كيف ستتعامل مصر مع استمرار السيطرة الإسرائيلية على «فيلادلفيا»؟

ترجيحات ببقاء جيش الاحتلال بالمحور الحدودي بعد «حرب غزة»

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

كيف ستتعامل مصر مع استمرار السيطرة الإسرائيلية على «فيلادلفيا»؟

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

تتمسك إسرائيل بما تصفه بـ«السيطرة عملياتياً» على محور «فيلادلفيا» ومعبر رفح الحدودي مع مصر، رغم اشتراط «حماس» الانسحاب الكامل من قطاع غزة لدفع مفاوضات وقف الحرب، وتمسك مصري بمغادرة القوات الإسرائيلية المعبر لإعادة تشغيله.

ويمتد محور صلاح الدين المعروف باسم «محور فيلادلفيا»، داخل قطاع غزة من البحر المتوسط شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوباً بطول الحدود المصرية، التي تبلغ نحو 14 كيلومتراً، وتعده معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، الموقعة عام 1979 «منطقة عازلة».

ويرى خبراء معنيون بينهم عسكريون، في أحاديث منفصلة لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك السيطرة الدعائية الموجهة للداخل الإسرائيلي، مجرد «مخالفة» وليست «اختراقاً» لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، ولا تعدو كونها «بروباغندا إسرائيلية» موجهة للداخل وضغوطاً على «حماس» والوسطاء.

هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلت السبت عن مصادر أمنية، لم تكشف عن هويتها، تقديرها انتهاء العملية العسكرية في رفح خلال أسبوعين أو بضعة أسابيع. وأضافت المصادر: «وصلت تل أبيب إلى مفترق طرق هام (...) سنحتفظ بالسيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح حتى عندما ينهي الجيش الإسرائيلي نشاطه».

وفي 6 مايو (أيار) الماضي، دخلت قوات الجيش الإسرائيلي مدينة رفح الفلسطينية، وأدى ذلك لتعثر مؤقت لمفاوضات كانت تقودها القاهرة وقتها للتوصل لهدنة في غزة.

وفي اليوم التالي، سيطرت تلك القوات على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، ما جمّد مسار المفاوضات، واستدعى رداً مصرياً بتعليق التنسيق الفوري مع تل أبيب بشأن المعبر، وإعلان دعم جنوب أفريقيا في صراعها القانوني ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بشأن اتهامها بارتكاب «جرائم إبادة» في غزة.

وأواخر مايو، أفاد «راديو الجيش الإسرائيلي»، بأن القوات الإسرائيلية «حققت السيطرة العملياتية الكاملة» على محور فيلادلفيا، بعد ساعات من تصريحات لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي قال فيها إن الحرب سوف تستمر سبعة أشهر أخرى على الأقل.

«بروباغندا»

الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء المتقاعد، سمير فرج، يقرأ في حديث مع «الشرق الأوسط»، التسريبات الإعلامية الإسرائيلية. بأنها «بروباغندا موجهة للداخل»، مقللاً من تأثير تلك التصريحات التي لم تتوقف منذ بداية الحرب.

ويرى أن «تلك الخطوة (الوجود الإسرائيلي في المحور بعد الحرب) إن حدثت ستكون مخالفة لاتفاقية السلام (وليست اختراقاً)، وسبق أن تدخلت مصر بقوات في النقطة «ب وج» (في سيناء) دون تنسيق مسبق من أجل القضاء على بؤر إرهابية خلال السنوات الماضية، ويتم حل مثل هذه المخالفات عبر آليات المعاهدة».

ويتابع: «وبالنسبة للمعبر، سيبقى الوضع كما هو عليه (رفض التنسيق مع إسرائيل في إدارته) طالما لم تنسحب تل أبيب... هذا موقف مصري واضح».

