مصريون يشتكون «نقص سلع» وسط مخاوف من تصاعد الغلاء

عقب رفع أسعار الوقود وتذاكر القطارات

ثلاجات كهربائية متنوعة في صالة عرض أحد المحال التجارية بالقاهرة (أرشيفية - موقع إكس)
ثلاجات كهربائية متنوعة في صالة عرض أحد المحال التجارية بالقاهرة (أرشيفية - موقع إكس)
TT

مصريون يشتكون «نقص سلع» وسط مخاوف من تصاعد الغلاء

ثلاجات كهربائية متنوعة في صالة عرض أحد المحال التجارية بالقاهرة (أرشيفية - موقع إكس)
ثلاجات كهربائية متنوعة في صالة عرض أحد المحال التجارية بالقاهرة (أرشيفية - موقع إكس)

تحاول الفتاة العشرينية نشوى عبد الحميد، التي تقطن في ضاحية 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة المصرية، وتستعد للزواج نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، البحث عن «ثلاجة وغسالة» من إحدى الشركات المحلية الشهيرة منذ نحو أسبوع؛ لكن «بحثها لا يزال دون جدوى»، خصوصاً مع إبلاغها من مسؤولي الشركة بأن «الأجهزة غير متوافرة، من دون تحديد موعد لتوافرها».

موقف نشوى لا يختلف عن موقف خطيبها الثلاثيني محمود علي، الذي يسكن أيضاً في 6 أكتوبر، ويبحث عن تكييف بين ماركتين شهيرتين «لا يجدهما في الأسواق منذ نحو شهر تقريباً»، في حين رفض شراء التكييف ذاته بعدما وجده في أحد المحال بزيادة عن سعره بواقع 3 آلاف جنيه (الدولار الأميركي يساوي 48.75 جنيه في البنوك المصرية).

نشوى قالت لـ«الشرق الأوسط» إن معارض بيع الأجهزة الكهربائية التي زارتها تتوافر فيها السلع للعرض فقط «لكن لا يتوافر مخزون للبيع»، بينما تفضّل نشوى الشراء من المعارض التابعة للشركات المُصنّعة؛ لانخفاض السعر والقدرة على تقسيط قيمة السلع.

وشهد عدد من مواقع الشركات الخاصة ببيع الأجهزة الكهربائية في مصر، عبر الإنترنت، «الإعلان عن نفاد الكثير من الأجهزة الكهربائية»، وفق ما رصدت «الشرق الأوسط»، الجمعة، على ثلاثة مواقع تابعة لشركات شهيرة.

وتزامنت عودة نقص الأجهزة الكهربائية مع تطبيق الحكومة المصرية زيادة في أسعار الوقود (بنزين وسولار) الأسبوع الماضي، بنسب متفاوتة بين 10 و15 في المائة، في حين طبّقت زيادة على أسعار قطارات السكك الحديدية، و«مترو أنفاق القاهرة»، الخميس، بنسب تراوحت ما بين 25 و33 في المائة، وسط مخاوف من موجة غلاء جديدة تطول الكثير من السلع.

وزير الصناعة والنقل المصري كامل الوزير خلال تفقد أحد المصانع بمصر (وزارة النقل)

عضوة «لجنة الصناعة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة إيفلين متّى، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن حل مشكلة نقص المعروض من السلع في «حاجة إلى مزيد من الوقت لحصد ما تقوم به الحكومة من إجراءات لتعزيز الصناعة المحلية، وفتح فرص للتصدير أمامها»، مشيرة إلى أن «أزمة نقص الدولار في البلاد أثّرت على مدخلات الصناعة؛ كون الصناعة المحلية تعتمد في جزء منها على استيراد بعض المكونات من الخارج».

وبحسب متّى، فإن هناك تحركات حكومية لتسريع معالجة هذا الأمر «عبر توفير الخامات محلياً، وبحث فرص تصنيعها والاستفادة منها، خصوصاً وأن بعضها يُمكن تصنيعه بالفعل؛ مما سيوفر جزءاً من العملة الصعبة».

وعانت الأسواق المصرية نقصاً في الكثير من السلع بداية العام الحالي على خلفية تأخر الإفراج عن البضائع من الجمارك وقيود الاستيراد، لكن الأزمة شهدت انفراجة كبيرة خلال شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين مع تحريك سعر صرف العملة الرسمية (الجنيه)، وتأكيدات رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، المتكررة بـ«الإفراج عن جميع البضائع في الجمارك».

وبلغ إجمالي البضائع المُفرج عنها، وفي مقدمتها السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج الداعمة لقطاع الصناعة، من «أول أبريل وحتى منتصف يونيو (حزيران) الماضي 17 مليار دولار»، بحسب بيانات سابقة لوزارة المالية.

مقر «اتحاد الغرف التجارية» في مصر (الصفحة الرسمية على فيسبوك)

لكن رئيس «الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية»، أحمد الوكيل، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم يجرِ الإبلاغ عن نقص في الأجهزة الكهربائية بالأسواق المصرية حتى الآن بشكل رسمي».

في حين قالت النائبة متّى إن «مشكلة نقص الأجهزة الكهربائية سيكون حلها على المدى المتوسط وليس في غضون أسبوع أو شهر». وأضافت أن مساعدة بعض المصانع على العودة لاستئناف العمل بشكل كامل «تحتاج إلى بعض الوقت، خصوصاً مع وجود مصانع مُتعثرة يجري العمل على معالجة أسباب تعثرها»، لافتة إلى توجه الحكومة القوي لـ«دعم الصناعة وحل المشكلة التي تتطلب بعض الوقت، مع إدراك الصعوبات التي تواجه عمليات التشغيل بالمصانع والتي سيكون لديها القدرة على تغطية الطلب المحلي».

عودة إلى الثلاثيني محمود علي الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «أغلب الأجهزة الكهربائية متوافرة لدى الشركات والتجار؛ لكن يتم حجبها عن المواطن المصري بهدف رفع أسعارها خلال الأيام المقبلة، خصوصاً بعد ارتفاع أسعار البنزين والسولار ووسائل النقل».


مقالات ذات صلة

«كأس العالم لكرة اليد»: مصر تهزم الأرجنتين وتهدي العرب الفوز الأول

رياضة عربية إحدى الهجمات للمنتخب المصري على مرمى الأرجنتين (رويترز)

«كأس العالم لكرة اليد»: مصر تهزم الأرجنتين وتهدي العرب الفوز الأول

حقق منتخب مصر فوزاً عريضاً على الأرجنتين، اليوم الأربعاء، ليمنح العرب أول انتصار في بطولة كأس العالم لكرة اليد «رجال» التي تقام في كرواتيا والدنمارك والنرويج.

«الشرق الأوسط» (زغرب)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان خلال استقبال بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مصر تجدد دعمها الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

تعد زيارة بدر عبد العاطي إلى بورتسودان، الثانية خلال شهرين، حيث كانت الأولى مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بهدف «تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين».

أحمد إمبابي (القاهرة ) وجدان طلحة (بورتسودان)
يوميات الشرق مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (إدارة المهرجان)

مصر وتونس تستحوذان على جوائز «الأقصر السينمائي»

استحوذت مصر وتونس على جوائز الدورة الـ14 من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، الذي اختتمت فعالياته، الثلاثاء، في محافظة الأقصر (جنوب مصر)

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تحليل إخباري رد فعل امرأة وهي تتفقد الدمار الذي خلفته غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل تكون خطة «اليوم التالي» في غزة «نقطة خلاف» جديدة؟

وسط جهود مكثفة نحو تنفيذ هدنة جديدة في قطاع غزة، تزايد الحديث عن خطة «اليوم التالي» لانتهاء الحرب، كان أحدثها تصريحات أميركية شملت تفاصيل، بينها وجود أجنبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

في ظل الجدل الذي أثير أخيراً حول «موهبته» احتفى مهرجان الأقصر السينمائي في دورته الـ14 بذكرى مئوية ميلاد الفنان المصري الكبير شكري سرحان.

انتصار دردير (القاهرة )

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
TT

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)

في حين تغرق العلاقات بين الجزائر وباريس في دوامة من التوترات، جدّد جزائريون يعيشون بوسط فرنسا حملة سبق أن أطلقوها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لنزع اسم حاكم عسكري بالجزائر خلال القرن الـ19، اشتهر بالبطش ضد قبائل قادت ثورات عسكرية، بهدف طرد الاستعمار الفرنسي من البلاد.

