مباحثات مصرية - ليبية حول «تأمين الحدود والإعمار»

مدبولي استقبل حمّاد بالعلمين في أول زيارة له خارج البلاد

مباحثات مصرية - ليبية حول «تأمين الحدود والإعمار»
TT

مباحثات مصرية - ليبية حول «تأمين الحدود والإعمار»

مباحثات مصرية - ليبية حول «تأمين الحدود والإعمار»

فرضت ملفات «تأمين الحدود، والإعمار والتنمية»، نفسها على اجتماع رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، ونظيره الليبي أسامة حمّاد، الذي استقبله في مدينة العلمين بالساحل الشمالي الغربي، الأحد، بالإضافة إلى مناقشة قضايا مختلفة عديدة.

وفي أول زيارة له خارج بلده بصفته رئيساً لحكومة ليبية، وصل حمّاد إلى مصر، بمرافقة مدير عام «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا» بلقاسم حفتر، ومدير عام جهاز الإمداد الطبي والخدمات الطبية والعلاجية، حاتم العريبي.

ورأى متابعون ليبيون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أن زيارة حمّاد بمثابة اعتراف مصري بحكومته، التي لا تحظى بذلك دولياً منذ تشكيلها في مارس (آذار) 2022.

اجتماع مدبولي وحماد بالعلمين المصرية (الحكومة الليبية)

وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا؛ الأولى هي حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها، والثانية حكومة حمّاد المدعومة من مجلس النواب، وتتمركز في شرق ليبيا.

وفي مستهلّ اللقاء أكّد مدبولي «الدعم الكامل» للشعب الليبي، وحِرص مصر على دعم وتعزيز سبل التعاون الثنائي مع ليبيا في المجالات كافةً، منوِّهاً بـ«الدور الكبير» الذي تقوم به الشركات المصرية في أعمال «إعادة إعمار ليبيا».

وقال مكتب الإعلام للحكومة الليبية التي تتخذ من شرق البلاد مقراً لها، إن حماد ومدبولي بحثا في التعاون في عدد من الملفات، من بينها «تأمين الحدود، والإعمار والتنمية»، كما تطرّقت المحادثات إلى القضايا المشتركة بين البلدين، مشيراً إلى أنه «سيتم تفعيل عدد من الاتفاقيات، وتشكيل لجان وزارية من الدولتين للإشراف عليها».

مدبولي يتوسط حماد وبلقاسم حفتر خلال استقبالهما في العلمين المصرية (الحكومة الليبية)

ونقلت الحكومة الليبية أن رئيسها، ومدير عام صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، ثمّنا «جهود دولة مصر الشقيقة في عملية الإعمار عبر الشركات التابعة لها». وأكّد الأخير «رغبة الدولة الليبية بالمزيد من الشركات المختصة في إعادة الإعمار، والتوسع في المشاريع الخدمية والتنموية في أنحاء البلاد كافة».

وبينما أكّد بلقاسم على «أهمية تسهيل حركة دخول البضائع عبر المنفَذ البري بين الدوليتين»، ثمّن وقوف مصر مع الشعب الليبي خلال كارثة إعصار دانيال، التي أضرّت بمدن الجبل الأخضر العام الماضي.

من جانبه تحدث مدير عام جهاز الإمداد الطبي والخدمات الطبية والعلاجية في بنغازي، عن ضرورة «الاستفادة من الخبرات المصرية في مجال الطب والأدوية، والاستفادة من استجلاب العناصر الطبية والطبية المساعدة للعمل في ليبيا، وتدريب الكوادر الطبية الليبية، وتفعيل الاتفاقيات في هذا المجال».

مدبولي مستقبلاً حماد بالعلمين في أول زيارة له خارج بلاده (الحكومة الليبية)

وعدّ محمد امطيريد، الباحث والمحلّل السياسي الليبي، زيارة حمّاد إلى مصر واجتماعه مع مدبولي، «دليلاً على قوة العلاقات التي تربط الجانبين، والتعاون في ملفات عديدة، من بينها الإعمار والتنمية».

وأضاف امطيريد لـ«الشرق الأوسط» أن الزيارة تأتي أيضاً في إطار تطوير التعاون بين الجانبين، في ظل ما تقوم به شركات المقاولات المصرية من عمليات تشييد واسعة في مدن عدة بشرق ليبيا.

ولمصر علاقات أيضاً مع حكومة طرابلس برئاسة الدبيبة، وسبق أن وقّعا 13 اتفاقية مشتركة في سبتمبر (أيلول) 2021، وتضمّنت مجالات المواصلات، والكهرباء، والبترول، بالإضافة إلى البنية التحتية، والشباب والرياضة، والتأمينات الاجتماعية.

واستقبل مدبولي، في 14 يوليو (تموز) الماضي للمرة الثانية، الدبيبة، الذي كان يزور القاهرة؛ للمشاركة في «المؤتمر الاستعراضي الإقليمي الثاني للاتفاق العالمي للهجرة» بجامعة الدول العربية.

