ليبيا: النزاع على السلطة يُهيمن على جهود الإغاثة من السيول

«جهاز الإسعاف والطوارئ» يعلن وفاة 3 أطفال نتيجة الفيضانات

بعض المناطق المنكوبة التي غمرتها السيول (حكومة الاستقرار)
بعض المناطق المنكوبة التي غمرتها السيول (حكومة الاستقرار)
TT

ليبيا: النزاع على السلطة يُهيمن على جهود الإغاثة من السيول

بعض المناطق المنكوبة التي غمرتها السيول (حكومة الاستقرار)
بعض المناطق المنكوبة التي غمرتها السيول (حكومة الاستقرار)

فرض النزاع على السلطة وغياب التنسيق نفسه على جهود الإغاثة لاحتواء الآثار الكارثية للسيول، التي تتعرض لها مناطق في جنوب ليبيا، بين حكومتي «الوحدة» و«الاستقرار»، وفي غضون ذلك، دعا الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، لتعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي، عادّاً أن إدارته «في حالة شغور كامل»، وذلك رداً على قرار مجلس النواب إلغاء تكليف محمد الشكري محافظاً للمصرف.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المؤقتة (الوحدة)

وأعلن «جهاز الإسعاف والطوارئ»، التابع لحكومة الوحدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، اليوم السبت، وفاة 3 أطفال في منطقة تهالة نتيجة الفيضانات والسيول، التي اجتاحت مدن ومناطق جنوب غربي ليبيا. وأكد «مواصلة الجهود لمساعدة النازحين جراء السيول، وإخراج العائلات وكبار السن من المنطقة».

ونقلت «وكالة الأنباء الليبية» عن مصادر محلية من مدينة أوباري وصول كثير من العائلات من تهالة إلى المدينة، بعد أن غمرت المياه والسيول منازلهم ومملكاتهم. في حين وصف عميد بلدية تهالة، أحمد كليكيلي، الأوضاع بأنها «كارثية في معظم أحياء البلدية، بعد أن جرفت السيول المنطقة بالكامل، وغمرت المياه جميع الأحياء السكنية»، موضحاً أن «المياه غمرت كل المرافق الخدمية، بما فيها مستشفى المدينة... الخسائر المادية كبيرة، سواء في الممتلكات الخاصة أو العامة».

أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان (الشرق الأوسط)

ووجّه الدبيبة بتشكيل لجنة طوارئ برئاسة وزير الحكم المحلي، بدر الدين التومي، لمتابعة أوضاع المناطق المتضررة من الفيضانات في العوينات وتهالة والبركت وغات بالجنوب الليبي، وأن تتولى متابعة أوضاع هذه المناطق، وتقديم الدعم اللازم، والعمل على رفع الضرر عن المواطنين المقيمين بها، وموافاة الدبيبة بتقارير دورية عن عمل اللجنة.

كما أصدر التومي قراراً بتشكيل لجنة فرعية للطوارئ والاستجابة السريعة لمواجهة آثار التقلبات الجوية جنوب غربي البلاد، واتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة تداعيات هطول الأمطار وجريان السيول في المنطقة، بما يضمن حماية وسلامة الأهالي والممتلكات بالبلديات الواقعة تحت تأثير هطول الأمطار الغزيرة.

كما نقلت حكومة «الوحدة» إعلان الشركة «الليبية للبريد والاتصالات»، بدء عودة خدمات الاتصالات بشكل تدريجي لمدينة غات، بعد الانتهاء من أعمال الصيانة اللازمة، التي جرى تنفيذها على المنظومات الرئيسية الرابطة بالمدينة.

وقالت إن الفرق الفنية للشركة «العامة للكهرباء» بدأت في تهالة أشغال تقييم الأضرار وحصرها، قبل بدء عمليات الصيانة الطارئة، وإعادة التيار الكهربائي للمدينة، مشيرة إلى أن مدينة الكفرة تعرضت لأمطار غزيرة، أدت لانقطاع التيار الكهربائي، ما تسبب في توقف خدمات الاتصالات والإنترنت.

