​مصر: تعديلات مناهج «الثانوية» تربك حسابات «الدروس الخصوصية»

تفاعل على «السوشيال ميديا» مع شكاوى مدرسي المواد المستبعدة من المجموع

وزير التربية والتعليم المصري خلال زيارته لإحدى المدارس بمحافظة الإسكندرية (مجلس الوزراء المصري)
وزير التربية والتعليم المصري خلال زيارته لإحدى المدارس بمحافظة الإسكندرية (مجلس الوزراء المصري)
TT

​مصر: تعديلات مناهج «الثانوية» تربك حسابات «الدروس الخصوصية»

وزير التربية والتعليم المصري خلال زيارته لإحدى المدارس بمحافظة الإسكندرية (مجلس الوزراء المصري)
وزير التربية والتعليم المصري خلال زيارته لإحدى المدارس بمحافظة الإسكندرية (مجلس الوزراء المصري)

لا تزال أصداء خطة وزارة التربية والتعليم المصرية لـ«إعادة هيكلة الثانوية العامة» مستمرة، وسط تفاعل «سوشيالي» مع بنودها، لا سيما تلك التي تضمنت دمجاً لبعض المواد، واستبعاد أخرى من المجموع النهائي للطلاب، ما أربك حسابات «الدروس الخصوصية»، وسط ترحيب من أولياء الأمور بداعي «تخفيف» الأعباء المالية، وشكوى من مدرسين لـ«ضياع مصدر رزقهم».

وأعلن وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، خطة الوزارة للعام الدراسي الجديد 2024 - 2025 الذي من المقرر أن ينطلق في 21 سبتمبر (أيلول) المقبل. وتضمنت تقليصاً لعدد المواد الدراسية في السنوات الثلاث، ودمجاً لمادتي الكيمياء والفيزياء في منهج واحد باسم «العلوم المتكاملة»، في الصف الأول الثانوي، وجعل مادتي اللغة الأجنبية الثانية والجيولوجيا «مادتي نجاح ورسوب خارج المجموع».

وأحدثت تلك التعديلات ضجة في الأوساط التعليمية بين المعلمين وأولياء الأمور، وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات عدة بشأن تأثير ذلك على «مراكز الدروس الخصوصية»، التي كانت لسنوات مثار للجدل والشكوى داخل المجتمع المصري، وسط محاولات حكومية متكررة لم تنجح حتى الآن في وضع حد لهذه الظاهرة.

جانب من امتحانات «الثانوية» في مصر (وزارة التعليم المصرية)

وأشار سامح نشأت، معلم جيولوجيا، اشتهر بمقاطع فيديو يظهر فيها وهو يشرح لأعداد كبيرة من الطلاب في أحد مراكز الدروس الخصوصية، إلى «تلقيه رسائل كثيرة بشأن إلغاء مادة الجيولوجيا». وأوضح عبر حسابه على «فيسبوك» أنه «غير غاضب لأن هذه هي إرادة الله»، مشيراً إلى أن «القرار ربما يكون هدنة يريح فيها نفسه بدنياً وعصبياً»، وعدّ خطة هيكلة الثانوية العامة «اختباراً من الله».

ونشر أستاذ الجيولوجيا مقطع فيديو وهو يقوم بالطهي، تفاعل معه رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وربطوا بينه وبين قرار استبعاد المادة من مجموع الثانوية العامة.

وتناقلت وسائل إعلام محلية أنباء عن انهيار مدرسي اللغة الأجنبية الثانية، كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن وفاة معلم لغة إيطالية، متأثراً بأزمة قلبية، عقب إعلان قرار إعادة الهيكلة، سرعان ما تم نفيها. وقال محمد عبد الله، وكيل وزارة التعليم في كفر الشيخ (دلتا مصر) إنه «لا صحة لهذه الأنباء، وإن المعلم المذكور يدرس اللغة الفرنسية وليست الإيطالية». كما نفى مدرس اللغة الفرنسية ويدعى محمود صفطاوي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، نبأ وفاته الذي تم تداوله على نطاق واسع.

