا.

وسبق أن حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد «بشروط مغرية للغاية» في عهد رئيس الحكومة الليبية السابق، فتحي باشاغا، وفق المستشار في مؤسسة «أنفرا غلوبال بارتنرز»، جوناثان باس، الذي لفت إلى دعم بكين القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

يُشار إلى أن منطقة الساحل شهدت خلال العامين الأخيرين الإطاحة ببعض الأنظمة الراسخة الموالية لفرنسا، تزامناً مع انخراط روسيا في المنطقة، بوصفها حليفة للأنظمة الجديدة.

اللافت أنه غداة زيارة نورلاند إلى سبها، كان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين خلف عجلة قيادة الشاحنة الروسية «أورال»، محتفياً، في لقطة لا تخلو من الدلالات، بدخولها السوق الليبية، بعد وصولها بالفعل إلى البلاد ضمن المئات منها إلى جانب الشاحنة «أورال».