من جهتها، ذكرت وسائل إعلام محلية أن السيول اجتاحت مرة أخرى منطقة إيسين الحدودية مع الجزائر بسبب استمرار الأمطار بوتيرة مرتفعة.

في المقابل، قال سالم الزادمة، نائب رئيس حكومة «الاستقرار»، أسامة حماد، إنه يتابع بشكل مباشر مع فريق الأزمة وصول الدعم والإمدادات والمساعدات تباعاً للمناطق المتضررة من الأمطار الغزيرة.

وحث الزادمة جميع اللجان على تقديم الخدمات للمواطنين بشكل لائق وعاجل، وتسخير جميع الإمكانيات اللازمة لهم، وأن تكون جميع اللجان في حالة طوارئ دائمة «لحين رفع هذه المعاناة على أهلنا في المناطق المتضررة».

حفتر مع قادة قواته في بنغازي (الجيش الوطني)

بدوره، أكد الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، إخلاء حي أجديود وحي العمارات الصينية بمدينة غات، نتيجة ارتفاع منسوب المياه، في ظل استمرار تهاطل الأمطار بكثافة، لافتاً إلى مواصلة أعمال الإغاثة ببلديات الجنوب الغربي التي اجتاحتها السيول، موضحاً أن الأوضاع «لا تزال تحت السيطرة».

وتحدثت «شعبة الإعلام الحربي» بالجيش عن انتشار موسع لوحدات تابعة لقواته البرية في مدينتي غات وبركت، في إطار الاستعداد للاستجابة الفورية في حال وقوع أي أضرار للمواطنين، بعد بداية الموجة الثانية للأمطار الغزيرة المُستمرة في محيط هذه المناطق؛ كما جرى إنشاء غرفة عمليات متحركة تابعة لعمليات «اللواء طارق بن زياد»، قصد متابعة واحتواء الأوضاع في المناطق التي قد تتعرض للأضرار من السيول المنجرفة.

كما أعلنت الشعبة تسلُّم أمين عام القيادة العامة للجيش، الفريق خيري التميمي، رسالة خطية من رئيس «المجلس الوطني لحماية الوطن» في النيجر، عبد الرحمن تشياني، موجهة للمشير حفتر، تضمنت تعبيراً عن امتنانه للمساعدات الإنسانية التي قدمها لشعب النيجر، في إطار تعزيز الروابط الأخوية بين البلدين.

الصديق الكبير (الشرق الأوسط)

من جهة أخرى، أرجع مجلس النواب قراره إلغاء تكليف الشكري محافظاً للمصرف المركزي، إلى أنه «لم يباشر مهام عمله وانتهاء مدة تكليفه»، إضافة إلى استمرار العمل بقرار تكليف الصديق الكبير في منصب المحافظ، ومرعي البرعصي نائباً له.

وقال تكالة، الذي ما زال يُعِدّ نفسه رئيساً للمجلس الأعلى للدولة، إن ما صدر عن رئاسة مجلس النواب بشأن استمرار تفويض الكبير بإدارة المركزي «هو والعدم سواء».


مقالات ذات صلة

لماذا تصاعد الخلاف بين «الرئاسي» و«النواب» الليبيَّين؟

شمال افريقيا حفتر يتوسط المنفي وصالح في لقاء سابق بالقيادة العامة (القيادة العامة)

لماذا تصاعد الخلاف بين «الرئاسي» و«النواب» الليبيَّين؟

تعقّدت الأزمة السياسية في ليبيا، عقب إعلان مجلس النواب إنهاء ولايتَي المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا من مخلفات الاشتباكات التي شهدتها طرابلس وأدت إلى مقتل 9 أشخاص (الشرق الأوسط)

