وساطة محلية تنجح في وقف «اشتباكات تاجوراء» وسط تحشيدات عسكرية

قلق غربي من تحركات قوات حفتر... والمنفي لوضع تدابير «تخفف الاحتقان»

صور وزّعتها القوات البرية التابعة لحفتر لدورياتها جنوب غربي البلاد
صور وزّعتها القوات البرية التابعة لحفتر لدورياتها جنوب غربي البلاد
TT

وساطة محلية تنجح في وقف «اشتباكات تاجوراء» وسط تحشيدات عسكرية

صور وزّعتها القوات البرية التابعة لحفتر لدورياتها جنوب غربي البلاد
صور وزّعتها القوات البرية التابعة لحفتر لدورياتها جنوب غربي البلاد

أسفرت وساطة محلية، اليوم (السبت)، في العاصمة الليبية طرابلس، عن هدوء التوترات بين الميليشيات المسلحة، بعد مقتل 9 أشخاص وإصابة 25 شخصاً، في اشتباكات جرت بضاحية تاجوراء شرق المدينة، وفي غضون ذلك، حذّرت سفارات أميركا ودول غربية عدة، وبعثة الاتحاد الأوروبي من استمرار تحرك قوات الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر، صوب مدينة غدامس في الجنوب الغربي، بالقرب من الحدود المشتركة مع الجزائر.

ورصدت وسائل إعلام محلية بدء دخول قوة أمنية مشتركة، تضم «اللواء 111 مجحفل»، و«55 مشاة»، و«أسود تاجوراء»، وكلها محسوبة على حكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى منطقة تاجوراء بشرق طرابلس، ضمن اتفاق لأعيان وحكماء مصراتة وتاجوراء لفض النزاع بين كتيبة «رحبة الدروع»، وقوة مصراتة المشتركة.

وساطة محلية مكّنت من وقف التوترات بين الميليشيات المسلحة بعد مقتل 9 أشخاص وإصابة 25 شخصاً (أ.ف.ب)

وتحوّلت غالبية ضواحي طرابلس إلى ثكنات عسكرية، وسط استنفار واسع لجميع القوات المحسوبة على حكومة الدبيبة، التي واصلت صمتها ولم تعلق على هذه التطورات.

وأعلنت جامعة طرابلس إيقاف الدراسة، وتعليق الامتحانات، ووقف العمل الإداري بكل الكليات لحين إشعار آخر، بينما طالب «مركز طب الطوارئ والدعم» المواطنين بضرورة الابتعاد عن محيط الاشتباكات بمنطقتَي تاجوراء والقره بوللي.

بدورها، حذّرت شركة الكهرباء من انهيار الشبكة العامة نتيجة الاشتباكات في تاجوراء، التي قالت إنها أسفرت عن فصل 3 دوائر لخطوط النقل الرابطة بين طرابلس والخمس، وطالبت الجهات المعنية بسرعة التدخل، ووقف الاشتباكات؛ للسماح لفرقها الفنية بالوصول لمواقع الأضرار.

وتجاهلت الميليشيات المسلحة تعليمات المجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للجيش، بعودة القوات كافة إلى ثكناتها بشكل فوري، ومنع أي تحرك دون إذنه، بينما رصدت وسائل إعلام محلية استمرار إغلاق الطريق الساحلي من تاجوراء إلى قصر الأخيار، وسط استنفار عسكري في المنطقة، وتحشيد آليات عسكرية، مع سماع أصوات إطلاق نار متقطع.

في سياق ذلك، أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ ارتفاع حصيلة قتلى الاشتباكات في منطقة تاجوراء الساحلية، الواقعة على بُعد نحو 25 كيلومتراً شرق طرابلس، إلى 9 أشخاص، وتسجيل 16 إصابة إحداها خطيرة، مشيراً إلى أن من بين المصابين طفلاً أُصيب بشظية في منطقة الساق، بينما أعلن «مركز طب الطوارئ والدعم» نجاحه في إجلاء 64 عائلة عالقة من مناطق الاشتباك، إضافة إلى 8 أشخاص.

محمد المنفي أعلن اعتزامه اتخاذ تدابير تضمن الاستقرار وتخفف الاحتقان والاستقطاب (أ.ف.ب)

في المقابل، أعلن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، اعتزامه اتخاذ تدابير لم يحددها، تضمن الاستقرار وتخفف الاحتقان والاستقطاب، وتشمل إدارة مشتركة للإنفاق العام وعوائد النفط بشكل شفاف لمعالجة الاختناقات، والتخفيف من معاناة الشعب.