ووصف حساب باسم «بيتر» على «إكس» قرار إلغاء بعض المواد الدراسية، بـ«الكارثي» بالنسبة لشريحة كبيرة من المجتمع. وقال إن «الدروس الخصوصية استفحلت؛ لكن الحل ليس بإلغاء أو تهميش المناهج».

وعدت عبير أحمد، مؤسس «اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم»، و«ائتلاف أولياء الأمور»، دمج المناهج واستبعاد أخرى «نوعاً من تخفيف العبء عن كاهل الطلاب وأولياء الأمور». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «عدداً من أولياء الأمور يرون أن الدمج خفف الضغط على الطلاب، كما يقلل الأعباء المالية على الأسر»، لكنهم في الوقت نفسه يخشون محاربة (مافيا الدروس الخصوصية) للقرارات الجديدة.

وأبدى زياد محمود، طالب بالصف الثالث الثانوي، سعادته بخطة دمج المناهج. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «وكثيراً من زملائه تراجعوا عن حجز دروس خصوصية في المواد التي تم استبعادها من المجموع»، مشيراً إلى أنهم «يعتزمون حضور حصة مراجعة نهائية فقط في هذه المواد».

وزارة التربية والتعليم المصرية (فيسبوك)

في حين أكد الدكتور مصطفى النشار، الخبير التربوي، العميد الأسبق لكليتي التربية ورياض الأطفال بجامعة القاهرة، أن «التخفيف عن أولياء الأمور الذين تثقل كاهلهم الدروس الخصوصية، لا يكون باستبعاد مواد أو دمج مناهج». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حل المشكلة لن يتم إلا بعمل المدارس بكامل طاقتها، وزيادة رواتب المدرسين، وإغلاق مراكز الدروس الخصوصية».

واتفق معه الإعلامي المصري، أحمد موسى، في برنامجه التلفزيوني على قناة «صدى البلد» الفضائية، مؤكداً أنه «لا حل لمسألة الدروس الخصوصية دون مراجعة رواتب المدرسين».

وبين الحين والآخر تثير «الدروس الخصوصية» جدلاً كبيراً في مصر، كان آخر مظاهرها في يونيو (حزيران) الماضي تزامناً مع امتحانات الثانوية العامة، عقب تقديم أحد المدرسين حصة مراجعة نهائية في صالة ألعاب رياضية حكومية حضرها نحو 4 آلاف طالب. وألقت الشرطة القبض على المدرس محل الواقعة، وخضع للتحقيق في النيابة العامة، التي أفرجت عنه بعد تأكيده أنه يقيم المراجعة للطلاب بأسعار رمزية 85 جنيهاً للطالب (الدولار الأميركي يساوي 48.9 جنيه في البنوك المصرية).

وحاولت الحكومة المصرية مراراً وضع حد للدروس الخصوصية، حيث وافقت في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، على مقترح بشأن إطلاق «مجموعات دعم» في المدارس تقدم محاضرات إضافية للطلاب، على أن «يحصل المعلم على مقابل مادي عن كل حصة دراسية».

وسبق وأثارت أسعار الدروس الخصوصية جدلاً بعدما نشرت الممثلة المصرية داليا مصطفى عبر «إنستغرام»، مقطعاً أشارت من خلاله إلى أنها كانت تبحث عن مدرس لمادة الكيمياء، لتفاجأ بأن سعر الساعة يتراوح بين 700 و900 جنيه مصري.


