منافسون للرئيس التونسي يشتكون من تزايد «العراقيل والتضييقات»

خبراء يؤكدون أن معايير قبول الترشحات «صارمة وصعبة التحقيق»

يرى خبراء أن الطريق للانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس سعيد (أ.ب)
يرى خبراء أن الطريق للانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس سعيد (أ.ب)
TT

منافسون للرئيس التونسي يشتكون من تزايد «العراقيل والتضييقات»

يرى خبراء أن الطريق للانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس سعيد (أ.ب)
يرى خبراء أن الطريق للانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس سعيد (أ.ب)

تتزايد داخل الأوساط السياسية التونسية حدة الانتقادات لما اعتبره مراقبون ومحللون سياسيون «تضييقاً شديداً» على المرشحين المنافسين البارزين للرئيس التونسي قيس سعيد، الذي قدم أمس الاثنين ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية، المقرّرة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وعدم تسليمهم وثائق إدارية ضرورية لاكتمال ملفاتهم.

هيئة الانتخابات التونسية في أحدث اجتماعاتها (موقع هيئة الانتخابات)

ويرى خبراء تحدثوا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن الطريق للانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس المنتخب ديمقراطياً في عام 2019، والذي تفرّد بالسلطة قبل ثلاث سنوات ويسعى لولاية ثانية. ويشيرون إلى أن معايير قبول الترشحات باتت جد صارمة، مع اشتراط تأمين تزكيات من عشرة برلمانيين، أو 40 مسؤولاً محلياً منتخباً، أو 10 آلاف ناخب، مع ضرورة تأمين 500 تزكية على الأقل في كل دائرة انتخابية، وهو أمر يصعب تحقيقه. كما تشترط الهيئة حصول المرشح على ما يعرف بـ«البطاقة عدد 3»، وهي وثيقة تثبت السوابق العدلية للشخص وتمنحها وزارة الداخلية. وقد اشتكى العديد من المرشحين من عدم التمكن من الحصول عليها.

رفض بالجملة

والاثنين أعلن المرشح البارز والوزير السابق، المنذر الزنايدي، تقديم ملف ترشحه، رغم أن «إدارة التعليمات لقيس سعيّد ترفض تسليمي البطاقة عدد 3»، على ما جاء في مقطع فيديو نشره على صفحته الرسمية في موقع «فيسبوك». كما أكد المستشار السابق في رئاسة الجمهورية، كمال العكروت، في بيان انسحابه من السباق الرئاسي، بسبب «رفض وزارة الداخلية» تزويده ببطاقة السوابق العدلية.

منذر الزنايدي (صفحته الرسمية)

بدوره، أعلن رجل الأعمال ومغني الراب، كريم الغربي، المعروف بـ«كادوريم» في مقطع فيديو رفض الوزارة تسليمه البطاقة. وردّاً على الانتقادات بالتضييق على المرشحين، وعدم تمكنهم من جمع تواقيع التزكيات، قال الرئيس التونسي: «لم أضيِّق على أحد، والقانون يطبق على الجميع على قدم المساواة وأنا هنا مواطن لأقدم الترشح». مؤكداً أن «من يتحدث عن التضييقات واهم». والسبت الماضي، قدّمت المعارضة ورئيسة «الحزب الدستوري الحرّ» الموقوفة، عبير موسي، ترشحها عن طريق أعضاء في حملتها. وبعد يومين من ذلك، أصدرت محكمة تونسية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي، لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023. وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس سعيّد عام 2022، لمكافحة «الأخبار الكاذبة».

المعارضة ورئيسة «الحزب الدستوري الحرّ» عبير موسي (أ.ف.ب)

وجرى إيقاف موسي، النائبة السابقة (49 عاماً)، في 3 من أكتوبر الماضي أمام القصر الرئاسي في قرطاج، عندما جاءت، وفقاً لحزبها، لتقديم استئناف ضدّ قرارات سعيّد. وإذا ما تمّ تأييد هذه الإدانة من قبل محكمة الاستئناف، أو في ختام إجراءات قضائية أخرى، فسيتمّ إقصاؤها رسمياً من الانتخابات، إذ يتعيّن على المرشّح أن يكون سجلّه الجنائي نظيفاً. وتواجه موسي تهماً خطيرة أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

مرشحون رهن الاعتقال

يقبع وراء القضبان شخصيات معارضة أخرى، مثل عصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة، لكنهما تراجعا لعدم السماح لهما بتوكيل ممثل شخصي لتقديم ملف الترشح.

عصام الشابي رئيس الحزب الجمهوري (أ.ف.ب)

والأربعاء الماضي، استنكر 11 شخصاً من الراغبين في خوض الانتخابات، من بينهم الإعلامي نزار الشعري، والأميرال المتقاعد من الجيش كمال العكروت، والوزير السابق عبد اللطيف مكي، في بيان وجود عوائق تحول دون ترشحهم. والأسبوع الماضي، حُكم على أربع نساء من حملة «كادوريم»، الطامح للترشح، بالسجن بين سنتين وأربع سنوات بتهمة الحصول على تزكيات بمقابل مالي، وتم توقيف ثلاثة من أعضاء حملة الشعري بالتهمة نفسها، لكن الأخير نفاها بشكل قاطع.

