الحكومة المصرية تراهن على اللحوم والدواجن البرازيلية لمواجهة الغلاء

وزير الزراعة المصري خلال لقاء السفير البرازيلي بالقاهرة (وزارة الزراعة المصرية)
وزير الزراعة المصري خلال لقاء السفير البرازيلي بالقاهرة (وزارة الزراعة المصرية)
TT

الحكومة المصرية تراهن على اللحوم والدواجن البرازيلية لمواجهة الغلاء

وزير الزراعة المصري خلال لقاء السفير البرازيلي بالقاهرة (وزارة الزراعة المصرية)
وزير الزراعة المصري خلال لقاء السفير البرازيلي بالقاهرة (وزارة الزراعة المصرية)

تراهن الحكومة المصرية على اللحوم والدواجن البرازيلية، بهدف توفير كميات كافية للاستهلاك المحلي بأسعار مناسبة لمواجهة غلاء الأسواق. ويرى خبراء أن اللحوم البرازيلية «خيار مناسب للحكومة المصرية لمواجهة العجز في تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم».

وتشهد أسعار اللحوم ارتفاعاً ملحوظاً في الأسواق بمصر، وحسب «بوابة أسعار السلع المحلية والعالمية» التابعة لمركز معلومات مجلس الوزراء المصري، وصل سعر كيلو اللحوم، الخميس، إلى 385.87 جنيه مصري، في حين وصل سعر كيلو الدواجن إلى 98.75 جنيه (الدولار الأميركي يساوي 48.9 جنيه في البنوك المصرية).

وسعياً لزيادة الواردات من اللحوم البرازيلية، أكد وزير الزراعة المصري، علاء فاروق، خلال لقاء السفير البرازيلي في القاهرة، باوليني فرانكو دي كارفلو، الجمعة، «أهمية العمل على زيادة التبادل التجاري من السلع الزراعية في ضوء اتفاقية التجارة الحرة مع دول تجمع (الميركسور) الذي يضم البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي»، مشيراً إلى أهمية «الاعتماد الإلكتروني للشهادات البيطرية للواردات البرازيلية من اللحوم ومنتجاتها»، حسب إفادة لـ«الزراعة المصرية».

أسعار الدواجن في مصر شهدت ارتفاعات متتالية خلال الأشهر الماضية (وزارة الزراعة المصرية)

وتناول لقاء وزير الزراعة المصري مع السفير البرازيلي «إزالة أي عوائق فنية قد تؤثر على انسياب السلع الزراعية والحيوانية بين الجانبين».

ووفق «الزراعة المصرية»، فإن «مصر تستورد كميات كبيرة من اللحوم والدواجن والأبقار الحية والأغذية من البرازيل، كما تقوم البرازيل باستيراد كميات كبيرة من الأسمدة من مصر والمنتجات الزراعية، حيث تم فتح السوق البرازيلية أمام البطاطس المصرية».

وكانت اللحوم البرازيلية قد واجهت أزمة في تصديرها من البرازيل خلال وقت سابق، بسبب «التشكيك في سلامتها إثر اكتشاف الشرطة البرازيلية في 2017 كميات ضخمة من اللحوم الفاسدة لدى عدد من المصدرين»، بحسب تقارير إعلامية سابقة. وتصدّر البرازيل اللحوم إلى 150 دولة، وتبلغ قيمة الصادرات البرازيلية من لحوم الأبقار والدجاج 10 مليارات دولار سنوياً.

وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة المصرية، محمد القرش، إن «الشراكة مع البرازيل لا تقتصر على استيراد اللحوم والدواجن»، مشيراً إلى «التعاون في مجال توفير الأعلاف، وإنتاج أفضل الخامات منها، في عملية الإنتاج الحيواني والداجنة». وأوضح القرش لـ«الشرق الأوسط» أنه «يتم استيراد اللحوم البرازيلية ضمن إجراءات توفير السلع في الأسواق بأسعار مناسبة»، في المقابل هناك «تصدير لمنتجات زراعية مصرية للسوق البرازيلية من الفواكه والخضراوات».

وتعد مصر ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل في أفريقيا؛ إذ بلغ «حجم التبادل التجاري 2.8 مليار دولار في عام 2023»، حسب وزارة الخارجية المصرية.

مصريون أمام منفذ لوزارة الزراعة لشراء اللحوم بأسعار مخفضة (محافظة القليوبية على «فيسبوك»)

واعتبر رئيس «جمعية مواطنون ضد الغلاء» بمصر (منظمة مدنية)، محمود العسقلاني، أن توسع الحكومة المصرية في استيراد الدواجن واللحوم من دول المنشأ مثل البرازيل، «يعمل على سد العجز في إنتاج الثروة الحيوانية بمصر، وإتاحة اللحوم اللازمة للاستهلاك داخل الأسواق بكميات كافية». وعدّ أن ذلك «يساهم في خفض أسعار اللحوم بالأسواق».

