ارتفاع أسعار الأضاحي يدفع مصريين إلى «صكوك الجمعيات»

الحكومة المصرية وفرت اللحوم والأضاحي بمنافذ المجمعات الاستهلاكية قبل عيد الأضحى (وزارة التموين المصرية)
الحكومة المصرية وفرت اللحوم والأضاحي بمنافذ المجمعات الاستهلاكية قبل عيد الأضحى (وزارة التموين المصرية)
TT

ارتفاع أسعار الأضاحي يدفع مصريين إلى «صكوك الجمعيات»

الحكومة المصرية وفرت اللحوم والأضاحي بمنافذ المجمعات الاستهلاكية قبل عيد الأضحى (وزارة التموين المصرية)
الحكومة المصرية وفرت اللحوم والأضاحي بمنافذ المجمعات الاستهلاكية قبل عيد الأضحى (وزارة التموين المصرية)

دفع ارتفاع أسعار الأضاحي مصريين إلى الإقبال على شراء «صكوك الأضحية» من هيئات حكومية ومؤسسات وجمعيات خيرية وأهلية، بأسعار أقل ووفق نظام تقسيط.

وبينما تسعى الحكومة المصرية لتوفير كميات مناسبة من اللحوم خلال عيد الأضحى، أشار خبراء إلى «تراجع الإقبال على شراء لحوم الأضاحي في الأسواق هذا العام». وأرجعوا ذلك إلى «اتجاه كثيرين إلى ترشيد الاستهلاك في ظل ارتفاع الأسعار وموجة الغلاء».

وحددت شعبة القصابين (اللحوم) بالغرفة التجارية في القاهرة أسعار الأضاحي، حيث «بلغ سعر كيلو اللحوم البقري 115 جنيهاً، وكيلو لحوم العجول (صغيرة السن) 172 جنيهاً، و200 جنيه للحوم الخراف» (الدولار الأميركي يساوي 47.63 جنيه في البنوك المصرية).

كما طرحت وزارة التموين المصرية «الخراف الحية للأضاحي بسعر 210 جنيهات للكيلو القائم بأوزان مختلفة»، في حين تباع اللحوم في منافذ الجمعيات الاستهلاكية كالتالي، 285 جنيهاً للحوم السودانية، و335 جنيهاً للحوم البلدية والضأن المجمد من الأوروغواي، و360 جنيهاً للحوم الضأن البلدي.

وتروّج العديد من الجمعيات الخيرية عبر إعلانات دعائية في مصر لبيع صكوك الأضاحي على أن يتم ذبحها وتوزيع لحومها على الفقراء في مصر ودول أفريقية، مع توفير خدمة التقسيط لمدة 9 أشهر.

وتتنوع أسعار «صكوك الأضاحي» من الهيئات والمؤسسات الخيرية. وحددت وزارة الأوقاف المصرية سعر «صكوك الأضحية» هذا العام، للحوم المستوردة بـ6 آلاف جنيه، وللحوم البلدية بـ8500 جنيه. وخصصت الوزارة عدداً من الوسائل البنكية والحسابات لمن يرغب في المشاركة في مشروع «صكوك أضاحي». كما عرضت بعض المؤسسات والجمعيات سعر «صك الأضحية» بنحو 9600 جنيه، مع إمكانية التقسيط على 9 أشهر طبقاً للشروط المعلنة.

رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» بمصر، محمود العسقلاني، فسر إقبال كثير من المصريين على شراء «صكوك الأضحية» من الجمعيات الخيرية إلى «ضعف القدرة الشرائية لدى بعض المواطنين». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أسعار الأضاحي مرتفعة بسبب الغلاء، ما دعا كثيراً من المصريين، كانوا يضحون في الأعوام الماضية إلى التوقف عن الأضحية هذا العيد، واستبدل بعضهم الأضحية بالصكوك»، لافتاً إلى أن «كثيراً من المواطنين اتبعوا سلوك ترشيد الاستهلاك في سلع كثيرة في ظل الأوضاع الاقتصادية».

