«قوى سودانية» تجتمع في القاهرة بحثاً عن «توافق» لوقف الحرب

في غياب «الدعم السريع»

مشاركون في مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة مايو الماضي (الشرق الأوسط)
مشاركون في مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة مايو الماضي (الشرق الأوسط)
TT

«قوى سودانية» تجتمع في القاهرة بحثاً عن «توافق» لوقف الحرب

مشاركون في مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة مايو الماضي (الشرق الأوسط)
مشاركون في مؤتمر لقوى سياسية سودانية بالقاهرة مايو الماضي (الشرق الأوسط)

في محاولة للبحث عن «توافق» لوقف الحرب في السودان، تستضيف مصر، السبت والأحد، مؤتمراً لقوى سياسية سودانية في غياب «الدعم السريع». وقال سياسيون سودانيون ومصريون إن «مؤتمر القاهرة يجمع عدداً كبيراً من القوى والأفرقاء على مائدة حوار واحدة».

ودعت مصر إلى مؤتمر يجمع القوى السياسية السودانية بهدف «الوصول لتوافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني - سوداني يتأسس على رؤية سودانية خالصة»، وذلك «بالتعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، لا سيما دول جوار السودان، وأطراف مباحثات جدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيغاد»، وفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية في نهاية مايو (أيار) الماضي.

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعلى مدى نحو خمسة عشر شهراً، من اندلاع الحرب، لم تحقق المبادرات التي قدمتها أطراف دولية وإقليمية، نجاحاً في وقف الاقتتال الداخلي.

سودانيون فرّوا من ولاية سنار بعد وصولهم إلى مدينة القضارف (أ.ف.ب)

وذكرت مصادر سودانية لـ«الشرق الأوسط» أن «مؤتمر القاهرة سيشهد مشاركة من القوى السياسية والمدنية الفاعلة في السودان، والشخصيات السودانية المؤثرة»، لكنها أشارت إلى «عدم حضور ممثلين عن (قوات الدعم السريع)».

المصادر أوضحت أنه من المقرر مشاركة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، ورئيس الوزراء السوداني السابق ورئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) عبد الله حمدوك، ووزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، ورئيس حزب التجمع الاتحادي بابكر فيصل، إلى جانب القوى المشكلة لتجمع «الكتلة الديمقراطية»، وممثلي أحزاب وقوى سياسية مؤثرة.

وأكدت أن القاهرة «تسعى لبناء الثقة بين مختلف الأطراف السودانية»، موضحة أن «دعوات المشاركة في الحوار السوداني، قدمتها مصر للأحزاب والحركات السياسية والمدنية والشخصيات المؤثرة، في صيغة دعوات منفردة، وليس على أساس الكتل السياسية».

كما أكدت «الخارجية المصرية» في وقت سابق على بعض محددات الحوار السوداني المرتقب، تضمنت «التأكيد على أن النزاع الراهن قضية سودانية، وأي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية كافة، وفي إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها».

ورأى القيادي في «الكتلة الديمقراطية» السودانية، مبارك أردول، أن «مؤتمر القاهرة مختلف عن غيره من الفعاليات والمبادرات التي تناولت الأزمة السودانية». وأرجع ذلك إلى كونه «يجمع عدداً كبيراً من القوى والأفرقاء السياسيين على مائدة حوار واحدة»، معرباً عن أمله في أن «يقدم المؤتمر رؤى وأفكاراً حول كيفية إنهاء الحرب بالسودان، وكيفية إيصال المساعدات الإنسانية، والتأسيس لحوار سياسي شامل يجمع أطراف الأزمة السودانية»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الوقت حان لوقف الاقتتال، وتحقيق السلام وعودة النازحين واللاجئين لديارهم، في ظل فاتورة الحرب التي تتضاعف يومياً».

وعدّ الأمين العام لتنسيقية «تقدم»، الصديق الصادق المهدي، أن المؤتمر «انعكاس للاهتمام المصري بالأزمة السودانية». وقال في إفادة صحافية، الخميس: «منفتحون للتداول بشفافية من أجل وقف الحرب»، لافتاً إلى أن «ما يتمخض عن مؤتمر القاهرة، يؤسس لواقع جديد يتطلب تكامل الأدوار لتوحيد الموقف المدني والضغط على طرفي الحرب لوقف الاقتتال».

وأعلنت تنسيقية «تقدم» تلبية مكوناتها دعوة المشاركة في مؤتمر القاهرة. وقالت الأسبوع الماضي، إنها «ستعمل على الدفع بأولوية معالجة الكارثة الإنسانية التي يعاني منها السودانيون داخلياً، وفي مناطق النزوح واللجوء، وستطرح رؤاها حول كيفية تسريع جهود الحل السلمي للنزاع في السودان».

في المقابل، قلل أمين عام «الجبهة الشعبية» السودانية، جمال عنقرة، من فرص وصول المؤتمر إلى «إعلان موقف موحد لوقف الحرب». وأرجع ذلك إلى «عدم دعوة بعض القوى السودانية، مثل المقاومة الشعبية والإسلاميين الذين يقاتلون (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أنه «من بين نحو خمسة عشر حزباً وحركة مسلحة تمت دعوة ثلاثة فقط من المناصرين للجيش السوداني».