هل يهدد التصعيد السياسي في ليبيا «اتفاق جنيف»؟

تشهد ليبيا حالة جديدة من التصعيد السياسي بين الأطراف المتصارعة في شرق البلاد وغربها، ما يلقي بظلاله على مصير اتفاق جنيف السياسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع المنفي والدبيبة (المجلس الرئاسي الليبي)

هل تتخلى التشكيلات المسلحة في ليبيا عن دعم «الرئاسي» و«الوحدة»؟

دفع قرار البرلمان الليبي بإنهاء ولايتي المجلس الرئاسي و«الوحدة» المؤقتة، إلى طرح تساؤلات تتعلق بمدى تغير ولاءات التشكيلات المسلحة.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا أب يحمل صغيره ليقيه الغرق في جنوب غربي ليبيا (بلدية تكالا)

السيول تحاصر مناطق بجنوب ليبيا... وتعمّق عزلة السكان

أغرقت الأمطار والسيول بعض المناطق بجنوب غربي ليبيا، ما دفع السلطات المحلية إلى إعلان بلدية تهالا الأكثر تضرراً «منطقة منكوبة».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا 
دوريات عسكرية على طول الشريط الحدودي بالجنوب الغربي (رئاسة أركان القوات البرية)

«الفشل السياسي» في ليبيا يسخّن «الجبهة الجنوبية»

في ظل الفشل السياسي المتفاقم، تتأهب ليبيا ويتخوف الليبيون من شيء قادم غامض؛ ذلك أن الأطراف التي كانت تجمعها خلال العامين الماضيين طاولة للمحادثات السياسية.

جمال جوهر (القاهرة)

الإقبال «اللافت» على التعليم الأزهري يثير جدلاً في مصر

جانب من الدراسة داخل أحد المعاهد الأزهرية (الأزهر الشريف)
جانب من الدراسة داخل أحد المعاهد الأزهرية (الأزهر الشريف)
TT

الإقبال «اللافت» على التعليم الأزهري يثير جدلاً في مصر

جانب من الدراسة داخل أحد المعاهد الأزهرية (الأزهر الشريف)
جانب من الدراسة داخل أحد المعاهد الأزهرية (الأزهر الشريف)

أثار الإقبال الكبير على الالتحاق بالتعليم الأزهري في مصر جدلاً مع نشر وسائل إعلام محلية تقديرات تشير إلى تقديم أكثر من 440 ألف طلب التحاق بالمعاهد الأزهرية في مرحلتي «الروضة» و«الابتدائي» للعام الدراسي المقبل.

ولاقى الخبر تفاعلاً عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، وشارك الكاتب خالد منتصر بتدوينة ساخرة عبر حسابه على «فيسبوك»، قال فيها: «نحن نسير بخطى واثقة وبسرعة الصاروخ نحو طريق الحداثة».

طلاب أزهريون خلال أحد الأنشطة المدرسية (الأزهر الشريف)

ولاقت تدوينة منتصر ردود فعل متباينة من متابعيه، بين منتقدين للتعليم الأزهري، وآخرين أشادوا بمستوى التعليم الأزهري وخريجيه، ورفضوا ما وصفوه بـ«الصورة الذهنية غير الصحيحة عن التعليم الأزهري».

كما حظي نشر الأرقام بتفاعل عبر منصة «إكس»، وسجل مدونون إشادات بالتعليم الأزهري، وما شهده من طفرة في التطوير خلال السنوات الماضية.

بينما تساءل آخرون عن مدى قدرة التعليم الأزهري على التعامل مع هذه الأعداد الكبيرة من المتقدمين، وانبرى بعضهم في توجيه انتقادات للتعليم الأزهري ومخرجاته.

