تعقّدت الأزمة السياسية في ليبيا، عقب إعلان مجلس النواب إنهاء ولايتَي المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الأمر الذي دفع متابعين للتساؤل عن أسباب الخلاف، الذي نشأ على وجه الخصوص بين «الرئاسي» والبرلمان.
بداية، يرى رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني» الليبي، أسعد زهيو، أن علاقة البرلمان بالمجلس الرئاسي شابها منذ البداية ما يمكن وصفه بـ«بالتوتر الخامل»، و«هو ما تُرجم فعلياً بمحدودية اللقاءات والتواصل بينهما».
وتطرق زهيو في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى جانب من تاريخ تلك العلاقة المتوترة بين المجلسين «بداية من اعتياد البرلمان النظر للمجلس الرئاسي على أنه طرف محسوب على حكومة الدبيبة، ليس لكونه شريكها في السلطة فقط، وإنما لعدم وجود مناكفات تذكر بينهما»، مرجعاً السبب الرئيسي الذي فاقم التوتر إلى قرار رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، إنشاء «مفوضية للاستفتاء والاستعلام الوطني»، وهو الإجراء الذي رفضه البرلمان، وعدّه «باطلاً»، بل وعدّه «تجاوزاً» لصلاحيات المجلس الرئاسي المنصوص عليها في «اتفاق جنيف».
وأشار زهيو لما تردد من أحاديث حول أن «المهمة الأولى لتلك المفوضية ستكون إجراء استفتاء لحل مجلس النواب، أو استفتاء على مشروع الدستور المؤجل منذ عام 2017»، مرجّحاً أن تكون تلك الأحاديث «رغم عدم وجود أي دليل على صحتها قد سببت إزعاجاً للبرلمان».
وترى بعض الأوساط الليبية أن التوجه لإجراء الاستفتاء على مشروع الدستور يتعارض مع توجهات البرلمان، الذي يعلن دائماً جاهزية إجراء الانتخابات، وأن الأمر مرهون بتشكيل حكومة موحدة لعدم إمكانية إجرائها في ظل وجود حكومتين.
وكانت القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» قد رحّبت بقرار منح صفة وصلاحيات القائد الأعلى للجيش لرئيس مجلس النواب.
عضو المجلس الرئاسي، موسى الكوني، علق على قرار البرلمان بالتأكيد على أن صفة «القائد الأعلى للجيش رمزية؛ وهي مُنحت للمجلس الرئاسي لمنع الحرب»، مشيراً إلى أن عدم استخدام صلاحيات هذا المنصب يعود لإدراك مجلسه «أن قوات الشرق الليبي لن تأتمر بأوامره، وفي الغرب هناك مجموعات تحكمها أهواء».
من جانبه، يرى المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، أن ما دفع للصدام بين المجلس الرئاسي والبرلمان، هو «ما تناقلته تقارير محلية حول إصدار المجلس الرئاسي قراراً بإقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير».
ويعتقد فركاش في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن عدداً من الأوساط الليبية باتت تصنف الكبير حليفاً للبرلمان، ويدعم توجهات الأخير في إزاحة حكومة الدبيبة عبر فرض حصار مالي عليها. وقال بهذا الخصوص: «ربما عمّقت مثل هذه التقارير النظرة الأساسية لدى البرلمان بأن المجلس الرئاسي مصطف مع حكومة الدبيبة وليس طرفاً محايداً، بالإضافة لقرار (الرئاسي) تأسيس مفوضية الاستفتاء».
بالمقابل، أكد عضو مجلس النواب الليبي، عصام الجهاني، أن تغير موقف مجلسه من «الرئاسي» يرجع لتكرار سعي الأخير «لتجاوز صلاحياته». وقال الجهاني لـ«الشرق الأوسط»: «لا صحة لما طرحه البعض حول انزعاج البرلمان من قيام المجلس الرئاسي بتأسيس مفوضية استفتاء،» مضيفاً أن هذا الإجراء «مخالف لصلاحيات هذا المجلس، بل يعدّ اعتداء على صلاحيات البرلمان بصفته سلطة تشريعية».
ووجه الجهاني انتقادات للمجلس الرئاسي، قائلاً: «إنه يكلف ميزانية الدولة كثيراً من النفقات دون طائل، كما أنه لم ينجز شيئاً في ملف المصالحة الوطنية، الذي يضطلع به المجلس منذ توليه المسؤولية».