الجزائر: مؤشرات على قرب إعلان تبون ترشحه لدورة رئاسية ثانية

«حزب جبهة التحرير» نادراً ما يخطئ في التوجهات السياسية الكبرى

من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)
من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)
TT

الجزائر: مؤشرات على قرب إعلان تبون ترشحه لدورة رئاسية ثانية

من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)
من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

بعد أسبوع من صدور مرسوم رئاسي بالجزائر، يخصّ استدعاء «الهيئة الناخبة» استعداداً لاستحقاق الرئاسة المقرر في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل، توفرت مؤشرات إضافية على قرب إعلان الرئيس عبد المجيد تبون ترشحه لدورة ثانية، بعد أن ناشده حزب «جبهة التحرير الوطني»، الذي يعد القوة السياسية الأولى، «مواصلة مسيرة التنمية الشاملة».

وأنهت «جبهة التحرير» الخميس الماضي، اجتماعاً لـ«لجنتها المركزية» (أعلى هيئة ما بين مؤتمرين) عقدته بالعاصمة، بإصدار لائحة تؤكد بشكل رسمي أن الحزب سيكون دعامة أساسية للرئيس، في حال عزم على تمديد حكمه.

الرئيس تبون مستقبلاً أمين عام «جبهة التحرير الوطني» في نوفمبر 2023 (الرئاسة)

وقال عبد الكريم بن مبارك أمين عام الحزب، في كلمة ختم بها الاجتماع، إن «جبهة التحرير تهيب برئيس الجمهورية مواصلة مسيرته التنموية الشاملة الواعدة... إننا نناشده الترشح لعهدة دستورية جديدة، وكلنا ثقة في التزامه بخدمة البلاد والشعب الجزائري الأبي، بتفانٍ وإخلاص»، مؤكداً أن «هذه المناشدة، هي عربون وفاء وتقدير وعرفان لرئيس الجمهورية، الذي عاهد الشعب، فأوفى بالعهد». وأضاف: «دعمنا لتبون يتجاوز مفهوم الولاء والمساندة، فهو إشادة منا بالمكاسب المحققة».

وبدعوتها تبون علناً لتجديد ولايته على رأس الدولة، تُبقي «جبهة التحرير الوطني»، حسب المراقبين، قليلاً من الشكوك بشأن احتمال ترشحه لولاية ثانية، بينما كان تبون نفسه أطلق إشارات مفادها أنه «مستغنٍ عن الأحزاب»، التي كانت ركائز حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، ومنها «الجبهة».

ويشار إلى أن الحزب الواحد سابقاً، عرف تراجعاً في نتائج الانتخابات التشريعية لعام 2021، إذ حصل على 105 مقاعد في «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى)، بينما كانت حصيلته في الدورات التي سبقت أكبر. ورغم ذلك، يبقى في الصدارة، ويشكل مع «حركة البناء الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي» و«جبهة المستقبل»، ائتلافاً حكومياً داعماً لسياسات تبون.

لويزة حنون أول امرأة عربية تترشح لانتخابات الرئاسة (الشرق الأوسط)

ومنذ وصوله إلى قيادة الحزب بنهاية 2023، أكد بن مبارك دعمه لتبون، ما يعني أن الاستعداد الذي أظهره اليوم للوقوف وراء ترشحه المحتمل، ليس غريباً. وبرأي المراقبين ذاتهم، من غير المتوقع رؤية «جبهة التحرير» تتبنى خياراً يخصّ رهاناً كبيراً على رأس الدولة، إن لم يكن هذا الخيار مرجحاً. بعبارة أخرى، من النادر أن يخوض الحزب، الذي ظل جهازاً في الدولة منذ الاستقلال، في تجربة سياسية إن لم تكن قيادته متأكدة من حسمها لدى صانعي القرار في البلاد. وفي نظر الصحافة والأوساط السياسية، تعد «جبهة التحرير» مقياساً للتوجهات السياسية الكبرى للنظام.

