مرشح «الإسلاميين» لرئاسة الجزائر ينتقد «انحياز» الإعلام لمؤيدي تبون

وزير سابق حسم النتيجة لصالح الرئيس بـ80 % «على الأقل»

عبد العالي حساني مرشح «حركة مجتمع السلم» خلال تجمع دعائي في شرق البلاد (حملة المترشح)
عبد العالي حساني مرشح «حركة مجتمع السلم» خلال تجمع دعائي في شرق البلاد (حملة المترشح)
TT

مرشح «الإسلاميين» لرئاسة الجزائر ينتقد «انحياز» الإعلام لمؤيدي تبون

عبد العالي حساني مرشح «حركة مجتمع السلم» خلال تجمع دعائي في شرق البلاد (حملة المترشح)
عبد العالي حساني مرشح «حركة مجتمع السلم» خلال تجمع دعائي في شرق البلاد (حملة المترشح)

رفعت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية الجزائرية احتجاجاً لـ«السلطة الوطنية لمراقبة الانتخابات»، تحدثت فيه عن «منافسة غير شريفة» من حيث تغطية حملة انتخابات الرئاسة إعلامياً. وفي غضون ذلك، بدت حملة الرئيس المترشح عبد المجيد تبون كثيفة في الميدان، قياساً إلى نشاط المترشحين الآخرين، بالنظر لعدد مؤيديه الكبير.

ونشرت «مجتمع السلم» المعروفة اختصاراً بـ«حمس»، السبت، بحساباتها بالإعلام الاجتماعي رسالة احتجاج خطها أحمد صادوق، مدير حملة مرشحها ورئيسها عبد العالي حساني، أكد فيها أنها لاحظت منذ اليوم الأول من الحملة الانتخابية، التي انطلقت الخميس الماضي، أن «مبدأ تكافؤ الفرص غير محقق، من حيث التغطية الإعلامية»، مشيراً إلى «انخراط بعض القنوات التلفزيونية الخاصة، وحتى العمومية، في تغطية أنشطة أحزاب لم ترشح أحداً منها لانتخابات الرئاسة (المقررة في السابع من الشهر المقبل)، وهي داعمة للمرشح عبد المجيد تبون».

مدير حملة مرشح «حمس» يرفع احتجاجاً لهيئة الانتخابات حول انحياز الإعلام لمؤيدي الرئيس المترشح (إدارة الحملة)

وحسب مدير حملة حساني، فإن كثافة التغطية الإعلامية لصالح الأحزاب المؤيدة لتبون «تحمل رسالة سلبية للشعب الجزائري»، لم يذكر ما هي، لكن يفهم منه أن ما يحتج عليه يوحي بأن نتيجة الاستحقاق محسومة لتبون.

وتساءل صادوق في رسالته: «كيف تُغطى أنشطة عدة أحزاب، ليس لها الحق في مساحة التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية، والأصل أن تكون التغطية وفق تفويض مسبق من المترشح المعني، وبالحجم الساعي العادل بين المترشحين الثلاثة؟» مشيراً إلى «مخالفة الميثاق الذي أمضاه ممثلو وسائل الإعلام مع سلطة ضبط السمعي البصري، تحت إشراف السيد وزير الاتصال، الذي ينص في عمقه على الوقوف بمسافة متساوية مع المترشحين الثلاثة»، مؤكداً أنه طلب من رئيس هيئة مراقبة الانتخابات، محمد شرفي، «التدخل لوضع حد لهذا الأمر».

رئيس سلطة الانتخابات محمد شرفي (يمين) مع المرشح الإسلامي عبد العالي حساني (الشرق الأوسط)

وكانت «سلطة الانتخابات» قد طالبت من التلفزيونات الخاصة والعمومية (عددها يفوق الـ20)، بتحقيق الإنصاف والمساواة في الحيز الزمني بالنسبة لتدخلات المترشحين أثناء حملة الدعاية. ولم تذكر أن داعمي المترشحين لهم نصيب في التغطية الإعلامية.

يشار إلى أن مهمة «سلطة الانتخابات» يحددها قانون الانتخابات، وتتمثل في السهر على السير الحسن للانتخابات، والعمل على تحقيق الشفافية خلال العملية السياسية، وتفعيل الرقابة بصفة محايدة ومستقلة. كما يتابع جيش من الموظفين بها كل تفاصيل العملية السياسية، وفي حال وقوع تجاوزات، تتدخل بتوجيه تحذير للمسؤولين عنها.

عبد القادر بن قرينة أبرز مؤيدي المترشح عبد المجيد تبون خلال نشاط دعائي في جنوب البلاد (إدارة الحملة)

وفي الميدان، أثارت تصريحات قادة الأحزاب الموالية لتبون انزعاج مرشح الإسلاميين والناشطين في حملته الدعائية. فمنذ اليوم الأول من الحملة أعلن عبد القادر بن قرينة، رئيس «حركة البناء الوطني»، أن تبون «سيفوز بنسبة تتراوح بين 80 و90 في المائة من الأصوات»، داعياً حساني عن «حمس»، ويوسف أوشيش مرشح «جبهة القوى الاشتراكية» المعارضة، إلى «التنافس على المرتبتين الثانية والثالثة».

ووجد هذا التصريح مساحة كبيرة في وسائل الإعلام، ووسائط التواصل الاجتماعي، مما ينزع المصداقية عن الاقتراع، حسب المحتجين على هذا التصريح، علماً بأن بن قرينة كان قيادياً في «مجتمع السلم» ووزيراً لها، وقد غادرها قبل أكثر من 10 سنوات بسبب خلاف مع زعيمها الأسبق أبو جرة سلطاني.

يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية في لقاء مع سكان حي بالعاصمة (إ.ب.أ)

ويدعم تبون أيضاً أحزاب «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«جبهة المستقبل»، التي تملك أغلبية في البرلمان والمجالس المحلية. كما يحظى بتأييد أحزاب أخرى صغيرة، مثل «صوت الشعب»، و«تجمع أمل الجزائر»، و«الفجر الجديد». وانتشر الآلاف من منتخبي ومناضلي هذه الأحزاب بقوة في الولايات منذ بداية الحملة لحشد الدعم للرئيس، رغم الحر الشديد الذي يميز معظم مناطق البلاد. وتحرص وسائل الإعلام على نقل أنشطتهم في نشراتها الخاصة بالحملة، ونتيجة لذلك ظهر الفارق كبيراً بين «كتلة الرئيس المترشح»، والمرشحَين الآخرَين اللذين لا يملكان الزخم الذي يحظى به تبون.



كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.