تحركات مصرية رسمية لـ«تحسين مناخ» الحريات قبيل «مراجعة جنيف»

اجتماع بـ«العليا لحقوق الإنسان» يطالب بتنفيذ توصيات «الحوار الوطني»

اجتماع «اللجنة العليا لحقوق الإنسان» بمصر (الخارجية المصرية)
اجتماع «اللجنة العليا لحقوق الإنسان» بمصر (الخارجية المصرية)
TT

تحركات مصرية رسمية لـ«تحسين مناخ» الحريات قبيل «مراجعة جنيف»

اجتماع «اللجنة العليا لحقوق الإنسان» بمصر (الخارجية المصرية)
اجتماع «اللجنة العليا لحقوق الإنسان» بمصر (الخارجية المصرية)

دعت «اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان» في مصر (لجنة حكومية)، المؤسسات الحكومية المصرية، لمواصلة «العمل على تحسين المناخ العام للحقوق والحريات، والاستجابة لمخرجات (الحوار الوطني) المصري في ملف حقوق الإنسان، بما يتسق مع التزامات مصر بالمعاهدات الدولية»، وذلك قبيل تقديم القاهرة تقريرها الرابع لـ«آلية المراجعة الدورية الشاملة» بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان في جنيف هذا العام.

ورأى حقوقيون مصريون أن «هناك حراكاً يعكس اهتمام الحكومة المصرية بملف حقوق الإنسان». وأكدوا توفر «إرادة سياسية للنظر في بعض المشكلات الخاصة بالحقوق والحريات، مثل ملف الحبس الاحتياطي».

وناقشت «العليا الدائمة لحقوق الإنسان» (لجنة يرأسها وزير الخارجية المصري، ويشارك فيها عدد من الوزارات والهيئات الحكومية) إجراءات تنفيذ «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، ومتابعة تنفيذ مصر لالتزاماتها الدولية، وإعداد ملف مصر في المراجعات الدورية التي تخضع لها أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، وتحديات حقوق الإنسان، والحلول اللازمة للتعامل معها.

وأكدت اللجنة، حسب إفادة لوزارة الخارجية المصرية، الأحد، مواصلة العمل «على تحسين المناخ العام للحقوق والحريات في مصر بمفهومها الشامل»، إلى جانب «تعزيز حقوق المرأة والطفل والشباب وكبار السن وذوي الإعاقة، تنفيذاً لالتزامات مصر الدولية في ملف حقوق الإنسان».

وأشاد أعضاء اللجنة، خلال اجتماعهم في القاهرة، بمناقشات «الحوار الوطني» لإجراء تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي». ودعت اللجنة إلى الاستفادة من «مخرجات وتوصيات الحوار الوطني». وعدّت أن تلك المخرجات «تُعزز أسس الديمقراطية، من خلال الحوار والمشاركة في بلورة أولويات العمل الوطني، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة».

وانتهى «الحوار الوطني» أخيراً من مناقشة ملف «الحبس الاحتياطي» في جلسات مطولة بمشاركة قانونيين وحقوقيين وممثلي القوى والتيارات السياسية، وأشخاص تعرضوا للحبس الاحتياطي. وتناولت المناقشات «بدائل للحبس، وسبل تقليل مدة الحبس الاحتياطي، وتعويضات للمحبوسين عن طريق الخطأ». وأعلن مجلس أمناء الحوار الوطني «إعداد تقرير نهائي بتوصيات جلسات الحبس الاحتياطي لعرضه على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي».

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

وربط رئيس «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر، علاء شلبي، بين اجتماع «اللجنة العليا لحقوق الإنسان»، وتشكيل الحكومة الجديدة بمصر. وقال إن «الاجتماع استهدف مناقشة التكليف الرئاسي للحكومة الجديدة بالاهتمام بملف حقوق الإنسان، وترسيخ مبادئ الحريات». وأوضح شلبي لـ«الشرق الأوسط» أنه «لأول مرة تجتمع اللجنة العليا لحقوق الإنسان، منذ تشكيلها في فبراير (شباط) 2020 برئاسة وزير الخارجية، وبحضور وزاري كامل لأعضائها». وأرجع ذلك «إلى وجود إرادة حقيقية من الحكومة لوضع ملف حقوق الإنسان ضمن أولوياتها»، مشيراً إلى عدد من الملفات المتعلقة بحالة حقوق الإنسان والحريات، ستعمل عليها الحكومة في الفترة المقبلة، من بينها «تعديلات قوانين الإجراءات الجنائية والمحليات وحرية تداول المعلومات».