وقال وكيل قطاع المعاهد الأزهرية لشؤون التعليم، الدكتور أحمد الشرقاوي: «هناك أكثر من 440 ألف طلب للالتحاق بمرحلتي (رياض الأطفال) و(الابتدائي) للعام الدراسي المقبل»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «هذه الأعداد ليست نهائية، لأن الأوراق ستتم مراجعتها بشكل تفصيلي بناءً على استيفاء الملفات، بالإضافة إلى وجود بعض الحالات التي يسجل فيها أولياء الأمور أبناءهم في التعليم الرسمي والأزهري بالتوقيت نفسه».

وأضاف أن «العام الماضي شهد استقبال 280 ألف طالب، الأمر الذي يجعلنا ندرس آليات التعامل مع الأعداد الكبيرة المتقدمة من خلال استغلال وتوظيف الفراغات والحجرات الإدارية، والتوسع في استخدام فناءات المعاهد الأزهرية، بما لا يخل بضوابط الجودة لاستيعاب أكبر عدد من المتقدمين».

وتعزو عضوة مجلس النواب (البرلمان)، النائبة فريدة الشوباشي، الإقبال على إلحاق الأطفال بالأزهر إلى «تفاؤل أولياء الأمور بتعليم أبنائهم صحيح الدين داخل المدارس والمعاهد الأزهرية المختلفة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ضرورة للحفاظ على الوسطية والاعتدال في تدريس الدين من خلال المناهج الدراسية المختلفة».

طلاب أزهريون في المرحلة الابتدائية (الأزهر الشريف)

وأشارت إلى أن «المناهج الأزهرية خضعت لتطوير وتنقيح خلال السنوات الماضية»، معربة عن أملها في أن تركز المناهج الأزهرية على بناء الإنسان بجانب العلوم الدينية التي يدرسها الطلاب.

لكن الكاتب المصري عادل نعمان يصف الإقبال على التعليم الأزهري بـ«الردة الحضارية» التي تستوجب دراسة من الدولة لأسبابها، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «استمرار وجود نظام منفصل للتعليم الأزهري بالمناهج الدراسية الخاصة التي تتضمن تمييزاً للرجل عن المرأة، بالإضافة إلى آراء وفتاوى متطرفة، كل ذلك يؤدي لـتخريج طلاب لديهم قوميات مختلفة داخل الدولة».

وأضاف أن «التعليم الأزهري معروف أنه وجهة البسطاء لتعليم أبنائهم في ظل السهولة النسبية لمناهجه الدراسية، لكن ما يحدث اليوم بات يتطلب وقفة من الدولة لدراسة أسبابه، من أجل تجنب آثاره المستقبلية على الخريجين».

وأطلق الأزهر قبل عامين «الخطة الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعي 2022-2030»، التي تستهدف تطوير المنظومة التعليمية للقطاعات الأزهرية المختلفة، مع الاهتمام بالبنية الرقمية التحتية للمعاهد الأزهرية، ورفع جودة الخدمات مع ضمان تكامل السياسات والقرارات والقوانين والتشريعات المنظمة للتعليم الأزهري، وهي الاستراتيجية المعني بها أكثر من 11 ألف معهد أزهري على مستوى المدن المصرية.

ويفسر البعض زيادة الإقبال على التعليم الأزهري بانخفاض الرسوم الدراسية التي تصل إلى أقل من ثلث الرسوم المحصلة في التعليم الحكومي، كما تحصل المعاهد الأزهرية الخاصة التي تقوم بتدريس اللغات على رسوم أقل من مدارس اللغات الخاصة.

لكن وكيل قطاع المعاهد الأزهرية لشؤون التعليم يؤكد أن «الأمر ليس مرتبطاً بالمصاريف الدراسية فحسب، ولكن بحب المصريين للأزهر، ومكانته في قلوبهم، ورغبتهم في استفادة أبنائهم منه»، مشيراً إلى أن «التعليم في الأزهر يتيح للطالب دراسة المواد التعليمية إلى جانب المواد الشرعية التي تصقل معرفتهم بالدين».