وإلى جانب شركات المقاولات المصرية العاملة في شرق ليبيا، يتولّى الائتلاف المكوّن من «أوراسكوم» و«حسن علام» و«روّاد الهندسة الحديثة»، تنفيذ مشاريع كبيرة في العاصمة طرابلس، من بينها مشروع الطريق الدائري الثالث، الذي تبلغ تكلفة تنفيذه 4.263 مليار دينار (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية)، بالإضافة إلى تنفيذ مشروع طريق غات - أوباري جنوب غربي ليبيا.


مقالات ذات صلة

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

شمال افريقيا الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

عضو مجلس النواب الليبي جبريل أوحيدة لـ«الشرق الأوسط» تعليقاً على تقرير ديوان المحاسبة: «ما نتوقعه من فساد وهدر للمال العام أكبر مما ورد بتقرير ديوان المحاسبة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)

رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

دافع عقيلة صالح عن مجلسه خلال زيارته إلى روما، وقال إن «الجمود في العملية السياسية ليس بسبب البرلمان؛ بل نتيجة القوة القاهرة التي ذكرتها مفوضية الانتخابات».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا مسؤولون ليبيون خلال عملية إنقاذ عدد من المهاجرين بعد تعطل مركبهم أثناء محاولتهم الهجرة السرية نحو أوروبا (الشرق الأوسط)

شبح «توطين المهاجرين» في ليبيا يستحضر نظام «الكفيل الخاص»

إلى جانب المخاطر الدستورية المحتملة، يخشى مراقبون من تهديدات «التوطين» للأمن القومي في ليبيا؛ إذ قد ينذر «باختراقات أمنية خطيرة وارتفاع معدلات الجريمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع الوفد الأممي مع القيادات المحلية في سبها جنوب ليبيا (البعثة الأممية)

خوري: حان الوقت ليمسك الليبيون بزمام أمورهم

ناقش وفد أممي بقيادة خوري، خلال زيارته مدينة سبها بجنوب ليبيا مع كبار المسؤولين العسكريين، تحسن الوضع الأمني في الجنوب وتحديات أمن الحدود.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة لسيف القذافي تداولها أنصاره على صفحاتهم الشخصية

تصريحات منسوبة لسيف القذافي تعيده للساحة السياسية الليبية

يُبقي أنصار سيف الإسلام القذافي عليه حاضراً في المشهد السياسي الراهن بتصريحات غير موثقة للتأكيد على قربه من الحياة العامة رغم أنه لم يظهر في مكان عام منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الدعم السريع» تكوّن حكومة مدنية موازية في الخرطوم

محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
TT

«الدعم السريع» تكوّن حكومة مدنية موازية في الخرطوم

محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

أعلنت «قوات الدعم السريع» تشكيل إدارة مدنية (حكومة ولائية) في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد تسعة عشر شهراً من سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الخرطوم بما في ذلك القصر الرئاسي والوزارات، وتكليف عبد اللطيف عبد الله الأمين الحسن رئيساً لها، وتسمية مجلس تأسيس مدني (مجلس تشريعي ولائي) من 90 شخصاً برئاسة نايل بابكر نايل المك ناصر، لتقديم الخدمات وبسط الأمن وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

وتضم ولاية الخرطوم سبع محليات أو تقسيمات إدارية هي: «الخرطوم، وجبل أولياء، والخرطوم بحري، وشرق النيل، وأم درمان، وأم بدة، وكرري»، ويسيطر الجيش منها في الخرطوم على «القيادة العامة، وسلاحَي الذخيرة والمدرعات»، ومناطق في منطقة مقرن النيلين، متاخمة لأم درمان، في حين تسيطر «الدعم السريع» على باقي الأنحاء والأحياء، والتي تضم القصر الرئاسي والوزارات.

وفي الخرطوم بحري يسيطر الجيش على بعض المناطق الشمالية وجسر الحلفايا التي استعادها مؤخراً، إلى مقراته العسكرية في شمال ووسط وشرق النيل، في حين تسيطر «الدعم السريع» على معظم الأنحاء، بما في ذلك مركزها.

وفي أم درمان يسيطر الجيش على كامل «محلية كرري شمال أم درمان، ومحلية أم درمان القديمة، وأجزاء من محلية أم بدة»، وتقع فيها منطقة كرري العسكرية ومطار وادي سيدنا وسلاح المهندسين، في حين تسيطر «الدعم السريع» على بقية أنحاء المحلية، وجنوب وغرب الولاية حتى جبل أولياء غربا.

ووفقاً للخريطة الجغرافية، فإن «قوات الدعم السريع» تسيطر بشكل شبه كامل على الولاية، لا سيما مدن الخرطوم والخرطوم بحري، وتفرض حصاراً مشدداً على الوحدات العسكرية الموجودة فيها، وتجعل منها جيوباً محاصرة.

