هل يخسر تكالة موقعه بـ«الدولة» الليبي بسبب تحالفه مع الدبيبة؟

في ظل اقتراب انتخابات رئاسة المجلس

الدبيبة وتكالة في لقاء سابق (المجلس الأعلى للدولة في ليبيا)
الدبيبة وتكالة في لقاء سابق (المجلس الأعلى للدولة في ليبيا)
TT

هل يخسر تكالة موقعه بـ«الدولة» الليبي بسبب تحالفه مع الدبيبة؟

الدبيبة وتكالة في لقاء سابق (المجلس الأعلى للدولة في ليبيا)
الدبيبة وتكالة في لقاء سابق (المجلس الأعلى للدولة في ليبيا)

يراهن عدد من السياسيين الليبيين الساعين لتشكيل «حكومة جديدة»، وإزاحة حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على إمكانية أن تفرز انتخابات رئاسة «المجلس الأعلى للدولة»، التي ستجري مطلع الشهر المقبل، شخصية جديدة تدعم «خططهم السياسية».

ويرجع ذلك إلى رفض الرئيس الحالي للمجلس، محمد تكالة، القريب من الدبيبة، أي حديث عن تلك «الحكومة الجديدة»، قبل حسم الخلاف بين مجلسه والبرلمان، بشأن القوانين اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة.

ويعدّ البعض موقف تكالة «ذريعة لإطالة بقاء الدبيبة في السلطة»، ويتساءلون «عما إذا كان الأول سيخسر موقعه في هذه المعركة بسبب تحالفاته، أم أن ماراثون التحالفات سيفرز جبهات جديدة؟».

تكالة مستقبِلاً سفير تركيا الجديد لدى ليبيا (المجلس الأعلى للدولة)

ووفقاً لرؤية هؤلاء المراقبين، فإن أسماء عدة سوف تتصدر قائمة المرشحين لمنصب رئيس «المجلس الأعلى للدولة»، خلال الأيام المقبلة من بينها الرئيس السابق للمجلس خالد المشري، والعضو بالمجلس عادل كرموس، بالإضافة إلى تكالة.

وقلل عضو «المجلس الأعلى» محمد معزب، من وجاهة ما يُطرح من «أن إزاحة تكالة من رئاسة المجلس واستبدال المشري به، أو أي شخصية أخرى، قد تقود للتوافق سريعاً بين مجلسه والبرلمان بما يسهم في حلحلة عقدة تشكيل الحكومة الجديدة».

لكن معزب يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن برنامج المشري «يرتكز على نقطة واحدة وهي إزاحة الدبيبة، واستقدام حكومة جديدة واستمرار الوضع الراهن فقط»، مشيراً إلى أن المشري «يتناسى وجود كتلة غير هينة من أعضاء المجلس، وأنا منهم، لا تتمسك بالدبيبة أو بتكالة بقدر ما تسعى لإنهاء المرحلة الانتقالية عبر التوجه لانتخابات رئاسية بناء على أسس دستورية».

وفقاً للاتفاق السياسي الموقع نهاية عام 2015، الذي يعدّ الوثيقة الدستورية الحاكمة للمرحلة الانتقالية في ليبيا، لا بدّ من توافق مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» على القوانين كافة المتعلقة بالدستور، وإجراء الانتخابات العامة، وأي تشريعات ذات صلة بهما.

تكالة خلال زيارته لجهاز الشرطة القضائية في طرابلس (المجلس الأعلى للدولة)

وكشف معزب عن مطالبة كتلة من أعضاء مجلسه بـ«خريطة طريق» جديدة، من ضمنها تغيير الحكومة الراهنة، والاكتفاء بإجراء انتخابات تشريعية راهناً (...)»، مشيراً إلى أن المطالبين بتلك الخريطة «يصرون على رفض شروط الترشح للرئاسة المتضمنة بقانون الانتخابات الرئاسية الذي أقره البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي يعدّونها مفصلة على مقاس أشخاص بعينهم».

