الفشل يهدّد اجتماع الاتحاد الأفريقي لوقف الحرب في السودان

بعد مقاطعته من القوى السياسية والعسكرية الأساسية

آبي أحمد يرش الماء على نبتة زرعها مع البرهان في بورتسودان (مجلس السيادة السوداني)
آبي أحمد يرش الماء على نبتة زرعها مع البرهان في بورتسودان (مجلس السيادة السوداني)
TT

الفشل يهدّد اجتماع الاتحاد الأفريقي لوقف الحرب في السودان

آبي أحمد يرش الماء على نبتة زرعها مع البرهان في بورتسودان (مجلس السيادة السوداني)
آبي أحمد يرش الماء على نبتة زرعها مع البرهان في بورتسودان (مجلس السيادة السوداني)

انطلق اجتماع الآلية الرفيعة للاتحاد الأفريقي، مساء الأربعاء، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بشأن الأوضاع في السودان، بمشاركة محدودة من القوى السياسية، بعد مقاطعة التكتلات السياسية والحركات المسلحة ذات الثقل الأكبر في البلاد، نتيجة عدم وضوح الأجندة المطروحة، ولا الأطراف المشاركة، الأمر الذي يقلّل من فرص نجاحه، وفق ما أفادت به قيادات رفيعة في «تنسيقية تقدم».

وخلق تزايُد اعتذار القوى السودانية الأساسية عن المشاركة حالة من الارتباك داخل المنظمة القارّية، اضطرّها إلى تأجيل الاجتماع لساعات عدّة.

وانضمت 3 جهات مسلحة ومدنية إلى قائمة الكتل السياسية والمدنية المقاطعة للاجتماع التحضيري، حيث أعلنت «الحركة الشعبية – فصيل عبد العزيز الحلو»، و«حركة تحرير السودان»، بقيادة عبد الواحد النور، المقاطعة والتحق بهما، «تجمّع القوى المدنية» بشرق البلاد.

وأفاد السكرتير العام لـ«الحركة الشعبية» عمار أمون، بأنه قدّم في 4 يوليو (تموز) الحالي خطاب اعتذار إلى رئيس الآلية، محمد بن شمباس، عن عدم المشاركة، معبراً عن «تقدير الحركة للدور الذي تلعبه الآلية لإيجاد حل دائم وعادل للمشكلة السودانية».

ووفق مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، بدأ الاجتماع بمشاركة قوى سياسية منضوية في «الكتلة الديمقراطية»، وعدد من الشخصيات الوطنية السودانية الموالية للسلطة في بورتسودان.

وأفادت بأن رئيس المفوضية الأفريقية موسى فكي، تحدّث إلى المجتمِعين بحضور رئيس الآلية محمد بن شمباش، وقيادات أخرى من الاتحاد الأفريقي.

وكانت «تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية» (تقدم)، وهي أكبر تحالف سياسي مدني، بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، أخطرت رسمياً في بيان، رئيس الآلية الأفريقية بمقاطعتها الاجتماع، «بسبب عدم تجاوبه في الكشف عن الأطراف المشاركة فيه، ورفضه التشاور حول الأمر».

وأوضحت «تنسيقية تقدم» في حيثيات الاعتذار، «أن دعوة الآلية الأفريقية افتقرت للتفاصيل حول الأطراف، والمنهجية المتبَعة في تصميم العملية، ما أكّد صحة مواقفها بغياب الشفافية حول تصميم الاجتماع».

عبد الله حمدوك (رويترز)

وقالت: «اتضحت صحة مخاوفنا بما لا يدع مجالاً للشك، بأن هذا الاجتماع مسيطَر عليه بواسطة عناصر النظام السابق، وواجهاته وقوى الحرب».

وكانت مجموعة من القوى السياسية المنضوية في «الكتلة الديمقراطية»، وبعض الشخصيات المستقلة، وصلت الثلاثاء إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا؛ للمشاركة في الاجتماع.

وقال المتحدث الرسمي باسم «تنسيقية تقدم»، بكري الجاك لــ«الشرق الأوسط»، إن الطريقة التي تم بها تصميم العملية للحوار السوداني - السوداني من الاتحاد الأفريقي «دون تواصُل كافٍ وتنسيق، ومعرفة الأجندة والمشاركين، لن يكون لها معنى».

وأضاف: «إن المجموعة المشاركة حالياً في الاجتماع منسجمة، إلى حد كبير، في دعمها للحرب والجيش السوداني، وبالتالي لا توجد أي قيمة مضافة يمكن أن يخرج بها الاجتماع مع مجموعات متّسقة في تصوراتها ومواقفها».

وأشار إلى إمكانية أن تكون خطوة الاتحاد الأفريقي إيجابية، «إذا نجح في إقناع الأطراف التي لديها جيوش في الكتلة الديمقراطية، برفض الحرب، ودفع الجيش السوداني للدخول في عملية التفاوض السياسي، وخلاف ذلك لن يكون لها قيمة في تحديد مستقبل السودان السياسي».