مبادرة الجالية الجزائرية في فرنسا تأتي في وقت تتفاقم فيه التوترات بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

القصة بدأت قبل عدة أسابيع، عندما بدأت «جمعية فرنسيين من أصول جزائرية» تنشط بمدينة ليون، تضغط على عمدتها غريغوري دوسيه، من أجل استبدال اسم المارشال توماس بيجو (1784-1849) من شارع رئيسي بالدائرة السادسة بالمدينة، بحجة أن «الإبقاء عليه تمجيدٌ لمجرم حرب، وإهانة لنا، ولجميع الفرنسيين الذين يؤمنون بقيم الجمهورية والقيم الإنسانية لبلدنا فرنسا»، وفق ما كتبه ناشطو الجمعية في حساباتهم بالإعلام الاجتماعي.

ونظم مئات الأشخاص، عدد منهم يحمل جنسيتي البلدين، وآخرون هاجروا من الجزائر إلى فرنسا في بداية الألفينات، مظاهرة الأحد الماضي في الشارع، الذي يحمل اسم بيجو، لمطالبة رئيس البلدية دوسيه بإلغاء اسمه من المكان، على أساس أنه «عرف بمجازره التي ارتكبها في الجزائر في القرن التاسع عشر».

ووصف المتظاهرون أنفسهم بأنهم «أبناء مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، الذين تم خنقهم وحرقهم أحياء على يد مارشال فرنسا توماس بيجو»، الذي حكم الجزائر من 1830 إلى 1840.

اسم المارشال بيجو على اللوحة في باريس قبل نزعه (متداولة)

ويناضل المحتجون ليحمل الشارع، الذي يقع بالقرب من القنصلية الجزائرية، اسم «شارع 17 أكتوبر 1961»، تكريماً لـ297 جزائرياً نكّل بهم محافظ شرطة باريس، موريس بابون، عندما خرجوا في مظاهرات في ذلك التاريخ لدعم ثورة التحرير (1954-1962)، التي كانت على وشك الحسم مع الاستعمار.

ووفق الصحافة المحلية في ليون، فقد أعلن غريغوري دوسيه منذ فترة عن دعمه لفكرة تغيير تسمية شارع بيجو، وأكدت أنه «من المتوقع أن تطلق مدينة ليون في الأسابيع المقبلة لجنة من الخبراء لإجراء جرد للشارع والتماثيل، وكذا اللوحات والمواقع التي تُثير الجدل، وتقديم حلول لكل منها».

عمدة مدينة ليون غريغوري دوسيه (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

من جهته، أعلن «الاتحاد الجزائري»، وهو جمعية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، عزمه رفع دعوى قضائية ضد دوسيه بتهمة «تمجيد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، مقترحاً أن يصبح شارع بيجو «شارع كاميل بلان»، عمدة إيفيان-ليه-بان، الذي جرى اغتياله عام 1961 من قِبَل «منظمة الجيش السري»، في حين كان يناضل من أجل السلام في الجزائر.

وقتلت هذه المنظمة المئات من الأشخاص في الجزائر غداة الإعلان عن استقلالها عام 1962، رافضة فكرة خروج فرنسا منها.

عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)

وفي حين يستمر الجدل في ليون، حسمت عمدة باريس، آن هيدالغو، القضية نفسها عندما نزعت في 14 من أكتوبر الماضي، اسم المارشال بيجو من طريق رئيسي بالدائرة رقم 16 «بسبب دوره السيئ في الجزائر؛ حيث ارتكب ما يمكن أن يعد اليوم جرائم حرب»، وفق بيان للعمدة التي تنتمي لليسار، والتي سمّت الطريق نفسه باسم هوبرت جيرمان، أحد رموز تحرير فرنسا من ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وتتزامن هذه التطورات مع اقتراب العلاقات بين البلدين من القطيعة، بعد أن اشتدت الأزمة بين البلدين في يوليو (تموز) الماضي، عندما أعلنت باريس دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وهو ما أثار سخط الجزائر، التي سحبت سفيرها فوراً، وألغت ترتيبات زيارة كانت ستقود الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا في خريف العام الماضي.

جانب من المظاهرة بدعم من الحزب الشيوعي الفرنسي (متداولة)

ومع ذلك ظل هدير الأزمة صامتاً، على الرغم من الحملات التي شنّها اليمين الفرنسي المتطرف بهدف إلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يؤطر مسائل الإقامة والدراسة والعمل والتجارة، و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.