السودان: مقتل قائد عسكري بارز في «الدعم السريع» بغارة جوية

القائد البيشي (وسط) خلال إحدى العمليات العسكرية في ولاية سنار (مواقع موالية للدعم السريع)
القائد البيشي (وسط) خلال إحدى العمليات العسكرية في ولاية سنار (مواقع موالية للدعم السريع)
TT

السودان: مقتل قائد عسكري بارز في «الدعم السريع» بغارة جوية

القائد البيشي (وسط) خلال إحدى العمليات العسكرية في ولاية سنار (مواقع موالية للدعم السريع)
القائد البيشي (وسط) خلال إحدى العمليات العسكرية في ولاية سنار (مواقع موالية للدعم السريع)

نعت مواقع تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، السبت، أحد قادتها العسكريين البارزين، الذي قُتل خلال المعارك الدائرة ضد الجيش السوداني في سنار، جنوب شرقي البلاد. ولم يصدر أي تعليق رسمي من «الدعم السريع» على حسابها الموثق في منصة «إكس» يؤكد تلك الأنباء.

وتشير معلومات أولية حصلت عليها «الشرق الأوسط» إلى أن قائد «الدعم السريع» في قطاع النيل الأزرق، عبد الرحمن البيشي، ربما قُتل في غارات جوية شنّها طيران الجيش السوداني في وقت مبكر من صباح السبت على القوات المتقدمة باتجاه سنار.

ويتحدر البيشي من قبيلة «رفاعة» بولاية النيل الأزرق، في الجنوب الشرقي للبلاد، التي لها امتدادات كبيرة في وسط السودان.

وقاد البيشي القوات التي استولت على رئاسة «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار، بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض المعركة، وكان قبلها قد سيطر على منطقة جبل موية الاستراتيجية التي تعد ملتقى ثلاث ولايات مهمة في جنوب وسط البلاد.

وأكد قائد عسكري بارز في «الدعم السريع»، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، بشكل قاطع مقتل القائد عبد الرحمن البيشي، لكنه أحجم عن الخوض في المزيد من التفاصيل. ويعد البيشي ثاني أبرز قادة «الدعم السريع» الذين قُتلوا في معارك ضد الجيش، بعد مقتل قائد وسط دارفور الجنرال علي يعقوب جبريل، في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

القائد عبد الرحمن البيشي (مواقع موالية للدعم السريع)

يذكر أن البيشي استطاع الخروج بقواته من ولاية النيل الأزرق بعد ثلاثة أسابيع من اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) العام الماضي، والتحق بـ«قوات الدعم السريع» في العاصمة الخرطوم. ووفقاً لمصادر عسكرية نافذة في «قوات الدعم السريع»، شارك عبد الرحمن البيشي في الكثير من المعارك التي مهّدت لإحكام السيطرة الكاملة على الخرطوم، قبل أن ينتقل بعدها إلى تأمين القوات التي سيطرت على ولاية الجزيرة (وسط السودان).

وكان آخر ظهور للبيشي في تسجيلات مصورة إلى جانب اللواء أبو عاقلة كيكل، قائد الفرقة الأولى بمدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، بعد سيطرة «الدعم السريع» على مقر الحامية الرئيسية للجيش السوداني في مدينة سنجة.

وشنّت «قوات الدعم السريع»، الخميس الماضي، هجوماً على مدينة سنار، في أقصى جنوب شرقي البلاد، تصدى لها الجيش السوداني الذي حشد كل قواته بعد انسحابه من عاصمة الولاية سنجة ومنطقة جبل موية. وتسعى «قوات الدعم السريع» للسيطرة على مدينة سنار لإحكام نفوذها بالكامل على الولاية.

والأسبوع الماضي، أعلنت «قوات الدعم السريع» استعادة السيطرة على مدينة الدندر، إحدى كبرى مدن ولاية سنار، بعد محاولة هجوم فاشلة شنتها القوة المشتركة للفصائل المسلحة التي قدمت من إقليم دارفور لإسناد قوات الجيش السوداني في المعارك العسكرية لاسترداد المدينة.


مقالات ذات صلة

رئيس «أطباء بلا حدود»: ما رصدناه في السودان هو الأسوأ على الإطلاق

شمال افريقيا كريستوس كريستو الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود» (غيتي)

رئيس «أطباء بلا حدود»: ما رصدناه في السودان هو الأسوأ على الإطلاق

وصف الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، الوضع الصحي في السودان بأنه «الأسوأ على الإطلاق»، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا محمد بن زايد والبرهان خلال لقاء سابق في قصر الشاطئ بأبوظبي 11 مارس 2022 (أ.ف.ب)

محمد بن زايد والبرهان بحثا سبل وقف الحرب في السودان

رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد وقائد الجيش السوداني والفريق عبد الفتاح البرهان أجريا اتصالاً ناقشا خلاله الجهود الرامية لإنهاء الحرب في السودان