وعدّ المنفي في بيان، مساء الجمعة، أنه حان الأوان لتحقيق أهداف المسار الأمني العسكري، عبر لجنة وطنية موحدة للدفاع لضمان السيادة، وتحديد إطار زمني تفاوضي واقعي، ينهي الوجود الأجنبي، وتعنى أيضاً بصون الحدود والسواحل والمنشآت الاستراتيجية. وقال إن الاحتكام إلى الشعب بصفته مصدراً للسلطات، عبر الانتخابات والاستفتاءات أو الاستطلاعات، هو «السبيل إلى الحكم الرشيد وتجديد شرعية المؤسسات من عدمه».

في غضون ذلك، أعربت سفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، عن قلقها، الذي عكسه بيان بعثة الأمم المتحدة، بشأن التحركات العسكرية المستمرة في منطقة جنوب غربي ليبيا.

وعدّت في بيان لها، مساء الجمعة، أنه في ظل ما وصفته بـ«الجمود المستمر في العملية السياسية»، فإن مثل هذه التحركات «تعرض الوضع لخطر التصعيد والمواجهة العنيفة، وقد تهدد اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020».

وأكد البيان دعوة البعثة الأممية الأطراف لممارسة أقصى درجات ضبط النفس، مشيراً إلى أنه بالنظر للمخاوف الحقيقية بشأن أمن الحدود على طول الحدود الجنوبية لليبيا، فإنه يحث القوات الأمنية في الشرق والغرب على «اغتنام هذه الفرصة لتعميق التشاور والتعاون، من أجل تنفيذ إجراءات فعالة لتأمين الحدود وحماية سيادة ليبيا».

كما عبّر بيان مشترك لبعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي، عن القلق العميق إزاء التحشيدات والتحركات العسكرية الأخيرة، خصوصاً في المنطقة الجنوبية الغربية. وبعدما حذّر من أن استخدام القوة «سيضر بالاستقرار في ليبيا، ويؤدي إلى معاناة إنسانية، ينبغي تجنبه مهما كلف الأمر»، دعا جميع الأطراف إلى الدخول في «حوار لمنع مزيد من الانقسام، والحفاظ على الاستقرار، وعلى اتفاق وقف إطلاق النار في 2020، والسعي لتحقيق مصلحة الشعب الليبي بوصفه هدفاً أسمى»، مناشداً جميع الأطراف الليبية الفاعلة، والمجموعات المسلحة، ضبط النفس، ووقف التصعيد بشكل عاجل، ومؤكداً دعم جهود الأمم المتحدة نحو عملية سياسية شاملة بقيادة ليبية.

وكانت البعثة الأممية قد طالبت بوقف التصعيد العسكري، بعد تحركات لقوات الجيش الوطني في جنوب غربي البلاد، الذي يقع تحت سيطرة حكومة «الوحدة».

أعلنت رئاسة أركان القوات البرية بالجيش التي يرأسها صدام حفتر أنها تتابع قيام دورياتها الصحراوية في مهمة شاقة لحفظ الأمن (أ.ف.ب)

من جهتها، أعلنت رئاسة أركان القوات البرية بالجيش، التي يرأسها صدام حفتر، نجل المشير خليفة حفتر، أنها تتابع قيام دورياتها الصحراوية في مهمة شاقة لحفظ الأمن في مناطق الجنوب الغربي، ولحماية المواطنين وتأمين الحدود من أي تهديدات محتملة.

وكانت هذه القوات نفت أن يكون هدفها السيطرة على مدينة غدامس الحدودية الحيوية، الواقعة على بعد 650 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة، التي تضم مطاراً دولياً ومنفذاً برياً يربطها بالجزائر، وتخضع حالياً لسيطرة حكومة «الوحدة».

اجتماع الكوني مع وزير خارجية الكونغو بطرابلس (المجلس الرئاسي)

من جهة ثانية، قال المجلس الرئاسي إن النائب موسى الكوني، تلقى خلال لقائه في طرابلس جانكلود جاكوسو، وزير خارجية الكونغو، اليوم (السبت)، دعوة للمشاركة في مؤتمر مرتقب يجمع الأطراف كافة؛ لدعم المصالحة والعدالة الانتقالية في ليبيا، مشيراً إلى إشادة الكوني بجهود رئيس الكونغو دينيس ساسو نغيسو، والاتحاد الأفريقي بالخصوص.


مقالات ذات صلة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

شمال افريقيا صورة وزعها مجلس النواب لوصول أعضائه إلى مدينة درنة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

أعلن عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، وصول عدد من أعضائه إلى درنة التي ستستضيف، الاثنين، جلسة رسمية هي الأولى للمجلس بالمدينة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

احتشد مئات المتظاهرين في مدينة بني وليد، شمال غربي ليبيا، الموالية لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي للتظاهر، منددين بـ«المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)
البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)
TT

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)
البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

تشهد العاصمة السودانية المؤقتة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال ووقف الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وتوحيد الاتفاقات الدولية ومبادرات السلام.

