واشنطن مصرّة على اجتماع جنيف حول السودان

البلاد عند «نقطة انهيار كارثية»... وتوقع عشرات الآلاف من الوفيات

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)
TT

واشنطن مصرّة على اجتماع جنيف حول السودان

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)

أعلنت الولايات المتحدة، الاثنين، أنها تريد بدء محادثات بشأن السودان هذا الأسبوع في سويسرا «حتى في غياب» ممثلي الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان الذي أبدى تحفظات على الطرح الأميركي.

وقال المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو في مؤتمر صحافي في جنيف: «أجرينا مناقشات معمّقة مع الجيش السوداني لكنهم لم يعطونا تأكيداً بعد» فيما يتعلّق بمجيئهم في 14 أغسطس (آب) إلى سويسرا، ولكن «سنمضي قدماً في هذا الحدث (...) وهذا ما جرى توضيحه للطرفين»، الجيش و«الدعم السريع».

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيريللو (رويترز)

وقبل يومين على انطلاق المفاوضات في جنيف، فاجأت حكومة بورتسودان المراقبين والمواطنين ببيان يُفهم منه أنها «لن تذهب» إلى جنيف، وبالتالي الحكم بالموت على المفاوضات التي علَّق عليها ملايين الضحايا السودانيين آمالاً عريضة، قبل أن تبدأ. وأعلن وفد الحكومة إلى مشاورات جدة الاستهلالية، في بيان، «تمسكه» بـ«إعلان جدة الإنساني»، وعدم قناعته «بجدوى إنشاء منبر جديد»، ورفض مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة بصفة مراقب، وهو ما فُهم منه على نطاق واسع، أن الجيش «لا يريد» المشاركة في مفاوضات جنيف، وأنه يتذرع أو «يناور» بالحديث عن «اتفاق جدة».

إضافة إلى ذلك، حذرت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، من أن السودان وصل إلى «نقطة انهيار كارثية»، مع توقع تسجيل عشرات الآلاف من الوفيات التي يمكن تفاديها جراء الأزمات المتعددة.

وأشارت المنظمة إلى أنّ المجاعة والفيضانات أُضيفت إلى قائمة التحديات التي يواجهها ملايين الأشخاص في البلاد التي مزّقتها الحرب، في ظلّ أكبر أزمة نزوح في العالم.

عائلات سودانية نازحة في ولاية كسلا بالسودان (رويترز)

وقال عثمان بلبيسي المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، في بيان: «هذه الظروف ستستمر وتزداد سوءاً إذا استمر الصراع والقيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية».وأضاف: «دون استجابة عالمية فورية واسعة النطاق ومنسقة، فإننا نخاطر بأن نكون شاهدين على عشرات الآلاف من الوفيات التي يمكن تفاديها في الأشهر المقبلة. نحن عند نقطة الانهيار، نقطة انهيار كارثية».

ويشهد السودان حرباً منذ أبريل (نيسان) 2023 بين قوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، والجيش الذي يقوده عبد الفتاح البرهان، أوقعت إلى الآن عشرات آلاف القتلى، وأدت إلى أزمة إنسانية.

وأشارت المنظمة الدولية للهجرة، إلى أنّ الأرقام الأخيرة أظهرت أنّ هناك أكثر من 10.7 مليون نازح داخلياً في السودان، وقد نزح كثير منهم مرّات عدة. وفي الوقت نفسه، فرّ 2.3 مليون شخص عبر الحدود إلى الدول المجاورة.

رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

ووفق المنظمة الدولية للهجرة، فقد أدّت الفيضانات إلى تشريد أكثر من 20 ألف شخص منذ يونيو (حزيران) في 11 من ولايات السودان الثماني عشرة، مشيرة في الوقت نفسه إلى تدمير البنية التحتية بفعل هذه الفيضانات؛ ما أدّى إلى تعطيل وصول الإمدادات الحيوية.

وبالمجمل، نزح أكثر من 45 ألف شخص خلال الأسبوعين الماضيين، فر أكثر من 38 ألفاً منهم عبر الحدود. وبحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي تعتمده الأمم المتحدة، فقد دفع الصراع مخيّم زمزم بالقرب من مدينة الفاشر المحاصرة في دارفور إلى المجاعة.

وأكدت المنظمة أنّ هناك حاجة إلى «تمويل عاجل... من أجل أولئك الذين ما زالوا بحاجة ماسّة إلى الغذاء والمأوى والمياه والخدمات الصحية والحماية المتخصّصة».

