الصديق المهدي لـ«الشرق الأوسط»: تنامي الوعي بضرورة إيقاف الحرب وتراجع خطاب الحسم العسكري

«لن نفاوض حزب المؤتمر الوطني رغم سيطرته على إرادة الجيش»

الأمين العام لـ«تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية السودانية» (تقدم) الصديق المهدي (الشرق الأوسط)
الأمين العام لـ«تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية السودانية» (تقدم) الصديق المهدي (الشرق الأوسط)
TT

الصديق المهدي لـ«الشرق الأوسط»: تنامي الوعي بضرورة إيقاف الحرب وتراجع خطاب الحسم العسكري

الأمين العام لـ«تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية السودانية» (تقدم) الصديق المهدي (الشرق الأوسط)
الأمين العام لـ«تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية السودانية» (تقدم) الصديق المهدي (الشرق الأوسط)

شدد الأمين العام لـ«تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية» (تقدم) الصديق المهدي على أهمية توصيل المساعدات الإنسانية للمواطنين وإغاثتهم وحمايتهم، كخطوة لأنها الحالة المأساوية التي يعيشها السودانيون جراء الحرب.

واتهم في مقابلة مع «الشرق الأوسط» بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حزب «المؤتمر الوطني»، وهو الواجهة السياسية لنظام الإسلاميين، «بتشويه الجسم السياسي السوداني باستغلال تحالفه مع الجيش لتحقيق أهدافه السياسية»، ورهن مشاركته في العملية السياسية «بفك ارتباطه بالجيش والقوات النظامية».

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا في أم درمان (الجيش السوداني)

وأشار المهدي إلى ما أسماه «تنامى الوعي بضرورة إيقاف الحرب»، وتراجع خطاب حسمها عسكرياً بقوله: «هذا مؤشر جيد التقى عليه الرأي العام السوداني عند نقطة إيقاف الحرب»، واعتبره «نقلة إيجابية كبيرة نتج عنها انحسار تيار استمرار الحرب والتصعيد، ما أدى لتنامي القناعة الإقليمية والدولية بأهمية اتجاه وقف الحرب»، واستطرد: «خلفت الحرب مأساة إنسانية كبيرة، وصارت تهدد الإقليم ودول الجوار والقرن الأفريقي وأمن البحر الأحمر، لذلك أصبح منطق إيقافها طاغياً، ويجب علينا توظيف هذه الإرادة من أجل إيقافها».

وأشاد بالجهود الدولية، مثل «مؤتمرات باريس والقاهرة، وجهود الأمم المتحدة من أجل جمع طرفي الحرب في جنيف، من أجل إغاثة المواطنين وحمايتهم وتوصيل المساعدات لهم». وقال إن تحالف «تقدم» وقبل انعقاد مؤتمره التأسيسي «طرح على الجيش و(الدعم السريع) إعلان مبادئ يتضمن المساعدات الإنسانية وإيصالها، والترتيبات السياسية لإنهاء الحرب وإيقافها وتحقيق التحول المدني الديمقراطي».

ورأى أن الأوضاع الإنسانية في البلاد لا تحتمل انتظار انتهاء الحرب، وأن إيصال المساعدات والإغاثات وحماية المواطنين صارت أولوية ملحة، وقال: «فتح أبواب إيصال المساعدات يتطلب إيقاف الحرب، لكن حجم المعاناة الإنسانية لم يعد يحتمل انتظار نهاية الحرب، وتوصيل المساعدات في الظرف الحالي وقبل وقف الحرب مسألة عاجلة وملحة».

صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى «أهمية جهود اللجنة الرئاسية المكلفة من مجلس السلم والأمن الأفريقي برئاسة الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، الهادفة لجمع الطرفين لوضع ترتيبات إنهاء وإيقاف الحرب»، واعتبر أنها «تأتي ضمن التوجهات الإيجابية والضرورية لوقف الحرب».

وقال: «الطريق الأمثل هو تنسيق المبادرات لتضم منابر جدة وإيقاد ودولها الرئيسية إثيوبيا وكينيا وأوغندا، والمنامة والإمارات ومصر، والاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة»، وتابع: «جميعها تبذل الجهود الإنسانية وجهود وقف الحرب، وأن أي تقارب بين الوسطاء مع أطراف الحرب والمكونات المدنية، تنظر إليه (تقدم) كعملية متكاملة لوقف الحرب».