جانب من قمة دول «جوار السودان» في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وكانت «الخارجية السودانية» قد طالبت نهاية مايو الماضي بضرورة «تمثيل المقاومة الشعبية في مؤتمر القاهرة»، وأن يكون أساس المشاركة «قائماً على تأكيد الشرعية القائمة في البلاد وصيانة المؤسسات الوطنية وعلى رأسها القوات المسلحة». ورفضت في نفس الوقت مشاركة «مؤيدي (الدعم السريع)».

في سياق ذلك، أوضح نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، أن «المؤتمر يستهدف الخروج بنتائج في 4 مسارات أساسية لحل الأزمة السودانية، بدايةً من المسار الأمني والعسكري، والمسار السياسي، والمسار الإنساني، ومسار إعادة الإعمار»، مشيراً إلى أن المؤتمر «يجمع كل الجوانب الإيجابية في المبادرات السابقة، ويسعى لتمثيل كل أطياف المجتمع السوداني دون إقصاء».

وقال حليمة لـ«الشرق الأوسط» إن «استضافة القاهرة للحوار، جاءت بناءً على مطالب من القوى السودانية، خلال لقاءات المبادرة المجتمعية التي رعاها المجلس المصري للشؤون الخارجية، مع القوى والكيانات السياسية السودانية للتوافق على صيغة للحل السياسي في السودان»، مشيراً إلى أن «نتاج عمل تلك المبادرة امتد لنحو 70 ساعة، على مدى ثلاثة أشهر».

وتتزامن الدعوة المصرية للحوار السوداني، مع الذكرى الأولى لاستضافة القاهرة «قمة دول جوار السودان»، التي عُقدت في يوليو (تموز) 2023 بمشاركة قادة الدول المجاورة للسودان، وممثلي منظمات إقليمية ودولية، بهدف توحيد جهود وقف الحرب بالسودان.


مقالات ذات صلة

الناشط المصري أحمد دومة مهدّد بالحبس مجدّداً بسبب ديوان شعر

العالم العربي دومة خلال توقيع نسخ من ديوانه (حسابه على فيسبوك)

الناشط المصري أحمد دومة مهدّد بالحبس مجدّداً بسبب ديوان شعر

يواجه الناشط المصري أحمد دومة شبح الحبس مجدّداً على خلفية ديوانه الشعري «كيرلي» الذي أُعيد إصداره مؤخراً، بعد بلاغات ضده بتهمة «ازدراء الأديان».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا وزارة الزراعة المصرية تطلق منافذ متحركة لبيع بيض المائدة بأسعار مخفضة (وزارة الزراعة المصرية)

«غلاء البيض» يؤرق أسراً مصرية مجدداً

أرّق «غلاء البيض» أسراً مصرية مجدداً، وسط «اتهامات للتجار برفع الأسعار»، وتحركات حكومية بالتدخل لحل الأزمة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من انتظام العملية التعليمية في المدارس المصرية (وزارة التعليم المصرية)

«التقييم الأسبوعي للطلاب»... هل يحدّ من الغياب بالمدارس المصرية؟

تأكيدات من وزارة التربية والتعليم المصرية بـ«استمرار تطبيق نظام التقييم والواجبات الأسبوعية» على الطلاب في المدارس.

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الطيران المدني المصري سامح الحفني خلال لقاء عضو مجلس الوزراء السعودي عصام بن سعد بن سعيد (مجلس الوزراء المصري)

السعودية ومصر تعززان التعاون في مجال الطيران المدني

رحّب وزير الطيران المدني المصري بوزير الدولة السعودي والوفد المرافق له، وأشاد بقوة وعمق العلاقات الثنائية الممتدة بين مصر والمملكة العربية السعودية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر وزارة الخارجية المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

القاهرة تتابع ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك

تتابع وزارة الخارجية والهجرة المصرية ملابسات حادث إطلاق النار على مصريين في المكسيك.

أحمد عدلي (القاهرة )

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)
اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)
TT

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)
اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)

أقدم رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، على تفعيل قرار كان قد اتخذه بتشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية»، وسط حالة من الرفض والجدل للقرار الذي رأى كثيرون أنه «يخالف التشريعات القائمة» في البلاد.

ولم تتخلص ليبيا بعدُ من التأثير السلبي لأزمة الصراع على المصرف المركزي، حتى اندلع خلاف جديد، الأحد، يتمحور حول صراع الفرقاء على «الصلاحيات القانونية»، بينما يرى متابعون أن هذا الخلاف يزيد من تفتيت الجهود الرامية إلى تحريك العملية السياسية.

وقالت «جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» عبر بيان أصدرته في ساعة مبكرة من صباح الأحد، إنها «فوجئت بقرار من حكومة «الوحدة» بشأن تشكيل مجلس إدارة جديد لها، مشيرة إلى أن القرار «سواء كان عن خطأ أو عن عمد فإنه لا يستند إلى أساس قانوني؛ بوصفها تابعة للجهة التشريعية في الدولة حسب القانون الليبي».

