محكمة ليبية تقضي بإدانة 12 مسؤولاً في كارثة انهيار سَدّي درنة

مجلس النواب يعلن فتح باب الترشح لرئاسة «الحكومة الجديدة»

أحد سدود مدينة درنة (وكالة الأنباء الليبية)
أحد سدود مدينة درنة (وكالة الأنباء الليبية)
TT

محكمة ليبية تقضي بإدانة 12 مسؤولاً في كارثة انهيار سَدّي درنة

أحد سدود مدينة درنة (وكالة الأنباء الليبية)
أحد سدود مدينة درنة (وكالة الأنباء الليبية)

قضت محكمة ليبية، الأحد، بإدانة 12 مسؤولاً بعقوبات بالسجن، تتراوح بين 15 و30 عاماً، بتهمة التقصير وسوء إدارة السدود التي انهار اثنان منها، في أسوأ كارثة طبيعية على الإطلاق في البلاد العام الماضي، بينما أعلن مجلس النواب رسمياً فتح باب الترشح لرئاسة «حكومة جديدة».

وأعلن مكتب النائب العام في العاصمة طرابلس أن محكمة جنايات درنة أدانت 12 مسؤولاً في كارثة الفيضانات التي تعرضت لها مدينة درنة العام الماضي بعقوبات تتراوح بين 15 و30 عاماً مع النفاذ، وإلزام بعض المتهمين بإرجاع المبالغ المختلسة بسبب التقصير في حفظ وصيانة المال العام، مشيراً إلى أن المحكمة قضت بمعاقبة 7 من المتهمين بعقوبة السجن تسع سنوات، ودفع الدية المحكوم بها، كما عاقبت متهماً بالسجن لمدة 19 سنة، ودفع الدية المحكوم بها، وعقوبة السجن 27 سنة، وآخر بالسجن سنة، ودفع الدية المحكوم بها.

صورة للدمار الذي خلفته الفيضانات في مدينة درنة (أ.ب)

وقضت المحكمة أيضاً بإدانة متهم بالسجن 19 سنة، ودفع الدية المحكوم بها، وبمعاقبة آخر بالسجن 24 سنة، ودفع الدية المحكوم بها، فيما قضت ببراءة 4 متهمين، وألزمت 3 متهمين برد الأموال المتحصلة من الكسب غير المشروع.

وشمل الحكم، إدانة علي الحبري، المحافظ السابق للمصرف المركزي، المعاقب بالسجن لمدة 15 عاماً غيابياً، بتهمة الإخلال بواجباته كمدير لصندوق إعمار درنة، قبل كارثة انهيار السدين.

وفى أسوأ كارثة طبيعية على الإطلاق في تاريخ ليبيا، اجتاحت فيضانات مدمرة ناجمة عن «العاصفة دانيال»، مناطق شاسعة في شرق البلاد، في العاشر من شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، وأودت بحياة الآلاف من الأشخاص، حيث جرفت الفيضانات العارمة نحو ربع مدينة درنة، التي تبعد عن العاصمة طرابلس، مسافة نحو 1300 كيلومتر شرقاً.

منظر عام يظهر الدمار الذي خلفته الفيضانات بعد أن ضربت عاصفة «دانيال» مدينة درنة شرق ليبيا (أ.ف.ب)

في شأن مختلف، أعلن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في بيان مفاجئ في ساعة مبكرة من صباح الأحد، عن فتح باب الترشح لمنصب رئيس «الحكومة الجديدة»، بقصد إنهاء الصراع على السلطة بين حكومتي «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وغريمتها حكومة «الاستقرار» برئاسة أسامة حماد.

ودعا صالح «من يرغب في الترشح، ويأنس في نفسه الكفاءة لهذا المنصب، لتقديم مستندات ترشحه إلى مكتب مقرر المجلس في مدينة بنغازي» بشرق البلاد، اعتباراً من الأحد. كما دعا رئاسة وأعضاء «المجلس الأعلى للدولة» لتزكية من يرون فيه الكفاءة لشغل هذا المنصب.

وأدرج البيان، الذي وزعه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي للمجلس، هذه الخطوة «في إطار الاستناد إلى أحكام الإعلان الدستوري والتعديل الدستوري الـ13، وأحكام قوانين الانتخابات الصادرة عن مجلس النواب، ووفقاً لما تم الاتفاق عليه بمخرجات لجنة 6+6 المشتركة بين مجلسي النواب والدولة، واستناداً إلى الاتفاق بين صالح، ومحمد تكالة رئيس مجلس الدولة، ومحمد المنفى رئيس المجلس الرئاسي، بمقر الجامعة العربية في القاهرة، في العاشر من شهر مارس (آذار) الماضي، واستناداً إلى ما اتفق عليه اللقاء الأخير لأعضاء مجلسي النواب والدولة في القاهرة، في الـ18 من هذا الشهر». ولم يصدر على الفور، أي تعليق رسمي من حكومة «الاستقرار»، كما التزمت حكومة «الوحدة» الصمت.

كما رصدت وسائل إعلام محلية، ظهور الدبيبة، مع عبد المجيد مليقطة، رئيس «الشركة الليبية لإدارة مشاريع المشاركة مع القطاع الخاص»، وأبرز مستشاريه، بأحد مقاهي طرابلس، وسط حراسة أمنية مشددة، بعد إعلان القبض على المتهمين بمحاولة اغتياله.

وكانت وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة، أعلنت الاتفاق مع السلطات التونسية على تسليم 4 متهمين إلى ليبيا، لجلبهم وتسليمهم لمكتب النائب العام، بعد اعتقالهم بالتورط في هذه المحاولة بعد تمكنهم من الفرار إلى تونس، كما تم اعتقال مسؤولين في جهاز المخابرات الليبية في الإطار نفسه.

الدبيبة متفقداً طريقاً في العاصمة طرابلس (حكومة الوحدة)

إلى ذلك، اعتبر الدبيبة، خلال تفقده مساء السبت، سير عمل المرحلة السادسة من مشروع «طريق حي الأندلس» البحري في العاصمة طرابلس، أن هذا المشروع يأتي «ضمن خطة الحكومة لتطوير البنية التحتية والخدمات في مختلف المناطق الليبية، بما يعزز من جودة الحياة للمواطنين».

بدورها، أصدرت محكمة استئناف بنغازي حكماً بانعدام قرار الدبيبة الإذن لمصلحة التسجيل العقاري بتفعيل العمل العقاري جزئياً في ليبيا.

وقضت المحكمة «بوقف القرار وكل ما يترتب عليه من آثار»، واعتبرته «مخالفاً من عدة وجوه، وصادراً من غير ذي اختصاص».

في غضون ذلك، أعلن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، أنه وصل مساء السبت للعاصمة الفرنسية باريس للمشاركة في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية، حيث استقبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لدى وصوله، موضحاً أن مشاركته جاءت بدعوة من ماكرون، ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية.


مقالات ذات صلة

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

شمال افريقيا الدبيبة وشكشك رئيس ديوان المحاسبة في ليبيا (ديوان المحاسبة)

مطالب بالتحقيق في «وقائع فساد» كشفها «المحاسبة» الليبي

عضو مجلس النواب الليبي جبريل أوحيدة لـ«الشرق الأوسط» تعليقاً على تقرير ديوان المحاسبة: «ما نتوقعه من فساد وهدر للمال العام أكبر مما ورد بتقرير ديوان المحاسبة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الوفد البرلماني الليبي برئاسة صالح في إيطاليا (مكتب صالح)

رئيس «النواب» يُشدد من روما على «حاجة ليبيا لحكومة موحدة»

دافع عقيلة صالح عن مجلسه خلال زيارته إلى روما، وقال إن «الجمود في العملية السياسية ليس بسبب البرلمان؛ بل نتيجة القوة القاهرة التي ذكرتها مفوضية الانتخابات».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا مسؤولون ليبيون خلال عملية إنقاذ عدد من المهاجرين بعد تعطل مركبهم أثناء محاولتهم الهجرة السرية نحو أوروبا (الشرق الأوسط)

شبح «توطين المهاجرين» في ليبيا يستحضر نظام «الكفيل الخاص»

إلى جانب المخاطر الدستورية المحتملة، يخشى مراقبون من تهديدات «التوطين» للأمن القومي في ليبيا؛ إذ قد ينذر «باختراقات أمنية خطيرة وارتفاع معدلات الجريمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع الوفد الأممي مع القيادات المحلية في سبها جنوب ليبيا (البعثة الأممية)

خوري: حان الوقت ليمسك الليبيون بزمام أمورهم

ناقش وفد أممي بقيادة خوري، خلال زيارته مدينة سبها بجنوب ليبيا مع كبار المسؤولين العسكريين، تحسن الوضع الأمني في الجنوب وتحديات أمن الحدود.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة لسيف القذافي تداولها أنصاره على صفحاتهم الشخصية

تصريحات منسوبة لسيف القذافي تعيده للساحة السياسية الليبية

يُبقي أنصار سيف الإسلام القذافي عليه حاضراً في المشهد السياسي الراهن بتصريحات غير موثقة للتأكيد على قربه من الحياة العامة رغم أنه لم يظهر في مكان عام منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الدعم السريع» تكوّن حكومة مدنية موازية في الخرطوم

محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
TT

«الدعم السريع» تكوّن حكومة مدنية موازية في الخرطوم

محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»
محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

أعلنت «قوات الدعم السريع» تشكيل إدارة مدنية (حكومة ولائية) في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد تسعة عشر شهراً من سيطرتها على معظم أنحاء ولاية الخرطوم بما في ذلك القصر الرئاسي والوزارات، وتكليف عبد اللطيف عبد الله الأمين الحسن رئيساً لها، وتسمية مجلس تأسيس مدني (مجلس تشريعي ولائي) من 90 شخصاً برئاسة نايل بابكر نايل المك ناصر، لتقديم الخدمات وبسط الأمن وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

وتضم ولاية الخرطوم سبع محليات أو تقسيمات إدارية هي: «الخرطوم، وجبل أولياء، والخرطوم بحري، وشرق النيل، وأم درمان، وأم بدة، وكرري»، ويسيطر الجيش منها في الخرطوم على «القيادة العامة، وسلاحَي الذخيرة والمدرعات»، ومناطق في منطقة مقرن النيلين، متاخمة لأم درمان، في حين تسيطر «الدعم السريع» على باقي الأنحاء والأحياء، والتي تضم القصر الرئاسي والوزارات.

وفي الخرطوم بحري يسيطر الجيش على بعض المناطق الشمالية وجسر الحلفايا التي استعادها مؤخراً، إلى مقراته العسكرية في شمال ووسط وشرق النيل، في حين تسيطر «الدعم السريع» على معظم الأنحاء، بما في ذلك مركزها.

وفي أم درمان يسيطر الجيش على كامل «محلية كرري شمال أم درمان، ومحلية أم درمان القديمة، وأجزاء من محلية أم بدة»، وتقع فيها منطقة كرري العسكرية ومطار وادي سيدنا وسلاح المهندسين، في حين تسيطر «الدعم السريع» على بقية أنحاء المحلية، وجنوب وغرب الولاية حتى جبل أولياء غربا.

ووفقاً للخريطة الجغرافية، فإن «قوات الدعم السريع» تسيطر بشكل شبه كامل على الولاية، لا سيما مدن الخرطوم والخرطوم بحري، وتفرض حصاراً مشدداً على الوحدات العسكرية الموجودة فيها، وتجعل منها جيوباً محاصرة.

منازل تعرضت للقصف في معارك دارت أخيراً بالخرطوم (أ.ب)

وفي مؤتمر صحافي عُقد بالخرطوم، الجمعة، أكد رئيس مجلس التأسيس المدني، المك ناصر، تشكيل برلمان ولائي أطلق عليه اسم «مجلس التأسيس المدني» من 90 عضواً يمثلون محليات الولاية المختلفة، بما في ذلك الشباب والمرأة والإدارة الأهلية والمهنيون والطرق الصوفية. وانتخب المجلس في جلسة إجرائية نايل بابكر نايل المك ناصر رئيساً له.

