السودان: مفاوضات جنيف تُستأنف الاثنين... وتفاؤل بحضور الجيش

صورة نشرها الموفد الأميركي في «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف (الشرق الأوسط)
صورة نشرها الموفد الأميركي في «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف (الشرق الأوسط)
TT

السودان: مفاوضات جنيف تُستأنف الاثنين... وتفاؤل بحضور الجيش

صورة نشرها الموفد الأميركي في «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف (الشرق الأوسط)
صورة نشرها الموفد الأميركي في «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف (الشرق الأوسط)

توقفت محادثات جنيف لوقف القتال في السودان، السبت، على أن تُستأنف، الاثنين، بينما تتواصل المساعي الأميركية ومساعي الوسطاء الدوليين والإقليميين لحض القوات المسلحة السودانية على إرسال وفدها إلى طاولة المفاوضات.

وأفادت مصادر مطلعة «الشرق الأوسط»، بأن الوسطاء الأميركيين والسعوديين والمصريين في اتصالات مستمرة مع القوات المسلحة السودانية، على أمل أن تستجيب للمشاركة في المحادثات التي تعد فرصة كبيرة لوقف الحرب في السودان.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)

وعبَّر الوسطاء والمراقبون، ومن بينهم دول غربية مؤثرة، عن ثقتهم بأن تلعب جمهورية مصر العربية الدور الأكبر في التواصل مع قادة «مجلس السيادة» والجيش السوداني، وإقناعهم بالالتحاق بالمفاوضات في أقرب وقت، ورحبوا في الوقت نفسه باستجابة رئيس «مجلس السيادة» السوداني، عبد الفتاح البرهان، للمناشدات الدولية بفتح «معبر أدري» الحدودي مع تشاد لإدخال المساعدات الإنسانية إلى إقليم دارفور، ووصفوا تلك الخطوة بأنها «إيجابية تساعد في إنقاذ أرواح الملايين من السودانيين العالقين في مناطق الاقتتال».

وأبلغ عدد من الوسطاء المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أنهم على معرفة «بالتعقيدات التي يواجهها الطرف الآخر»، أي القوات المسلحة السودانية، إلا أنهم ينتظرون اتخاذ قرار بالانضمام للمحادثات الجارية حالياً في جنيف.

وجدد الجانب الأميركي والوسطاء، التأكيد بشدة على أن محادثات جنيف «مبنية على ما جرى التوصل إليه في منبر جدة».

ووفق المصادر نفسها، فإن ممثلي الدول المشاركة في الوساطة والرقابة أعربوا عن «قلق بالغ» من الأوضاع الإنسانية التي يعيشها السودانيون في ظل الصراع المتواصل منذ أكثر من عام ونصف العام.

ورأوا أن أي استجابة من طرفي القتال بما يضمن فتح مسارات وممرات آمنة لانسياب المساعدات الإنسانية، تعد خطوة مهمة في طريق التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار والأعمال العدائية.

وقالت المصادر نفسها إن المساعي التي تقوم بها بعض الدول المشاركة في جنيف تجري بالتنسيق التام والكامل مع التحركات التي تقوم بها الإدارة الأميركية، في التواصل مع قادة «مجلس السيادة» السوداني، من أجل دفعهم للمشاركة في تلك المحادثات.

وأشارت المصادر إلى أن المفاوضات تسيير ببطء شديد في ظل غياب وفد الجيش السوداني، رغم التفاؤل الذي يسود أروقة جنيف بأن مشاركته هي «مسألة وقت».

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيريللو خلال مؤتمر صحافي بجنيف في 12 أغسطس (إ.ب.أ)

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع» إنه بعد قبول وفدها المشاركة في محادثات جنيف لإنهاء الأعمال العدائية في السودان، صعَّدت القوات المسلحة من غاراتها الجوية ضد المدنيين.

وأضافت، في بيان صحافي للمتحدث باسمها، الفاتح قرشي، «أن الجيش كثف من هجماته المدروسة والوحشية؛ ما أسفر عن فقدان أرواح الأبرياء، وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية في مختلف أنحاء البلاد».

وقالت إن القوات المسلحة السودانية شنت، السبت الماضي، قصفاً جوياً على سنار في الجزء الجنوبي الشرقي، كما قصفت الخرطوم ومناطق في إقليم دارفور، وإن هذه «الهجمات الشنيعة» على المناطق السكنية أدت إلى مقتل المئات من المدنيين، من بينهم نساء وأطفال.

وأكد قرشي أن «قوات الدعم السريع» تظل ملتزمة بكل المبادرات الصادقة لوقف الأعمال العدائية في البلاد.

بدوره، أعرب «المرصد الوطني لحقوق الإنسان» في السودان عن «قلق بالغ إزاء مجازر الطيران الحربي للجيش السوداني» التي يتعرض لها المدنيون في مدن البلاد، وراح ضحيتها أعداد كبيرة من المدنيين.

