«الدعم السريع» تدحض أنباء تقدم للجيش السوداني في سنار

أنصار الإسلاميين يضغطون لرفض مفاوضات سويسرا

رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)
رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)
TT

«الدعم السريع» تدحض أنباء تقدم للجيش السوداني في سنار

رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)
رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

نشرت مواقع تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، الأحد، مقاطع فيديو تؤكد استمرار سيطرتها على مدينة الدندر بولاية سنار في الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد، بعد تصريحات أطلقها المتحدث الرسمي باسم «المقاومة الشعبية (المُسْتَنْفَرون)».

وقال عمار حسن، على موقع «فيسبوك»، إنه تمت «استعادة مدينة الدندر»، بيد أنه عاد واعتذر من ذلك، قائلاً إن «عملية التحرير لم تكتمل».

وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأنه لم تحدث اشتباكات بين الطرفين، وبأن قوات الجيش لم تنفذ أي عملية نوعية أو أي تمشيط داخل المدينة، وفق ما يتداوله موالون له في منصات التواصل الاجتماعي.

كما تداول أفراد من «الدعم السريع» تسجيلات مصورة انتشرت بكثافة تدحض ادعاءات دخول الجيش المدينة.

وكانت «غرفة طوارئ الدندر» (منظمة تطوعية) تحدثت عن حصار مطبق تفرضه «قوات الدعم السريع»، فاقم من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، والنقص الكبير في الأدوية.

وأشارت إلى أن عناصر من «قوات الدعم السريع» قاموا «بتدمير المستشفيات ونهب ممتلكات المواطنين... وتفرض حصاراً محكماً من كافة الاتجاهات على مدينة سنار، بعد سيطرتها بالكامل على كل مدن ومحافظات الولاية الواقعة في الجزء الجنوبي الشرقي للبلاد».

من جهة ثانية، عدّ نشطاء مناهضون للحرب الترويج لاسترداد الدندر يأتي «في سياق حملة مكثفة يقودها أنصار النظام المعزول والكتائب الجهادية التي تقاتل في صفوف الجيش، للضغط على قياداته لرفض المبادرة الأميركية لإجراء مفاوضات في سويسرا خلال منتصف أغسطس (آب) المقبل لإنهاء الحرب».

وترفع الحملة شعار «لا تفاوض»، وتدعو إلى إعلان «التعبئة العامة في البلاد» لمواصلة القتال ضد «قوات الدعم السريع».

في موازاة ذلك، يتواصل زخم الحملة التي أطلقتها القوى السياسية والمدنية الرافضة للحرب خلال الأيام الماضية، وتطالب فيها قيادة الجيش بالاستجابة للدعوة الأميركية لوقف الحرب والكارثة الإنسانية التي تهدد الملايين من السودانيين.

ويتيح قادة الجيش المنابر لأنصار الجماعات الإسلامية الموالية له، للتحرك بحرية والتعبئة لحشد المدنيين للانخراط في المعارك، فيما يستمر في التضييق واتخاذ إجراءات في مواجهة دعاة وقف الحرب.

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر بضواحي مدينة أدري التشادية (رويترز)

من جهة ثانية، قال عضو مجلس السيادة السابق، محمد الفكي سليمان، إن البلاد تعاني من كارثة إنسانية تغطي كل أقاليم السودان، مذكراً بأن التقارير الدولية تفيد بأن «25 مليون سوداني في المرحلة الثالثة من الجوع».

وقال الفكي، رداً على تصريحات وزير الزراعة في حكومة الأمر الواقع في بورتسودان التي نفى فيها وجود مجاعة في البلاد وقال إن المخزون الاستراتيجي من الذرة كافٍ، إن «مثل هذه التصريحات خطيرة جداً، وتجب مساءلة هذا المسؤول على إخفائه الحقائق عن العالم»، مؤكداً أن «المجاعة في السودان أمر واقع، وهنالك وفيات بأعداد كبيرة للمواطنين بسبب نقص الغذاء في أكثر من 10 ولايات».

وقال الفكي: «المطلوب الآن، وعلى نحو عاجل، إعلان السودان منطقة مجاعة، وتقع هذه المسؤولية على حكومة الأمر الواقع»، كما دعا المجتمع الدولي إلى أن «ينهض بمسؤولياته، وألا يستمع لمثل هذه الأكاذيب والتصريحات غير المسؤولة».

وأوضح أن نحو 755 ألف شخص «على وشك الهلاك بعد أن وصلت أوضاعهم إلى المرحلة الرابعة من الجوع، وبالتالي يجب أن تفتح الممرات الإنسانية كافة؛ لأن أطراف الحرب لا تلتزم بالقانون الدولي الإنساني».