«مخالفة»

وبتفاصيل أكثر، يوضح مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق بأكاديمية ناصر العسكرية بمصر، الخبير الاستراتيجي اللواء محمد الغباري، في حديث مع «الشرق الأوسط» أن «فيلادلفيا في المنطقة د، وحال وجدت فيها قوة إسرائيلية بمعدات ودبابات ستكون مخالفة وليست اختراقاً لاتفاق السلام».

ويفسر الغباري، المخالفة بأنها «كل ما لا يؤدي لقطع العلاقات، بخلاف الاختراق الذي يعني حدوث اعتداء مباشر أو اختراق الأرض، وهذا ما لم يحدث، لذا ما تقوم به تل أبيب مخالفات، وهناك لجنة مختصة ترصدها، وهناك آليات معروفة للحل»، لافتاً إلى أن «مصر تدخلت أيضاً في المنطقة ب من قبل».

وبخلاف هذا الحل القانوني الذي توفره الاتفاقية، ستواجه مصر المخالفة الإسرائيلية أيضاً «باستمرار غلق معبر رفح طالما رفضت إسرائيل الانسحاب من جانبه الفلسطيني، وهذا حفاظاً للحقوق الفلسطينية والأمن القومي المصري، ولإعادة لمسار اتفاق المعابر».

وكان الجيش المصري أعلن في بيان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 «نجاح اللجنة العسكرية المشتركة بناء على الاجتماع التنسيقي مع الجانب الإسرائيلي في تعديل الاتفاقية الأمنية بزيادة عدد قوات حرس الحدود وإمكاناتها بالمنطقة الحدودية برفح».

«ضغوط» و«استفزاز»

بدوره، يرى اللواء نصر سالم، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية للدراسات الاستراتيجية، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن ما تردده تل أبيب «محاولة لزيادة الضغوط على (حماس) وأي مفاوض لتهديد المفاوضات، وجلب أكبر مكاسب لصالحها».

ويعتقد أنه «كلما تقدمت المفاوضات خطوة للأمام تبحث إسرائيل عن ثغرة من أجل عرقلتها، ومعركتها مع (حماس) ستبقى مستمرة، ولكن مصر لن تذهب لحرب».

قبل أن يوضح: «هناك آليات ضغط ستمارسها القاهرة أيضاً من أجل فتح معبر رفح والتعجيل بحل للأزمة»، دون أن يذكر مزيداً من التفاصيل.

وتتفق معه، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، هاجر الإسلامبولي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، مؤكدة أن ما تردده إسرائيل، «حرب كلامية مع (حماس)، رداً على مطالب الأخيرة بانسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة».

وتصف تلك المحاولات الإسرائيلية بأنها «استفزازية للوسطاء والمنطقة وليس لمصر فقط»، مستدركة: «لكن القاهرة لديها دبلوماسية حكيمة وقادرة على حسم الأمور في الوقت المناسب، ومع ذلك لن تسمح بفتح معبر رفح طالما بقيت تل أبيب في الجانب الفلسطيني».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي سيارات الإسعاف تصل إلى موقع الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

إيران و«حماس» تدينان القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت

أدانت إيران وحركة «حماس» الفلسطينية، الجمعة، الغارة الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، التي قالت إسرائيل إنها استهدفت المقر المركزي لـ«حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية جمع من الناس ورجال الإنقاذ بالقرب من الأنقاض المشتعلة لمبنى دمّر في غارة جوية إسرائيلية بحي حارة حريك في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

كيف فشلت إسرائيل أمام «حماس» وتمكنت من اختراق «حزب الله»؟

قبل عام، منيت إسرائيل بأسوأ فشل استخباراتي لها على الإطلاق عندما شنّت «حماس» هجوماً مفاجئاً في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

«حماس» تندد بـ«أكاذيب مفضوحة» لنتنياهو في كلمته أمام الأمم المتحدة

اتهمت حركة «حماس» الفلسطينية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بترديد «أكاذيب مفضوحة» في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مدرسة مدمَّرة في خان يونس بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

