الشرطة السودانية: لن نسمح لرموز النظام المعزول بمغادرة البلاد

تم حظرهم من السفر بأوامر من رئيس القضاء

البشير يتوسط وزير دفاعه عوض بن عوف (يسار) ورئيس الوزراء محمد طاهر إيلا في القصر الرئاسي 14 مارس 2019 (أ.ف.ب)
البشير يتوسط وزير دفاعه عوض بن عوف (يسار) ورئيس الوزراء محمد طاهر إيلا في القصر الرئاسي 14 مارس 2019 (أ.ف.ب)
TT

الشرطة السودانية: لن نسمح لرموز النظام المعزول بمغادرة البلاد

البشير يتوسط وزير دفاعه عوض بن عوف (يسار) ورئيس الوزراء محمد طاهر إيلا في القصر الرئاسي 14 مارس 2019 (أ.ف.ب)
البشير يتوسط وزير دفاعه عوض بن عوف (يسار) ورئيس الوزراء محمد طاهر إيلا في القصر الرئاسي 14 مارس 2019 (أ.ف.ب)

أكدت الشرطة السودانية أن قادة ورموز نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، «لم يغادروا البلاد». وقال مسؤول رفيع المستوى إنه «تم التحفظ عليهم بواسطة السلطة القضائية ومنعهم من السفر لدى سلطات الجوازات».

وحين اندلعت الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، كان البشير وثلاثة من كبار قادة نظامه، هم: نائبه بكري حسن صالح، ووزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين، وعضو نظام «الإنقاذ» اللواء أحمد الطيب الخنجر، يقبعون في «مستشفى علياء» العسكري، تحت سيطرة الجيش داخل «السلاح الطبي» في مدينة أم درمان.

وقال المتحدث باسم الشرطة العميد فتح الرحمن التوم لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات «لن تسمح على الإطلاق بمغادرة المنتظرين بالسجون والفارين من مناطق النزاعات إلى خارج السودان».

وكانت مصادر محسوبة على التيار الإسلامي في السودان، أكدت تهريب البشير ومعاونيه إلى «مكان آمن في إحدى مدن شمال السودان». وأفادت حينها بأن عملية التهريب «نفذتها قوات خاصة من المقاتلين المتشددين التابعين لتنظيم الحركة الإسلامية، وقوات الإسلاميين الخاصة، من دون مشاركة كبيرة من الجيش، الذي اقتصرت مهمته على توفير تأمين محدود للعملية».

مسلحان تابعان للجيش في أحد شوارع أم درمان (رويترز)

وجرت تلك العملية، قبل أكثر من شهر من استعادة الجيش السوداني مقر الإذاعة والتلفزيون بمدينة أم درمان، ثاني أكبر مدن العاصمة الخرطوم. وعدّ ذلك التحرك العسكري، بمثابة غطاء لصرف الأنظار عن تهريب قادة النظام المعزول المتهمين بأنهم وراء إشعال الحرب في البلاد للعودة إلى الحكم مجدداً.

وكان الرئيس المعزول عمر البشير، قد أدين بالسجن بتهمة الفساد وغسل الأموال، وتم ترحيله إلى «سجن كوبر» في الخرطوم بحري، في حين قطع اندلاع الحرب إجراءات محاكمته ومعاونيه في قضية أخرى تتعلق بتدبير وتنفيذ انقلابه العسكري في عام 1989 ضد حكومة منتخبة ديمقراطياً.

الرئيس السابق عمر البشير (رويترز)

وسبق للجيش السوداني أن اتهم «الدعم السريع» بإطلاق سراح السجناء في كل السجون بالعاصمة الخرطوم، بيد أن مدير السجون ياسر عمر أبو زيد، كشف في مؤتمر صحافي الخميس الماضي بمدينة بورتسودان (شرق البلاد)، أن «معتقلي النظام السابق المنتظرين قيد المحاكمة في (سجن كوبر المركزي) بالخرطوم بحري، هم 18 شخصاً بمن فيهم الرئيس المعزول عمر البشير». وقال إن «إطلاق سراحهم تم بعد اتصال مع رئيس القضاء، وكتابة تعهدات شخصية منهم، وإعلان ذلك للرأي العام والتزامهم بالعودة متى ما تم إعلامهم».