المتحدث باسم «تنسيقية تقدم» بكري الجاك (الشرق الأوسط)

ويناقش الاجتماع، في الفترة من 10 إلى 15 يوليو (تموز) الحالي، «إنهاء الحرب، وإيصال المساعدات الإنسانية، والتأسيس للحل السياسي الشامل».

وكان «مجلس الأمن والسلم الأفريقي» في مداولاته التي جرت في 21 يونيو (حزيران) الماضي، وجّه الآلية إلى دعوة «جميع الفاعلين السودانيين لبدء حوار حول العملية السياسية الشاملة لاستعادة النظام الديمقراطي الدستوري في البلاد».


مقالات ذات صلة

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

شمال افريقيا نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

آلاف الأسر تفرقت حيث خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش السوداني استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، أعلنت «قوات الدعم السريع» تنفيذ ما أسمتها «عملية نوعية» في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال مدينة أم درمان، ودمّرت عدداً من الطائرات الحربية والمسيّرات والآليات، «واستهدفت خبراء أجانب تابعين للحرس الثوري الإيراني»، يعملون في المنطقة العسكرية المهمة، وذلك من دون تعليق من الجيش على ذلك.

وقال الناطق الرسمي باسم «قوات الدعم السريع»، في نشرة صحافية (الأحد)، إنها نفَّذت فجراً «عملية نوعية ناجحة، استهدفت منطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان، ودمَّرت خلالها عدداً من الطائرات الحربية من طراز (أنتنوف)، ومقاتلات من طراز (K8) صينية الصنع، وعدداً من المسيّرات والمعدات العسكرية في قاعدة وادي سيدنا الجوية بالمنطقة العسكرية».

ولم يصدر أي تعليق من الجيش على مزاعم «قوات الدعم السريع»، وسط ترحيبه الكبير باسترداده مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، التي كانت قد فقدتها في يونيو (حزيران) الماضي... وعادة لا يشير كلا الطرفين، إلى خسائرهما في المعارك.

وتضم منطقة وادي سيدنا العسكرية التي تقع شمال مدينة أم درمان، أكبر قاعدة جوية عسكرية، وفيها المطار الحربي الرئيس، إلى جانب الكلية الحربية السودانية، وبعد اندلاع الحرب تحوَّلت إلى المركز العسكري الرئيس الذي يستخدمه الجيش ضد «قوات الدعم السريع».

وقال البيان: «إن العملية النوعية التي نفَّذتها القوات الخاصة التابعة للدعم السريع، تأتي تنفيذاً للخطة (ب)، التي أعلن عنها قائد القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) في آخر خطاباته الجماهيرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، عقب خسارة قواته منطقة جبل موية الاستراتيجية بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض.

وتوعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المقرات والمواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً في متناولها.

جندي من الجيش السوداني يقوم بدورية خارج مستشفى في أم درمان في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ووعدت بحسب البيان، بأن تكون الحرب الحالية «آخر الحروب» في البلاد، وبإنهاء ما أسمتها «سيطرة الحركة الإسلامية الإرهابية على بلادنا»، و«إعادة بناء وتأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة، تحقق السلام والاستقرار والعدالة لجميع الفئات السودانية، التي عانت من ظلم واستبداد الدولة القديمة».

وعلى صفحته بمنصة «إكس»، قال مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، إن «خبراء أجانب يعملون مع الجيش في قاعدة وادي سيدنا الجوية، وإن معظمهم تابعون للحرس الثوري الإيراني، استهدفتهم العملية»، وإن ما أُطلق عليه «دك وتجفيف منابع الإرهاب» يعدّ من أولويات الخطة (ب) التي أعلن عنها حميدتي أخيراً.

وفي النيل الأبيض، اقتحمت «قوات الدعم السريع» المناطق الشمالية لمدينة الدويم، بولاية النيل الأبيض، وعند محور الأعوج وقرى المجمع، والسيال، واللقيد، وشمال الأعوج، التي لجأ إليها عددٌ كبيرٌ من الفارين من القتال، وأطلقت الرصاص؛ ما أدى لمقتل شخص واحد على الأقل، وإصابة آخرين.

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)

واستنكر الناشط المتابع للأحداث محمد خليفة، وفقاً لحسابه على «فيسبوك»، الذي يتابعه مئات الآلاف، «عدم تصدي القوات المسلحة للقوات المهاجمة؛ دفاعاً عن المواطنين». وقال: «إن القرى والبلدات التي اقتحمتها (قوات الدعم السريع)، تبعد عن منطقة تمركز بنحو كيلومترين فقط...قوات الجيش لم تتحرك من مكانها، وقوات الميليشيا لا تزال في تلك المناطق المنتهكة».

وكان الجيش قد أعلن (السبت) استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، من قبضة «الدعم السريع»، أسوة باسترداد المدن والبلدات الأخرى جنوب الولاية مثل الدندر، والسوكي. وقال القائد العام، الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي وصل إلى المدينة غداة استردادها، إن قواته عازمة على «تحرير كل شبر دنسه العملاء والخونة، ودحر الميليشيا الإرهابية التي تستهدف وحدة السودان».