«هدوء نسبي» في جبهات القتال بالسودان بعد معارك عنيفة

نائب البرهان: حريصون على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية

دخان يتصاعد من مبانٍ ومؤسسات تعرضت للقصف في الخرطوم (رويترز)
دخان يتصاعد من مبانٍ ومؤسسات تعرضت للقصف في الخرطوم (رويترز)
TT

«هدوء نسبي» في جبهات القتال بالسودان بعد معارك عنيفة

دخان يتصاعد من مبانٍ ومؤسسات تعرضت للقصف في الخرطوم (رويترز)
دخان يتصاعد من مبانٍ ومؤسسات تعرضت للقصف في الخرطوم (رويترز)

هدأت حدة المعارك، نسبياً، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في كل الجبهات والمحاور بأقاليم البلاد المختلفة، بعد أسابيع من القتال الشرس، فيما تتواصل المحادثات غير المباشرة بين طرفي الصراع في جنيف، برعاية الأمم المتحدة؛ لتخفيف الأعباء الإنسانية على ملايين السودانيين في مناطق النزاع بأنحاء البلاد كافة.

سودانيون يفرون بعد سماع دوي انفجار بأحد أحياء غضارف (أ.ف.ب)

وكانت «الدعم السريع» قد فتحت في يوليو (تموز) الحالي جبهة قتال جديدة، بعد تقدمها وسيطرتها على مدن مهمة في ولاية سنار بالجنوب الشرقي للبلاد، وهددت باجتياح الولايات المجاورة لها. كما شنت في الأيام الماضية العديد من الهجمات على مدينة سنار، بهدف إحكام سيطرتها الكاملة على الولاية، لكنها تكسرت بفضل الدفاعات المتقدمة للجيش.

وفي الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب) التي تعد الجبهة الأكثر سخونة، انخفضت وتيرة الاشتباكات بشكل ملحوظ، مقارنة بالأيام الماضية، باستثناء حدوث قصف مدفعي محدود من جانب «الدعم السريع»، استهدف بعض المناطق المأهولة بالسكان. وقد أتاحت حالة الهدوء النسبي تسارع موجات النزوح بأعداد كبيرة من الفاشر إلى المناطق الآمنة خارج نطاق القتال في الإقليم.

سودانيون يختبئون بداخل المراكز التي تم تحويلها لإيواء وعلاج الجرحى في كسالا (أ.ف.ب)

ومع دخول موسم الأمطار، يتوقع أن تتراجع العمليات العسكرية البرية من قبل الجانبين، وعلى وجه الخصوص التي تجري في الولايات الوسطية بالبلاد، بسبب طبيعة الأرض الطينية التي تعوق وتحد من تحركات الجنود والآليات العسكرية الخفيفة والثقيلة.

ويكرر قادة الجيش السوداني باستمرار رغبتهم الدخول في مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع» للوصول إلى حل سلمي متفاوض عليه. في حين تشير خريطة السيطرة العسكرية إلى سقوط نحو 72 في المائة من ولايات البلاد في يد «الدعم السريع»، بينما لا تزال قواتها تنتشر وتتمدد لمهاجمة ولايات أخرى.

ومنذ الخميس الماضي، يباشر فريق الأمم المتحدة، برئاسة المبعوث الشخصي للسودان رمطان لعمامرة، ومنسقة الشؤون الإنسانية نيكوتا كليمنتاين سلامي، نقاشات غير مباشرة بين وفدي الحكومة السودانية و«الدعم السريع». ويفترض أن يتوصل الطرفان إلى وقف محتمل لإطلاق النار بهدف إدخال المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين، وفتح ممرات إنسانية آمنة.

المبعوث الشخصي للسودان رمطان لعمامرة (رويترز)

وعلى الرغم من أن المحادثات تجري لمعالجة الأوضاع الإنسانية لكل السودانيين العالقين في مناطق القتال، فإن التركيز ينصب بشكل كبير على الأوضاع في مدينة الفاشر، التي يواجه فيها المدنيون أوضاعاً إنسانية صعبة للغاية.

وفي هذا الصدد، أكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، حرص الحكومة على إيصال المساعدات الإنسانية، وتسهيل مهام الفرق الطبية. وتعهد خلال لقائه ليل الاثنين - الثلاثاء رئيس «منظمة أطباء بلا حدود»، كريستيوس كريستو، بتذليل كافة العقبات التي تواجه تقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين في الولايات المستهدفة، ومنح التأشيرات لدخول الفرق وموظفي المنظمات الدولية والإقليمية والهيئات ذات الصلة.