منازل تعرضت للقصف في معارك دارت أخيراً بالخرطوم (أ.ب)

وفي مؤتمر صحافي عُقد بالخرطوم، الجمعة، أكد رئيس مجلس التأسيس المدني، المك ناصر، تشكيل برلمان ولائي أطلق عليه اسم «مجلس التأسيس المدني» من 90 عضواً يمثلون محليات الولاية المختلفة، بما في ذلك الشباب والمرأة والإدارة الأهلية والمهنيون والطرق الصوفية. وانتخب المجلس في جلسة إجرائية نايل بابكر نايل المك ناصر رئيساً له.

مجلس تأسيسي

وقالت «الدعم السريع» إن «مجلس التأسيس انتخب مجلساً للقضاء، وبدوره اختار رئيساً له، أدى أمامه رئيس مجلس التأسيس المدني (رئيس الإدارة الجديدة) اليمين الدستورية»، متعهداً بمباشرة مهامه في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين وحمايتهم وتقديم المساعدات المدنية لهم، واستعادة «أجهزة الدولة» التي انهارت بسبب الحرب لمدة عامين.

وظلت الخرطوم بلا حكومة أو إدارة مدنية منذ انتقال العاصمة إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، في حين يحكم «والي الخرطوم» المكلف من قبل قائد الجيش بعد انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 من مدينة أم درمان ومحلية كرري على وجه الخصوص، ولا يستطيع الوصول إلى معظم أنحاء الولاية.

وقال رئيس مجلس التأسيس المدني، المك ناصر، في المؤتمر الصحافي بالخرطوم، الجمعة، إن الفراغ الناتج عن الحرب أدى لغياب الخدمات الأساسية والضرورية؛ ما دفع مواطني الولاية للمطالبة بتكوين إدارة مدنية. وأضاف: «تداعى نفر كريم من مواطني ولاية الخرطوم، وأخذوا على عاتقهم تحمل المسؤولية التاريخية من أجل المواطن، وتواصلوا مع قيادات (الدعم السريع) بالولاية، وطلبوا منهم الموافقة على تأسيس إدارة مدنية تتولى تقديم الخدمات الأساسية، واستجابت (الدعم السريع) لمطلبهم».

وأوضح أن رئيس الإدارة المدنية، عبد اللطيف عبد الله الأمين الحسن، سيقوم بالتعاون مع مجلس التأسيس المدني بتشكيل جهاز تنفيذي يتولى تقديم الخدمات وتأمين وصول المساعدات الإنسانية لمواطني الخرطوم.

وقال رئيس الإدارة المدنية عبد اللطيف الحسن، إن تكليفه جاء انحيازاً لما أسماه «المواطن المغلوب على أمره، ومن أجل حفظ الأمن، وتوفير الخدمات الأساسية، وبناء السلام المجتمعي، وتوفير وإيصال المساعدات الإنسانية»، ودعا المهنيين والفنيين العاملين في ولاية الخرطوم لما أسماه «تحمل المسؤولية» بالعودة الفورية للعمل، ليقدموا الخدمات للمواطنين.

دعوة لوقف الحرب

وحضر المؤتمر عن «الدعم السريع» حذيفة أبو نوبة، رئيس المجلس الاستشاري لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والعقيد حسن محمد عبد الله الترابي رئيس دائرة التوجيه، ممثلاً للقوات.

ودعا المسؤول المدني الجديد من أطلق عليهم «أطراف الصراع»، إلى الحكمة وإنقاذ البلاد بوقف الحرب عاجلاً والعودة للتفاوض، وإلى التزام القانون الدولي الإنساني، وإلى الكف عن القصف الجوي للمستشفيات والأسواق ودور العبادة، واستهداف المدنيين وإلقاء البراميل المتفجرة عليهم، وناشد المنظمات العاملة في المجال الإنساني تقديم المساعدات لمواطني الخرطوم والسودان بالسرعة الممكنة.

من جهته، قال العقيد حسن محمد عبد الله الترابي، إن قواته تقدم الشهداء من أجل تحقيق الحكم المدني الديمقراطي في السودان، وتعهد بدعم الإدارة المدنية وحمايتها وحفظ الأمن، وبعدم التدخل في سير أعمال الإدارة المدنية لتعبر عن إرادة المواطنين، وأضاف: «قادة النظام القديم اختطفوا الخرطوم وذهبوا بها إلى بورتسودان مثلما اختطفوا الجيش؛ لذلك فإن انتخاب قيادة ميدانية يوقف عبث اختطاف الخرطوم سياسياً واقتصادياً، ويؤكد بقاء الخرطوم عاصمة للسودان».

وسبق أن شكّلت «قوات الدعم السريع» إدارات مدنية في عدد من مناطق سيطرتها في ولايات دارفور الأربع وولاية الجزيرة، ويُخشى على نطاق واسع من تطور الأوضاع إلى «حكومتين» تتنازعان السلطة في البلاد، أسوة بـ«الأنموذج الليبي».