مقالات ذات صلة

قصف كثيف وتوغل بري... هل اقترب سقوط الفاشر؟

تحليل إخباري نازحون من الفاشر ومعسكر زمزم (المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور)

قصف كثيف وتوغل بري... هل اقترب سقوط الفاشر؟

تعرضت الفاشر لأكثر من 200 هجوم على مدى عام لمحاولات من «الدعم السريع» لاقتحامها والسيطرة عليها، أحبطتها قوات الجيش السوداني والفصائل الدارفورية المتحالفة.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي حمدوك يتوسط قيادات مدنية خلال مؤتمر سابق في لندن (الشرق الأوسط)

محامي دفاع حمدوك يواجه تهماً تصل إلى السجن المؤبد

يواجه منتصر عبد الله، محامي هيئة الدفاع عن رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك، تهماً جنائية تصل إلى حد السجن المؤبد، فيما انبرت جهات حقوقية للدفاع عنه

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النزوح من مخيمات النزوح ظاهرة جديدة في مدينة الفاشر المحاصرة منذ عدة أشهر(الشرق الأوسط) play-circle 00:35

الفاشر: مدينة تئن تحت النار والجوع وانسداد الأفق

بين سندان الموت تحت القصف والجوع والمرض، ومطرقة النزوح إلى المجهول، يواجه مئات الآلاف من سكان مدينة الفاشر بدارفور، والمخيمات حولها، واقعاً إنسانياً مؤلماً.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

بدء محاكمة «حميدتي» وشقيقه غيابياً في السودان

بدأت محكمة سودانية، أمس، أولى جلسات محاكمة غيابية لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وشقيقه عبد الرحيم، بالإضافة إلى 14 من قادة «الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (الشرق الأوسط)

بدء محاكمة حميدتي وشقيقه غيابياً في السودان

بدأت محكمة سودانية، يوم الأحد، أولى جلسات محاكمة غيابية لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وشقيقه عبد الرحيم، بتهمة قتل والي ولاية غرب دارفور.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)

هل ينتهي حلم «الإخوان» بعودة نشاطهم في مصر؟

مقر «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي)
مقر «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي)
TT

هل ينتهي حلم «الإخوان» بعودة نشاطهم في مصر؟

مقر «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي)
مقر «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي)

بعد قرار السلطات الأردنية بحل وحظر جماعة «الإخوان»، أثيرت تساؤلات حول تأثير ذلك على وضع الجماعة في مصر، فيما أكد مصدر مصري مسؤول أن «تنظيم الإخوان انتهى في البلاد، ولا سبيل لعودتهم، وكل ما يثار من أحاديث عن مصالحة معهم لا أساس له في الواقع».

وداهم الأردن جماعة «الإخوان»، الأربعاء، بقرارات حلّ وحظر ومصادرة، وأغلقت أجهزة الأمن مكاتبها في العاصمة والمحافظات بعد نحو 8 عقود من نشاطها.

المصدر المصري المسؤول قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا يبرهن للجميع على صحة الرؤية المصرية وصواب قرار القاهرة، حينما صنفت تلك الجماعة إرهابية وحظرتها»، مشدداً على أن «القرار في مصر كان قرار الشعب الذي لفظ الجماعة وإرهابها، قبل أن يكون قرار نظام، فضلاً عن وجود أحكام قضائية باتة تؤكد إرهاب المنتمين لتلك الجماعة».

وبحسب المصدر، فإنه «لا يوجد أي سند من الواقع لما يتردد بين الحين والآخر عن إمكانية تصالح النظام في مصر مع (الإخوان)، لأن هذا الأمر ليس في يد السلطات وحدها؛ بل هو قرار الشعب الذي لا يقبل بذلك، فضلاً عن عدم وجود ممثلين واضحين للجماعة أصلاً كي يتم التحدث معهم في أمور مثل هذه».

مرشد جماعة «الإخوان» محمد بديع خلال إحدى جلسات محاكمته في وقت سابق بمصر (أرشيفية)

الوضع الحالي للجماعة بمصر

بعد مرور أكثر من 10 سنوات على انتهاء حكم «الإخوان» بمصر في أحداث 30 يونيو (حزيران) 2013؛ باتت الجماعة في نظر البعض مهددة بالزوال الكامل وقد تصعب عودتها لما كانت عليه مرة أخرى.

بدأ الأمر بعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي من الحكم، وأحرق مصريون المقر الرئيسي للجماعة، وتم القبض على مرشدها وكبار قادتها ومحاكمتهم بتهم «ارتكاب جرائم إرهابية». ومنذ ذلك الوقت تعرضت الجماعة لضربات موجعة، كما أنها عانت من انشقاقات وتحولت إلى ثلاث جماعات هي «تيار إسطنبول، وتيار لندن، وتيار ثالث من الشباب»، ويرى مراقبون أن «التيار الثالث أقلهم تأثيراً».

ومثلما تعرضت جماعة «الإخوان» لضربات وخسائر كبيرة في مصر، فقد حدث لها الأمر نفسه في تونس والمغرب وموريتانيا والسودان وبعض دول الخليج وأخيراً في الأردن.

رئيس التحرير السابق لـ«مجلة الديمقراطية»، الدكتور بشير عبد الفتاح، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «(الإخوان) في أي دولة، هي امتداد للجماعة الأصلية في مصر، وكل ما يصيبها في أي مكان ينعكس على وضعها المتردي أصلاً بمصر، حيث إنها تلقت أولى ضرباتها أمنياً ثم سياسياً وشعبياً في مصر».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الإخوان كانوا يعولون على تغلغلهم في الأردن وعدم الحسم معهم من البداية لاستغلال ذلك في إحياء أملهم لعودة النشاط بمصر، ولكن الآن بعد الضربة القاتلة التي وجهها لهم النظام الأردني تبخر هذا الأمل».

لكن عبد الفتاح أشار إلى أن ذلك «لا يعني أن (الإخوان) انتهت إلى الأبد، فهي جماعة تقوم على الفكرة، ولها جانب تنظيمي وسياسي، وهي حالياً تواجه مشاكل سياسية وتنظيمية، وصعوبة في الانتشار بسبب الضربات التي وجهت لها في مصر والدول الأخرى، لكنها لا تواجه مشكلة في البقاء، لأن الأفكار صعب القضاء عليها بسهولة».

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» بتهمة «ارتكاب جرائم إرهابية» (أ.ف.ب)

تجدد أحاديث المصالحة

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أصدرت السلطات القضائية في مصر، قراراً مفاجئاً بحذف أسماء مئات «الإخوان» في الداخل والخارج من «قوائم الإرهابيين» التي وضعوا عليها منذ نحو عشر سنوات، فيما سمي قضية «تمويل الإخوان». وأثار القرار حينها جدلاً كبيراً حول احتمال حدوث مصالحة بين النظام المصري و«الإخوان».

إلا أن المصدر المصري المسؤول تساءل: «مع أي جماعة سنتصالح؟... إذا كانت الجماعة نفسها منقسمة على نفسها وتحتاج للتصالح مع بعضها البعض أولاً، ثم إن أي قرارات قضائية يتم اتخاذها وفقاً للقانون والدستور، ولا علاقة لها بموقف النظام المصري وسياسته، فضلاً عن وجود رفض شعبي قاطع لفكرة المصالحة مع تلك الجماعة الدموية».

رئيس «وحدة الدراسات العربية والإقليمية» بمركز «الأهرام للدراسات السياسية»، محمد عز العرب، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يمكن التعويل على وجود علاقة طردية بين حظر (الإخوان) في الأردن أو أي دولة، ومسألة عودتهم للنشاط من عدمه في مصر، وذلك لأن مصر تتعامل مع (الإخوان) خاصة بعدّه ملفاً محلياً، وتفصّل في علاقتها بالدول بوجود تلك الجماعة فيها من عدمه».

وأوضح أن «(الإخوان) كانوا نشطين في الأردن وما زالوا نشطين في دول عربية أخرى، ومع ذلك فمصر التي حظرت تلك الجماعة وصنفتها إرهابية منذ سنوات، علاقتها جيدة بتلك الدول». وأشار إلى أن «موضوع الإخوان في مصر معقد تماماً، فالجماعة حملت السلاح ضد الدولة والمجتمع، ومن ثمّ فهي مرفوضة شعبياً قبل أن تحظرها الدولة، ولا حديث عن أي مصالحة حالياً ولا في المستقبل القريب، لأن الشعب رافض لذلك».

لكن عز العرب أشار إلى أنه «لا شك أن حظر (الإخوان) في الأردن أو أي دولة أخرى، يخصم من أسهم الجماعة في المنطقة ويصعب الموقف عليها».

ويتفق خبراء على أن «الشعار الشهير للإخوان (الإسلام هو الحل) بات مشبوهاً في نظر الكثيرين، بسبب فقدان الثقة في الجماعة ومصداقيتها، وهو ما يجعل مسألة عودة الجماعة لسابق عهدها، مسألة صعبة مجتمعياً، بغض النظر عن تصالح النظام المصري مع (الإخوان) من عدمه»، لكن هؤلاء الخبراء يشيرون إلى «استحالة انتهاء فكر الجماعة».