الناشط السياسي والوزير الأسبق غازي الشواشي (أ.ف.ب)

ومساء الاثنين، حُكم على الشعري بالسجن لمدة ثمانية أشهر، والحرمان من الترشح للانتخابات مدى الحياة في قضية الحصول على تزكيات مقابل أموال، بحسب ما أفاد الإعلام التونسي. وانتقدت العديد من المنظمات الحقوقية التونسية والدولية «تراجع الحريات» في تونس. ونددت نحو ثلاثين منظمة حقوقية تونسية، الخميس الماضي، في بيان مشترك «بتحول هيئة الانتخابات لأداة ردع وتخويف، وتهديد بالمتابعات العدلية لكل منتقد لأدائها ولانحيازها، مما أفقدها الاستقلالية، وجعلها أداة السلطة القائمة بهدف إقصاء خصومها وإسكات المعارضين لها».

من مظاهرة لصحافيين وإعلاميين ضد ما عدوه «تضييقاً» على الحريات (إ.ب.أ)

وفي معرض تعليقه على توقيف وملاحقة الصحافيين والإعلاميين والناشطين وفقاً للمرسوم 54 الذي تم إقراره لمكافحة «الأخبار الكاذبة» في سبتمبر (أيلول) 2022، قال الرئيس سعيِّد «نحن في حرب تحرير من أجل الحرية، ولا نريد تضييق الحريات على أيّ كان ولكن في إطار القانون... وأنا لم أتدخل في القضاء». وتنتهي آجال تقديم الترشحات، الثلاثاء، على أن تقدم الهيئة نهاية الأسبوع قائمة بأسماء المقبولة ترشحاتهم بشكل أولي.


مقالات ذات صلة

مدرس سابق وحاكم مينيسوتا... من هو تيم وولتز نائب هاريس الجديد؟

الولايات المتحدة​ مدرس سابق وحاكم مينيسوتا... من هو تيم وولتز نائب هاريس الجديد؟

مدرس سابق وحاكم مينيسوتا... من هو تيم وولتز نائب هاريس الجديد؟

اختارت كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية، اليوم (الثلاثاء)، حاكم مينيسوتا تيم وولتز، ليكون نائباً لها في السباق إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث خلال فعالية في هيوستن 25 يوليو (أ.ب)

هل تتعرض حظوظ كامالا هاريس للخطر بسبب الوضع الاقتصادي؟

استيقظ الأميركيون، صباح الاثنين، على هبوط حاد في سوق الأسهم، وهو ما أطلق عليه البعض «الاثنين الأسود»، وسط مخاوف من دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود.

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لموقع بناء محطة كيرزون ستريت للسكك الحديدية «إتش إس 2» في برمنغهام (رويترز)

انتعاش قوي في قطاع البناء البريطاني بعد الانتخابات

شهد نمو قطاع البناء البريطاني تسارعاً كبيراً في يوليو (تموز) بعد فوز حزب العمال بانتخابات ساحقة، حيث نما النشاط بأسرع وتيرة منذ أكثر من عامين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك (رويترز)

مسؤولون أميركيون: روبوت الدردشة الخاص بماسك نشر معلومات مضللة عن الانتخابات

أرسل 5 مسؤولين في السياسة الخارجية الأميركية رسالة إلى إيلون ماسك يطالبونه فيها بإصلاح روبوت الدردشة التابع لـ«إكس»، بعد أن شارك معلومات مضلّلة حول الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو خلال تجمّع حاشد في وسط العاصمة كراكاس (أ.ف.ب)

مادورو للفنزويليين: «قولوا لا لتطبيق واتساب!»

دعا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى مقاطعة «واتساب» المملوك لشركة «ميتا» الأميركية.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)

إسرائيل: التنظيمات الفلسطينية تستخدم «عصابات الإجرام» بالمجتمع العربي في إسرائيل

لافتات تدين جرائم القتل في المجتمع العربي ببلدة يافة الناصرة (أرشيفية - رويترز)
لافتات تدين جرائم القتل في المجتمع العربي ببلدة يافة الناصرة (أرشيفية - رويترز)
TT

إسرائيل: التنظيمات الفلسطينية تستخدم «عصابات الإجرام» بالمجتمع العربي في إسرائيل

لافتات تدين جرائم القتل في المجتمع العربي ببلدة يافة الناصرة (أرشيفية - رويترز)
لافتات تدين جرائم القتل في المجتمع العربي ببلدة يافة الناصرة (أرشيفية - رويترز)

توجه جهاز المخابرات العامة «الشاباك» بشكل رسمي إلى بنيامين نتنياهو وأعضاء الحكومة الإسرائيلية يحذرهم من «ظاهرة أمنية خطيرة»، تتمثل بـ«العلاقات الوطيدة» الناشئة بين التنظيمات الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتلك التي في الخارج، مع تنظيمات الإجرام الفاعلة في المجتمع العربي في إسرائيل.