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري أقيم بمناسبة يوم الجيش في القضارف 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

وقال في بيان: «تابعنا القصف العنيف على السوق المركزية بالخرطوم الذي أدى إلى مقتل العشرات من المواطنين ودمار المحال التجارية».

وأضاف أنه «رغم النداءات المتكررة، فإن طيران القوات المسلحة السودانية ظل يقصف المدن المأهولة بالسكان، وتعد هذه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، على حد قوله.

وحض «المرصد»، الجيش السوداني على «وقف استهداف المدن والقرى بالبراميل المتفجرة».


مقالات ذات صلة

بن فرحان وبلينكن يبحثان تطورات أوضاع غزة والسودان واليمن

الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الشرق الأوسط)

بن فرحان وبلينكن يبحثان تطورات أوضاع غزة والسودان واليمن

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن، التطورات التي تشهدها المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا صورة أرشيفية تظهر عناصر من «قوات الدعم السريع» بالعاصمة السودانية الخرطوم في 18 يونيو 2019 (رويترز)

هل تحكم «قوات الدعم السريع» السودان بسيطرتها على الأرض؟

توعد قادة الجيش بحسم المعركة ضد «قوات الدعم السريع» في غضون ساعات، لكن تقديراتهم للموقف لم تكن سليمة، فاستمرت الحرب، ولا تزال.

أحمد يونس (كمبالا)
العالم العربي مجلس السيادة الانتقالي في السودان يقول إن الحكومة سترسل وفداً إلى القاهرة لإجراء مباحثات بشأن تنفيذ اتفاق جدة (أرشيفية - أ.ف.ب)

السودان يرسل وفداً إلى القاهرة للاجتماع مع وسطاء أميركيين ومصريين

قالت الحكومة السودانية إنها سترسل وفداً إلى القاهرة لإجراء مباحثات مع مسؤولين أميركيين ومصريين، غداً الاثنين، مما يشير إلى إمكان المشاركة في محادثات السلام.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا السفير السعودي لدى السودان علي بن جعفر حسن مع وفد «الدعم السريع» إلى جنيف (الدعم السريع)

وفد «الدعم السريع» يناقش مع الوسطاء استراتيجيات تحقيق السلام

عبَّر وفد «الدعم السريع» عن امتنانه لجهود السعودية الدؤوبة لتعزيز السلام والاستقرار في السودان، ورعاية المفاوضات في منبر جدة، والدعم الكبير للمتضررين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البشير خاض نظامه حروباً لسنوات عديدة في جنوب السودان ودارفور (أ.ف.ب)

السودان: 68 عاماً من الاستقلال... 60 عاماً من الحروب

خاض السودان منذ استقلاله قبل 68 عاماً حروباً داخلية دامت 60 عاماً جنوباً وغرباً وشرقاً، وحالياً في الشمال، لم يستطع الجيش حسم أي منها عسكرياً، وانتهت بالتفاوض.

أحمد يونس (كمبالا)

ليبيا: انتقادات واسعة للدبيبة بعد كشف بنود اتفاق موقّع مع تركيا

مناورات بحرية تركية سابقة أمام سواحل ليبيا (وزارة الدفاع التركية)
مناورات بحرية تركية سابقة أمام سواحل ليبيا (وزارة الدفاع التركية)
TT

ليبيا: انتقادات واسعة للدبيبة بعد كشف بنود اتفاق موقّع مع تركيا

مناورات بحرية تركية سابقة أمام سواحل ليبيا (وزارة الدفاع التركية)
مناورات بحرية تركية سابقة أمام سواحل ليبيا (وزارة الدفاع التركية)

تصاعدت حدة الانتقادات الموجهة لرئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، عقب الكشف عن بنود «مذكرة تفاهم» جرى توقيعها مع تركيا في مارس (آذار) الماضي.

وكشفت وسائل إعلام تركية عن بنود المذكرة الموقعة قبل قرابة 6 أشهر بين الدبيبة وأنقرة، تتعلق بوضعية القوات التركية في ليبيا، مشيرة إلى أن الرئيس رجب طيب إردوغان، تقدم بها إلى البرلمان في 12 أغسطس (آب) الحالي.

وتتكون المذكرة من 24 بنداً، وتتمحور حول «مزايا واسعة ممنوحة، وحصانة قانونية» للقوات التركية في غرب ليبيا، وصفها ليبيون بأنها «إذعان كامل» لأنقرة، من بينها، أن «أي جرائم يرتكبها أفراد عسكريون أتراك في أثناء أداء واجباتهم الرسمية ستخضع للقانون التركي، وإذا ارتكبوا أي جرائم - خارج الواجب تخضع للقوانين الليبية أو تطبق العقوبات المتفق عليها في تشريعات كلتا الدولتين».

وفور تداول بنود المذكرة، تصاعدت الانتقادات التي وجهت للدبيبة، ووصفها البعض بــ«اتفاقية الخزي والعار»، بينما عدّها المحلل السياسي الليببي العربي الورفلي، كفيلة «بإشعال المدن الليبية ضد الاستعمار التركي».