محمد أمين ياسين (ود مدني السودان)
شمال افريقيا البرهان مستقبلاً المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة في يناير الماضي (وكالة السودان للأنباء)

مفاوضات جنيف حول السودان اختتمت بتعهدات «أحادية»

انتهت المفاوضات بين وفدي الحكومة السودانية و«قوات الدعم السريع» في جنيف الخاصة بإيصال المساعدات إلى المتضررين من الحرب بتعهدات أحادية وبتفاؤل أممي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا وفق تقارير «الأمم المتحدة» فإن أكثر من نصف سكان البلاد باتوا بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة (رويترز)

السودان: تحذيرات من «مجاعة وشيكة» في سنار بسبب الحصار ونقص الغذاء

تعيش ولاية سنار السودانية اختفاء دقيق الخبز والأرز بشكل كامل ما يهدد بدخول الولاية التي تحاصرها قوات «الدعم السريع» منذ الشهر الماضي في أزمة غذائية حادة.

أحمد يونس (كمبالا)
العالم العربي «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

بدأت إثيوبيا عملية «الملء الخامس» لخزان «سد النهضة» على نهر النيل، حسب ما أظهرته صور بالأقمار الاصطناعية، وسط ترقّب مصر، التي حذّرت من المساس بـ«حصتها المائية».

عصام فضل (القاهرة)

رئيس «أطباء بلا حدود»: ما رصدناه في السودان هو الأسوأ على الإطلاق

كريستوس كريستو الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود» (غيتي)
كريستوس كريستو الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود» (غيتي)
TT

رئيس «أطباء بلا حدود»: ما رصدناه في السودان هو الأسوأ على الإطلاق

كريستوس كريستو الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود» (غيتي)
كريستوس كريستو الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود» (غيتي)

وصف الرئيس الدولي لمنظمة «أطباء بلا حدود»، كريستوس كريستو، الوضع الصحي في السودان، بأنه «الأسوأ على الإطلاق»، وقال في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، إنه يتدهور بسرعة كبيرة في ظل التحديات المعيقة للتحرك، وقلة عدد الجهات الإنسانية الدولية الفاعلة على الأرض، ومحدودية التمويل المخصص للاستجابة من قبل الدول المانحة.

وأضاف كريستو أن أكثر من 70 في المائة من المرافق الصحية توقفت عن العمل، وأن مستوى سوء التغذية في ازدياد، متوقعاً ارتفاع انتشار حالات الإصابة بالملاريا والأوبئة، مثل الكوليرا، مع بدء موسم الأمطار. وأشار إلى أن النزاع بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» أدى إلى أكبر أزمة نزوح وأسرعها نمواً في العالم، وتفاقم سوء التغذية الحاد بين الفئات الأشد حاجة مثل الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات. وقال كريستو إن المرافق الصحية المتبقية في السودان تعاني من الضغط الشديد، ما يهدد بخروجها عن الخدمة، بسبب ازدياد انعدام الأمن والقتال العشوائي والهجمات والنهب.

والتقى كريستو خلال زيارته للسودان في اليومين الماضيين، نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، مالك عقار، وكبار المسؤولين في وزارة الصحة الاتحادية.

وذكر أن الزيارة تهدف للتواصل مع السلطات الرسمية الفاعلة للعمل على تقوية وزيادة وصول المساعدات الإنسانية إلى المواطنين السودانيين.

وضع مقلق للغاية

ووصف كريستو أنماط النزوح وسوء التغذية والاحتياجات الإنسانية الأخرى بأنها «مقلقة للغاية»، إذ إن المساعدات الإنسانية لا تصل إلى عدد كافٍ من السكان، مضيفاً: «نحن بحاجة إلى توسيع نطاق الاستجابة الإنسانية»، ويتطلب ذلك توفير ضمانات للحماية من جميع الأطراف المتحاربة.

ووفقاً للرئيس الدولي لـ«أطباء بلا حدود»، فإن واحداً من كل 3 مرضى يعانون من إصابات ناجمة عن الحرب تم استقباله من قبل المنظمة، وغالبيتهم من النساء والأطفال، داعياً أطراف القتال إلى «بذل ما في وسعهم من جهود لضمان حماية السكان المدنيين».

وقال كريستو: «استمعنا في منظمة (أطباء بلا حدود) لكثير من شهادات المرضى حول تجاربهم مع العنف الموجه بدوافع عرقية وجنسية، وعلى وجه الخصوص ما تم في ولايات إقليم دارفور (غرب البلاد)».

وأفاد بأن منظمة «أطباء بلا حدود» على اتصال دائم مع جميع الأطراف المتحاربة لضمان استمرارها في توفير الرعاية الصحية، قائلاً: «يجب علينا تذكيرهم بالالتزام بالقانون الدولي الإنساني في حماية المدنيين والبنية التحتية، وعدم استخدام الأسلحة داخل المرافق الصحية».

