«هدنة غزة»: ما آليات الوسطاء لتفادي «انهيار المفاوضات»؟

واشنطن تُبدي قلقها من تأثير اغتيال هنية على المحادثات

فلسطينيون أثناء عودتهم إلى الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)
فلسطينيون أثناء عودتهم إلى الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: ما آليات الوسطاء لتفادي «انهيار المفاوضات»؟

فلسطينيون أثناء عودتهم إلى الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)
فلسطينيون أثناء عودتهم إلى الجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)

تمر مفاوضات هدنة غزة بـ«فترة عصيبة» عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، وسط اتصالات ومشاورات من الوسطاء لتفادي «انهيارها»، وبينما أبدت واشنطن قلقها من «تأثيرات سلبية للحادث على مسار المحادثات»، تحدثت تقديرات إسرائيلية عن احتمالية أن ترى اجتماعات المحادثات النور قريباً.

وبحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن الوسطاء «يواجهون مأزقاً كبيراً»، وعليهم «استخدام كافة الآليات التي يملكونها لاستمرار المفاوضات وإنهاء الأزمة التي زادت من التوترات والتصعيد بالمنطقة».

ومن بين الآليات التي حدّدها الخبراء «استمرار الاتصالات والمشاورات الثنائية والدولية، وتصعيد اللهجة وزيادة الضغوط الدولية، ولا سيما الأميركية، على إسرائيل عبر تفعيل أدواتها، سواء وقف تصدير الأسلحة أو رفع الغطاء بمجلس الأمن».

«مخاوف من تأثير سلبي لحادثة اغتيال هنية» عبّر عنها الرئيس الأميركي جو بايدن، حيث قال للصحافيين، الخميس، إن قتل هنية «يضرّ بالجهود الدولية للتوصل لوقف لإطلاق النار في قطاع غزة، ولا يساعد على التوصل لاتفاق»، لافتاً إلى أنه أجرى محادثة مباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشأن هذه التطورات.

مناورات دبابة على الجانب الإسرائيلي من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

ولم تعلن حكومة نتنياهو مسؤوليتها عن اغتيال هنية، لكن نتنياهو قال إن إسرائيل وجَّهت ضربات ساحقة إلى حلفاء إيران في الأيام القليلة الماضية، ومن بينهم «حماس» وجماعة «حزب الله» اللبنانية، بينما اتهمت طهران إسرائيل بالمسؤولية عن الحادث، وتوعدت بـ«ردّ قاسٍ».

وشهد اليومان الماضيان اتصالات مكثفة أجراها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مع شركاء للولايات المتحدة بالمنطقة، كان بينهم وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، حيث تم بحث «أهمية خفض حدة التصعيد، والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بقطاع غزة».

كما بحث بلينكن مع وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، سبل وقف أشكال التصعيد كافّة، وتعزيز المساعي المبذولة للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار في قطاع غزة، وفق الخارجية الإماراتية.

وكان مطلب «وقف التصعيد الجاري»، وضرورة «اضطلاع القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بدورها ومسؤوليتها في وقف وتيرة هذه التوترات»، حاضراً على لسان وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، في محادثات، الجمعة، مع نظيره السعودي، وفق بيان لوزارة الخارجية والهجرة المصرية.

وعلى عكس التوقعات، نقلت «هيئة البثّ الإسرائيلية» الرسمية عن مصادر مطلعة على المفاوضات، لم تسمّها، أنه «رغم اغتيال زعيم (حماس) إسماعيل هنية، فمن المتوقع أن تستأنف الاتصالات قريباً»، مرجحة أن تتم بعد انتهاء أيام الحداد على هنية.

مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

وبحسب تقديرات مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، فإن «الأمور تأزمت ولا مجال لعودة مفاوضات الهدنة سريعاً»، والمسألة ستبقى في إطار الاتصالات دون أن تتبلور لاجتماعات جادة في القريب العاجل. وأرجع ذلك إلى أن الطرف الإسرائيلي ليست لديه إرادة حقيقية لإنجاز اتفاق أو نية لوجود حقيقي في محادثات رغم خطر انهيار المفاوضات.

في المقابل، توقع الأكاديمي في العلاقات الدولية، والمتخصص في الشأن الإسرائيلي والفلسطيني، الدكتور طارق فهمي، احتمالية استئناف المفاوضات، مدللاً على ذلك بعدة مؤشرات، بينها الحديث الرسمي لإسرائيل، وفق ما نقلته «هيئة البث»، والثاني هو أن إسرائيل عادة ما تنهي عملياتها العسكرية باغتيالات لتأكيد ما تراه «انتصارها»، وكذلك هناك إصرار من الولايات المتحدة على استئناف المحادثات، وهو ما تعكسه اتصالاتها حالياً لتفادي أي تعثر.

أفراد عائلة نازحة يجلسون في مخيم قرب مستشفى ناصر بخان يونس (إ.ب.أ)

وطالب بلينكن، الخميس، جميع الأطراف في الشرق الأوسط بالتوقف عن الأعمال التصعيدية والبدء في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وخرجت نداءات مماثلة من الوسطاء. كما أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، الخميس، أن بلاده «مستمرة في جهودها مع الجانب الأميركي وطرفي الصراع للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في أقرب فرصة ممكنة، وإطلاق سراح الرهائن»، وذلك خلال محادثة هاتفية مع نظيره الآيرلندي، ميهول مارتن، وفق إفادة لـ«الخارجية والهجرة المصرية».

وجاء الموقف المصري، غداة تأكيد قطر والولايات المتحدة «على أهمية مواصلة العمل من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة»، وذلك خلال اتصال هاتفي، الأربعاء، بين رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وبلينكن، وفق بيان لـ«الخارجية القطرية».

وبتقدير علي الحفني، ستبقى وتيرة الاتصالات مستمرة كإحدى أهم آليات الوسطاء «خلال هذه الفترة العصيبة»، يضاف إليها اللجوء لتصعيد اللهجة التحذيرية من ممارسات إسرائيل، والاستمرار في الضغوط الدولية، ولا سيما الأميركية، مرجحاً أنه حال تحرك واشنطن بجدية والضغط على إسرائيل سوف تتغير أمور كثيرة، فبمقدور واشنطن وقف مساعدات عسكرية ورفع الغطاء السياسي بمجلس الأمن عن إسرائيل، إن كانت جادة في تحرك مسار المفاوضات.

وبتفاؤل حذر، يعتقد طارق فهمي أن المفاوضات ستستأنف تحت ضغوط أميركية مع استمرار اتصالات الوسطاء تخوفاً من انزلاق الأوضاع نحن الهاوية.


مقالات ذات صلة

عضلات نتنياهو انتفخت... والنتيجة مخيفة

حصاد الأسبوع تشييع إسماعبيل هنية في طهران قبل مراسم دفنه في قطر (الشرق الأوسط)

عضلات نتنياهو انتفخت... والنتيجة مخيفة

في البيت الأبيض أرشيفات سوداء مليئة بالقصص عن تبجّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على القادة الأميركيين، وأشهرها ما قاله عنه الرئيس الأسبق باراك أوباما قبل نحو عشر سنوات؛ إذ تساءل: «مَن هنا يمثل الدولة العظمى؟». إلا أن جون بايدن، وإن شاطر أوباما في مقت نتنياهو، يتصرف بطريقة مختلفة. إنه يساير. يدلل. وحتى عندما يمارس عليه الضغوط تكون تلك ضغوطاً ناعمة. ويجد نفسه عالقاً في مطبات ومكائد وورطات حربية ووُحُول... فلا يضطر فقط إلى استقباله في البيت الأبيض بعد طول تمنع، ولا يقبل «ببلع ضفدع» وصوله إلى واشنطن تلبية لدعوة من الكونغرس - رغم معارضة الحزب الديمقراطي - بل يصبح شريكاً له، عن رضا أو عن إرغام، في أعمال كثيرة يدفع فيها البشر ثمناً باهظاً وتهدد بحرب لا يريدها أحد. واليوم، الخطر كبير فعلاً... خطر أن تكون الحرب واسعة جداً، ولا يكون بمقدور «الأخ الأكبر» في واشنطن منعها أو تطويقها. مقرّبون من نتنياهو، يقولون إنه «وضع بايدن والإدارة الأميركية كلها تحت إبطه» وطوّعها لصالح سياسة اليمين الإسرائيلي. ويضيفون: «مَن حاول في واشنطن رسم خريطة طريق للإطاحة بالحكومة الإسرائيلية وتنشئة بيني غانتس ليكون رئيس حكومة يطيح نتنياهو، وجد نفسه يسير وراءه. ولكن هذا في خدمة الولايات المتحدة وليس ضدها. فنتنياهو يقود بنجاح أهم معركة ضد الإرهاب في تاريخ الشرق الأوسط». ويؤكد المعجبون بنتنياهو أن هذا هو شعوره هو أيضاً. فهو يعتقد بأن الله حبا الشعب اليهودي وأيضاً الولايات المتحدة بقائد تاريخي سيحدث انعطافاً حاداً في المنطقة لخدمة «العالم الحر» والمعتدلين في الشرق الأوسط. وهو لا يقول هذا الكلام للسيدة سارة أو للمرآة في بيته، بل أيضاً يجاهر به أمام كثير ممّن يلتقيهم هذه الأيام، في واشنطن وفي إسرائيل.