ووصل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، إلى المدينة لعقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين السودانيين، وفي الوقت نفسه اجتمع نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، الذي وصل البلاد في زيارة قصيرة استغرقت عدة ساعات.

لعمامرة الذي تمتد زيارته إلى يومين ينتظر أن يلتقي خلالها نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، وعضو المجلس إبراهيم جابر، وتختتم بلقاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.

وتأتي الزيارة عقب الاجتماع التشاوري الذي عُقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، الأربعاء الماضي، وشارك فيه ممثلون عن الاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، وجيبوتي (الرئيس الحالي للهيئة الحكومية المعنية بالتنمية «إيغاد»)، والأمم المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والبحرين والولايات المتحدة الأميركية.

البرهان مستقبلاً المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة في يناير الماضي (وكالة السودان للأنباء)

وتُعد زيارة لعمامرة إلى بورتسودان الثانية له لبورتسودان منذ اتخاذها عاصمة مؤقتة للحكومة السودانية، ويُنتظر أن تتناول مباحثاته هناك تطور الأوضاع واستمرار الحرب والحركات الدولية الهادفة لوقفها، وذلك عقب اجتماع نواكشوط التشاوري بشأن السودان، تحت اسم «المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان»، وهدفه توحيد مبادرات السلام الإقليمية والدولية.

ويُنتظر أن يبحث لعمامرة مجدداً محاولة «إحياء» استئناف المفاوضات المباشرة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، على أن يقودها «شخصياً»، والوصول في الحد الأدنى لاتفاق لحماية المدنيين، ما يفتح الباب أمام مباحثات لوقف الأعمال العدائية، وإنهاء الحرب سلمياً.

حرص سعودي على السودان

وفي السياق ذاته، قال إعلام مجلس السيادة الانتقالي إن البرهان التقى ببورتسودان، السبت، نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي الذي وصل البلاد في زيارة قصيرة، لبحث العلاقات السودانية - السعودية وتعزيزها وترقيتها، والتعاون المشترك بين البلدين. ونقل الإعلام السيادي عن الخريجي قوله إن المملكة العربية السعودية حريصة على استتباب الأمن والاستقرار في السودان.

البرهان لدى لقائه الوفد السعودي برئاسة نائب وزير الخارجية وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

ولم تكشف بورتسودان عما دار في الاجتماع، بيد أن المسؤول السعودي كان قد ذكر إبان مشاركته في اجتماع نواكشوط التشاوري الأسبوع الماضي، وفقاً لما نقلته «الشرق الأوسط»، أن بلاده تبذل جهوداً حثيثة لحل الأزمة السودانية، مشيراً إلى «مباحثات جدة 1» التي تمخضت عن «إعلان جدة الإنساني» و«مباحثات جدة 2» التي استهدفت إيجاد حل سياسي مستدام، يضمن أمن واستقرار السودان وتماسك الدولة ومؤسساتها، ومواصلة التنسيق بين الدول العربية والإسلامية والصديقة من أجل وقف القتال في السودان، ورفع المعاناة عن شعب السودان.الخريجي: وقف القتال أولوية

وأكد الخريجي أن حل الأزمة السودانية يبدأ بوقف القتال وتعزيز الاستجابة الإنسانية، والتمهيد لمستقبل سياسي يضمن أمن واستقرار البلاد ووحدتها وسيادتها ووقف التدخلات الخارجية.

وكان اجتماع نواكشوط قد دعا للتنسيق الإقليمي والدولي، وعقد اجتماعات تشاورية، تتناول الأوضاع في السودان والجهود والمساعي والمبادرات من أجل وضع حد للاقتتال في السودان، وفي الوقت نفسه كانت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح وتحقيق السلام في السودان»، المعروفة اختصاراً بـ«ALPS» في سويسرا، منتصف الشهر الحالي، قد أجرت مشاورات مع فاعلين في المجتمع المدني والنساء والشباب لبحث تصوراتها بشأن خطط من أجل استئناف المباحثات بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

وتأتي الجهود الدبلوماسية التي يقودها مبعوث غوتيريش في بورتسودان، في ظل تصاعد العمليات القتالية بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بما في ذلك الخرطوم والجزيرة ودارفور.

ولا توجد إحصائيات رسمية عن أعداد الضحايا المدنيين بسبب الحرب التي توشك على إكمال عامها الثاني، وتقدرها منظمات دولية بعشرات الآلاف من القتلى والجرحى، بينما يقدر عدد النازحين داخل البلاد بأكثر من 11 مليوناً، وعدد الذين لجأوا لبلدان الجوار بنحو 3 ملايين، من جملة سكان البلاد البالغ عددهم 45 مليوناً، ويعاني نحو 25 مليوناً منهم كارثة إنسانية غير مسبوقة في التاريخ حسب الأمم المتحدة.