الجزائريون يتطلعون لـ5 مطالب أساسية بعد انتخابات الرئاسة

انقسام في المجتمع حول «جدوى التصويت إن لم يأت بالتغيير الحقيقي»

عبد المجيد تبون في أول نشاط ميداني في حملة الانتخابات، بقسنطينة كبرى مدن الشرق (حملة المترشح)
عبد المجيد تبون في أول نشاط ميداني في حملة الانتخابات، بقسنطينة كبرى مدن الشرق (حملة المترشح)
TT

الجزائريون يتطلعون لـ5 مطالب أساسية بعد انتخابات الرئاسة

عبد المجيد تبون في أول نشاط ميداني في حملة الانتخابات، بقسنطينة كبرى مدن الشرق (حملة المترشح)
عبد المجيد تبون في أول نشاط ميداني في حملة الانتخابات، بقسنطينة كبرى مدن الشرق (حملة المترشح)

هل ستجيب انتخابات الرئاسة الجزائرية، المقررة في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، عن تطلعات سكان البلاد خصوصاً شبابها الذين يشكلون غالبيتهم، أم ستكون محطة روتينية في أجندة سياسية، يجري فيها وضع الورقة في الصندوق، من دون أن ينعكس ذلك الفعل على عيش المواطنين ومستقبل أولادهم؟

يجتهد المرشحون الثلاثة: الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون، والإسلامي عبد العالي حساني، والمعارض اليساري يوسف أوشيش، منذ بداية حملة الاستحقاق، يوم الخميس الماضي، لاختيار القضايا التي تجلب اهتمام الناخبين، وتشجعهم على التوجه إلى صناديق الاقتراع بكثافة.

المرشح يوسف أوشيش بالبويرة شرق العاصمة (حملة المترشح)

وبرز في خطاباتهم الدعائية 5 مواضيع أساسية: تحسين القدرة الشرائية، وتوفير مناصب الشغل، وتطوير التعليم، وتحسين الخدمة الصحية، وتوفير الأمن بالمناطق التي تستفحل فيها الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات.

بالنسبة للرئيس المترشح، تحقق من هذه المطالب «الشيء الكثير»، خلال ولايته الأولى، ضمن تعهدات بلغ عددها 54، أطلقها في حملة انتخابات 2019. وقد ذكر في بداية حملة الدعاية الانتخابية، أن «بعضاً من هذه التعهدات في طور التنفيذ»، مؤكداً أنه «سينتهي من إنجازها إن فزت بثقة الجزائريين مرة أخرى».

ووفق تبون، فإن أكبر تحدٍّ نجح في تخطيه، هو «إنقاذ الدولة من الانهيار» على أساس أن فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، تميزت بتفشي الفساد إلى درجة الوصول بالبلاد إلى الإفلاس.

القصبة العتيقة حي تاريخي في العاصمة يقصده المترشحون في كل انتخاب (الشرق الأوسط)

أما يوسف أوشيش، الذي يقود حزب «جبهة القوى الاشتراكية»، فوعد برفع منحة الطالب الجامعي ومعاشات المتقاعدين، عاداً هاتين الفئتين من «أكثر الفئات هشاشة في المجتمع». كما تعهد بفرض ضريبة عالية على الأثرياء وأصحاب الشركات والمجموعات الاقتصادية الكبرى، لتحصيل مداخل مالية إضافية للدولة، على أن يجري توجيه جزء مهم منها، حسبه، إلى الصحة والنقل والتعليم لتحسين الخدمات بهذه القطاعات.

ووضع حساني الذي يرأس حزب «حركة مجتمع السلم»، قطاع التعليم على رأس أولوياته، مؤكداً عزمه، على رفع أجور الأساتذة والمعلمين وموظفي القطاع. كما وعد بحل أزمة البطالة التي تضرب آلاف المتخرجين من الجامعة سنوياً. وقال في أحد مهرجاناته الانتخابية، إنه يولي «أهمية كبيرة للاستثمار في الإنسان الجزائري، لجعله محباً لوطنه وفعالاً وإيجابياً».

وقال إن ذلك يبدأ بـ«إدخال إصلاحات عميقة على التعليم بكل مستوياته».

سطيف شرق الجزائر إحدى أكبر المدن من حيث الكثافة السكانية (الشرق الأوسط)

وحول ما يتوقعه الناخبون من المرشحين، يقول شاب متخرج في الجامعة يدعى أمازيغ، التقته «الشرق الأوسط» في بلدة تيشي الساحلية (250 كلم شرق العاصمة): «في انتخابات 2019 سمعت وعوداً من كل المرشحين بإيجاد حل للطلاب الجامعيين العاطلين عن العمل، وكنت يومها متخرجاً حديثا في كلية الهندسة المدنية، وعاطلاً عن العمل. مرت 5 سنوات على الانتخابات، وما زلت عاطلاً عن العمل، وحالياً أشتغل في مطعم أتلقى راتباً ضعيفاً، وقدمت على الهجرة إلى كندا، وأنتظر رداً إيجابياً... لم أعد أثق بالوعود صراحة».