مقتل موظفة بمنظمة خيرية في غزة

قتل مسلَّحون فلسطينيون في قطاع غزة عاملة إغاثة من منظمة خيرية مقرها الولايات المتحدة، بعدما أطلقوا النار على سيارتها «خطأ»، وفق ما قالت حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)

«الطماطم» تعاند موائد المصريين وتواصل الارتفاع

أسعار الطماطم سجلت مستويات قياسية في مصر (المصدر: موقع سوق العبور)
أسعار الطماطم سجلت مستويات قياسية في مصر (المصدر: موقع سوق العبور)
TT

«الطماطم» تعاند موائد المصريين وتواصل الارتفاع

أسعار الطماطم سجلت مستويات قياسية في مصر (المصدر: موقع سوق العبور)
أسعار الطماطم سجلت مستويات قياسية في مصر (المصدر: موقع سوق العبور)

«طبق السلطة أغلى من السوشي»... قالتها المصرية إسراء عبد الجواد، ساخرة من تقلبات أسعار الخضراوات بشكل عام، والطماطم بشكل خاص، خلال الأيام الأخيرة، في البلاد.

وسجلت أسعار الطماطم، التي تُعد غذاء أساسياً للمصريين يدخل في الوجبات والأكلات كافة، مستويات غير مسبوقة، حيث تراوحت أسعارها بين 40 و50 جنيهاً بالقاهرة والمحافظات المصرية، بينما تخطت 60 جنيهاً في صعيد البلاد، حسب وسائل إعلام مصرية. (الدولار يساوي 48.37 جنيه في البنوك المصرية)، وسط تفسيرات من الحكومة والتجار لأسباب الارتفاع.

وقالت إسراء عبد الجواد، التي تعمل محاسبة في إحدى الشركات الخاصة بالقاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «مع ارتفاع سعر الطماطم الجنوني توقفت عن استهلاك الطماطم بكثرة، ومنها طبق السلطة اليومي، حيث قررت الاستغناء عنه من على مائدة الطعام، حتى تهدأ أسعار الطماطم، كما قررت الاعتماد على الصلصة (معجون الطماطم) في الطهي بدلاً من ثمار الطماطم الطازجة».

واحتلت مصر في عام 2023 المركز الخامس عالمياً في إنتاج الطماطم بـ6 ملايين طن سنوياً، وفق تقرير حديث لمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو». وذكرت المصرية الأربعينية: «دائماً ما نصف الطماطم بأنها مجنونة بسبب أسعارها المتقلبة، لكن أن تصل لمثل هذه الأسعار، فهو أمر يثير دهشتي ودهشة المحيطين بي، ولا نعرف ما الأسباب الحقيقية وراء ذلك». وقالت إن «الطماطم غابت من موائد بعض الأسر لاستمرار ارتفاع سعرها، بعدما كانت ضيفاً دائماً على أغلب موائد الطعام في البيوت».

مصر احتلت المركز الخامس عالمياً من حيث إنتاج الطماطم في عام 2023 (الجهاز التنفيذي لسوق العبور)

أحد أسباب الأزمة أوضحها رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأسبوع الماضي، بقوله إن «هناك كميات كبيرة من إنتاجية محصول الطماطم تضررت بشكل كبير بسبب ارتفاع درجة الحرارة، مما تسبب في قلة المعروض بالسوق، وبالتالي تسبب في ارتفاع أسعارها». وبيّن أنه في القريب سيكون هناك ضخّ للمنتج خلال منتصف الشهر المقبل مع دخول العروات الجديدة.

وقال نقيب الفلاحين المصريين، حسين أبو صدام، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس، إن ارتفاع أسعار الطماطم في الفترة الحالية له عدة أسباب، «التضخم الذي أدى لتدني سعر الجنيه، وارتفاع تكلفة الطماطم قلل المساحات، وارتفاع درجات الحرارة خفض الإنتاجية».