وترأس وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، اجتماع «اللجنة العليا لحقوق الإنسان»، الأحد، بحضور وزراء التضامن، والعدل، والشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات.

جانب من اجتماع «اللجنة العليا لحقوق الإنسان» في مصر (الخارجية المصرية)

ورأى الخبير الحقوقي المصري، رئيس «مؤسسة ماعت لحقوق الإنسان»، أيمن عقيل، أن «الحكومة المصرية تتخذ خطوات جادة لتحسين مناخ الحريات في الفترة الأخيرة». ودلل على ذلك بحزمة من الإجراءات الحكومية لتعزيز حالة حقوق الإنسان، تتضمن «تدشين الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان عام 2021، وتفعيل لجنة العفو الرئاسي للإفراج عن المحبوسين، ومناقشة قضايا الحريات داخل الحوار الوطني، مثل قضية (الحبس الاحتياطي)».

وأضاف عقيل لـ«الشرق الأوسط» أن مناقشات الحوار الوطني لقضية الحبس الاحتياطي «خطوة على طريق إصلاح ملف المحبوسين احتياطياً»، متوقعاً تحقيق «انفراجة قريبة في ملف المحبوسين، استجابة لتوصيات الحوار الوطني». وقال إنه من المتوقع «الإفراج عن أعداد من المحبوسين، واتخاذ تدابير لتقليل مدة الحبس الاحتياطي، والتوسع في بدائل الحبس»، مشيراً إلى استعدادات الحكومة المصرية لتقديم تقرير المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان هذا العام للمجلس الدولي بجنيف. وقال إن «مصر تشهد حراكاً فيما يتعلق بالممارسة الحقوقية، والتفاعل مع المراجعات الدورية لحالة حقوق الإنسان»، لافتاً إلى أن اجتماع «اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان» ستتبعها اجتماعات مع منظمات المجتمع المدني، قبل صياغة تقريرها للمجلس الدولي.

وتقدم مصر، قبل شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، تقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي بجنيف، لاستعراض أوضاع حقوق الإنسان، خلال السنوات الأربع الماضية، وهو تقرير دوري تقدمه الدولة كل 4 سنوات ونصف سنة. وسبق أن قدّمت مصر 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

عودة إلى علاء شلبي، الذي أشار إلى أن «الجهات الحكومية سوف تعقد سلسلة من الاجتماعات مع ممثلي المجتمع المدني وخبراء حقوق الإنسان المستقلين، لمناقشة مسودة تقرير المراجعة الدورية الشاملة، قبل تقديمه للمجلس الدولي لحقوق الإنسان».


مقالات ذات صلة

مؤتمر لـ«الإفتاء المصرية» يناقش مكافحة التطرف عالمياً

شمال افريقيا مقر دار الإفتاء المصرية (دار الإفتاء)

مؤتمر لـ«الإفتاء المصرية» يناقش مكافحة التطرف عالمياً

يناقش مؤتمر دولي لدار الإفتاء المصرية «مكافحة التطرف وخطاب الكراهية» وينطلق الاثنين لمدة يومين بأحد فنادق القاهرة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة) في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصياتها على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة على الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة.

أحمد عدلي (القاهرة)

«الدعم السريع» تدحض أنباء تقدم للجيش السوداني في سنار

رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)
رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)
TT

«الدعم السريع» تدحض أنباء تقدم للجيش السوداني في سنار

رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)
رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

نشرت مواقع تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، الأحد، مقاطع فيديو تؤكد استمرار سيطرتها على مدينة الدندر بولاية سنار في الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد، بعد تصريحات أطلقها المتحدث الرسمي باسم «المقاومة الشعبية (المُسْتَنْفَرون)».

وقال عمار حسن، على موقع «فيسبوك»، إنه تمت «استعادة مدينة الدندر»، بيد أنه عاد واعتذر من ذلك، قائلاً إن «عملية التحرير لم تكتمل».

وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأنه لم تحدث اشتباكات بين الطرفين، وبأن قوات الجيش لم تنفذ أي عملية نوعية أو أي تمشيط داخل المدينة، وفق ما يتداوله موالون له في منصات التواصل الاجتماعي.

كما تداول أفراد من «الدعم السريع» تسجيلات مصورة انتشرت بكثافة تدحض ادعاءات دخول الجيش المدينة.

وكانت «غرفة طوارئ الدندر» (منظمة تطوعية) تحدثت عن حصار مطبق تفرضه «قوات الدعم السريع»، فاقم من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، والنقص الكبير في الأدوية.

وأشارت إلى أن عناصر من «قوات الدعم السريع» قاموا «بتدمير المستشفيات ونهب ممتلكات المواطنين... وتفرض حصاراً محكماً من كافة الاتجاهات على مدينة سنار، بعد سيطرتها بالكامل على كل مدن ومحافظات الولاية الواقعة في الجزء الجنوبي الشرقي للبلاد».

من جهة ثانية، عدّ نشطاء مناهضون للحرب الترويج لاسترداد الدندر يأتي «في سياق حملة مكثفة يقودها أنصار النظام المعزول والكتائب الجهادية التي تقاتل في صفوف الجيش، للضغط على قياداته لرفض المبادرة الأميركية لإجراء مفاوضات في سويسرا خلال منتصف أغسطس (آب) المقبل لإنهاء الحرب».

وترفع الحملة شعار «لا تفاوض»، وتدعو إلى إعلان «التعبئة العامة في البلاد» لمواصلة القتال ضد «قوات الدعم السريع».

في موازاة ذلك، يتواصل زخم الحملة التي أطلقتها القوى السياسية والمدنية الرافضة للحرب خلال الأيام الماضية، وتطالب فيها قيادة الجيش بالاستجابة للدعوة الأميركية لوقف الحرب والكارثة الإنسانية التي تهدد الملايين من السودانيين.

ويتيح قادة الجيش المنابر لأنصار الجماعات الإسلامية الموالية له، للتحرك بحرية والتعبئة لحشد المدنيين للانخراط في المعارك، فيما يستمر في التضييق واتخاذ إجراءات في مواجهة دعاة وقف الحرب.

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر بضواحي مدينة أدري التشادية (رويترز)

من جهة ثانية، قال عضو مجلس السيادة السابق، محمد الفكي سليمان، إن البلاد تعاني من كارثة إنسانية تغطي كل أقاليم السودان، مذكراً بأن التقارير الدولية تفيد بأن «25 مليون سوداني في المرحلة الثالثة من الجوع».

وقال الفكي، رداً على تصريحات وزير الزراعة في حكومة الأمر الواقع في بورتسودان التي نفى فيها وجود مجاعة في البلاد وقال إن المخزون الاستراتيجي من الذرة كافٍ، إن «مثل هذه التصريحات خطيرة جداً، وتجب مساءلة هذا المسؤول على إخفائه الحقائق عن العالم»، مؤكداً أن «المجاعة في السودان أمر واقع، وهنالك وفيات بأعداد كبيرة للمواطنين بسبب نقص الغذاء في أكثر من 10 ولايات».

وقال الفكي: «المطلوب الآن، وعلى نحو عاجل، إعلان السودان منطقة مجاعة، وتقع هذه المسؤولية على حكومة الأمر الواقع»، كما دعا المجتمع الدولي إلى أن «ينهض بمسؤولياته، وألا يستمع لمثل هذه الأكاذيب والتصريحات غير المسؤولة».

وأوضح أن نحو 755 ألف شخص «على وشك الهلاك بعد أن وصلت أوضاعهم إلى المرحلة الرابعة من الجوع، وبالتالي يجب أن تفتح الممرات الإنسانية كافة؛ لأن أطراف الحرب لا تلتزم بالقانون الدولي الإنساني».