وفي السياق نفسه، من المقرر أن تقدم الولايات المتحدة مساعدة إنسانية إضافية بقيمة 95 مليون دولار لـ700 ألف شخص في المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في الدولة الأفريقية.

المنظمة الدولية للهجرة تحذر من أن السودان وصل إلى نقطة انهيار كارثية (أ.ف.ب)

وقالت السفارة الأميركية في جوبا، عاصمة جنوب السودان، في بيان عبر البريد الإلكتروني، إن الأموال التي جرى توفيرها من خلال وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ترفع المبلغ الإجمالي المقدم للبلاد منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول) إلى 508 ملايين دولار.

ويواجه أكثر من 7 ملايين شخص في دولة جنوب السودان مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق وكالة «بلومبرغ» للأنباء.

وقالت السفارة: «هؤلاء الأفراد غالباً ما يصلون لجنوب أفريقيا، وهم يعانون انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وبممتلكات قليلة أو دون ممتلكات على الإطلاق. وعلاوة على ذلك، قد يتأثر ما يصل إلى 3.3 مليون شخص سلباً بالفيضانات عبر جنوب السودان في الشهور المقبلة».


مقالات ذات صلة

«منظمة الهجرة»: عشرات آلاف السودانيين عُرضة للموت إذا لم يكثف العالم التبرعات

شمال افريقيا سوداني يجلس وسط الدمار في قريته بالقرب من مدينة دنقلا بشمال السودان يوم 11 أغسطس 2024 حيث دمرت مياه الفيضانات المنطقة مما أدى إلى تعطيل النقل وتدمير المنازل وتشريد آلاف الناس (أ.ف.ب)

«منظمة الهجرة»: عشرات آلاف السودانيين عُرضة للموت إذا لم يكثف العالم التبرعات

أعلنت «المنظمة الدولية للهجرة»، اليوم (الثلاثاء)، أن العالم لا يبذل ما يكفي من الجهود لمكافحة أكبر أزمة نزوح في العالم بالسودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا 
المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيريلو (رويترز)

تحذير أممي: السودان عند نقطة انهيار كارثية

أعلنت الولايات المتحدة، أمس، تمسكها ببدء محادثات بشأن السودان هذا الأسبوع في جنيف، «حتى في غياب» ممثلي الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، الذي أبدى تحفظات.

شمال افريقيا محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أ.ف.ب)

حميدتي: سنشارك في مفاوضات سويسرا لوقف الحرب السودانية فوراً

أقر قائد «الدعم السريع» بأن البلاد «تمر بحالة من الانهيار جراء الحرب التي تسببت بفوضى، وفراغ أمني كبير»

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
تحليل إخباري قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)

تحليل إخباري خبراء لا يستبعدون اتساع نطاق الحرب بالسودان... وتفشي المجاعة

قال اللواء المتقاعد كمال إسماعيل لـ«الشرق الأوسط» إن حرب السودان «ليس فيها منتصر أو مهزوم... والمهزوم الأكبر هو الشعب»، وإنها «لن تنتهي إلاّ بالتفاوض».

أحمد يونس (كمبالا)
العالم العربي المنظمة الدولية للهجرة تحذر من أن السودان وصل إلى نقطة انهيار كارثية (أ.ف.ب)

السودان عند «نقطة انهيار كارثية»

حذرت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، من أن السودان وصل إلى «نقطة انهيار كارثية».

«الشرق الأوسط» (جنيف)

اسم مفتي مصر الجديد يثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية الجديد (مجمع البحوث الإسلامية)
الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية الجديد (مجمع البحوث الإسلامية)
TT

اسم مفتي مصر الجديد يثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية الجديد (مجمع البحوث الإسلامية)
الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية الجديد (مجمع البحوث الإسلامية)

ما إن تم الإعلان عن تعيين الدكتور نظير عياد مفتياً جديداً في مصر، حتى التقطته سريعاً منصات التواصل الاجتماعي، واعتلى هاشتاغ «#المفتي_الجديد» قائمة «التريند» في مصر، والأكثر بحثاً خلال الساعات الماضية، بسبب الاسم، الذي بدا لدى البعض «نادراً وغريباً»، خصوصاً في الأوساط الدينية الإسلامية.

ونشرت الجريدة الرسمية في مصر، الاثنين، قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتعيين الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، مفتياً للجمهورية لمدة 4 سنوات، خلفاً للدكتور شوقي علام، بعد انتهاء مدته.

