مصريون يبحثون عن «نواقص الأدوية» وبدائلها

وسط وعود رسمية بـ«انفراجة تدريجية»

تتجه الحكومة المصرية إلى تطبيق زيادة تدريجية لأسعار الدواء خلال الفترة المقبلة (رويترز)
تتجه الحكومة المصرية إلى تطبيق زيادة تدريجية لأسعار الدواء خلال الفترة المقبلة (رويترز)
TT

مصريون يبحثون عن «نواقص الأدوية» وبدائلها

تتجه الحكومة المصرية إلى تطبيق زيادة تدريجية لأسعار الدواء خلال الفترة المقبلة (رويترز)
تتجه الحكومة المصرية إلى تطبيق زيادة تدريجية لأسعار الدواء خلال الفترة المقبلة (رويترز)

«محتاجين علاج (زيلودا) لحالة كانسر، مين ممكن يساعد وأنا هوصله بالحالة»، استغاثة كتبها صحافي مصري يُدعى مصطفى شحاتة، عبر حسابه على «فيسبوك»، مساء الاثنين، لصالح مريض يشكو أزمة عدم توافر علاجه في الصيدليات، وذلك ضمن رحلة بحث يخوضها آلاف المصريين يومياً على الصيدليات من أجل إيجاد «نواقص الأدوية» أو حتى بدائلها.

وأقر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بوجود أزمة في توفير العديد من أصناف الدواء خلال الأشهر الماضية، مؤكداً خلال مؤتمر صحافي، الثلاثاء، أن «هناك ظروفاً عالمية أثرت على الإنتاج بالمستويين المحلي والدولي».

وبينما تعهد بـ«إنهاء الأزمة قريباً»، أعلن مدبولي عن «زيادات في أسعار الأدوية»، مؤكداً أن «تحريك أسعار الأدوية سيكون بحسابات دقيقة، وبشكل تدريجي، حتى نهاية العام لضمان عدم وجود أي نقص في الأدوية».

ولا تقتصر أزمة نقص الأدوية في مصر على أنواع بعينها، بل تشمل العديد من الأصناف المحلية والمستوردة، بعضها لأمراض مزمنة وخطيرة، ما جعل مصريين يجوبون رحلة بحث يومية على الصيدليات ومواقع التواصل الاجتماعي للبحث عن الأدوية.

الأزمة دفعت أيضاً الصيادلة للشكوى، في ظل جدل يومي مع المرضى الذين لا يصدقون أن الأمر يتخطى دور الصيدلية، التي تعجز في كثير من الأحيان عن توفير روشتة بالكامل.

ويرجع رئيس شعبة الدواء باتحاد الغرف التجارية، الدكتور علي عوف، عدم توافر عدد كبير من الأدوية في الأسواق إلى تغير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، في مارس (أذار) الماضي.

يقول عوف لـ«الشرق الأوسط»: «البنوك لم تنفذ توجيه الحكومة بتوفير الدولار للشركات على أساس سعر الصرف القديم (الدولار كان يساوي 31 جنيهاً قبل التعويم، بينما يصل الآن لنحو 48 جنيهاً)، فبعدما وضعت الشركات المصنعة للأدوية الأموال بالعملة المحلية فوجئت بتحريك سعر الصرف، فرفض البنك معاملة الشركات على سعر الصرف القديم، الأمر الذي كلف الشركات مبالغ مالية طائلة».

وأضاف: «الشركات التي تصنع الأدوية محلياً وتحصل على مستلزمات الإنتاج من الخارج تعاني نقصاً في السيولة ما أثر على إنتاجها، خصوصاً مع عدم وجود تسهيلات في الاقتراض لهذه الشركات».

لكن عضوة لجنة الصحة بمجلس النواب (البرلمان) النائبة إيرين سعيد تنتقد في حديث لـ«الشرق الأوسط» عدم وجود رؤية للتعامل مع مشكلة نقص الدواء خلال الفترة الماضية، سواء فيما يتعلق بالشركات المحلية التي زاد عليها الطلب نتيجة نقص الأدوية المستوردة، أو لتوفير العملة الصعبة من أجل استيراد الدواء.