وفي وسط سطيف، التي تبعد نحو 60 كلم عن تيشي، حيث الحرارة شديدة في أيام الصيف، بدأ مناضلو «مجتمع السلم» في جسّ نبض الشارع المحلي، قبل انطلاق الحملة في محاولة لتحديد تطلعات الناخبين.

من شوارع العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

وقال أحد أعضاء كادر حملة المرشح حساني: «انخرطت في الحزب بمناسبة الانتخابات؛ لقناعة لديَّ بأن مرشحه قادر على تحقيق طموحات الشباب؛ فالسيد حساني لم يسبق له أن احتك بتسيير الشأن العام، وذمته نظيفة وهو غير معروف لدى عامة الناس، بحكم أنه كان من الكوادر الذين يشتغلون في الخفاء بالحزب وبفاعلية، وهذه عناصر إيجابية تجعل منه محل ثقة. هذه فكرتي عنه، وسأشرحها طيلة الحملة للناخبين في منطقتي».

وأضاف: «البعض يتحدث عن عدم جدوى الانتخاب، وهذه عدمية لا تحل مشكلاتنا بل تزيدها تعقيداً. ماذا نفعل إذا لم ننتخب؟ كيف نختار رئيساً وبرلماناً ومجلساً بلدياً؟ في رأيي، أن تكون لدينا هيئات ومؤسسات منقوصة المصداقية بمعدلات تصويت ضعيفة، أفضل من عدم وجودها».

وفي وسط العاصمة، تبدو أربعينية صاحبة متجر لبيع الملابس الجاهزة بـ«ساحة الشهداء»، غير مهتمة بمجريات الحملة الانتخابية، وقالت بهذا الخصوص: «أتابع في المساء عندما أدخل البيت نشرات الأخبار حول الانتخابات. صراحة لا أعرف من المرشحين الثلاثة غير تبون، فأنا لا أهتم بالسياسة، ولا أظن أن حالي ستتغير إذا انتخبت أياً منهم، لكن مع ذلك سأنتخب لأنني سمعتهم يقولون، إن طالبي السكن الاجتماعي (تمنحه الدولة مجاناً لأصحاب الدخل الضعيف) لن يكون لهم أي حظ إن لم يُدلوا بأصواتهم في الصندوق. وقد قدمت طلباً بهذا الخصوص للبلدية منذ سنوات، وجرى قبول ملفي مبدئياً».


مقالات ذات صلة

منافس للرئيس التونسي في الانتخابات: لن أكون «مرشحاً ديكوراً»

شمال افريقيا زهير المغزاوي (مواقع التواصل)

منافس للرئيس التونسي في الانتخابات: لن أكون «مرشحاً ديكوراً»

«زهير المغزاوي هو مرشح تونس أخرى ممكنة... ومرشح الأغلبية في الداخل والخارج التي تعاني من المرسوم 54 سيئ الذكر، الذي سلبهم حق المواطنة وحق التعبير والتفكير».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مؤيدون للرئيس تبون (حملة المرشح)

هاجس «الأمن والخطر الأجنبي» يُخيم على الحملة الرئاسية الجزائرية

مدير حملة الرئيس، يقول إن بلاده «مستهدفة»، متحدثاً عن «جهات لا تريد للجزائر الاستقرار، فهي تفتعل أزمات، وبعض الأطراف الداخلية تغذيها»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
أميركا اللاتينية أنصار المعارضة يطالبون بنشر نتائج الانتخابات كاملة في مظاهرة بميامي 17 أغسطس (أ.ف.ب)

فنزويلا: النظام والمعارضة نحو مواجهة مفتوحة

تسبّبت الفوضى السياسية التي طبعت فنزويلا في السنوات الماضية بأزمة معيشية خانقة دفعت بأكثر من ربع السكان إلى مغادرة البلاد الغنية بالنفط.

شوقي الريّس (مدريد)
أميركا اللاتينية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (يسار) وخصمه في الانتخابات إدموندو غونزاليس أوروتيا (راديو فرنسا الدولي)

مادورو: مرشح المعارضة للانتخابات يسعى إلى «الفرار» من فنزويلا

اتهم الرئيس الفنزويلي الذي تطعن المعارضة في إعادة انتخابه لولاية ثالثة، السبت، خصمه في الانتخابات الرئاسية بأنه يسعى إلى «الفرار» من فنزويلا.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
الولايات المتحدة​ كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية 16 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

كامالا هاريس وشهرٌ غيّر كل شيء في الولايات المتحدة

ستكون تسمية كامالا هاريس رسمياً مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية في شيكاغو تتويجاً لشهر حافل بالأحداث في التاريخ السياسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«حميدتي» يتوعد بتبني خيارات جديدة تمنع «جنرالات الجيش من التحكم بمصير السودان»

محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
TT

«حميدتي» يتوعد بتبني خيارات جديدة تمنع «جنرالات الجيش من التحكم بمصير السودان»

محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

توعد قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) بتصعيد جديد يمنع بموجبه «الجيش السوداني من التحكم بمصير السودان»، وبتبني خيارات جديدة - لم يحددها - لمواجهة رفض «جنرالات الجيش» المشاركة في مفاوضات جنيف. وفي الوقت نفسه، دعت الوساطة الدولية المجتمعة في سويسرا، أطراف الحرب، لحماية المدنيين وعمال الإغاثة بشكل عاجل، وكشفت عن مقتل 22 وإصابة 34 من عمال الإغاثة في السودان منذ اندلاع الحرب حتى الآن.

ودخلت المباحثات التي تجري في مدينة جنيف السويسرية الاثنين يومها السادس، من دون نجاح يُذكر، لغياب الجيش السوداني ورفضه المشاركة فيها، ما لم تتم الاستجابة لطلباته، في حين ظل وفد «الدعم السريع» «مرابطاً» هناك بانتظار وصول الوفد النظير.

صورة أرشيفية تظهر عناصر من «قوات الدعم السريع» بالعاصمة السودانية الخرطوم في 18 يونيو 2019 (رويترز)

وإزاء ذلك، هدد «حميدتي» في تغريدة على صفحته بمنصة «إكس»، بعدم السماح لمن أطلق عليهم «مجموعة من الجنرالات المرعوبين الذين هربوا من العاصمة» بالتحكم بمصير السودان، مشيراً إلى «خيارات كثيرة» قال إنه قد «يضطر لتنفيذها متى ما أصبح الأمر ضرورياً».

ويشترط الجيش للمشاركة في المفاوضات، أن يكون تمثيله باسم «الحكومة»، وتنفيذ «إعلان جدة الإنساني» الموقع في 11 مايو (أيار) 2023، بما في ذلك خروج «قوات الدعم السريع» من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين.

ورغم غياب الجيش عن «جنيف»، تواصلت المباحثات التي جاءت بمبادرة أميركية ورعاية سعودية وسويسرية، مع وجود كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، إلى جانب مصر والإمارات العربية المتحدة، وتهدف لوقف إطلاق نار يمكّن من إيصال المساعدات الإنسانية، لكن عدم مشاركة الجيش عقّد الأمر بشكل كبير.

صورة نشرها الموفد الأميركي في «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف (الشرق الأوسط)

وأرسلت الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، الأحد، وفداً رسمياً إلى القاهرة للبحث في كيفية تنفيذ «إعلان جدة الإنساني» الموقع مع «قوات الدعم السريع»، مع المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيريللو، ومصر.

ووصل الوفد إلى القاهرة، من دون أن تخرج معلومات جديدة تتعلق بالمحادثات التي يجريها هناك، وما إن كان سيشارك فيما تبقى من أيام مفاوضات جنيف.

وذكر «حميدتي» في تغريدته على «إكس»: «قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وزمرته يفتقرون إلى أي التزام حقيقي بالتفاوض، أو بالعمل من أجل مستقبل السودان أو تخفيف معاناة شعبه».

ومشيراً إلى قبوله بمبدأ المفاوضات قال: «بينما يوجد وفدنا المفاوض في جنيف برغبة صادقة لإيجاد حل للأزمة السودانية، تركز عصابة بورتسودان بشكل أساسي على الحفاظ على امتيازاتها ومصالحها التاريخية التي لا تنفصل عن مصالح النظام القديم».

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيريللو خلال مؤتمر صحافي في جنيف 12 أغسطس (إ.ب.أ)

وأكد «حميدتي» مجدداً التزامه بالتفاوض «من أجل تحقيق الاستقرار في السودان»، وأنه من أجل ذلك استجاب لكل مبادرات وقف الحرب. وفي الوقت ذاته، دعا المجتمَعين المحلي والدولي لاتخاذ «موقف حاسم» بمواجهة «الاستهتار الذي يبديه قادة المؤسسة العسكرية بمعاناة ملايين السودانيين وبقضية السلام والاستقرار».

وفي بيان مشترك من الولايات المتحدة، وسويسرا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، دعت الوفود المجتمعة في سويسرا بمناسبة «اليوم العالمي للعمل الإنساني»، أطراف الحرب «المروعة» في السودان لحماية المدنيين وعمال الإغاثة.

وقال المجتمعون إنهم بدأوا اجتماعات اليوم السادس بالوقوف دقيقة صمت، تقديراً لـ«اليوم العالمي للعمل الإنساني» ووفاء لعمال الإغاثة الذين سقطوا في خلال العمل، وذلك عبر فتح «الشرايين الرئيسية للغذاء والدواء» لتصل إلى ملايين الأشخاص الذين يعانون الجوع الحاد في السودان.

متطوعون يحملون وجبات غذائية لمخيم نازحين في القضارف شرق السودان في 13 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

وكشف البيان عن مقتل 22 من عمال الإغاثة و34 آخرين سقطوا بين مصاب وجريح، أثناء تأدية واجبهم في السودان، وقطع البيان: «هذا غير مقبول». ودعا بشكل عاجل أطراف «الحرب المروعة» إلى حماية المدنيين وعمال الإغاثة، واحترام التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، التي أعادوا التأكيد عليها في «إعلان جدة الإنساني»، وتعهدوا بالتزام العمل من أجل الإنسانية، ودعوا جميع الأطراف إلى القيام بالمثل.