ونوه إلى أن الفريق الآخر، ويضم أعضاء من البرلمان وكتلة متقاربة معهم من أعضاء الأعلى للدولة، «يرون أن القوانين الانتخابية غير قابلة للتعديل». وقدّر معزب عدد أعضاء هذه الكتلة بـ61 عضواً من أعضاء «الأعلى للدولة»، البالغ عددهم 140 عضواً.

وانتهى إلى «أن المجموعة الموالية للمشري قد تراهن على أصوات الشريحة المتأرجحة من أعضاء الأعلى للدولة، والتي يحسم تصويتها في اللحظات الأخيرة، انتخاب رئيس المجلس الجديد».

وتصف بعض الأصوات الليبية تكالة بأنه «عصا الدبيبة لترويض البرلمان ورئيسه، نظراً لموقفه المعروف من القوانين الانتخابية، واعتراضاته على بعض القرارات والقوانين التي يصدرها البرلمان».

في المقابل، رأى عضو «الأعلى للدولة» والمرشح لرئاسته عادل كرموس، أن تولي شخصية جديدة لرئاسة مجلسه من شأنه التسريع بإنهاء كثير من الإشكاليات مع البرلمان، بما يمهد لحلحلة قضية إجراء الانتخابات العامة.

الدبيبة والمشري خلال فعالية سابقة بطرابلس (المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة)

ويوضح كرموس لـ«الشرق الأوسط» أنه حال فاز برئاسة مجلسه، فإن ذلك «لن يكون موجهاً لاستهداف أو إزاحة شخصيات بعينها من مواقعها»، وقال: «هدفي الرئيسي والكتلة المؤيدة لي إيجاد حكومة موحدة تضطلع بالتمهيد للانتخابات العامة، والابتعاد عن استهداف أي من رئيس الحكومتين الحاليتين، أو إزاحتهما من موقعهما بناء على أسباب وخلافات شخصية».

وحول إمكانية استقطابه لأصوات بعض المؤيدين لتكالة، وخشيته من حصول الأخير على دعم قوي من الدبيبة كما ردد بالانتخابات السابقة، أجاب كرموس: «عملية التصويت لا تعتمد فقط على الأداء والتقييم السياسي، وإنما على علاقات الصداقة والشراكة بين الأعضاء».

وأضاف: «في الانتخابات الماضية تردد حديث عن دعم الدبيبة لتكالة ليزيح المشري من رئاسة المجلس، في ظل ما هو معروف عن خصومتهما، ورغم عدم وجود أدلة على ذلك، فالأمر أساء بدرجة كبيرة لسمعة المجلس وانتخاباته الدورية».

وتتوقع بعض الأوساط الليبية أن يؤدي تنافس كرموس والمشري، وهما من المحسوبين على كتلة أعضاء «الأعلى للدولة» المتقاربة مع البرلمان، لإضعاف فرصهما معاً، وأن يصبّ ذلك لصالح شخصية جديدة مثل عبد الله جوان، الذي يتردد أن الدبيبة سيدعمه عوضاً عن تكالة هذا العام .

أما المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، فيرى أن إزاحة تكالة ستعني بالفعل «إزاحة أبرز حلفاء الدبيبة من المشهد وليس جميعهم».

من اجتماع سابق بين الدبيبة وتكالة (حكومة الوحدة)

وقال المهدوي لـ«الشرق الأوسط» إن الدبيبة «سيظل يتمتع بدعم تشكيلات مسلحة كبيرة تدين له بالولاء مقابل دعمه المالي لهم، وكذلك بدعم المفتي المعزول الصادق الغرياني، بالإضافة إلى بعض رجال المال والأعمال والمستفيدين من بقاء حكومته».

وانتهى المهدوي إلى أن إزاحة تكالة «قد تعزز قناعات دول كبرى متدخلة في ليبيا، دأبت على إرسال إشارات بعدم رضاها عن سياسات حكومة الدبيبة، ما يدعم أيضاً جهود قرابة 120 عضواً من مجلسي النواب والدولة، لتدشين حكومة جديدة مصغرة بقيادة شخصية جديدة».


