الإطفائيون يسيطرون على حرائق استدعت إجلاء سكان في منطقة القبائل الجزائرية

من حرائق منطقة الغابات (أ.ف.ب)
من حرائق منطقة الغابات (أ.ف.ب)
TT

الإطفائيون يسيطرون على حرائق استدعت إجلاء سكان في منطقة القبائل الجزائرية

من حرائق منطقة الغابات (أ.ف.ب)
من حرائق منطقة الغابات (أ.ف.ب)

سيطر عناصر الإطفاء بحلول ليل الأحد - الاثنين، على معظم الحرائق التي كانت قد اندلعت في الجزائر الجمعة، في منطقتي تيزي وزو وبجاية بمنطقة القبائل (شمال شرق)، لكنّ ذلك تطلّب إجلاء عشرات السكان، بحسب الحماية المدنيّة وروايات شهود عيان جمعها مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأجلي سكّان لم يُحدّد عددهم، مع اقتراب النيران من مناطقهم في ولاية تيزي وزو، وفق ما أفاد المدير العام للغابات جمال طواهرية، موقع «النهار أونلاين» الإخباري الجزائري.

إطلالة على منطقة الحرائق (أ.ف.ب)

ومنذ الجمعة، شهدت ولاية تيزي وزو حرائق عدة، تمت السيطرة عليها أو في طور أن تكون كذلك، وفق ما أفاد المسؤول في الحماية المدنية نسيم برناوي، الذي قال في آيت فراح التي تبعد نحو 25 كلم عن تيزي وزو، إن «الوضع تحت السيطرة»، لكنه أشار إلى حرائق لا تزال مشتعلة في مناطق «يصعب الوصول إليها».

وتمت تعبئة أكثر من 800 إطفائي و187 عربة تدخّل، و7 طائرات لمكافحة الحرائق التي أتت على بساتين زيتون ومساحات زراعية واجتاحت مزارع للدواجن والنحل وبعض المنازل، وفق الوكالة الفرنسية.

وحسب تقرير أولي صادر عن خدمات الحفاظ على الغابات في تيزي وزو، فقد دمرت الحرائق مئات الهكتارات من الغطاء النباتي. وقال أحد السكان المدعو فريد فريح، إن «ألسنة اللهب وصلت إلى آيت فراح السبت. وبدأ سكان القرية تنظيف الأحراش على عجل لمنع امتداد النيران إلى قرى أخرى». ودعم عشرات القرويين فرق الإطفاء لساعات عدّة.

مواطنون وعناصر إطفاء في منطقة الحرائق (أ.ف.ب)

من جهته، قال عبد المالك محمد، المتطوع في الهلال الأحمر الجزائري: «جئنا إلى هنا لتقديم الإسعافات الأولية للأهالي، وكذلك لمساعدتهم في تخطي محنة سببت حالة من الذعر في المنطقة».

وفي بجاية، أمرت السلطات إجلاء نحو 20 أسرة من قرية مزوارة الواقعة على مقربة من غابة أكفادو، حيث اندلع الحريق الأحد. ووفق لقطات فيديو تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، ألقت طائرة قاذفة للمياه حمولات عدة فوق الغابة.

وكل موسم صيف، تشهد الجزائر حرائق غابات في ظاهرة آخذة بالتفاقم كل عام، بفعل التغيّر المناخي الذي يسبب جفافاً وموجات حر تجعل الغطاء النباتي أكثر هشاشة.

فرق الإطفاء في تيزي وزو (أ.ف.ب)

وفي نهاية يوليو (تموز) 2023، اجتاحت حرائق، مناطق شمال شرقي البلاد، خصوصاً في ولاية بجاية، حيث قضى 34 شخصاً على الأقل، وأتت النيران على آلاف الهكتارات من مساحات الغابات والأراضي الزراعية وعلى مئات المنازل. وفي أغسطس (آب) 2022، قضى 37 شخصاً بمحيط الطارف في حرائق كبرى اجتاحت المنطقة.

وكانت سجّلت في صيف 2021 أكبر حصيلة وفيات من جراء الحرائق منذ عقود، إذ قضى أكثر من 90 شخصاً في حرائق غابات اجتاحت شمال البلاد.



خبراء لا يستبعدون اتساع نطاق الحرب... وتفشي المجاعة

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)
TT

خبراء لا يستبعدون اتساع نطاق الحرب... وتفشي المجاعة

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)
قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)

قبل يومين على انطلاق مفاوضات جنيف، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، فاجأت حكومة بورتسودان المراقبين والمواطنين ببيان يُفهم منه أنها «لن تذهب» إلى جنيف، وبالتالي الحكم بالموت على المفاوضات التي علَّق عليها ملايين الضحايا السودانيين آمالاً عريضة، قبل أن تبدأ.

وأعلن وفد الحكومة إلى مشاورات جدة الاستهلالية، في بيان، «تمسكه» بـ«إعلان جدة الإنساني»، وعدم قناعته «بجدوى إنشاء منبر جديد»، ورفض مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة بصفة مراقب، وهو ما فُهم منه على نطاق واسع، أن الجيش «لا يريد» المشاركة في مفاوضات جنيف، وأنه يتذرع أو «يناور» بالحديث عن «اتفاق جدة».