مقالات ذات صلة

مجلس الأمن لدفع محادثات السلام السودانية في جنيف

شمال افريقيا جلسة لمجلس الأمن في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

مجلس الأمن لدفع محادثات السلام السودانية في جنيف

وصف لعمامرة مناقشات جنيف السابقة بأنها «خطوة أولية مشجعة في عملية أطول وأكثر تعقيداً»،مرحباً بالالتزامات التي أعلنت لتعزيز المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا نازحة من ضمن آلاف هربا من الحرب وفظاعاتها (أ.ف.ب)

«هيومن رايتس» تتهم طرفي الحرب السودانية بارتكابات عنيفة ضد النساء والفتيات

بحسب التقرير، فإنّ ضحايا هذا العنف هنّ بشكل رئيسي من «النساء والفتيات اللواتي تتراوح أعمارهنّ بين 9 و60 عاماً».

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

«الدعم السريع» تدحض أنباء تقدم للجيش السوداني في سنار

عضو مجلس السيادة السابق، محمد الفكي سليمان: «البلاد تعاني من كارثة إنسانية تغطي كل أقاليم السودان... 25 مليون سوداني في المرحلة الثالثة من الجوع».

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)

هل يستمر الجيش السوداني برفض التفاوض إرضاءً لحلفائه دُعاة الحرب؟

ظل الجيش يماطل في العودة للتفاوض، متجاهلاً المأساة الإنسانية الكبيرة التي تسببت فيها الحرب، واتساع نطاقها وخسائره الفادحة، متذرعاً ببند واحد من «إعلان جدّة».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رست الجمعة بوارج إريترية في السواحل السودانية، أثارت جدلاً كبيراً بشأن دواعيها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد قتالاً بين الجيش و«قوات الدعم السريع»

محمد أمين ياسين (ودمدني السودان)

هانيبال القذافي ينتقد «صمت قضاة لبنان»

صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
TT

هانيبال القذافي ينتقد «صمت قضاة لبنان»

صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق

انتقد حقوقيون وموالون للنظام الليبي السابق ما أسموه «صمت» القضاء اللبناني في التعاطي مع مستجدات تتعلق بقضية هانيبال نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، يأتي ذلك في أعقاب توجيه الأخير رسالة «لوم» إلى قضاة لبنان بشأن عدم استماعهم إلى شهادة وزير لبناني سابق تتعلق بقضية اختفاء الإمام الشيعي، موسى الصدر.

صورة نشرتها قناة «الجديد» اللبنانية لهانيبال القذافي من محبسه

وهانيبال، معتقل في لبنان منذ قرابة 9 سنوات، بداعي «إخفاء معلومات تتعلق باختفاء مؤسس (المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى)، الإمام موسى الصدر، في أثناء زيارته إلى ليبيا في أغسطس (آب) 1978، بدعوة من القذافي الأب».

وعادت قضية نجل القذافي إلى واجهة الأحداث، بعد تصريح منسوب إلى الوزير اللبناني السابق، وئام وهاب، قال فيها إنه «يملك معلومات بشأن قضية اختفاء الإمام الصدر».

ويرى ليبيون مهتمون بملف قضية هانيبال، في حديثهم إلى «الشرق الأوسط» أن «تغاضي» القضاء اللبناني عن سماع شهادة الوزير وهاب «يُعدّ جزءاً من الظلم الذي يتعرض له المواطن الليبي في محبسه».

ومؤخراً اشتكى هانيبال الموقوف منذ عام 2015، أنه يعاني «وضعاً صحياً مزرياً في زنزانة تحت الأرض»، لكنه بعد حديث وهاب، فضّل أن يتوجّه برسالة كُتبت باللغة الإنجليزية إلى القضاء اللبناني عبر حساب منسوب له على منصة «إكس» لم تخلُ من «لوم وسخرية».

هانيبال القذافي (أ.ف.ب)

وقال هانيبال: «حضرات السادة، أنا متأكد أنكم جميعاً استمعتم لما كشف عنه السيد وئام وهاب في لقاء على قناة (الغد)، حيث صرح بأنه يملك معلومات عن مصير الصدر، لكنكم لم تتخذوا أي إجراء ولم تدلوا بأي تصريح».

واستغرب الشيخ علي أبو سبيحة، رئيس فريق سيف الإسلام القذافي لـ«المصالحة الوطنية»، سجن هانيبال، الذي قال إنه كان «طفلاً صغيراً أثناء زيارة الإمام الصدر لليبيا»، موجهاً انتقادات للقضاء اللبناني، ووصفه بأنه «مسيس».