مقالات ذات صلة

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
TT

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة، وغازل عمداء البلديات بـ«الخدمات» من خلال إنهاء وتدشين عدة مشروعات في مناطقهم.

واجتمع الدبيبة في مقر الحكومة بطرابلس العاصمة مع 6 عمداء بلديات، هي الأصابعة وككلة والقواليش والمشاشية ويفرن والقلعة، بالإضافة إلى عدد من أعيانها، لمناقشة عدد من الملفات الخدمية والتنموية والاجتماعية.

وتحدث الدبيبة خلال اللقاء عن دعمه لملف التنمية المحلية واللامركزية، وإقرار عدد من اللوائح والقرارات المنظمة لهذا التوجه المهم، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود الوطنية للوصول بالبلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية، وفق قوانين عادلة ومتفق عليها، وإنهاء المراحل الانتقالية.

الدبيبة مع عدد من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

ووفقاً لمكتب الدبيبة، فقد استعرض رؤساء الأجهزة التنفيذية أهم المشروعات التنموية بالبلديات الحاضرة، ونسب الإنجاز الفنية والمشروعات المعتمدة في الخطة التنموية المقبلة.

ويأتي لقاء الدبيبة بعمداء البلديات الـ6، عقب يوم من لقائه أعضاء المجلس البلدي يفرن وعدداً من أعيان المدينة. وأثار خلال اجتماعه معهم ضرورة «توحيد الجهود الوطنية لإنجاز الدستور والقوانين الانتخابية العادلة، لتكون المرجعية الوطنية التي تتيح إجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية».

وخلال الاجتماعين حرص الدبيبة على توجيه أجهزة حكومته لإنجاز مشاريع معطلة بالبلديات، وقال في اللقاء الذي انتهى، مساء الخميس، إن «عمليات الإمداد المائي لبلديات الجبل تحديداً كانت من أولويات الخطة التنموية، ضمن مشروعات (عودة الحياة)، وما زالت مستمرة حتى استكمالها، تقديراً لظروف المنطقة واحتياجاتها لمياه الشرب».

كما وجّه الدبيبة «الأجهزة التنفيذية بإعطاء الأولوية في المشروعات التنموية لقطاعات المياه والصرف الصحي، والمرافق التعليمية والصحية، وإعطاء الأولوية للمشاريع الجارية لضمان استكمالها».

من جهة ثانية، تتواصل في ليبيا تداعيات إيقاف الدبيبة للقائم بالأعمال في السفارة الليبية لدى مصر، محمد عبد العالي، دون مزيد من الأسباب، لكنه كلف مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية، السفير عبد المطلب إدريس، بتسيير مهام السفارة الليبية.

في غضون ذلك، دعا مجلس النواب الليبي أعضاءه إلى جلسة رسمية، الاثنين المقبل، تُعقد في مدينة بنغازي، لمناقشة بنود جدول أعمال المجلس، حسب عبد الله بليحق المتحدث الرسمي باسم المجلس.

الطاهر الباعور مستقبلاً سفير إيطاليا لدى ليبيا (خارجية الوحدة)

من جهته، التقى الطاهر الباعور، المكلف تسيير وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، الجمعة، في مكتبه بطرابلس، سفير إيطاليا لدى ليبيا، جيانلوكا البريني، حيث أكد الجانبان على عمق العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الصديقين.

ونقلت الخارجية عن السفير «إشادته بمخرجات منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي، الذي عُقد بطرابلس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ حيث نقل خلال اللقاء امتنان وتقدير رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني، لنجاح هذا المنتدى.

وأكد الباعور مشاركته وتمثيل الوفد الليبي في «منتدى حوار المتوسط لبلدان البحر المتوسط»، الذي سيُعقد في روما على المستوى الوزاري، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.