وحسب نقيب الفلاحين، فإنه يتم زراعة 500 ألف فدان بالطماطم، موزعة على 3 عروات، أكبرها العروة الصيفية التي تنتهي حالياً، والتي زُرعت في يونيو (حزيران) في ذروة ارتفاع درجات الحرارة.

بينما أرجع الرئيس التنفيذي لـ«جهاز سوق العبور» (تجمع التجار والمنتجين والمستهلكين)، محمد شرف، في تصريحات صحافية، الجمعة، أسباب ارتفاع أسعار الخضار والفاكهة في الأسواق الصغيرة على الرغم من انخفاضها بسوق العبور، إلى «استغلال بعض تجار التجزئة في تلك الأسواق».

جميع تلك الأسباب دفعت إلى تساؤل «عن سعر كيلو الطماطم اليوم؟»، بعدما تردد بكثرة على ألسنة المصريين، وأصبح الشغل الشاغل للكثيرين في الأسواق والمنازل، ومنهما انتقل إلى منصات التواصل الاجتماعي، باحثاً عن إجابته.

وقال نائب رئيس «شعبة الخضراوات والفاكهة» بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، حاتم النجيب، لـ«الشرق الأوسط»، إن سعر كيلو الطماطم في سوق العبور، الجمعة، سجل من 18 إلى 25 جنيهاً، مبيناً أن سعر التجزئة وحلقات التداول حتى الوصول للمستهلك تعمل على زيادة السعر.

إلى ذلك، أعلنت «شعبة الخضراوات والفاكهة» بالغرف التجارية، الجمعة، بدء تسلم 20 منفذاً تابعين ‏للشركة القابضة للصناعات الغذائية، التي تتبع وزارة التموين والتجارة الداخلية لعرض ‏الخضراوات والفاكهة بسعر التكلفة، في إطار مبادرة الشعبة «من الغيط للبيت». وهي المبادرة الهادفة لخفض أسعار الخضراوات والفاكهة، التي أعلنت عنها «التموين المصرية» بالتعاون مع «الشعبة» لتخفيض الأسعار بنسب تتراوح بين 25 و30 في المائة.

وهي المبادرة التي يعلّق عليها النجيب بقوله إن الهدف من هذا التعاون هو «توفير الخضراوات والفاكهة، وفي مقدمتها الطماطم، بأسعار التكلفة الفعلية، ما يسهم في تقليل الأعباء المالية على الأسر المصرية». وأوضح أنه ‏سيتم الافتتاح الرسمي لهذه المنافذ أمام المواطنين، الاثنين المقبل،‏ بأسعار التكلفة الفعلية، لافتاً إلى أن ذلك «سيسهم في أن يكون سعر الطماطم أقل من الأسواق».

وأشار النجيب إلى أن المبادرة ستعمل على زيادة التنافسية ما يؤدي إلى ضبط الأسواق وعمل توازن بين العرض والطلب، ما سيكون رادعاً لمن يرفع الأسعار على المواطن، موضحاً أن المبادرة تبدأ بـ20 منفذاً كمرحلة أولى لضخ الخضراوات والفاكهة في القاهرة الكبرى، وهناك مراحل تالية تستهدف الوصول إلى نحو 150 منفذاً على مستوى المحافظات المصرية، مؤكداً أنه في خلال 20 يوماً ستنخفض أسعار الطماطم، وسيكون سعرها وفق آليات العرض والطلب.

ولم تكتفِ «السوشيال ميديا» المصرية بالسؤال عن سعر الطماطم، بل تندّرت من حالها «الجنوني». وحوّل كثيرون ارتفاع سعرها، الذي يمثل عبئاً مضافاً إليهم، إلى مادة للفكاهة، بالتعبير عن شعورهم عند وصول الطماطم إليهم.

عاجل الجيش الإسرائيلي: ضربنا أكثر من 140 هدفا لـ"حزب الله" في لبنان منذ الليلة الماضية خامنئي يقول إن لبنان سيجعل إسرائيل "تندم على أفعالها"