وكان بن مبارك، في وقت سابق، انتقد بشدة القيادة السابقة للحزب، بسبب اختيارها الوقوف وراء مرشح آخر في «رئاسية» 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019، غير عضو «لجنته المركزية» عبد المجيد تبون. فقد ساندت يومها المترشح وزير الثقافة السابق عز الدين ميهوبي، منفذة بذلك توجيهات الجنرال واسيني بوعزة، مدير الأمن الداخلي الذي سجنه القضاء العسكري بعد الانتخابات، وحكم عليه عام 2021 بالسجن 16 سنة مع التنفيذ، بناء على عدة تهم منها ما تعلق بدوره في الانتخابات، علماً بأن قوانين الجيش تمنع التدخل في شؤون السياسة.

سعيدة نغزة لحظة الإعلان عن ترشحها لانتخابات الرئاسة الجزائرية (من حسابها بالإعلام الاجتماعي)

ولحد الساعة، أعلن 5 سياسيين ترشحهم للانتخابات: لويزة حنون زعيمة «حزب العمال» ومرشحة للمرة الرابعة، وزبيدة عسول المحامية ورئيسة «التقدم والرقي» المعارض، وسعيدة نغزة سيدة أعمال ورئيسة تنظيم أرباب عمل، وعبد العالي حساني رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، المحسوبة على تيار «الإخوان»، وبلقاسم ساحلي رئيس «التحالف الوطني الجمهوري»، وهو وزير في عهد بوتفليقة، وكان من أشد الداعمين لترشحه لولاية خامسة، أسقطها الحراك الشعبي في 2019.


مقالات ذات صلة

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

أوروبا أولاف شولتس يتحدث بعد اختياره مرشحاً للانتخابات المبكرة في برلين الاثنين (رويترز)

شولتس مرشح حزبه للانتخابات المبكرة في ألمانيا

قرر الاشتراكيون الديمقراطيون دعم أولاف شولتس رغم عدم تحسن حظوظ الحزب، الذي تظهر استطلاعات الرأي حصوله على نحو 15 في المائة فقط من نوايا التصويت.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

وسط ترقب وانتظار لما ستسفر عنه الأيام المقبلة، استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية بالمشهد الإعلامي.

وتصدر قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية والصحافية، الترند في مصر عبر «هاشتاغات» عدة، حمل بعضها أسماء ضمها التشكيل الجديد، لا سيما وزير الشباب والرياضة السابق خالد عبد العزيز الذي ترأس «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، والإعلامي أحمد المسلماني رئيس «الهيئة الوطنية للإعلام»، وعبد الصادق الشوربجي رئيس «الهيئة الوطنية للصحافة».

وأعيد تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، لمدة 4 سنوات، بموجب القرار الجمهوري «رقم 518 لسنة 2024»، «برئاسة خالد عبد العزيز، وعضوية كل من: المستشار عبد السلام النجار، نائب رئيس مجلس الدولة، والدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والدكتور حسام عبد المولى، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والصحافيين عبد المحسن سلامة وعادل حمودة، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافية علا الشافعي، والإعلامي عصام الأمير، والدكتورة منى الحديدي، ممثلاً للمجلس الأعلى للجامعات».

ونص القرار الجمهوري رقم 520 لسنة 2024 على «تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام، لمدة أربع سنوات، برئاسة أحمد المسلماني، وعضوية كل من: المستشار حماد مكرم، نائب رئيس مجلس الدولة، وخالد نوفل، ممثلاً لوزارة المالية، والمهندس وليد زكريا، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والإعلاميين أسامة كمال وريهام الديب، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، وهالة فاروق حشيش، ممثلاً لنقابة الإعلاميين، وسامي عبد السلام، ممثلاً للنقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام، والكاتبة صفية مصطفى أمين، من الشخصيات العامة وذوى الخبرة».

كما أعيد تشكيل «الهيئة الوطنية للصحافة» لمدة 4 سنوات أيضاً، بموجب القرار الجمهوري رقم 519 لسنة 2024، حيث احتفظ عبد الصادق الشوربجي، بمنصبه رئيساً للهيئة التي ضمت في عضويتها كلاً من: المستشار محمود عمار، نائب رئيس مجلس الدولة، وياسر صبحي، ممثلاً لوزارة المالية، والصحافيين علاء ثابت وعمرو الخياط، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافيين حمدي رزق، وسامح محروس، ممثلين للصحافة القومية، وأسامة سعيد أبو باشا، ممثلاً للعاملين بالمؤسسات الصحفية القومية، والكاتبة سحر الجعارة من الشخصيات العامة وذوي الخبرة».