ولا يرى العسقلاني مشاكل تتعلق بسلامة استخدام اللحوم البرازيلية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك إجراءات استباقية مشددة على اللحوم المستوردة من البرازيل، من جهات حكومية عديدة، منها وزارات الصحة والتموين والزراعة وهيئة سلامة الغذاء»، مشيراً إلى أن من بين الإجراءات «التأكد من سلامة اللحوم الحية في الحجر الزراعي قبل ذبحها في المجازر المصرية».

في حين أرجع أستاذ الاقتصاد بـ«مركز البحوث الزراعية» بمصر، مدحت عنيبر، توسع الحكومة المصرية في استيراد اللحوم والدواجن من الخارج، إلى «العجز في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الحيواني، وصعوبة توفير الأعلاف اللازمة للتوسع في الإنتاج»، مشيراً إلى أن سياسة الحكومة قائمة على «تنويع مصادر استيراد اللحوم من دول في أفريقيا أيضاً لضمان إتاحتها والعمل على خفض أسعارها بالأسواق».

وشهدت مصر ارتفاعات متتالية في أسعار السلع منذ بداية العام الحالي، خاصة المواد الغذائية، واللحوم والدواجن. كما أجرت الحكومة «رفعاً تاريخياً» لسعر «الخبز المدعم»، بأربعة أمثال سعره، نهاية مايو (أيار) الماضي.

ويرى عنيبر أن من مميزات اللحوم البرازيلية «انخفاض وثبات أسعارها، وارتفاع جودتها»، مشيراً إلى أن «اللحوم التي يتم استيرادها تخضع لرقابة صحية دقيقة، ومن الصعب طرحها من دون التأكد من سلامتها». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدم توافر الأعلاف تسبب في عدم التوسع بالإنتاج الحيواني»، مشيراً إلى أنه «حتى تحقق مصر اكتفاء ذاتياً من اللحوم، يجب زراعة نحو 5 ملايين فدان ذرة»، إلا أنه عدّ ذلك «أمراً صعباً تحقيقه لتزامن موسم زراعة الذرة مع سلعة استراتيجية مثل الأرز».


مقالات ذات صلة

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

الاقتصاد الرئيس المصري خلال اجتماع حكومي لتطوير منظومة الطيران المدني (الرئاسة المصرية)

مصر لتطوير منظومة الطيران المدني

بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في اجتماع حكومي، مساء الأحد، «موقف تطوير منظومة الطيران المدني بجميع مكوناتها».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثرهم اقتصادياً بوفاته.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الدفاع المصري خلال زيارة لإحدى القواعد الجوية (المتحدث العسكري المصري)

الجيش المصري يؤكد حرصه على اقتناء أحدث نظم الطائرات

أكد الجيش المصري حرصه على «تزويد القوات الجوية بأحدث نظم وأنظمة الطائرات الحديثة وفقاً لرؤية استراتيجية للتعامل مع التحديات كافة ومواكبة التطور التكنولوجي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية الإيراني يزور مساجد «آل البيت» في القاهرة (حساب وزير الخارجية الإيراني على «إكس»)

إيران ترسل إشارات جديدة لتعزيز مسار «استكشاف» العلاقات مع مصر

أرسلت إيران إشارات جديدة تستهدف تعزيز مسار «العلاقات الاستكشافية» مع مصر، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، جولة داخل مساجد «آل البيت» في القاهرة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية.

أحمد عدلي (القاهرة )

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
TT

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)
الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

عمّت حالة من التوتر بني وليد (شمال غربي ليبيا) إثر منع الأجهزة الأمنية فعالية سياسية تدعو لطرد «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية من البلاد، وأعقب ذلك القبض على قيادات قبائلية ونشطاء، ما أدى إلى تسخين الأجواء بالمدينة التي أمضت ليلتها في حالة انتفاضة.

وكان مقرراً أن تستضيف بني وليد، التي لا تزال تدين بالولاء لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، المشاركين في حراك «لا للتدخل الأجنبي» مساء السبت، قبل أن تدهم قوات الأمن الاجتماع المخصص لذلك، وتقتاد بعض قياداته إلى مقار أمنية، ما تسبب في تصعيد حالة الغضب.