بورتسودان تتمسك بما تسميه «التفاوض باسم حكومة السودان» وليس الجيش، فيما تقول واشنطن إن الدعوة وُجِّهت إلى طرفي القتال، وإن مفاوضات «وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، وإيصال المساعدات الإنسانية» تتطلب تفاوض المتقاتلين، وبالتالي على الجيش إرسال «وفد عسكري بمستوى عالٍ» للتفاوض.

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيريللو (رويترز)

«قوات الدعم السريع»، رغم إعلانها قبول المفاوضات في جنيف، تخوص عمليات عسكرية في عدة جبهات، لا سيما في الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور. ولا يُعرف ما إن كانت هذه العمليات بغرض تحسين الوضع التفاوضي، أم وضع مزيد من الضغط على الجيش ليقبل التفاوض، فالحرب بعيدة عن ثلاث ولايات فقط، بينما 15 ولاية من ولايات البلاد الـ18 تعاني الحرب جزئياً أو كلياً.

ووفق خبراء، فإن أسوأ السيناريوهات المتوقعة إزاء رفض الجيش الذهاب إلى جنيف، هو أن يجد المجتمع الإقليمي - الدولي نفسه أمام خيارات صعبة، تتراوح بين الرغبة في تدخل قوي لوقف الحرب، وفرض عقوبات على الطرف الرافض للتفاوض... لكن ما يُضعف هذا السيناريو، هو الانقسام الدولي الراهن، والانشغال بحروب أخرى تلقى اهتماماً أكبر، مثل الحرب الروسية - الأوكرانية، والحرب في غزة.

فآلية مجلس الأمن شبه معطَّلة، إزاء وضع السودان، حيث إن روسيا التي تقف إلى جانب الجيش، لن تسمح بتمرير قرار يؤثر سلباً على حليفها وأطماعها في المنطقة، فضلاً عن أن تجربة التدخلات الدولية من دون مظلة مجلس الأمن، لا سيما في «الحالة الليبية»، كانت مخيِّبة للآمال ونتائجها كارثية ولا تزال، فما إذن السيناريوهات التي على السودانيين توقعها؟

عائلات نازحة بولاية كسلا في 10 يوليو 2024 (رويترز)

القيادي في «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)»، ووالي كسلا السابق صالح عمار، يرى أن «السيناريو الأقرب هو توسع نطاق الحرب لتشمل كل السودان، وأن تشتد نيرانها وأوارها أكثر إذا فشل التفاوض... وسيؤدي ذلك إلى زيادة واشتداد المعاناة الإنسانية ووصول المجاعة لكل السودان، واكتمال انهيار البلاد».

وقال عمار إن «أمام المجتمع الدولي خياراً واحداً في حال تعثر المفاوضات، يتمثل في إرسال قوات على الأرض بشكل عاجل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى ملايين المواطنين الذين تتهددهم المجاعة». وأضاف: «كان على العالم منذ بداية الحرب إرسال قوات على الأرض، لكن ما دام تعذر ذلك، فإنه تقع عليه الآن مهمة إنسانية صرفة، تتمثل في تأمين إيصال المساعدات إلى مستحقيها، فالموضوع الإنساني أمر عاجل وحرج، ويجب على العالم إرسال قوات لتأمين إيصال المساعدات إلى المستحقين».

من جهته، أكد الخبير العسكري اللواء المتقاعد كمال إسماعيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن حرب السودان ليس فيها «منتصر أو مهزوم، وأن المهزوم الأكبر هو الشعب»، وأنها «لن تنتهي إلّا بالتفاوض»، لذلك على طرفي الحرب الاستجابة لدعوة التفاوض.

عنصر من الجيش السوداني يمرّ بين منازل متضررة جراء الحرب في مدينة أم درمان بالخرطوم (أرشيفية - رويترز)

وحذر من احتمالات لجوء المجتمع الدولي إلى «إجراءات أخرى» –لم يسمِّها– ضد من يرفض التفاوض، وهو سيناريو واحد «قرارات دولية مختلفة قد لا تكون لصالح الطرف الرافض»، وتابع قائلاً: «نحن لن نقف مع الطرف الذي يرفض التفاوض، لأننا حريصون على حياة شعبنا ورفاهيته، ولن نقبل هذا اللامعقول من أجل أغراض غير معقولة».

وقطع بأن من يرفض وقف الحرب «معروف»، بقوله: «من يقف مع الحرب ويؤيد استمرارها يتحمل مسؤولية كل هذه التجاوزات التي حدثت للسودانيين نتيجةً للحرب».

وعدَّ الخبير العسكري ذهاب وفد إلى جدة للتفاوض باسم الحكومة «خطأ استراتيجياً»، وقال: «الجيش و(الدعم السريع) هما المسؤولان عن وقف الحرب، أما أن ترسل وفداً باسم حكومة غير موجودة على الأرض، وغير معترف بها، فإن ذلك يُحمِّل الجيش المسؤولية عن الفشل في حماية الوطن والشعب».

فهل ستتحول ما سمّاها رئيس وفد بورتسودان إلى جدة، محمد بشير إبونمو، «تهديدات أميركية»، إلى واقع على أرض السودان، أم أن واشنطن ستكتفي بفرض عقوبات جديدة على الطرف المتعنت، وستقنع مجلس الأمن المتشظي، باتخاذ قرارات محددة في هذا السياق؟