انطلاق حملة «رئاسة» الجزائر في مواجهة «عزوف شعبي»

إجماع على فوز تبون بولاية ثانية

يؤكد مراقبون أن الرئيس تبون يملك حظوظاً كبيرة للفوز بولاية ثانية (الرئاسة الجزائرية)
يؤكد مراقبون أن الرئيس تبون يملك حظوظاً كبيرة للفوز بولاية ثانية (الرئاسة الجزائرية)
TT

انطلاق حملة «رئاسة» الجزائر في مواجهة «عزوف شعبي»

يؤكد مراقبون أن الرئيس تبون يملك حظوظاً كبيرة للفوز بولاية ثانية (الرئاسة الجزائرية)
يؤكد مراقبون أن الرئيس تبون يملك حظوظاً كبيرة للفوز بولاية ثانية (الرئاسة الجزائرية)

تبدأ الخميس حملة انتخابات الرئاسة الجزائرية، المقررة في السابع من سبتمبر (أيلول) المقبل، بمشاركة ثلاثة مترشحين هم: الرئيس عبد المجيد تبون، مرشح السلطة، ورئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» عبد العالي حساني، الذي يمثل «إخوان الجزائر»، وقائد أقدم حزب معارض «جبهة القوى الاشتراكية»، يوسف أوشيش.

المرشح الإسلامي عبد العالي حساني يضبط أجندة الحملة مع كوادر حزبه (إدارة الحملة)

وأعلنت حملة حساني (58 سنة) أن نشاطه سيبدأ بزيارة لبيت رجل الثورة (1954 - 1962)، الراحل إلياس دريش، بالعاصمة، الذي عرف بكونه أحد أعضاء «مجموعة الـ22»، التي بحثت إطلاق الثورة في اجتماع شهير عقد بأعالي العاصمة. واختارت قيادة «مجتمع السلم»، المعروف اختصاراً بـ«حمس»، هذا النشاط ليكون رمزاً وتأكيداً على تمسكها بـ«مبادئ ثورة فاتح نوفمبر 1954»، التي تقوم على «بناء دولة جزائرية اجتماعية وعصرية في إطار المبادئ الإسلامية».

كما يتضمن برنامج اليوم الأول من حملة حساني لقاء مع مقربين من مؤسس الحزب، الراحل محفوظ نحناح، ورفيق مساره في أيام العمل السرّي، محمد بوسليماني، الذي قتله مسلحون متشددون منتصف تسعينات القرن الماضي. واختار المرشح الإسلامي «فرصة» عنواناً لحملته.

من جانبه، يبدأ أوشيش (42 سنة) حملته الدعائية من حي باب الواد الشعبي بالعاصمة، الذي يعد نبض المجتمع الجزائري، حيث احتضن احتجاجات منذ الاستقلال ضد سوء المعيشة وفساد السلطة، وللمطالبة بالديمقراطية والحرية. كما عرف في وقت سابق بكونه معقلاً للإسلاميين، لكن امتزجت به دائماً تيارات أخرى يسارية و«حداثية»، لا تقل أهمية من حيث المشاركة في الأحداث، التي عاشها هذا الحي العريق، المعروف أيضاً بناديي كرة القدم الكبيرين «مولودية الجزائر» و«اتحاد الجزائر»، وجماهيرهما العريضة التي عادة ما تطلق مطالب سياسية من وسط الملاعب خلال المباريات الكبيرة، خصوصاً إذا حضرها المسؤولون البارزون في البلاد.

ووضع مرشح «القوى الاشتراكية»، كلمة «رؤية» على يافطة حملته الانتخابية، وسط انقسام حاد في الحزب بين مؤيد ومعارض لدخول الانتخابات. فالرافضون للمسعى يعيبون على قيادته أنها «تدرك جيداً أن الفائز معروف مسبقاً»، وهو عبد المجيد تبون. بينما يقول المؤيدون لفكرة الترشح إن الانتخابات «فرصة لتبليغ أفكار ومبادئ الحزب». وتعهد أوشيش بأن أول قرار سيتخذه، إذا أصبح رئيساً، سيكون الإفراج عن أكثر من 200 معتقل معارض للسلطة.

وزير الداخلية ومدير حملة الرئيس المترشح (الداخلية)

أما «المترشح الحر عبد المجيد تبون» (79 سنة)، كما يسميه الإعلام الرسمي، على أساس أنه لا ينتمي لأي حزب، فلم تذكر إدارة حملته أي شيء عن أجندة نشاطه. وقال أعضاء منها لـ«الشرق الأوسط»، إن مدير الحملة وزير الداخلية إبراهيم مراد سينظم الخميس مؤتمراً صحافياً، يقدم فيه تفاصيل نشاط تبون «الذي سيكون امتداداً لتعهداته في حملة استحقاق 2019»، وفق الأعضاء أنفسهم. وكان تبون أكد في وقت سابق أنه «مرشح الشباب والمجتمع المدني»، وأظهر خلال ولايته الأولى حرصاً على إبعاد أحزاب السلطة عنه، بذريعة أنها «رمز للفساد السياسي» خلال فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).

ومن أكبر التحديات التي تواجه المترشحين «عزوف الناخبين»، فقد شهدت الاستحقاقات الرئاسية (نهاية 2019) واستفتاء الدستور (2020)، ثم انتخابات البرلمان والبلدية المبكرة (2021)، غياباً شبه كامل للناخبين، وكان لذلك ارتباط بالحراك الشعبي المعارض للسلطة، الذي رفض هذا المسار الانتخابي، بحجة أنه لا يعكس المطالب الشعبية ذات الصلة بالتداول على الحكم، والحريات والديمقراطية.

كما أن من «سيئات» انتخابات 2024 أنها جاءت في عز الصيف، وحرارته الشديدة، التي لا تشجع، حسب مراقبين، على حضور المهرجانات والتجمعات الدعائية، خصوصاً بالمناطق التي تبعد عن الساحل وتقترب من الصحراء.

وتعد الحملة والانتخابات عامة بالنسبة لغالبية المراقبين مجرد «شكليات»، كون النتيجة محسومة حسبهم لتبون، وذلك لعدة اعتبارات، أولها أن قيادة الجيش تدعمه، وقد صرحت بذلك علناً في مجلتها الشهرية مطلع العام. كما أن تعيين وزير الداخلية مديراً لحملته مؤشر على أن الفرص غير متكافئة بين المترشحين الثلاثة، على أساس أن للداخلية نفوذاً كبيراً في تنظيم العمليات الانتخابية، كما أن للولاة في المحافظات، الذين يتبعون لها، دوراً بارزاً فيها أيضاً. لذلك فإن تولي مراد مديرية حملة تبون قرأه مناضلون في «حمس» و«القوى الاشتراكية» على أنه «تعليمات من الحكومة على توجيه مقدرات الدولة محلياً لمصلحة مترشح واحد».

ووضع تبون بصفته رئيساً للجمهورية وزيره مراد في «إجازة خاصة» بمرسوم، إلى غاية انتهاء الحملة. وسيعود بدءاً من الرابع من الشهر المقبل إلى منصبه، أي قبل ثلاثة أيام من الاقتراع. وهذا التصرف لم يسبقه إليه أي رئيس من قبل. فبوتفليقة كان أجرى تعديلاً حكومياً أنهى بموجبه مهام وزير الموارد المائية عبد المالك سلال، لمّا اختاره مديراً لحملته الانتخابية في 2014، وبعد انتخابه لولاية رابعة أعاده إلى الحكومة وفق تعديل حكومي، علماً بأن سلال يقضي حالياً عقوبة ثقيلة بالسجن بتهمة «الفساد».

محمد شرفي رئيس سلطة مراقبة الانتخابات (الشرق الأوسط)

في سياق ذي صلة، صرّح محمد شرفي رئيس «سلطة مراقبة الانتخابات»، خلال مؤتمر صحافي، أن عدد أعضاء اللائحة الانتخابية وصل بعد مراجعتها، إلى 24 مليوناً و351 ألف ناخب، منهم 865 ألفاً يقيمون خارج الجزائر.



استمرار مفاوضات جنيف رغم غياب الجيش السوداني

سودانيات تجمعن أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف دعماً لمفاوضات وقف الحرب (أ.ف.ب)
سودانيات تجمعن أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف دعماً لمفاوضات وقف الحرب (أ.ف.ب)
TT

استمرار مفاوضات جنيف رغم غياب الجيش السوداني

سودانيات تجمعن أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف دعماً لمفاوضات وقف الحرب (أ.ف.ب)
سودانيات تجمعن أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف دعماً لمفاوضات وقف الحرب (أ.ف.ب)

طرح رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، موقفاً جديداً بشأن مفاوضات سويسرا، مبدياً «عدم ممانعته من الجلوس مع المسهلين لمنبر جدة للنقاش معهم حول كيفية التنفيذ»، لكنه في الوقت نفسه جدد التأكيد على رفضه «لتوسعة قائمة المسهلين».