مجلس تأسيسي

وقالت «الدعم السريع» إن «مجلس التأسيس انتخب مجلساً للقضاء، وبدوره اختار رئيساً له، أدى أمامه رئيس مجلس التأسيس المدني (رئيس الإدارة الجديدة) اليمين الدستورية»، متعهداً بمباشرة مهامه في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين وحمايتهم وتقديم المساعدات المدنية لهم، واستعادة «أجهزة الدولة» التي انهارت بسبب الحرب لمدة عامين.

وظلت الخرطوم بلا حكومة أو إدارة مدنية منذ انتقال العاصمة إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، في حين يحكم «والي الخرطوم» المكلف من قبل قائد الجيش بعد انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 من مدينة أم درمان ومحلية كرري على وجه الخصوص، ولا يستطيع الوصول إلى معظم أنحاء الولاية.

وقال رئيس مجلس التأسيس المدني، المك ناصر، في المؤتمر الصحافي بالخرطوم، الجمعة، إن الفراغ الناتج عن الحرب أدى لغياب الخدمات الأساسية والضرورية؛ ما دفع مواطني الولاية للمطالبة بتكوين إدارة مدنية. وأضاف: «تداعى نفر كريم من مواطني ولاية الخرطوم، وأخذوا على عاتقهم تحمل المسؤولية التاريخية من أجل المواطن، وتواصلوا مع قيادات (الدعم السريع) بالولاية، وطلبوا منهم الموافقة على تأسيس إدارة مدنية تتولى تقديم الخدمات الأساسية، واستجابت (الدعم السريع) لمطلبهم».

وأوضح أن رئيس الإدارة المدنية، عبد اللطيف عبد الله الأمين الحسن، سيقوم بالتعاون مع مجلس التأسيس المدني بتشكيل جهاز تنفيذي يتولى تقديم الخدمات وتأمين وصول المساعدات الإنسانية لمواطني الخرطوم.

وقال رئيس الإدارة المدنية عبد اللطيف الحسن، إن تكليفه جاء انحيازاً لما أسماه «المواطن المغلوب على أمره، ومن أجل حفظ الأمن، وتوفير الخدمات الأساسية، وبناء السلام المجتمعي، وتوفير وإيصال المساعدات الإنسانية»، ودعا المهنيين والفنيين العاملين في ولاية الخرطوم لما أسماه «تحمل المسؤولية» بالعودة الفورية للعمل، ليقدموا الخدمات للمواطنين.

دعوة لوقف الحرب

وحضر المؤتمر عن «الدعم السريع» حذيفة أبو نوبة، رئيس المجلس الاستشاري لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والعقيد حسن محمد عبد الله الترابي رئيس دائرة التوجيه، ممثلاً للقوات.

ودعا المسؤول المدني الجديد من أطلق عليهم «أطراف الصراع»، إلى الحكمة وإنقاذ البلاد بوقف الحرب عاجلاً والعودة للتفاوض، وإلى التزام القانون الدولي الإنساني، وإلى الكف عن القصف الجوي للمستشفيات والأسواق ودور العبادة، واستهداف المدنيين وإلقاء البراميل المتفجرة عليهم، وناشد المنظمات العاملة في المجال الإنساني تقديم المساعدات لمواطني الخرطوم والسودان بالسرعة الممكنة.

من جهته، قال العقيد حسن محمد عبد الله الترابي، إن قواته تقدم الشهداء من أجل تحقيق الحكم المدني الديمقراطي في السودان، وتعهد بدعم الإدارة المدنية وحمايتها وحفظ الأمن، وبعدم التدخل في سير أعمال الإدارة المدنية لتعبر عن إرادة المواطنين، وأضاف: «قادة النظام القديم اختطفوا الخرطوم وذهبوا بها إلى بورتسودان مثلما اختطفوا الجيش؛ لذلك فإن انتخاب قيادة ميدانية يوقف عبث اختطاف الخرطوم سياسياً واقتصادياً، ويؤكد بقاء الخرطوم عاصمة للسودان».

وسبق أن شكّلت «قوات الدعم السريع» إدارات مدنية في عدد من مناطق سيطرتها في ولايات دارفور الأربع وولاية الجزيرة، ويُخشى على نطاق واسع من تطور الأوضاع إلى «حكومتين» تتنازعان السلطة في البلاد، أسوة بـ«الأنموذج الليبي».