مشكلة أخرى تعقد الأزمة يلفت إليها رئيس شعبة الدواء، وهي مرتبطة ببحث المريض عن «اسم الدواء»، وليس الاسم العلمي للمادة، وبالتالي «هناك شعور بوجود نقص بالدواء نتيجة البحث عن أسماء محددة»، في مقابل توافر المادة الفعالة نفسها في بدائل موجودة بالصيدليات.

وأضاف: «مشكلة الدواء المحلي ستكون محلولة بالكامل في غضون أسبوعين على الأكثر بعدما بدأت المصانع في العمل بشكل كامل قبل أيام في أعقاب الموافقة على زيادة أسعار الأصناف المحلية، وبالتالي تكون هناك حاجة لمزيد من الوقت لكي تكون خطوط الإنتاج في الأسواق»، لافتاً إلى أن «جميع الأدوية المستوردة التي لم تعد متوفرة توجد منها بدائل محلية الصنع».

وتعهد وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار، الأسبوع الماضي، بـ«بدء خطوات جديدة لتعويض نواقص الأدوية وإنهاء المشكلة»، خلال أقل من شهرين عبر هيئتي «الدواء» و«الشراء الموحد».

ويشير عوف إلى أن النقص لم يطل أدوية الأورام التي يجري توفيرها في الصيدليات الحكومية بأسعار مدعمة وتصرف عبر تقارير طبية للمرضي، وبإثبات شخصية من يحصل عليها، لكونها مدعمة بمبالغ مالية كبيرة.


مقالات ذات صلة

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

شمال افريقيا مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة) في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصياتها على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة على الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق «الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

تحتفل فرقة «الحضرة» المصرية للإنشاد الديني بعيد ميلادها التاسع خلال فعاليات الموسم الصيفي للموسيقى والغناء في دار الأوبرا؛ بإحيائها حفلاً على «المسرح المكشوف».

نادية عبد الحليم (القاهرة)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
TT

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصيات على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة؛ وذلك لعرضها على الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لاتخاذ ما يلزم بشأنها.

وتوقّع خبراء شاركوا في جلسات «الحوار الوطني» تحقيق «انفراجة في ملف الحبس الاحتياطي، بالإفراج عن أعداد من المحبوسين منذ مدة طويلة»، مشيرين إلى توافق المشاركين حول «عدم استخدام تدابير الحبس الاحتياطي؛ إلا في أضيق الحدود، والتوسع في تدابير بديلة أخرى ضد المتهمين».

وانتهى «الحوار الوطني» أخيراً من مناقشة قضية «الحبس الاحتياطي»، بمشاركة قانونيين وحقوقيين وممثلي القوى والتيارات السياسية، وأشخاص تعرّضوا للحبس الاحتياطي. وتناولت المناقشات سبل «الحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي بصفته أحد إجراءات التحقيق، وليس عقوبة ضد المتهمين».

مشاركون في جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» بمصر (الحوار الوطني)

وأشار «مجلس أمناء الحوار الوطني»، في إفادة مساء الجمعة، إلى «تلقيه أوراق عمل من القوى السياسية، ثم تعقبه صياغة تقرير نهائي بالتوصيات، يجري رفعه إلى الرئيس». ولفت بيان المجلس إلى أنه «تم الاستماع خلال جلسات الحوار إلى كل وجهات النظر بشأن الحبس الاحتياطي، والوضع القانوني القائم حالياً، ومقترحات التطوير المختلفة، كما تم استعراض تجارب الدول الأخرى، دون مصادرة لرأي أو حجر على فكرة».

المحامي الحقوقي عضو «مجلس أمناء الحوار الوطني»، نجاد البرعي، قال إن «لجنة حقوق الإنسان والحريات بالحوار الوطني ستُصيغ تقريراً بالتوصيات والمقترحات، التي تم التوافق عليها، والأخرى التي كانت محل خلاف لرفعها إلى الرئيس»، مشيراً إلى أن «هناك أملاً في تحقيق انفراجة بملف الحبس الاحتياطي، مثل الإفراج عن المحبوسين احتياطياً، منذ مدة طويلة».

