أصبح مسموحاً للقيادة العليا للقوات المسلحة الجزائرية، انتداب ضباط عسكريين لتولي إدارة مؤسسات حكومية مدنية «تواجه مشكلات في أعمالها»، ويجري حالياً تسيير مؤسستين عموميتين كبيرتين هما «الجمارك الجزائرية» و«مطار هواري بومدين الدولي» في العاصمة، من قِبل ضابطين كبيرين.
وصدر بـ«الجريدة الرسمية»، السبت، مرسوم رئاسي، يحدد شروط وكيفيات «إحالة المستخدمين العسكريين، العاملين والمتعاقدين، على وضعية انتداب لدى الإدارات المدنية العمومية»، وبذلك بات ممكناً للضابط برتبة عميد، والضابط السامي بشكل عام، تولي أعلى المسؤوليات في الوظائف العليا للدولة «ضمن القطاعات الاستراتيجية والحساسة، من حيث السيادة والمصالح الحيوية للوطن»، وفق ما ورد في المرسوم، من دون ذكر ما هي هذه القطاعات.
وأكد النص القانوني أن انتداب المستخدمين العسكريين للمؤسسات المدنية، «يجري بناءً على طلب يوجه من طرف السلطة المسؤولة عن الإدارة المدنية العمومية المعنية، إلى وزير الدفاع». ويتعلق الأمر في هذه الحالة بوزير القطاع المَعنيّ، أما وزير الدفاع فهو رئيس الجمهورية وفق الدستور، وهو أيضاً القائد الأعلى للقوات المسلحة.
ويشدد النص على أن طلب الانتداب «يجب أن يوضح طبيعة ومستوى حساسية منصب العمل المَعنيّ وتصنيفه، وكذا المؤهلات الخاصة بالمجالين العسكري و/أو الأمني المشترطة لتوليه»، مبرزاً أن «مدة الانتداب محددة بسنة واحدة قابلة للتجديد، في حدود 3 سنوات».
ويجري انتداب كوادر الجيش لهذه المهمة، «بموجب مقرر من وزير الدفاع الوطني، ويجري إنهاؤه وفق الأطر نفسها، مرة واحدة، خلال المسار المهني. ويجري الإنهاء، إما تلقائياً بعد انقضاء فترة الانتداب، وإما خلال فترة الانتداب، بمبادرة من وزير الدفاع أو من السلطة المسؤولة عن الإدارة المدنية العمومية، بالتنسيق مع وزير الدفاع الوطني، أو بناءً على طلب المستخدم العسكري العامل، أو المتعاقد المنتدب بعد موافقة وزير الدفاع الوطني».
وبحسب المرسوم الرئاسي «يبقى المستخدمون خاضعين لمجموع الواجبات القانونية الأساسية التي تحكم حالة العسكري، وخاضعين أيضاً لمجموع الأحكام التنظيمية سارية المفعول في الإدارة المدنية العمومية المستقبلة»، مشيراً إلى أنه «يتوجب على المعنيين التفرغ كلياً للمهام الموكلة إليهم، مع احتفاظهم بالرواتب العسكرية، مع إمكانية الاستفادة من التعويضات والعلاوات، ومن كل امتیاز آخر وخدمة، تمنحهما الإدارة المدنية العمومية المستقبلة».
وفي تقدير صحيفة «الخبر»، وهي أكثر الصحف انتشاراً، فإن هذه الخطوة تعكس «ما لمّح إليه الرئيس (عبد المجيد تبون) العام الماضي، عندما شدد على إمكانية منح تسيير قطاع المياه، وقطاعات حساسة أخرى، لكوادر متخصصين من مؤسسة الجيش». وكان يشير يومها إلى اختلالات كبيرة شهدتها الإدارة الأمنية لشركة توزيع المياه الحكومية.
واللافت أن الرئيس تبون استبق المرسوم بتعيين لواء على رأس مؤسسة الجمارك في سبتمبر (أيلول) 2023، هو عبد الحفيظ بخوش الذي جرى إحضاره من القوات البحرية قبل توليه المسؤولية الجديدة. وقد أثار القرار استغراب الملاحظين؛ لأن المسيرين الذين تعاقبوا على إدارة الجمارك كانوا من القطاع المدني وأغلبهم كوادر من وزارة المالية والخزينة العمومية. وعُرف بخوش بالصرامة في التسيير، حسب ما كتبته الصحافة، ما يفسر وضعه في قطاع نخره الفساد وسوء التسيير.
وفي فبراير (شباط) الماضي، اختارت السلطات العقيد المتقاعد من القوات الجوية، مختار سعيد مديوني، مديراً لـ«مؤسسة تسيير مطار هواري بومدين الدولي»، وقد عُرف بولائه الشديد للرئيس، وتأييده القوي لسياساته، ومواقفه الحادة تجاه معارضيه، من خلال برامج سياسية كان يقدمها في تلفزيون خاص وفي الإذاعة الحكومية.