وعياد هو المفتي الـ20 في تاريخ دار الإفتاء المصرية منذ عام 1859.

وأثار اسم نظير عياد تفاعلاً على «السوشيال ميديا»، حيث عبّر روادها عن غرابته على أسماعهم، وأنه غير مألوف على آذانهم.

وربط الكثير من الحسابات بين اسم المفتي الجديد وبين بابا الأقباط السابق في مصر البابا شنودة الثالث، الذي كان يحمل اسم نظير جيد قبل الرهبنة، معتبرين أن «تشابه الأسماء من اللطائف في مصر».

وهو الربط الذي امتد إلى تساؤل البعض في سخرية حول ديانة المفتي الجديد، وهل هو مسلم أم مسيحي الديانة؟

وأطلق آخرون لقب «قداسة المفتي أبونا نظير عياد». بينما قام الكثير من الرواد بنشر اسم المفتي الجديد ثلاثياً «نظير محمد عياد».

وأثار التخصص العلمي للمفتي الجديد في مجال العقيدة والفلسفة تساؤلات من جانب البعض، حيث رأوا أنه كان من الأفضل اختيار متخصص في أي فرع من فروع الفقه لشغل منصب المفتي.

وحصل عياد على ليسانس أصول الدين في العقيدة والفلسفة عام 1995، كما نال الماجستير في أصول الدين تخصص العقيدة والفلسفة عام 2000، والدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى عام 2003، بحسب مجمع البحوث الإسلامية.

وتدرج عياد في الوظائف الأكاديمية بدءاً من العمل معيداً، ثم مدرساً مساعداً ثم مدرساً، ثم أستاذاً مساعداً في كلية أصول الدين جامعة المنصورة، حتى انتقل إلى كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بكفر الشيخ أستاذاً مساعداً للعقيدة والفلسفة بقسم العقيدة والفلسفة، ثم حصل على الأستاذية عام 2016.

من جانب آخر، تداول رواد آخرون ما نشره حساب الأزهر الشريف من توضيح أن قرار اختيار المفتي الجديد جاء بناءً على ترشيح من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.

وكذلك نشر آخرون تهنئة الإمام الأكبر للمفتي الجديد، ودعاءه له أن يُوفَّق في الارتقاء بمنظومة العمل في دار الإفتاء المصرية. كما قال شيخ الأزهر: «لقد امتحنكم الله تعالى بهذا المنصب المهم، وكم هو أمر جلل ومسؤولية كبري؛ فسخّره في صناعة الخير للناس والتيسير عليهم».

وإلى جانب عمله في منصب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية التابع لمؤسسة الأزهر الشريف في أبريل (نيسان) عام 2019، تقلّد عياد مناصب عدة أخرى، منها عضويته بالمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، وعضويته باللجنة النقابية للعاملين بالبحث العلمي بالأزهر الشريف، وعضويته ببيت العائلة المصرية، وفريق حماية البيئة ومكافحة الإدمان بوزارة الشباب المصرية.

كما أثرى عياد المجلات العلمية بالكثير من المؤلفات التي تزيد على ثلاثين مؤلفاً في تخصصات: علم الكلام، الفلسفة والمنطق، الفرق والمذاهب والأديان، التصوف، وبعض العلوم والفنون الأخرى.

وفي تفاعل آخر، تناقل بعض رواد «السوشيال ميديا» فيما بينهم مقطع فيديو تظهر فيه والدة المفتي الجديد عقب قرار تعيينه، تقول فيه: «ربنا يجعلها رحلة الخير عليك يا ولدي».

إلى ذلك، وفي أول تعليق منه عقب اختياره، قال المفتي إنه سيعمل بكل جهد للحفاظ على الدور الرائد لدار الإفتاء المصرية على المستويين المحلي والدولي، بما ينعكس على نشر صحيح الدين كما أراده الله دون إفراط أو تفريط.

كما أكد عياد أهمية التعاون والتنسيق المشترك بين المؤسسات الدينية في مصر من جانب وبينها وبين المؤسسات الدينية في العالمين الإسلامي والعربي من جانب آخر، لافتاً إلى أن التعاون والتكامل من شأنهما أن يحققا صالح الخطاب الديني ويدعما المنهج الوسطي تحت مظلة الأزهر الشريف، ويسهما في ضبط الخطاب الإفتائي الذي يراعي واقع الناس وحالهم.