وأشار البرعي إلى توصيات حظيت بتوافق داخل مناقشات «الحوار الوطني»، منها: «الإفراج عن جميع المحبوسين احتياطياً في السجون حالياً، ووقف الحبس في قضايا الرأي والنشر، مع وضع حد أقصى (مدة زمنية) لإنهاء تحقيقات النيابة المصرية، وإلا يجري إلغاء الدعوى القضائية بعدها»، لافتاً إلى مقترحات جديدة، مثل «تعويض من حُبسوا عن طريق الخطأ بمبلغ يساوي الحد الأدنى للأجور في البلاد (6 آلاف جنيه مصري)، عن كل شهر بمدة الحبس». (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وتوقف البرعي مع مقترحات لم تحظ بتوافق المشاركين في «الحوار الوطني»، منها: «حالات الحبس الاحتياطي المكرر، لصعوبة علاجه قانوناً»، إلى جانب «بدائل الحبس الاحتياطي، المطبقة في دول أخرى»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن المشاركين في الجلسات «تداولوا مقترحات تتعلق باستخدام أسورة تتبع ممغنطة، أو تحديد إقامة المتهم، أو تطبيق نظام المراقبة الشرطية»، مبرزاً أنه «لا يستطيع أحد وقف إجراء الحبس الاحتياطي، بصفته (احترازاً قانونياً) في أثناء التحقيقات في القضايا».

وأخلت السلطات المصرية، الأسبوع الماضي، سبيل 79 متهماً من المحبوسين على ذمة قضايا، في خطوة قُوبلت بترحيب قوى سياسية وحزبية.

ورأى رئيس «كتلة الحوار» (كيان سياسي دُشّن من فعاليات الحوار الوطني)، باسل عادل، أن «هناك إرادة سياسية لحلحلة أزمة الحبس الاحتياطي»، متوقعاً «إجراء تعديلات تشريعية على قانون الإجراءات الجنائية، استجابة إلى توصيات مناقشات الحوار الوطني». ولفت لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود إجماع من القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني على الفصل بين إجراء الحبس الاحتياطي ضد (المتهمين الجنائيين)، والسياسيين». وقال إن هناك مطالب بعدم استخدام الحبس الاحتياطي في «قضايا الرأي وحرية التعبير والتظاهر».

جانب من جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» في مصر (الحوار الوطني)

ولفت رئيس «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، علاء شلبي، إلى أن مناقشة قضية الحبس الاحتياطي «عبّرت عن إرادة سياسية تتجه إلى الإفراج عن كل المحبوسين احتياطياً في قضايا عامة خلال الأيام المقبلة». وأشار إلى إجماع المشاركين في مناقشات «الحوار الوطني» حول «رد تدابير الحبس الاحتياطي إلى أصلها بصفتها إجراء احترازياً، يجري استخدامها في أضيق الحدود، والإجماع على استبعاد التوسع في تطبيقها كمّاً وكيفاً، وتكثيف استخدام بدائل للحبس».

وأوضح شلبي لـ«الشرق الأوسط»، أن «مناقشة إشكاليات الحبس الاحتياطي في جلسة خاصة من الحوار الوطني ليست بديلاً عن إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد»، لافتاً إلى أن مجلس الوزراء المصري «أقر في ديسمبر (كانون الأول) 2022 تعديلات على القانون، وانتهت اللجنة النيابية الفنية من مراجعته في أبريل (نيسان) الماضي، وتعهّد رئيس مجلس النواب المصري (البرلمان) في يوليو (تموز) الحالي بمناقشة القانون في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».

وناقش مجلس النواب المصري، في مارس (آذار) الماضي، مشروع قانون بتعديلات تشريعية لتقليص مدد «الحبس الاحتياطي». وتضمّنت التعديلات المقترحة وضع حد أقصى لمدة الحبس الاحتياطي، وتنظيم التعويض عنه، وتقليص مدة الحبس، لتصبح في «قضايا الجنح» 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفي «الجنايات» 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً بدلاً من عامين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام».