الأمطار والسيول تجتاح مدناً سودانية وتدمر آلاف المنازل

أنباء عن وفيات وإصابات وسط السكان

شارع غمرته المياه في مدينة بورتسودان بعد هطول أمطار غزيرة في الأول من أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
شارع غمرته المياه في مدينة بورتسودان بعد هطول أمطار غزيرة في الأول من أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
TT

الأمطار والسيول تجتاح مدناً سودانية وتدمر آلاف المنازل

شارع غمرته المياه في مدينة بورتسودان بعد هطول أمطار غزيرة في الأول من أغسطس الحالي (أ.ف.ب)
شارع غمرته المياه في مدينة بورتسودان بعد هطول أمطار غزيرة في الأول من أغسطس الحالي (أ.ف.ب)

تسببت أمطار غزيرة مصحوبة بسيول جارفة في تدمير آلاف المنازل والمنشآت بعدد من المدن السودانية في الشمال والشرق والغرب، نجم عنها سقوط وفيات وإصابات وسط السكان جراء الانهيارات الكلية والجزئية لمساكنهم.

وأظهرت تسجيلات مصورة المياه تحاصر بالكامل مدينة أبو حمد بولاية نهر النيل، التي تعد من أهم مراكز التعدين عن الذهب في البلاد. وأفاد مقيمون هناك بأن الأمطار استمرت بغزارة لأكثر من 10 ساعات متواصلة دون توقف منذ الليل وإلى الصباح الباكر من الثلاثاء. وقال المواطن الطاهر حمزة إن عدداً من الأسر اضطرت للخروج بأطفالها من المنازل أثناء هطول الأمطار خوفاً من انهيارها. وأضاف: «إن الوضع كارثي والمياه غمرت المنازل والشوارع بكامل المدينة».

ووفق السكان، فإن النازحين الذين يتخذون من مقار المدارس المتهالكة مراكز للإيواء تضرروا بشدة من الأمطار الغزيرة.

ونوّهت مصلحة الأرصاد الجوية، الاثنين، بهطول أمطار غزيرة إلى متوسطة مصحوبة بعواصف رعدية ورياح قوية في معظم ولايات البلاد، إضافة إلى فيضانات، خاصة في نهر القاش، لهطول أمطار غزيرة في الهضبة الإثيوبية والمرتفعات الإريترية. وحذّرت وحدة الإنذار المبكر من أن هذه الأمطار ستؤدي لجريان سيول جارفة، على مناطق وسط وشمال ولاية البحر الأحمر (شرق) وولايتي نهر النيل والشمالية.

تحذيرات من الأسوأ

ودعت الوحدة السلطات المحلية لاتخاذ أعلى درجات الحيطة والتأهب، محذرة مواطني تلك المناطق بالولايات الثلاث للابتعاد عن المناطق المنخفضة ومجاري «الأودية والخيران». كما توقعت في نشرة حديثة، الثلاثاء، استمرار هطول أمطار بكميات ونسب متفاوتة مصحوبة بعواصف رعدية وسيول جارفة ورياح قوية في معظم ولايات البلاد.

وتداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو، تظهر مياه الأمطار الغزيرة والسيول التي اجتاحت مدينة أبو حمد، ما دفع آلاف الأسر إلى الاحتماء بالعراء وسط الأراضي المغمورة بالمياه. وعبّر مواطنو أبو حمد عن مخاوفهم من كارثة صحية جراء جرف مياه السيول المواد الخطرة التي تستخدم في تعدين الذهب إلى الأحياء السكنية، ما قد يؤدي إلى انتشار محتمل لبعض الأمراض.

وجرفت الأمطار الغزيرة الطريق البرية الرابطة بين مدينتي أبو حمد وعطبرة بولاية نهر النيل، وأغرقت عدداً من القرى، كما ألحقت خسائر فادحة بالمشاريع الزراعية.

الجنينة منطقة كوارث

من جهة ثانية، أعلن حاكم ولاية غرب دارفور، الطاهر آدم كرشوم، الذي يتبع «الدعم السريع»، رسمياً العاصمة الجنينة منطقة كوارث طبيعية بسبب السيول والفيضانات. وقال إن أكثر من 7 آلاف منزل تضررت كلياً وجزئياً، مناشداً «الأمم المتحدة» والمنظمات الأجنبية والوطنية التدخل العاجل لإغاثة أعداد كبيرة من المواطنين يعيشون في الطرق، في حاجة ماسة إلى الغذاء ومواد الإيواء. بدورها، قالت «لجان مقاومة الجنينة»، وهي «كيان أهلي»، الثلاثاء، إن المياه غمرت بالكامل أحياء الزهور والثورة وأردمتا. وناشدت بالتدخل العاجل لاحتواء السيول والفيضانات التي قطعت الطريق الرابطة بين الجنينة ووحدة مورني التي تغذي المنطقة بالبضائع والمواد الغذائية.

كما أعلنت جمعية الهلال الأحمر السوداني أن الأمطار والسيول أحدثت دماراً كبيراً بمحافظة وادي حلفا بالولاية الشمالية، وشرّدت أكثر من 174 أسرة، اضطروا إلى الاحتماء بالمدارس والمساجد. وحذّرت «الأمم المتحدة»، الأسبوع الماضي، من معاناة محتملة يواجهها السودانيون مع دخول موسم الأمطار، بعد نحو 15 شهراً على اندلاع الحرب التي ألحقت خسائر جسيمة بالبنى التحتية، وأجبرت ملايين النازحين على اللجوء إلى مناطق معرضة للفيضانات.


مقالات ذات صلة

العطا: البرهان مستعدّ للقتال 100 عام

شمال افريقيا العطا: البرهان مستعدّ للقتال 100 عام

العطا: البرهان مستعدّ للقتال 100 عام

اتَّهَم العطا «قوات الدعم السريع» بالتحالف مع الائتلاف الحاكم سابقاً «قوى الحرية والتغيير»؛ لمنحها الشرعية السياسية والقانونية للانقلاب.

محمد أمين ياسين (ودمدني السودان)
شمال افريقيا البرهان يحيي ضباط الجيش بقاعدة جبيت العسكرية (شرق) 31 يوليو (أ.ف.ب)

الخارجية الأميركية ترمي بثقلها لإنجاح مفاوضات جنيف السودانية

ألقت الخارجية الأميركية بثقلها لإنجاح مفاوضات جنيف لوقف الحرب في السودان وحضت الفريق عبد الفتاح البرهان على الحضور وخاطبته لأول مرة بصفته رئيساً لمجلس السيادة.

رنا أبتر (واشنطن)
شمال افريقيا مشهد آخر من مخيم زمزم (رويترز)

طيران الجيش السوداني يستهدف «معسكر زمزم» للنازحين

قال شهود إن الطائرات الحربية التابعة للجيش السوداني شنّت، ليل الأحد – الاثنين، ضربات قوية على معسكر زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور (غرب السودان).

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شمال افريقيا 
طابور للحصول على الطعام من مساعدات الصليب الأحمر في مخيم أدري التشادي (رويترز)

مطالبة أممية بإغاثة فورية للسودان

كشفت حصيلةٌ أعدتها «منسقية النازحين» (مستقلة) وفاة ما بين 20 إلى 25 شخصاً في معسكرات اللجوء بدارفور (غرب السودان) بنقص الغذاء، فيما أعلنتِ الأممُ المتحدة.

محمد أمين ياسين (ود مدني)

تونس: «الأمن القومي» يدعو القوات المسلحة إلى التصدي للإرهاب والتهريب

اجتماع مجلس الأمن القومي يأمر بتصعيد حملات مكافحة الإرهاب والتهريب ومراقبة حدود البلاد (موقع الرئاسة التونسية)
اجتماع مجلس الأمن القومي يأمر بتصعيد حملات مكافحة الإرهاب والتهريب ومراقبة حدود البلاد (موقع الرئاسة التونسية)
TT

تونس: «الأمن القومي» يدعو القوات المسلحة إلى التصدي للإرهاب والتهريب

اجتماع مجلس الأمن القومي يأمر بتصعيد حملات مكافحة الإرهاب والتهريب ومراقبة حدود البلاد (موقع الرئاسة التونسية)
اجتماع مجلس الأمن القومي يأمر بتصعيد حملات مكافحة الإرهاب والتهريب ومراقبة حدود البلاد (موقع الرئاسة التونسية)

أحالت مكاتب تحقيق أمنية وقضائية مزيداً من السياسيين البارزين على مؤسسات التحقيق في قضايا مكافحة الإرهاب والفساد، بينهم عدد من الشخصيات التي أعلنت نيتها الترشح للانتخابات الرئاسية، وأخرى لعبت أدواراً في الصفوف الأولى داخل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني منذ منعرج يناير (كانون الثاني) 2011 الذي أطاح بحكم الرئيس زين العابدين بن علي.

وشملت الإيقافات والتحقيقات الجديدة الوزيرين السابقين عبد اللطيف المكي وعماد الدايمي، والحقوقية سهام بن سدرين، رئيسة الهيئة العليا للحقيقة والكرامة التي كلفت بملف «العدالة الانتقالية» بعد 2011، ورجل الأعمال والإعلامي نزار الشعري، والقاضي مراد المسعودي رئيس منظمة القضاة الشبان، والعقيد المتقاعد من الجيش الوطني محمد عادل الدو، والبرلماني السابق عياض اللومي القيادي في حزب «قلب تونس» الليبيرالي الذي أسسه المرشح السابق للانتخابات الرئاسية في 2019 رجال الأعمال نبيل القروي.

أحكام غيابية... وشبهات

كما أوردت مصادر مطلعة إصدار محاكم تونسية أحكاماً بالسجن ضد زعيمة «الحزب الدستوري الحر» المحامية عبير موسي، وضد وزير الصحة زعيم حزب «الإنجاز» عبد اللطيف المكي، ورجل الأعمال نزار الشعري، ولطفي المرايحي زعيم حزب «الاتحاد الشعبي الجمهوري»، وشخصيات عمومية أخرى.

ونصت الأحكام القضائية على حرمان بعض هذه الشخصيات من حق الترشح للانتخابات الرئاسية «مدى الحياة»، بسبب شبهات الضلوع في مخالفات قانونية وأمنية ومالية خطيرة، حسب مصادر إعلامية تونسية شبه رسمية.

وكشف محامون تونسيون عن أن بعض الذين صدرت ضدهم أحكام بالسجن «مع النفاذ العاجل» أحيلوا على القضاء «في حالة فرار»، بينهم من يوجد خارج البلاد. في المقابل لم يقع التنصيص على النفاذ العاجل بالنسبة للبقية، بما يمنحهم حق الاعتراض والاستئناف والتعقيب، وهم في حالة سراح، على الاتهامات الموجهة إليهم وبينها «ارتكاب جرائم انتخابية» في انتخابات 2019، أو خلال الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

في الوقت نفسه، قررت محاكم أخرى منذ أسابيع تأجيل البت في «تهم جنائية خطيرة» موجهة لبعض هؤلاء السياسيين، بينهم عبد اللطيف المكي وزير الصحة الأسبق والقيادي المنشق عن حزب «النهضة»، وعبير موسي زعيمة «الحزب الدستوري»، وعشرات من الموقوفين في قضايا ما يعرف بـ«ملفات شبهات التآمر على أمن الدولة»، وبينهم قياديون في أحزاب يسارية وليبيرالية وإسلامية عديدة، سبق أن تولوا مسؤوليات في الحكومة والبرلمان ما بين 2011 و2021.

«التآمر على الأمن الوطني»

وقد صعّد الرئيس التونسي قيس سعيد لهجته إزاء بعض الشخصيات السياسية والعمومية التي عاد إلى اتهامها بـ«التآمر على الأمن الوطني»، وبـ«الوقوف وراء العصابات المسؤولة عن الاحتكار والترفيع غير القانوني في الأسعار وعن قطع الماء والكهرباء وعن محاولة تخريب الدولة والإدارة من الداخل» بما في ذلك عبر تعمد «تلويث مياه بعض الشواطئ العمومية في المناطق السياحية»، وافتعال «خلل فني» في شبكات الصرف الصحي.

وتحدث سعيد مجدداً عن «مؤامرة على البلاد وأمنها، وعلى المسار الحالي للانتخابات الرئاسية»، بمناسبة ترؤسه لاجتماع جديد لـ«مجلس الأمن القومي»، بحضور كبار قادة المؤسستين العسكرية والأمنية، ورئيس الحكومة ووزراء الداخلية والدفاع والعدل والخارجية.

وأوردت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية أن سعيد أصدر خلال هذا الاجتماع أوامر للقوات المسلحة العسكرية والأمنية بـ«مزيد مراقبة حدود البلاد»، والتصدي للهجرة غير النظامية، وللتهريب، ولعصابات الإرهاب والاتجار في المخدرات والممنوعات.

رئاسة الجمهورية تنفي

ورداً على الانتقادات التي وجهتها مؤسسات حقوقية وسياسية تونسية ودولية حول «توظيف القضاء والمحاكم والمؤسسات الأمنية»، خلال الصراعات السياسية الحالية بين السلطة والمعارضة، نفى الرئيس التونسي قيس سعيد في تصريحات أدلى بها فور تقديم ملف ترشحه لدورة ثانية أن يكون أمر بالتتبع الأمني والقضائي لأي شخصية سياسية أو إعلامية أو اقتصادية، بل أشار إلى كونه أصدر «عفواً رئاسياً خاصاً» على مجموعة من المتهمين في قضايا «جرائم إلكترونية»، في ذكرى إعلان الجمهورية يوم 25 يوليو (تموز) الماضي.

لكن سعيد أورد أن «النيابة العمومية رفعت من تلقاء نفسها في سياق مهماتها القانونية وصلاحياتها» شكايات ضد بعض الشخصيات العمومية؛ بسبب «شبهات» ضلوعها في جرائم قانونية مختلفة، بينها ما يهم قطبي الإرهاب والفساد المالي ومؤسسات مكافحة الإجرام والمخدرات والتهريب وقوانين النشر والصحافة.

إيقاف رئيسة ملف العدالة الانتقالية السابقة الحقوقية سهام بن سدرين (متداولة)

كما فتح الرئيس التونسي في الجلسة العلنية لاجتماع مجلس الأمن القومي ملف «الأجندات الخارجية» لبعض الشخصيات والأطراف السياسية التونسية، وندد بـ«محاولات التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية» للدولة والبلاد.

وأمر المجلس البعثات الدبلوماسية التونسية في الخارج بـ«توضيح الحقائق»، وتفنيد الاتهامات الموجهة للسلطات التونسية مع «تجاهل الجرائم ومخططات التخريب التي تستهدف الأمن القومي للبلاد»، بما في ذلك عبر «الجرائم الإلكترونية»، و«محاولات التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».

في المقابل، تابعت عدة منظمات نقابية وحقوقية وحزبية تونسية ودولية توجيه انتقادات للسلطات، وطالبت بالإفراج عن كل الإعلاميين والسياسيين والبرلمانيين والحقوقيين الموقوفين في قضايا ذات صبغة سياسية وإعلامية. ودعت بلاغات صدرت عن هذه المنظمات إلى «تنقية المناخ الأمني والإعلامي والسياسي في البلاد» عشية الانتخابات الرئاسية الجديدة.