وحول الموقف من الإسلاميين ودورهم، قال المهدي: «وجودهم أكبر من حزب (المؤتمر الوطني)، لذلك سنتحدث عنه، فهو حزب محلول بقرار الشعب في ثورة ديسمبر المجيدة، ورغم تفككه، لا يستخدم الوسائل المدنية في تحقيق أهدافه السياسية، بل يستخدم تحالفه مع القوات المسلحة والنظامية لتحقيقها، ما سبب تشوهاً في الجسم السياسي السوداني، ولن تستقر الدولة بهذا التشوه الكبير».

رئيس تنسيقية «تقدم»عبد الله حمدوك (رويترز)

وأوضح أن الموقف من «حزب (المؤتمر الوطني) يأتي من كونه يحتكم لرصيد سابق من الانتهاكات، والتعامل معه لن يكون إلا في إطار عدالة انتقالية». وتابع: «يرددون دائماً أنهم حزب له جماهيرية وفاعلية، لكن تجربة الفترة الانتقالية ومحاولاته الاعتراض على مسار الأمم المتحدة، والتحضير لانقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول)، كل ذلك، أثبت أنهم بلا جماهير ولا فاعلية سياسية، وأن فاعليتهم تعتمد على سيطرتهم على بعض مؤسسات الدولة الفاعلة».

واشترط المهدي على حزب «المؤتمر» «فك ارتباطه بالقوات المسلحة والنظامية والالتزام بالعمل كمنظومة سياسية مدنية، لفتح الباب أمامه للمشاركة في العملية السياسية»، وقال: «في ظل استغلاله لمؤسسات الدولة ستكون مشاركته مضرة، وتزيد تشوه الجسد السوداني».

وقال الأمين العام لـ«تقدم» إن ثورة ديسمبر 2018 واعتصام القيادة العامة كشفا «وجود إرادة في داخل القوات المسلحة لفك ارتباطها بـ(المؤتمر الوطني)»، وتابع: «بينت الثورة وجود انقسام واضح على مستوى الضباط، بعضهم كانوا مع الثورة وبعضهم ضدها، كما كشفت أنه كلما علت الرتب العسكرية تدخلت المصالح لتعويق إرادة فك الارتباط».

وأعلن : «نسعى لأن يكون قرار الجيش مستقلاً عن التأثيرات السياسية، وأن يكون جيشاً قومياً، ولن نسلم بمقولة أن قراره مسلوب، ولن نلجأ لمفاوضة (المؤتمر الوطني) لأنه يسلب قرار الجيش».

نازحون سودانيون (أ.ف.ب)

وسخر المهدي من تصريحات قادة الجيش برفض الجلوس مع «تقدم» واعتبرها سالبة، قاطعاً بمواصلة التواصل معها بقوله: «التواصل مستمر مع قيادة الجيش عبر مؤسسات (تقدم)، لكنه لم يتقدم من المحطة الأولى... لن نعبأ بالتصريحات الأخيرة، وننتظر موقفاً واضحاً ومحدداً».

وأضاف: «نكرر دعوتنا للقوات المسلحة للتعاطي الإيجابي مع مبادرة الأمم المتحدة ووقف الانتهاكات، كما ندعو قوات (الدعم السريع) التي أعلنت الالتزام إلى الوفاء بهذه الالتزامات ووقف الانتهاكات والعدوان على المدنيين».

وأعلن المهدي تمسك تحالفه برفض أي مشاركة للعسكريين في العملية السياسية والانتقال المدني الذي يعقب الحرب بقوله: «كفى السودانيين معاناة من السيطرة العسكرية، لم يروا منها سوى الانقلابات واستنزاف الموارد وانتهاكات الحقوق التي بلغت ذروتها بهذه الحرب، لذلك نتمسك بانتقال مدني يقتصر فيه دور القوات المسلحة والنظامية على ترتيبات قوات مسلحة في أي دولة حديثة، تحترم قيم المدنية والديمقراطية».

وقال المهدي إن الدعوات للتدخل الدولي لوقف الحرب «يجب أن تنطلق من أن السيادة للشعوب، وفقاً للترتيبات المتنوعة التي يتبعها النظام الدولي لحماية الشعوب، ومن بينها المحكمة الجنائية الدولية»، وأيد وجود «قوات إقليمية» للمراقبة والفصل بين القوات المتقاتلة، بعد توافق السودانيين على وقف الحرب.


مقالات ذات صلة

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.