وأوضح كريستو أن المنظمة توفر الرعاية الصحية المنقذة للحياة لجميع المحتاجين في السودان، مع الالتزام بالمبادئ الإنسانية الأساسية المتمثلة بعدم التحيّز لأي جهة.

عراقيل وابتزازات

وبشأن حصول منظمة «أطباء بلا حدود» على الأذونات والتصاريح للقيام بعملها، قال: «توجد صعوبات في إجراءات التخليص جراء القيود التي تفرضها الأطراف المتحاربة، وهو ما يجعل جلب الإمدادات عملية مكلفة وطويلة»، مشيراً إلى أن الغارات الجوية دمرت البنية التحتية ونقاط الوصول، ما أسهم في تباطؤ العمليات، حيث أصبح يستغرق دخول البضائع إلى البلاد عدة أسابيع».

استهداف المستشفيات في الفاشر أسهم في تردي الحالة الصحية بالمدينة (موقع أطباء بلا حدود)

وأكد أن كثيراً من المنظمات الإنسانية والتجارية التي ترغب في إدخال البضائع إلى البلاد لا تحتمل وجود تعقيدات وانعدام الأمن الذي يتسبب في ارتفاع تكلفة استيراد الإمدادات. وأوضح أن «الأطراف المتحاربة تقيد إيصال المساعدات في مناطق محددة بوضع العراقيل، ونأمل في أن تضع في الحسبان ضرورة الاستجابة والتعاون لتيسير وصول المساعدات الإنسانية الضرورية إلى المتضررين من المدنيين في مناطق النزاعات».

انعدام الأمن

وقال كريستو إن منظمة «أطباء بلا حدود» تعمل في 8 ولايات بالسودان (الخرطوم، والنيل الأبيض، والنيل الأزرق، والقضارف، وغرب دارفور، وشمال دارفور، ووسط دارفور وجنوب دارفور)، وأن انعدام الأمن هو من الأسباب الرئيسية لعدم وجودها حيث تريد، مضيفاً: «اضطررنا إلى مغادرة بعض المناطق بسبب القيود المفروضة على حركة الإمدادات الإنسانية ووصول العاملين في المجال الإنساني إليها».

وقال: «أصبحنا مقيدين في توفير الاستجابة الطبية والإنسانية الكافية التي يحتاجها الناس بشدة»، مضيفاً أن «انعدام مستويات الأمن عالٍ في جميع أنحاء السودان، وتم نهب مرافقنا ومصادرة إمداداتنا من قبل بعض المجموعات المسلحة»، وأبدى أسفه للاعتداءات على المرافق الطبية والعاملين في المجال الصحي، لافتاً إلى وقوع حوادث متعددة في مواقع صحية تعمل فيها منظمة «أطباء بلا حدود».

سوق مدمرة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور جراء المعارك (أ.ف.ب)

وأشار كريستو إلى أن منظمة «الصحة العالمية» وثقت 82 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية في السودان منذ بدء النزاع في أبريل (نيسان) العام الماضي، ما قلل من إمكانية حصول الناس على الرعاية الصحية في وقت هم بأمس الحاجة إليها.

وقال الرئيس الدولي لـ«أطباء بلا حدود»: «مع عدم وجود مؤشرات تلوح في الأفق على نهاية الحرب بالسودان، ندعو إلى زيادة الجهود المبذولة وإزالة العوائق أمام الإمدادات الإنسانية، بما في ذلك حماية العاملين في المجال الإنساني والمدنيين»، مذكراً بأن «أطباء بلا حدود» وفرت الرعاية الصحية لأكثر من 33 ألف جريح بسبب الحرب، وعالجت أكثر من 14 ألف حالة سوء تغذية، كما قدمت نحو 400 ألف استشارة خارجية في مجال الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية.

العنف في دارفور

ونبه كريستو إلى أن العنف في إقليم دارفور اتخذ بعداً عرقياً، كما يظهر من روايات اللاجئين الذين فروا من ولاية غرب دارفور إلى تشاد خلال العام الماضي، مشيراً إلى لجوء أكثر من 500 ألف شخص إلى تشاد.

وقال إن «أطباء بلا حدود» في دارفور تعمل على توفر الرعاية الصحية الأساسية والمتخصصة المنقذة للحياة عبر 5 مستشفيات رئيسية، تشهد مستويات مقلقة من سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات.

وأوضح أن أكثر من ألف موظف يعملون في 8 ولايات من أصل 18 ولاية سودانية بالأراضي الخاضعة لسيطرة الجيش وقوات «الدعم السريع».

وقدر كريستو، وفقاً لتقارير المنظمات الدولية، حصيلة القتلى في حرب السودان بما يتراوح بين 15 ألفاً و150 ألف قتيل منذ اندلاع النزاع قبل 15 شهراً.

وقال إن دراسة استقصائية أجرتها المنظمة كشفت عن تعرض 135 من الناجيات للعنف الجنسي بمخيمات اللاجئين في تشاد على الحدود السودانية، مضيفاً أن 90 في المائة منهن تعرضن للاغتصاب من قبل مسلحين.