صعّدت النيابة العامة في ليبيا من «مواجهة الفساد»، عبر فتح باب التحقيق في قضايا تهم التطاول على المال العام، وفق وقائع سبق أن أشار إليها ديوان المحاسبة في تقاريره السابقة.
وفي أحدث واقعة فساد تم ضبطها بالبلاد، كشف مكتب النائب العام، المستشار الصديق الصور، عن انتهاء التحقيقات مع المراقب المالي في بعثة دولة ليبيا، المعتمدة لدى كازاخستان، بحبسه احتياطياً على ذمة تبديده 132 ألف دولار من المال العام بالمخالفة للتشريعات (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية).
وقال مصدر بمكتب النائب العام، لـ«الشرق الأوسط»، إن النيابة تواصل التحقيق في «كل الوقائع التي وردت بالتقرير الأخير لديوان المحاسبة»، مشيراً إلى أن لديها «كثيراً من الملفات قيد البحث والتحري قبل استدعاء المتورطين فيها».
وأوضح مكتب النائب العام أنه تلقى بلاغاً «انطوى على بيان أفعال مُسيئة إلى ولاية الرقابة على المال العام في الدولة المعتمد لديها المسؤول»، مشيراً إلى أن النيابة «أخذت في بحث إثبات صحة الوقائع، التي تضمنها البلاغ، حتى استقر لدى المحقق تصرف الرقيب في المبلغ المشار إليه بالمخالفة للتشريعات، كما تبين تعمده حرمان المراقب المالي السابق من حقّه في المرتب، وتوظيف عاملين أجانب، دون أن تكون له ولاية التعاقد. بالإضافة إلى تصرفه في مال منقول مملوك للدولة بالمخالفة للنظم الواجب مراعاتها».
وسبق أن كشف ديوان المحاسبة في تقريره الأخير «تجاوزاً وتبديداً» للمال العام من قبل أطراف كثيرة بالبلاد، من بينها حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وسط مطالب بضرورة إخضاع المتورطين لـ«المحاكمة».
وأصدر ديوان المحاسبة، الذي يعد أكبر جهة رقابية في البلاد، تقريراً تضمن «وقائع فساد» كثيرة، بداية من «اختلاس المال العام عن طريق عقود وهمية»، «والتوسع في إبرام عقود للتوريد»، بالإضافة إلى إنفاق الملايين على شراء السيارات، فضلاً عن إقامة أشخاص لا تربطهم علاقة وظيفية بديوان الحكومة في فنادق خارج البلاد.
وبات يعهد على مكتب النائب العام الكشف عن «قضايا فساد» في البلاد. ففي الخامس والعشرين من الشهر الماضي، حرّكت سلطة التحقيق دعوى جنائية في مواجهة من أسمتهم بـ«تشكيل عصابي»، تعمَّد أفراده الاستيلاء على 120 مليون دينار باستعمال صكوك مصرفية «مزورة».
وأوضح النائب العام في هذه الواقعة أن بعض موظفي فرع مصرف الجمهورية تآمروا مع آخرين على «تزوير القيود المحاسبية، وتمرير صكوك مصرفية، زُوِّرَت القيم المالية المدونة فيها، ثم إجراء تحويلات مالية إلى حسابات مصرفية، تمكَّنوا عقبها من سحب المبلغ محل التتبُّع».
وبعدما سجَّل المحقق اعتراف القائم على تسلُّم الصكوك في فرع المصرف، قرر حبسه على ذمة التحقيق، ووجَّه بضبط بقية المساهمين في الواقعة المجرَّمة.
وكان رئيس الديوان، خالد شكشك، قد بحث مع النائب العام الصديق الصور، سُبل تعزيز المحاسبة وإنفاذ القانون، كما سبق أن ناقش مع السفير البريطاني لدى ليبيا، مارتن لونغدن، سبل الاستفادة من المنظمات والأجهزة الرقابية الدولية والإقليمية، لتبادل الخبرات، وتطوير عمل الديوان، وفق أفضل المعايير والممارسات الدولية، باعتباره عضواً في المنظمات الدولية المختصة في مجال الرقابة والتدقيق.