ومن المتوقع أن تشهد الجلسات العامة لمجلس النواب المصري (البرلمان)، الأسبوع المقبل، أداء رؤساء الهيئات الإعلامية الجدد اليمين أمام النواب.

وتعهد الشوربجي، في مداخلة لقناة «إكسترا نيوز» المصرية، الاثنين، بـ«استكمال مسيرة التطوير»، مشيراً إلى أن «الهيئة تعمل على مواجهة التحديات والاهتمام بالصحافة الورقية ومواكبة التطورات».

وقال إن «الفترة السابقة شهدت مصاعب كثيرة جداً، من بينها جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية، ما أثر في صناعة الصحافة بمصر».

وأضاف أنه «استطاع تحويل التحديات إلى إيجابيات، حتى بدأت مؤسسات صحافية تنهض»، متعهداً بأن «تشهد الفترة المقبلة تحقيق المؤسسات الصحافية التوازن المالي، إلى جانب تطوير المحتوى التحليلي، دون إهمال الصحافة الورقية».

ويأتي تشكيل هذه الهيئات بموجب المواد 211 و212 و213 من الدستور المصري لعام 2014، وتعديلاته عام 2019، التي تنص على تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» باعتباره «هيئة مستقلة تختص بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها»، إلى جانب هيئتي الصحافة والإعلام، حيث «تختص الأولى بإدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة»، بينما تعمل الثانية على «إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة».

وحظي خالد عبد العزيز بالنصيب الأكبر من الاحتفاء على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بين الصحافيين والنقاد الرياضيين، والمتابعين للشأن الرياضي بشكل عام، كونه شغل في وقت سابق منصب وزير الشباب والرياضة.

وأعرب الفنان نبيل الحلفاوي، عبر حسابه على «إكس»، عن «تفاؤله» بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية، وعدّ اختيار عبد العزيز لرئاسة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، بمثابة «بشرى خير واختيار صادف أهله ورضا المتطلعين للأفضل».

وكذلك أكد الناقد الرياضي إكرامي الرديني، عبر «إكس»، أن عبد العزيز هو «الرجل المناسب في المكان المناسب»، معرباً عن أمله في أن يسهم التشكيل الجديد في «وضع المعايير المناسبة لهذه الفترة المنفلتة إعلامياً».

وأشار الصحافي والناقد الرياضي رضوان الزياتي، عبر «إكس»، إلى أن التشكيل الجديد للهيئات الإعلامية «لاقى نسبة كبيرة من القبول الشعبي»، معرباً عن أمله في أن «يكون هناك إعلام محترم وموضوعي ينحاز للوطن والشعب».

وبينما أكد العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، أنه «من المبكر الحديث عن دلالات أو انعكاسات التغيير على المشهد الإعلامي»، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التغيير كان مطلوباً بدرجة كبيرة، لا سيما أن المجالس السابقة لم تؤدِّ ما عليها من دور، ولم تحقق أهدافها بالشكل المرغوب».

وأعرب عن أمله في أن «يحمل التشكيل الجديد تغييراً ملحوظاً في المشهد الإعلامي».

وجاء قرار إعادة تشكيل الهيئات متأخراً بضعة شهور، حيث صدر قرار تشكيل الهيئات السابقة في 24 يونيو (حزيران) 2020، لمدة 4 سنوات، وأدى الصحافي كرم جبر، اليمين أمام مجلس النواب، رئيساً لـ«المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» في 5 يوليو (تموز) من العام نفسه. وتزامناً مع موعد انتهاء مدة ولاية الهيئات السابقة، نشرت وسائل إعلام محلية أسماء مرشحين لرئاستها، مع الإشارة إلى قرب صدور قرار بتعيينهم.