وأوضحت الجمعية أنه «فور علمها بالقرار من (الميديا) الليبية والإقدام على تنفيذه اتجهت لتحرك دعوى قضائية بالطعن فيه؛ كما أقدم مجلسا النواب و(الرئاسي) على الخطوة نفسها، لكن مجلس الإدارة الجديد المشكَّل من الحكومة يصر على عدم الاعتراف بالإجراءات القضائية».

فرض الأمر الواقع

وتحدثت الجمعية عن أن المجلس الجديد «مستمر في محاولاته» التي وصفتها بـ«اليائسة» في «ممارسة سياسة فرض الأمر الواقع ومحاولة السيطرة على إدارة الجمعية؛ بالمخالفة لقانونها التأسيسي رقم 58 لسنة 1972، وقانون رقم 9 لسنة 2023» القاضيين باختصاص وتبعية الجمعية لجمعيتها العمومية، وهيئة رئاسة مجلس النواب دون غيرهما.

وسبق أن اتخذ الدبيبة قراراً في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي بتشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» ومقرها العاصمة طرابلس، ويتكون من رئيس و6 أعضاء.

وعلى خلفية التجاذبات التي تشهدها ليبيا منذ أكثر من عقد، دافع المجلس الحالي للجمعية عن نفسه، وقال إنه «حافظ على ابتعاده عن كل الصراعات السياسية، كما حافظنا طوال السنوات الماضية على أموال الجمعية التي هي في الأساس أموال الليبيين».

وبشأن أرصدة الجمعية، نوهت بأن هذه الأموال «مخصَّصة للدعوة ومساعدة المسلمين في مختلف أرجاء العالم؛ بكل أمانة وإخلاص بعيداً عن عبث العابثين»، مجددة رفضها ما سمته «محاولات جرِّ هذه المؤسسة العريقة إلى أتون الصراع والنزاع والسيطرة على أموالها بطرق غير مشروعة بشكل يضر سمعتها العالمية، خصوصاً مع وجود مساهمات من دول عدة في هذه المؤسسة العريقة».

المنفي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي الليبي)

مخالفة للقانون

ومع تصاعُد ردة الفعل، رأى أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أن القرار الذي اتخذته «الوحدة» يشكِّل «مخالفة للقانونين اللذين ينظمان عمل الجمعية؛ ويؤكدان تبعيتها لمجلس النواب».

ويحذِّر سياسيون ليبيون «من أي محاولة للمساس بأموال الجمعية»، ويطالبون الأجهزة الرقابية في غرب البلاد «بالاضطلاع بدورها في حمايتها»، لكن حكومة الدبيبة تتمسك بأحقيتها في تغيير مجلس إدارتها، «بعيداً عن أي مساس يتعلق بمدخراتها»، كما نوهت في بيانات سابقة.

بجانب ذلك، أبدت استغرابها من «رفع هيئة الرقابة الإدارية، وديوان المحاسبة، الرقابة المصاحبة على مصروفات وحسابات جمعية الدعوة في المصارف الداخلية والخارجية بشكل مفاجئ، ودون اتخاذ أي تدابير وقائية».

ورأت الجمعية أنه «بهذه الطريقة يسهل تحويل أي أموال من أرصدتها، وتكون عرضة للنهب والسرقة، ما يهدد المؤسسة بالإفلاس»، منوهة بأن ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة كانا يدققان قبل ذلك كل ما يخص مصروفات وحسابات الجمعية؛ و«هذا عمل نُشيد به، ونستغرب فعل عكسه بعد تشكيل مجلس إدارة جديد للجمعية بالمخالفة للقانون».

وتحدثت الجمعية عن «عملية اقتحام سابقة لمقرها الرئيسي في طرابلس بشكل غير قانوني»، ورأت أن بعد هذا الفعل المسيء ساد ارتباك وخوف داخل المؤسسة من قِبل الموظفين أثناء التلاعب بأرصدة الجمعية في غياب الرقابة المصاحبة من الأجهزة الرقابية».

وانتقد المجلس الرئاسي الليبي، قرار حكومة «الوحدة»، وعدَّه أيضاً «مخالفاً للقانون»، وقال: «كان يجب أن تتم عملية تغيير مجلس إدارتها من قبل الجهة المخولة بذلك، الأمر الذي ثمَّنته الجمعية، داعيةً حكومة (الوحدة) إلى مراجعة قرارها، والمساهمة في الحفاظ على أموال الجمعية، وعدم تعريض سمعتها للخطر».

وانتهت «جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» مذكِّرة بأنها مؤسسة خاصة مستقلة بنص قانون إنشائها، ولها ارتباطات بمنظمات دولية وإقليمية، ويشارك في عضوية مؤتمرها العام (جمعيتها العمومية) ممثلون لأكثر من 50 دولة إسلامية، وبها أقليات إسلامية، ولها تمثيل دبلوماسي بأكثر من 20 دولة.