وقال الجهاز، في رسالة تحذير، إن التنظيمات الفلسطينية «اهتدت إلى قدرات منظمات الإجرام العربية في إسرائيل، من حيث امتلاك الأسلحة والأموال وجيوش الشبان الصغار التابعة لها، فبدأت تقيم علاقات معها... في البداية بتجارة السلاح، ثم في التخطيط لعمليات مسلحة». وأوضح أن «بعض هذه العلاقات يتم بوعي من جماعة الإجرام المنظم، وبعضها من دون أن تعرف أنها تخدم الإرهاب» .

مظاهرة احتجاجية في الناصرة (مواقع)

المعروف أنه في إسرائيل 23 منظمة إجرام عربية تعمل في صفوف فلسطينيّي 48، وتجعل حياتهم كابوساً، وبعضها امتد نشاطها في المجتمع اليهودي أيضاً. قسم منها بقيادة عملاء الاحتلال الذين طردوا من الضفة الغربية ومن قرية الدهنية في قطاع غزة سنة 2005، مع الانسحاب الإسرائيلي من القطاع.

هؤلاء العملاء، الذين يبلغ عددهم نحو 5 آلاف، نقلوا أولاً إلى البلدات العربية في إسرائيل، لكن سكانها رفضوهم باعتبارهم عملاء يحملون أخلاقيات غير وطنية وغير سليمة اجتماعياً. فأخذهم مشغلوهم الإسرائيليون إلى بلدات مختلطة (اللد والرملة وعكا وحيفا ويافا وحريش). ودفعت لهم رواتب طيلة 3 سنوات، على أن يتدبروا أمورهم بعدها... ومنهم من لم يتدبروا أمورهم نتيجة الاعتياد على العطالة عن العمل... وعندما قطعت إسرائيل الرواتب عنهم، تحولوا إلى جمهور معادٍ لها وللمواطنين العرب فيها على السواء. وأقاموا منظمات إجرام.

وبحسب تقديرات المخابرات، هناك نحو 200 ألف قطعة سلاح كانت بأيدي المجتمع العربي قبل الحرب على غزة، ويوجد من يقدرها بنصف مليون قطعة. والآن بعد الحرب، تضاعف عددها مرتين على الأقل، لأن الحرب أتاحت تهريب كميات ضخمة من الأسلحة من معسكرات الجيش ومخازنه. فالرقابة في المعسكرات باتت رخوة، وهناك مئات ألوف جنود الاحتياط، وعالم الجريمة المنظمة عموماً في إسرائيل يزدهر في الحروب.

مظاهرة عربية سابقة مناهضة لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمدينة الناصرة (فيسبوك)

وهناك خطران كبيران: الأول أن أسعار السلاح المهرب هذا باتت رخيصة، وأن من ضمنه صواريخ «لاو»، وصواريخ كتف من طراز «متادور»، وعبوات ناسفة، ورشاشات ثقيلة، وغيرها من الأسلحة الثقيلة.

وقد جاءت تحذيرات «الشاباك» بعد اكتشاف كميات غير قليلة من الأسلحة المهربة من الجيش الإسرائيلي في غزة، وكذلك في الضفة الغربية، وبعضها استخدم في إطلاق النار على القوات الإسرائيلية التي تداهم البلدات الفلسطينية، أو في عمليات إطلاق نار على المستوطنين.

وكتب رئيس «الشاباك» في رسالته إلى نتنياهو ووزرائه أن «منظمات الإجرام باتت تشكل تهديداً استراتيجياً للأمن القومي. ويمكننا القول إننا وصلنا إلى نقطة اللا عودة في هذه الأزمة. فقد أصبحت هذه المنظمات قوية بشكل خطير. وفي عدة بلدات عربية أصبحت هي القوة الحاكمة. تجبي (الخوات)، وتبتز الناس، وتقتل وترسم وتسيطر على محلات تجارية ومصالح، وتبيع فواتير لتبييض الأموال السوداء والتهرب من الضريبة، وتسيطر على قطاعات اقتصادية كاملة، مثل جمع النفايات أو فرع البناء في البلديات وغيرها، وتدير سوقاً سوداء. ولم يعد المواطن يشعر بوجود دولة تهتم بأمنه».

متظاهرون ضد عمليات القتل بالمجتمع العربي خلال مسيرة ببلدة يافة الناصرة في 9 يونيو (أ.ف.ب)

وقالت صحيفة «هآرتس» إن إحدى كبريات منظمات الإجرام، التي تعمل في الجليل والمثلث، عيّنت شخصية دينية كبيرة من الحركة الإسلامية المحظورة (الشق الشمالي) ليصبح محكماً في فضّ الخلافات. وكشفت أن عدد حوادث القتل في المجتمع العربي وصلت إلى 140 حالة في الأشهر السبعة الاولى من العام الحالي، فيما بلغ عدد حالات إطلاق الرصاص 1250 حالة.

ولم تتمكن الشرطة من الوصول إلى الفاعلين إلا في 9 في المائة من الحالات... «وبات الناس يخشون من مغادرة بيوتهم».