وجاء حديث البرهان عقب اتصال هاتفي تلقاه، ليل الأربعاء – الخميس، من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يتعلق بسير المفاوضات الجارية حالياً في سويسرا.

من مؤتمر صحافي للمبعوث الأميركي إلى السودان عقده في مقر البعثة الأميركية بجنيف (إ.ب.أ)

ولليوم الثاني على التوالي، تواصلت، الخميس، في جنيف، مفاوضات وقف الحرب وآلياتها وحماية المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية، بمشاركة وفد «الدعم السريع»، بينما لم يحصل الوسطاء على رد قاطع من الجيش بالمشاركة.

وقال المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريلو، على منصة «إكس»: «نواصل عملنا الدؤوب مع الشركاء الدوليين لإنقاذ الأرواح، وضمان تحقيق نتائج ملموسة تتضمن تنفيذ مبادئ إعلان جدة».

وبدوره، أوضح البرهان، وفق إعلام مجلس السيادة، أنه أبلغ الوزير الأميركي بلينكن «بأن الموقف السوداني الثابت هو التمسك بتنفيذ إعلان جدة حسب الرؤية التي تم تقديمها لأطراف منبر جدة. وليس هنالك مانع من الجلوس مع المسهلين لمنبر جدة للنقاش معهم حول كيفية التنفيذ، مع تأكيد الرفض لتوسعة قائمة المسهلين».

وكانت الخارجية الأميركية أعلنت، في بيان، أن الوزير بلينكن أكد للبرهان «أهمية المشاركة في مفاوضات السلام الجارية في سويسرا للتوصل إلى التنفيذ الكامل لإعلان جدة بغرض حماية المدنيين».

البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة جبيت العسكرية (شرق) 31 يوليو (أ.ف.ب)

وقال بلينكن، خلال الاتصال الهاتفي: «إن المجتمع الدولي قد اجتمع لدعم هذه المفاوضات التي تتشارك سويسرا والمملكة العربية السعودية في استضافتها، بهدف وقف الأعمال العدائية، وضمان الوصول الإنساني، وإنشاء آلية جديدة لمراقبة التنفيذ».

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى، أن هناك تحركات واتصالات مكثفة من قبل مسؤولين غريبين وإقليميين لحضّ قادة الجيش السوداني على الانخراط في المفاوضات «بوصفها فرصة مهمة لما سيترتب على ذلك بعدها».

وفي السياق، قالت مسؤولة أميركية في لقاءات جانبية مع مجموعات محددة من النشطاء السودانيين: «لدينا شركاء يعملون بكل جدية على إقناع قادة الجيش السوداني للحاق بالمحادثات في جنيف».

وحول ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق مع وفد «الدعم السريع» قالت: «هذا الأمر ليس محل نقاش، نركز حالياً على القضايا المهمة المتعلقة بوقف القتال وحماية المدنيين والمساعدات الإنسانية».

عائلة سودانية نازحة في كسلا (أ.ف.ب)

وفي موازاة ذلك، عرض السفير النرويجي، أندريه ستيانسن، خلال لقائه البرهان، الأربعاء، توسط بلاده لتقريب وجهات النظر بين الحكومة في بورتسودان والإدارة الأميركية، فيما يتعلق باجتماعات جنيف.

وذكر إعلام «السيادة» أن البرهان أكد خلال لقاء السفير المنتهية ولايته، «حرص السودان على الحوار مع الجانب الأميركي»، إلا أنه تحدث عن «خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها تتعلق بتنفيذ مخرجات منبر جدة واختيار المراقبين لأي محادثات».

ووفق المبعوث الأميركي، توم بيرليو، فإن النقاشات في اليوم الأول من المفاوضات، «ركزت على بحث مجموعات صغيرة مع خبراء فنيين، في أفكار لامتثال الأطراف لإعلان جدة».

وتأتي محادثات جنيف في أعقاب تعثر المفاوضات التي جرت بين طرفي الصراع في السودان؛ الجيش و«قوات الدعم السريع» في جولات سابقة استضافتها المملكة العربية السعودية في جدة، وفي العاصمة البحرينية المنامة.