مقالات ذات صلة

مصر: حادث «تصادم أسيوط» يجدّد الحديث بشأن ضوابط «النقل الثقيل»

شمال افريقيا حوادث «النقل الثقيل» تتكرر على الطرق السريعة بمصر (أ.ف.ب)

مصر: حادث «تصادم أسيوط» يجدّد الحديث بشأن ضوابط «النقل الثقيل»

أعاد حادث تصادم جديد شهدته محافظة أسيوط (صعيد مصر) الحديث عن «ضرورة وضع ضوابط على سائقي (النقل الثقيل)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي سودانيون بانتظار تسجيلهم في مفوضية شؤون اللاجئين الأممية بالقاهرة (المفوضية)

الرئيس المصري يصدق على قانون اللاجئين

صدّق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، على القانون الخاص بلجوء الأجانب في مصر، الذي ينظم أوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي شهدت أزمة نقص الأدوية في مصر انفراجة خلال الشهور الأخيرة لكن لم تنتهِ بعد (الشرق الأوسط)

مصر: أزمة نقص الدواء تخفت... وأسعاره ما زالت تحلّق

خفتت أزمة نقص الأدوية في مصر، والتي ظهرت في يناير 2023، واشتدت بعد عام في مطلع 2024، ثم بدأت تنفرج يونيو الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق سمية الخشاب (إكس)

سمية الخشاب تثير جدلاً «سوشيالياً» بنصائح للشباب حول «التعليم والمال»

أثارت الفنانة المصرية سمية الخشاب حالة من الجدل على «السوشيال ميديا»، بعد مجموعة تدوينات كتبتها على حسابها بمنصة «إكس»، وتصدرت «الترند» على المنصة في مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا سويلم خلال فعاليات «اليوم المصري - الألماني للتعاون التنموي» (وزارة الموارد المائية)

مصر تستعرض خطتها لتعويض «عجز مائي» يقدَّر بـ54 مليار متر مكعب

قال وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم، الاثنين، إن بلاده تطبق خطة شاملة لتعظيم الاستفادة من مواردها المائية المحدودة.

محمد عبده حسنين (القاهرة)

«افتعال الأزمات للبقاء بالسلطة» اتهام يحاصر قادة ليبيا

الدبيبة خلال إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي» الشهر الحالي (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي» الشهر الحالي (حكومة الوحدة)
TT

«افتعال الأزمات للبقاء بالسلطة» اتهام يحاصر قادة ليبيا

الدبيبة خلال إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي» الشهر الحالي (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي» الشهر الحالي (حكومة الوحدة)

تصاعدت حدة التراشق وتبادل الاتهامات في ليبيا بين رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، ومجلس النواب، وتحميل أحد الطرفين مسؤولية تواصل الجمود السياسي بالبلاد، وسط اتهامات لبعض ساسة البلاد بـ«افتعال الأزمات لإطالة بقائهم في السلطة».

ولفت مراقبون إلى التصريحات التي أطلقها الدبيبة، خلال مشاركته في احتفالية «ملتقى أسرى ثورة 17 فبراير»، التي وجه فيها انتقادات حادة لأطراف عدة، واتهمها بعرقلة الانتخابات العامة، بداية من البرلمان، مروراً بالقيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، وتنظيم الإخوان، وانتهاءً بتيار الملكية.

من جلسة سابقة للمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

ويحذر هؤلاء المراقبون من أن استمرار وتفاقم الخلافات بين أفرقاء الأزمة، أو كشف بعضهم عن نفقات خصومهم، أو مدى تورطهم في ملفات فساد، «لن تؤدي لتعزيز موقعهم بالمشهد السياسي كما يتوقعون، بل إلى زيادة الغضب والرغبة الشعبية في إزاحتهم جميعاً من مناصبهم».

في هذا السياق، يرى عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، ضو المنصوري، أن الليبيين «باتوا ينظرون للأجسام المتصارعة على السلطة بكونها منتهية الولاية؛ وهذا يشمل البرلمان وحكومته، التي يرأسها أسامة حمّاد، والتي لا يعترف بها المجتمع الدولي، وأيضاً حكومة الوحدة الوطنية».

واتهم المنصوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الأجسام المتصدرة للسلطة بـ«افتعال واصطناع الخلافات فيما بينها بهدف تعميق الأزمة السياسية، وعرقلة إجراء الانتخابات، وبالتبعية إطالة مدد بقائهم بمواقعهم، وإلهاء الشعب بتلك الخلافات عن متابعة أوضاع البلاد، ومطالب أبنائها بتحسين أحوالهم».

وأضاف المنصوري موضحاً أن هذه الأجسام «جاءت لهدف محدد وهو تهيئة ليبيا لإجراء الانتخابات، وانتقالها لمرحلة الاستقرار وحكم ديمقراطي مؤسس على قواعد الدستور؛ إلا أنها ترفض الذهاب للاستفتاء على مشروع الدستور الذي أعُد عام 2017 من قبل هيئة منتخبة من الشعب».

رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في لقاء سابق مع المشير خليفة حفتر (الوحدة)

وفي تصريحاته الأخيرة خلال فعاليات «ملتقى أسرى ثوار فبراير» في مسقط رأسه بمدينة مصراتة، وجه الدبيبة انتقادات حادة للبرلمان قائلاً: «المجلس يعمل منذ 13 سنة، لكنه يريد البقاء 13 سنة أخرى. وهو يرفع شعار تغيير الحكومة، وإذا تغيرت الحكومة فماذا سيكون بعد؟ هم يريدون تغيير الحكومة للبقاء سنوات أخرى». وحمل مسؤولية إعاقة العملية السياسية لكل من البرلمان والمنظومة العسكرية والإخوان، وتيار الملكية.

بدوره، عدّ الناشط السياسي، أحمد التواتي، أن محاولة أي طرف من أفرقاء الأزمة التأثير على شعبية خصومه السياسيين، عبر الكشف عن نفقاتهم أو ثرواتهم، أو تورطهم بشبهات فساد باتت «غير مجدية».

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (المجلس)

وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط» إن نشطاء ومتابعين في غرب ليبيا وشرقها «باتوا يكشفون عن حقائق وأرقام أضخم مما يعلنه أي أحد من أفرقاء الأزمة، خلال تصريحاتهم الإعلامية بمواجهة بعضهم بعضاً». ورأى أن الليبيين «سئموا من الاتهامات المتبادلة بين قيادات الأجسام والسلطات الراهنة، وتحولت لقوة دفع لاستمرار تطلعهم لإجراء الانتخابات بهدف التخلص من تلك الوجوه»، مشدداً على أن «معرفة قيادات تلك الأجسام المتصارعة بتلك الحقيقة هي ما ندفعهم لعرقلة إجراء الاستحقاق الانتخابي، وتعطيل أي سعي أممي لتحقيقه».

وكان الدبيبة قد ذكر قبل أسبوع بأن «الإنفاق الموازي، غير الخاضع للرقابة، بلغ أكثر من 40 مليار دينار عام 2024»، في إشارة لما أنفقته السلطات في شرق البلاد، وتحديداً الحكومة الموازية له، التي يترأسها حماد. (الدولار يساوي 4.89 دينار).

واستعرض التواتي وضعية الخلافات في المشهد الليبي مؤخراً، وكيف انتقلت من خلاف مستمر بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة حول القوانين الانتخابية، إلى خلاف بين البرلمان وحكومته، مع حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي.

بهذا الخصوص يعتقد الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، أنه على الرغم من غضب الشارع الليبي من خلافات القوى المحلية فإن «خياراته تظل محدودة في التعاطي مع هذا الواقع». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس أمام الليبيين سوى التنفيس عن غضبهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، وربما بأسماء وهمية، حتى لا يتم اعتقالهم من طرف السلطات المختلفة في ليبيا»، لافتاً إلى أنهم عندما خرجوا في مظاهرات قبل سنوات قليلة، احتجاجاً على تدهور الأوضاع، تمت مواجهتهم من قبل مجموعات مسلحة، وأطلق عليهم الرصاص، واعتقل وخطف بعضهم.

وأرجع القماطي اتهامات الدبيبة الأخيرة لبعض القوى في ليبيا إلى أن رئيس الوحدة «فزع من عزم بعض الدول الغربية على التفكير في إزاحة حكومته عن المشهد، فوزع الاتهامات على الجميع».