من لقاء سابق بين إردوغان والدبيبة (حكومة الوحدة)

وتضمنت بنود الاتفاقية، «التزام حكومة غرب ليبيا بتغطية احتياجات الوقود واللوجيستيات الأخرى لجميع مركبات القوات التركية مجاناً»، و«يحق للقوات التركية توقيع عقود مع مقاولين في ليبيا لتوفير البضائع؛ وفي حال عدم تأمينها محلياً يجري التعاقد مع مقاولين خارجيين، وتتكفل الحكومة الليبية بالمصاريف».

ويعتقد المحلل السياسي أحمد أبو عرقوب، أن بنود الاتفاقية «تجعل من ليبيا قاعدة عسكرية لتركيا، كما أنها تتيح للأخيرة الوصول إلى المجال الجوي والبحري الليبي من دون قيود؛ وهذا الأمر قد يتسبب في ارتفاع مستوى التوتر الإقليمي».

ويرى أبوعرقوب في حديث إلى «الشرق الأوسط» أنه «في حال جرى اعتماد هذه الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ؛ فهذا يعني أن ليبيا أصبحت رسمياً تحت الاحتلال التركي؛ بل مطالبة أيضاً بدفع ثمن الاحتلال أيضاً».

رئيس أركان الجيش التركي الجنرال متين غوراك على سفينة حربية تركية بميناء مصراتة الليبي (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

وسبق أن أبدت أطراف سياسية امتعاضها من المذكرة، وسط صمت حكومة «الوحدة الوطنية» على ما يجري تداوله من تقارير بشأنها. وعدّ متابعون كثيرون الاتفاقية «تمس سيادة ليبيا وتهدد أمنها القومي»، وطالبوا بالتحقيق فيما تضمنته من بنود.

وقال رئيس «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» بليبيا أحمد عبد الحكيم حمزة، إن بنود مذكرة التفاهم بمثابة اتفاقية «إذعان وإذلال»، معتقداً أنه «لو أن دولة احتلت دولة أخرى بالقوة لكانت أرحم بها كثيراً من هذه الاشتراطات المهينة».

وبين تركيا وسلطات غرب ليبيا علاقات تعاون واسعة ممتدة منذ مساندة أنقرة طرابلس عسكرياً في الحرب التي سبق أن شنتها قوات «الجيش الوطني» على العاصمة في أبريل (نسيان) 2019.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، قالت وزارة الدفاع التركية، عبر حسابها الرسمي في «إكس»،إن الفرقاطة «تي جي جي كمال رئيس»، المشاركة في عملية لمجموعة المهام البحرية التركية، نفذت تدريبات على هبوط وإقلاع المروحيات وإطلاق النار قبالة السواحل الليبية، بموجب مذكرات التفاهم والاتفاقات الموقعة مع حكومتي «الوفاق الوطني» السابقة برئاسة فائز السراج، و«الوحدة الوطنية» (المؤقتة) الحالية برئاسة الدبيبة.

ويرى الأكاديمي الليبي عقيلة دلهوم، في تصريح صحافي، أن هذه الاتفاقية «المخزية» ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة «سلسلة من الأخطاء الكارثية التي يتحمل مسؤوليتها عدد من الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي الليبي».

وقال دلهوم: «يبدو واضحاً أن الطريق نحو التبعية في اتفاقية أمنية لهيمنة عثمانية لها أسبابها المؤسفة»، ويرجع ذلك إلى أن ليبيا «تتأرجح اليوم بين الغباء السياسي والخوف الذي دفع إلى توقيع اتفاقية أمنية مع تركيا، والتي ستجعل طرابلس في الواقع ولاية عثمانية».

وفي مطلع مارس (آذار) الماضي، أعلنت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، أن رئيسها وقّع «بصفته وزيراً للدفاع في حكومته مذكرة تفاهم عسكرية مع وزير الدفاع التركي ياشار غولر».

من مباحثات بين الدبيبة ورئيس الأركان التركي (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

وجرى التوقيع خلال زيارة للدبيبة إلى مدينة أنطاليا جنوب تركيا للمشاركة في اجتماعات الدورة الثالثة لأعمال «منتدى أنطاليا الدبلوماسي» بدعوة من الرئيس التركي. وأوضحت الحكومة أن توقيع هذه المذكرة يندرج ضمن «متابعة التعاون العسكري بين ليبيا وتركيا» الذي بدأ بتوقيع اتفاقيتين أمنية وبحرية مع حكومة «الوفاق الوطني» الليبية السابقة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.

كما تضمنت بنود المذكرة، «دفع ليبيا تكاليف أي عقود وعمليات شراء من قبل القوات التركية للوفاء بمهامها». وصلاحية المذكرة 3 سنوات من دخولها حيز التنفيذ، وتمدد تلقائياً لسنة واحدة ما لم يرغب أحد الأطراف بإنهائها.

وبينما رفضت حكومة «الوحدة الوطنية» التعقيب على ما تضمنته المذكرة من بنود، قال مصدر مقرب منها لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «جملة من المغالطات المتعلقة ببنود الاتفاقية»، من دون مزيد من التوضيح.