ومع الساعات الأولى من ليل السبت، احتشد مئات المتظاهرين، وخاصة أهالي قبيلة ورفلة، وبعضهم موالٍ أيضاً لسيف الإسلام نجل القذافي، أمام ديوان مديرية أمن بني وليد، في ما يشبه انتفاضة، منددين باعتقال بعض قيادات الحراك، ومرددين الهتاف الشهير: «الله ومعمر وليبيا وبس»، لكنهم أيضاً هتفوا ضد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

ونجح المتظاهرون في الضغط على السلطات في بني وليد لاستعادة المحتجزين، لكنهم ظلوا يصعّدون هتافاتهم ضد الدبيبة وحكومته.

وعبّرت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» بليبيا عن «قلقها البالغ» لعملية «الاحتجاز التعسفي لعدد من المواطنين المجتمعين في مدينة بني وليد، المطالبين بإخراج القوات والقواعد الأجنبية الموجودة على الأراضي الليبية»، مشيرة إلى أن مواطنين طاعنين في السنّ كانوا من بين المعتقلين.

وقالت المؤسسة، في بيان، الأحد، إن «أفراد الأمن التابعين للمديرية التابعة لوزارة الداخلية بحكومة (الوحدة) أطلقوا الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين من أمام مقر المديرية».

وأضرم غاضبون من شباب بني وليد النار في الكاوتشوك اعتراضاً على اعتقال 4 مشايخ من قبيلة ورفلة بالمدينة، كما أغلقوا بعض الطرقات، بعد مظاهرة حاشدة في ميدان الجزائر بالمدينة.

ودافعت مديرية أمن بني وليد عن نفسها، وقالت إنها تشدد على منتسبيها «الالتزام بتنفيذ التعليمات واللوائح التي تمنعهم من التدخل في أي عمل سياسي، وتلزمهم بحماية أي تعبير سلمي للمواطنين»، لكنها «لا تتحمل مسؤولية تأمين أنشطة اجتماعية أو سياسية لا تملك بخصوصها أي بيانات أو موافقات رسمية تسمح بها».

وأبدت مديرية الأمن تخوفها من «اختراق أي تجمع لسكان المدينة، عبر أي مشبوهين، لغرض توريط بني وليد في الفوضى خدمة لمصالح شخصية»، وانتهت إلى «التذكير بأن الثوابت الوطنية المرتبطة بوحدة ليبيا، وحماية سيادتها ومواطنيها، هي مسؤولية دائمة بالنسبة لها، وليست موضع تشكيك أو تخوين».

وتصعّد قبائل موالية لنظام القذافي منذ أشهر عدّة ضد وجود «المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية في البلاد، مطالبة بإخراجهم، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية «في أسرع وقت».

وسبق للعميد العجمي العتيري، آمر كتيبة «أبو بكر الصديق»، التي اعتقلت سيف الإسلام القذافي، أن أعلن أن الاجتماع التحضيري للقبائل، الذي عملت عليه قبيلة المشاشية تحت عنوان «ملتقى لمّ الشمل»، اتفق على اختيار اللجنة التنسيقية للملتقى العام، مجدداً المطالبة بإخراج القواعد الأجنبية من ليبيا وطرد «المرتزقة».

ورأت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» أن التظاهر السلمي بالعديد من المدن والمناطق الليبية يُعد «تعبيراً طبيعياً عن التذمّر والاستياء من الوجود الأجنبي للقوات والقواعد الأجنبية والمرتزقة في عموم ليبيا»، محملة وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» ومدير أمن بني وليد «المسؤولية القانونية الكاملة حيال ما قام به أفراد الأمن بالمديرية من قمع للمواطنين المتظاهرين السلميين، واعتقال عدد منهم».

وتحذر المؤسسة من «استمرار محاولة المساس بحياة المتظاهرين وتعريضهم للترويع والإرهاب المسلح وحجز الحرية بالمخالفة للقانون»، وانتهت إلى أنه «في جميع الأحوال لا يجب استخدام الأسلحة النارية، بشكلٍ عشوائي، لتفريق المعتصمين السلميين».

وتستعين جبهتا شرق ليبيا وغربها بآلاف من عناصر «المرتزقة السوريين» المواليين لتركيا، وآخرين مدعومين من روسيا، وذلك منذ وقف الحرب على العاصمة طرابلس في يونيو (حزيران) 2020، إلى جانب 10 قواعد عسكرية أجنبية، بحسب «معهد الولايات المتحدة للسلام».

وسبق أن هتف مواطنون للقذافي، وذلك إثر خروج جمهور كرة القدم الليبية من «استاد طرابلس الدولي» بعد هزيمة المنتخب أمام نظيره البنيني في تصفيات التأهل لـ«أمم أفريقيا».