بدوره، قال كريستو إن اللقاء ناقش العديد من القضايا المتعلقة بالاحتياجات الإنسانية للسكان في السودان، وأهمية الوصول إلى جميع المناطق المتأثرة بالحرب.

ووفق المفوضية العامة لشؤون اللاجئين، فإن المأساة في السودان «يتسع مداها على مرأى ومسمع العالم، ويجب أن يتوقف القتال، بما في ذلك الهجمات على المدنيين اللاجئين والنازحين داخلياً».

والسبت الماضي، دعا مجلس الأمن الدولي طرفي القتال في السودان إلى الاتفاق على مزيد من الخطوات لتيسير الوصول الإنساني الآمن. وحث أعضاء المجلس الطرفين على تهدئة التصعيد، ووقف الأعمال القتالية، وضمان حماية المدنيين بما في ذلك في الفاشر، بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.

وأسفر النزاع بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، منذ الخامس عشر من أبريل (نيسان) العام الماضي، عن مقتل وإصابة أكثر من 100 ألف شخص، وفقاً لإحصائيات رسمية وأممية.


مقالات ذات صلة

مصر تدعو للتعامل مع تبعات الأزمة السودانية «على نحو عاجل»

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)

مصر تدعو للتعامل مع تبعات الأزمة السودانية «على نحو عاجل»

أكّد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، الثلاثاء، ضرورة «الحفاظ على الدولة السودانية ومقدّراتها ومؤسساتها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا نازحون سودانيون ينتظرون الحصول على وجبة تؤمّنها جمعية خيرية بأحد المخيمات في قضارف (أ.ف.ب)

منظمة الهجرة تؤكد نزوح أكثر من 10 ملايين سوداني بسبب الحرب

قالت المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من 10 ملايين سوداني، أي 20 في المائة من السكان، نزحوا منذ بداية الحرب، مع استمرار تفاقُم أكبر أزمة نزوح في العالم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا في أم درمان (الجيش السوداني)

الجيش السوداني يرفض التفاوض «ولو حارب مائة عام»

جدّد الجيش السوداني تأكيد رفضه لأي تفاوض مع «قوات الدعم السريع»، واستعداده للقتال ولو لـ«مائة عام».

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا سودانيون يفرون من العنف في غرب دارفور (رويترز)

طيران الجيش السوداني يقصف بـ«البراميل المتفجرة» غرب دارفور

المناطق التي استهدفها الجيش بعيدة عن المواقع العسكرية التي تقيم فيها «قوات الدعم السريع» في مدينة الجنينة غرب دارفور.

محمد أمين ياسين (ود مدني: (السودان))
شمال افريقيا البرهان مستقبلاً المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة في يناير الماضي (وكالة السودان للأنباء)

حكومة السودان تحضر «جنيف الإنسانية» وتتمسك بــ«منبر جدة»

أعلنت الحكومة السودانية موافقتها على المشاركة في مداولات غير مباشرة بجنيف بشأن الأوضاع الإنسانية، استجابة لمبادرة الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة.

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))

ارتفاع الأسعار يرغم الجزائريين على قضاء عطلة الصيف في تونس

الحمامات إحدى أكثر مدن الساحل التونسي استقطاباً للسياح الجزائريين (ناشطون سياحيون)
الحمامات إحدى أكثر مدن الساحل التونسي استقطاباً للسياح الجزائريين (ناشطون سياحيون)
TT

ارتفاع الأسعار يرغم الجزائريين على قضاء عطلة الصيف في تونس

الحمامات إحدى أكثر مدن الساحل التونسي استقطاباً للسياح الجزائريين (ناشطون سياحيون)
الحمامات إحدى أكثر مدن الساحل التونسي استقطاباً للسياح الجزائريين (ناشطون سياحيون)

يتوقع ناشطون في مجال السياحة والسفر في الجزائر توافد أكثر من 3 ملايين ونصف مليون جزائري على تونس بغرض السياحة، عبر المعابر الحدودية، خاصة أن منشآت السياحة وملاك الشقق والمساكن بالجارة الشرقية يعرضون أسعاراً مغرية على الجزائريين، الذين يفضلونها على المنتوج السياحي المحلي، خاصة من حيث جودة الخدمة.

ومع بداية يوليو (تموز) من كل عام، يشد عدد كبير من الجزائريين الرحال إلى تونس لقضاء إجازة الصيف. وعادة ما يشهد المعبران الحدوديان «أم الطبول» و«العيون» من الجهة الجزائرية ازدحاماً كبيراً يثير في الغالب مشاكل تنظيمية معقدة لشرطة الحدود والجمارك.