نظير مجلي (القدس)
المشرق العربي 
تشييع جثامين سورية وأطفالها الثلاثة أمس غداة مقتلهم بقصف إسرائيلي على قرية شمع في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

إسرائيل تنتظر الضربة... وأميركا تعزز قواتها

تتصاعد بسرعة وتيرة التوتر في الشرق الأوسط، فيما تنتظر إسرائيل ردّ إيران وحلفائها في المنطقة على اغتيال رئيس حركة «حماس» إسماعيل هنية والقائد العسكري في.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
شؤون إقليمية جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي السابق (أ.ف.ب)

بولتون لـ«الشرق الأوسط»: إيران ستُقدم على رد انتقامي يسبب خسائر كبيرة لإسرائيل

توقع مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، أن يكون الانتقام الإيراني لمقتل هنية مؤثراً وقوياً، والسؤال ما هو شكل الرد الذي ستقدم عليه طهران ضد تل أبيب؟

هبة القدسي (واشنطن)
شمال افريقيا القمة العربية - الإسلامية بالرياض في نوفمبر 2023 (واس)

تنسيق سعودي - مصري لمواجهة التصعيد الإقليمي وتحقيق استقرار المنطقة

تطرقت المباحثات بين وزيري خارجية السعودية ومصر إلى «الجهود الجادة والحثيثة التي تبذلها الرياض والقاهرة لحلحلة الأزمة السودانية».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
خاص روحي مشتهى (وسائل إعلام فلسطينية)

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: مقتل عضوين بالمكتب السياسي لـ«حماس» و3 عسكريين في نفق بغزة

كشفت مصادر قريبة من «حماس»، الجمعة، أن إسرائيل تمكنت من اغتيال اثنين من أعضاء المكتب السياسي للحركة، و3 قادة عسكريين كانوا برفقتهما، في أحد الأنفاق بمدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

سجن 4 تونسيات جمعن تواقيع لمرشح للرئاسة مقابل المال

هيئة الانتخابات خلال اجتماع تحضيري للانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)
هيئة الانتخابات خلال اجتماع تحضيري للانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)
TT

سجن 4 تونسيات جمعن تواقيع لمرشح للرئاسة مقابل المال

هيئة الانتخابات خلال اجتماع تحضيري للانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)
هيئة الانتخابات خلال اجتماع تحضيري للانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)

قضت محكمة تونسية بالسجن لمدد تتراوح بين سنتين وأربع سنوات في حق 4 نساء، مع حرمانهن من حق التصويت بتهمة جمع تواقيع بمقابل مالي لصالح مغني راب يطمح للترشح للانتخابات الرئاسية، وفق متحدث قضائي. وقال علاء الدين العوادي، المتحدث باسم محكمة جندوبة (غرب)، في تصريحات صحافية، نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، إن المحكمة «قضت بسجن 3 نساء موقوفات سنتين، وفي حق أخرى في حالة فرار 4 سنوات، مع حرمانهن من حق الانتخاب طوال 10 سنوات». وأوضح العوادي أن النساء كن يجمعن تواقيع للمرشح فنان الراب ورجل الأعمال، كريم الغربي المعروف باسم «كادوريم»، في محافظة جندوبة، ووُجهت لهن تهمة «القيام بتقديم عطايا نقدية أو عينية، قصد التأثير على الناخب، طبقاً للفصل 161 من قانون الانتخابات والاستفتاء». وبدأ، الاثنين الماضي، تقديم ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية، المقررة في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وانطلق السباق نحو الرئاسة التي ترشح لها الرئيس قيس سعيّد، وسط انتقادات واسعة، بعد أن شددت هيئة الانتخابات شروط الترشح، التي صارت تتطلب التزكية من خلال جمع تواقيع 10 نواب في البرلمان، أو 40 رئيساً للسلطات المحلية، أو 10 آلاف ناخب (500 توقيع على الأقل في كل دائرة انتخابية). وتحدث العديد من الطامحين للترشح عن تعرض أعضاء حملاتهم لتضييقات خلال عملية جمع التواقيع. بينما انتقدت منظمات حقوقية تونسية ودولية عدة «تراجع الحريات» في تونس. كما نددت، الخميس، نحو 30 منظمة حقوقية تونسية في بيان مشترك «بتحول هيئة الانتخابات لأداة ردع وتخويف وتهديد بالتتبعات العدلية، لكل منتقد لأدائها ولانحيازها، ما أفقدها الاستقلالية، وجعلها أداة السلطة القائمة، بهدف إقصاء خصومها، وإسكات المعارضين لها». وأوقف القضاء التونسي 3 أشخاص ينشطون في حملات جمع تواقيع تزكية لطامحين بالترشح بتهمة «التدليس»، على ما أفاد به متحدث قضائي، أول من الأربعاء. وأعلن سعيّد ترشحه لولاية ثانية «لمواصلة مسيرة النضال في معركة التحرير الوطنية»، وقال إنه بذلك يلبي «الواجب الوطني المقدس»، علماً أن سعيّد يحتكر السلطات منذ صيف عام 2021، وقام بتغيير الدستور في عام 2022 ليحظى من خلاله بصلاحيات واسعة، ويخوله اتخاذ القرارات منفرداً.