وقال أبو سبيحة لـ«الشرق الأوسط» إن «كل الإجراءات التي تعرّض لها نجل القذافي جاءت مخالفة للقانون اللبناني؛ بداية من طريقة خطفه واقتياده إلى لبنان بطريقة تستوجب التساؤل».

وتحدث أبو سبيحة عن منعه من زيارة هانيبال في محسبه بلبنان من قبل، داعياً القضاء اللبناني إلى «الرجوع للقانونيين، ومعاملة (الكابتن) هانيبال وفقاً لتلك القوانين، ويطلقون سراحه لكونه ليس متهماً، بل مجني عليه».

جانب من زنزانة هانيبال القذافي وفق ما نشرته قناة «الجديد» اللبنانية

وبشأن تصريحات وهاب، عدّها الدكتور عقيلة دلهوم، رئيس اللجنة الحقوقية والإعلامية لهانيبال القذافي، «مبهمة»، وقال: «كنا ننتظر أن يستدعيه القضاء اللبناني للاستماع إليه بشأنها، لعلها تكون مفيدة في الكشف عن مصير الإمام الصدر، إلا أن ذلك لم يحدث إلى الآن على حد علمنا».

ويرى دلهوم في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن وهاب «كشف في تصريح لاحق عن تلك المعلومات التي لطالما وصفها بالخطيرة، ولكن اتضح أنها مجرد كلام في دردشة غير مؤكدة مع القذافي، عجز خلالها وهاب عن تفسير فحوى جملة واضحة، فذهب إلى تأويلها عندما أشار إلى أن القذافي قال له يوماً: إن الإمام موسى الصدر لم يعد موجوداً».

ونوّه دلهوم إلى أن «الإمام موسى الصدر كان وسيظل شخصية وطنية لها مكانتها النضالية التي استحقت من دولته تكريس جهودها من أجل التعاون مع ليبيا وإيطاليا للكشف عن مصيرها بكل جد وإخلاص»، وانتهى إلى أن «بعض سياسيي لبنان ربما لهم مصلحة في استمرار الغموض حول قضية الإمام الصدر».

وكانت السلطتان الليبية واللبنانية قد تواصلتا في يناير (كانون الثاني) الماضي بشأن هانيبال، وزار وفد مكون من ثلاثة موظفين كبار من وزارة العدل بحكومة «الوحدة» العاصمة بيروت لمتابعة الملف، وتم الاتفاق على التعاون في قضتيه.

وكان مقرراً أن يعود الوفد الليبي إلى بيروت في فبراير (شباط) الماضي، لاستكمال التباحث حول هذه القضية، لكنه لم يحدد، بحسب مصادر بالوزارة، موعداً جديداً، وهو ما أبقى ملف القضية دون تقدم حتى الآن.

واعتبر الحقوقي الليبي جمال مبروك، رئيس «منظمة التعاون والإغاثة العالمية»، أن ما يتعرض هانيبال، في محسبه «يتنافى مع حقوق الإنسان»، وقال في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن نجل القذافي، الذي كان طفلاً عندما تفجّرت قضية الإمام الصدر، يعد مخطوفاً قسرياً؛ إذ لم يخضع لمحاكمة عادلة منذ توقيفه قبل قرابة 9 أعوام».

وتفاعل الحقوقي الليبي مع رسالة هانيبال، وقال لقضاة لبنان: «اتقوا الله (...) فما يحدث للمواطن الليبي هانيبال المحتجز، لجهة حرمانه من الدعم الصحي والنفسي، ومنعه من الاتصال بذويه، يتعارض مع كل المواثيق والأعراف الدولية المتعلقة بالسجناء».

وكان القاضي اللبناني، حسن الشامي، مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية اختفاء الصدر، قد تحدث عن «اعتراف» سابق منسوب لهانيبال، وقال إنه «أدلى بمعلومات عن عملية إخفاء الصدر، من بينها تحديد إقامته في مكان سري بمدينة جنزور، ما بين عامي 1978 و1982». ونفى محامي هانيبال في حينه ما وصفه بـ«الادعاءات»، وقال إن الأخير «أُجبِر على توقيع الوثيقة تحت الإكراه، ودون حضور محامٍ».