شرطة الحدود بمعبر «أم الطبول» في الجهة الجزائرية (ناشطون سياحيون)

ووفق ما أكده سياح جزائريون، تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، بعد وصولهم إلى الأراضي التونسية، فقد استغرقت ترتيبات العبور أربع ساعات كاملة. وتفضل عائلات جزائرية، تعودت على قضاء عطلتها في تونس، الوصول ليلاً إلى المعابر، حيث تكون درجات الحرارة منخفضة، خصوصاً إذا كان معها أطفال صغار ومسنون.

وأكد فؤاد العواد، ممثل «المكتب الوطني للسياحة التونسي» بالجزائر، في بيان الثلاثاء، أن بلاده «تبقى الوجهة المفضلة للجزائريين، وذلك لعدة أسباب؛ منها العلاقات الجيدة بين البلدين، والقرب الجغرافي، إضافة إلى التنوع في العروض السياحية، والتوازن بين الجودة والسعر»، مشيراً إلى أن «94 في المائة من السياح الجزائريين يصلون إلى تونس عن طريق البر».

وأكد العواد أن الحكومة التونسية «تولي اهتماماً خاصاً بالسياح الجزائريين، مع استمرار بذل الجهود لتحسين ظروف إقامتهم في بلدهم الشقيق».

وبحسب ناشطين في مجال السياحة يعملون بالأجهزة الحكومية المتخصصة في تنظيم الأسفار، فإن عدد السياح الجزائريين العابرين إلى تونس يزداد من سنة لأخرى، من دون إحصاء الجزائريين المغتربين في بلدان العالم، الذي يتوجهون إلى تونس بغرض السياحة.

وبحسب الناشطين أنفسهم، يوجد من بينهم من اتفقوا مع عائلاتهم أو أصدقاء لهم بالجزائر على قضاء العطلة معاً في منتجعات تعودوا على الإقامة بها، تقع في مدن الحمامات وسوسة والمنستير والمهدية، أو أبعد منها على ساحل المتوسط خصوصا جزيرة جربة.

ويجد السائح الجزائري ضالته في المنشآت السياحية التونسية. فالفرد الواحد بإمكانه قضاء إجازةٍ أسبوعاً في فندق 3 نجوم بأقل من 300 دولار أميركي، وهو عرض خارج المنافسة قياساً إلى الأسعار في الجزائر. كما أن آلاف السياح يفضلون كراء شقق أو فيلات في مدن الساحل التونسي، حيث الأسعار في متناول متوسطي الدخل.

معبر «أم الطبول» الحدودي في الجهة الجزائرية (ناشطون في مجال السياحة)

وتفيد أرقام «ديوان السياحة والأسفار الجزائري» بأن أكثر من 3 ملايين جزائري قضوا عطلتهم في تونس خلال صيف 2023. وذلك بزيادة قدرها 3.5 في المائة، مقارنة بسنة 2022. لكن إثر تفشي فيروس كورونا بين 2020 و2021، تراجع عدد السياح بشكل كبير خصوصاً بعد إغلاق الحدود البرية والجوية. وأكدت الأرقام ذاتها أن نحو مليون ونصف مليون سائح جزائري وصلوا إلى تونس منذ بداية العام إلى 10 يوليو (تموز) الحالي.

وقال مهنيون في السياحة يعملون في وكالات السفر الخاصة، إن الطلبات تنهال عليهم للحجز في الفنادق بتونس، متوقعين وصول 3.5 مليون سائح هذا الصيف.

إلى ذلك، أصدر «الديوان الوطني للرصد الجوي»، الثلاثاء، تحذيراً من «موجة حر شديدة تضرب عدة ولايات داخلية وجنوبية» قد تتعدى، حسبه، 46 درجة مئوية خصوصاً في ولايات المدية والبويرة والأغواط، والجلفة والمسيلة وبرج بوعريريج وباتنة، وفي ولايات أقصى الجنوب، كأدرار وعين صالح وتميمون وورقلة، حيث يغادرها قطاع كبير من سكانها في الصيف بسبب ظروف المناخ التي لا تطاق.

وأمس الاثنين، قالت الشركة الحكومية لإنتاج وتوزيع الكهرباء، في بيان، إنها سجلت في اليوم ذاته استهلاكاً قياسياً للطاقة بلغ 18756 ميغاواط، فيما وصل، الأحد، إلى 18732 ميغاواط. لافتة إلى أنها «تواصل تصدير الطاقة إلى تونس، موازاة مع الاستجابة النوعية للطلب المحلي القياسي على الكهرباء».