وواجه الاقتصاد المصري خلال الشهور الأخيرة صعوبات بشأن توفير النقد الأجنبي أدت إلى تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار، وارتفاع الأسعار في الأسواق، ما دفع إلى إجراءات بشأن تحرير سعر الصرف (الجنيه) في مارس (آذار) الماضي.

جانب من عملية توزيع لحوم مشروع «صكوك الأضاحي» بـ«الأوقاف المصرية» العام الماضي (وزارة الأوقاف)

كانت وزارة الزراعة المصرية قد وافقت لحوالي 24 شركة على استيراد 145 ألف رأس ماشية، منهما 25 ألف رأس عجول للذبح الفوري من بعض الدول الأفريقية، بالإضافة إلى 120 ألف رأس عجول للتربية والتسمين، وذلك من مناشئ أوروبية متعددة.

وقال محمد سلمان، الأربعيني، إنه «اعتاد خلال السنوات الأخيرة على الاشتراك مع آخرين في شراء عجل للعيد»، لكن «مع ارتفاع الأسعار هذا العام بسبب الغلاء قرر اللجوء إلى (صك الأضحية)». وأضاف سلمان الذي يقطن في حي المقطم بالقاهرة لـ«الشرق الأوسط» أن «الكثير من جيرانه فضلوا شراء الصكوك هذا العام، لأنها توفر العديد من المزايا له وللآخرين».

في حين عدّ عضو «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي» في مصر، محمد ممدوح، «تجربة صكوك الأضاحي أكثر فائدة في مساعدة المواطنين للوفاء بسنة الأضحية». وعدد مميزات توفرها «الصكوك»، من بينها «الميزة السعرية، حيث توفر الجمعيات المشرفة على الصكوك تنوعاً سعرياً، بما يساعد كثيراً من الأسر على شرائها في ظل موجة الغلاء». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الصكوك وفرت عدالة في توزيع لحوم الأضاحي للفئات الأولى بالرعاية والأكثر احتياجاً، وفقاً لقاعدة البيانات المتوفرة لدى المؤسسات الخيرية».

وذكرت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، نيفين القباج، أخيراً، أنه «جارٍ توزيع 100 طن لحوم، بالتعاون مع وزارة الأوقاف، على الأسر الأولى بالرعاية، والذين يسجلون درجات فقر مرتفعة في قاعدة بيانات الأسر الفقيرة والقريبة إلى الفقر، الخاصة ببرنامج الدعم النقدي (تكافل وكرامة) على مستوى المحافظات المصرية».

وحسب عضو «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي»، فإن هناك ميزة أخرى لـ«الصكوك» هي «سهولة الإجراءات، حيث يمكن لأي مواطن شراء الصكوك عن طريق المحافظ الإلكترونية»، مشيراً إلى خدمات أخرى تقدمها الجمعيات الخيرية مع الصكوك مثل «مواد غذائية وملابس العيد لأطفال الأسر الأولى بالرعاية».


مقالات ذات صلة

الحكومة المصرية تُفعّل قرار «تبكير غلق المحالّ»

شمال افريقيا اجتماع اللجنة العليا لتراخيص المحال العامة (مجلس الوزراء المصري)

الحكومة المصرية تُفعّل قرار «تبكير غلق المحالّ»

فعّلت الحكومة المصرية قرار تبكير غلق «المحال التجارية»، في العاشرة مساءً، بدايةً من يوليو (تموز) الحالي، ضمن حزمة إجراءات لترشيد استهلاك الكهرباء.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا عمال الإنقاذ بين أنقاض مبنى منهار في الإسكندرية (أرشيفية/ رويترز)

مصر: انتشال 3 جثث وإنقاذ 5 أشخاص في انهيار منزل بأسيوط

 أعلنت السلطات المصرية، اليوم الاثنين، انتشال 3 جثث وإنقاذ 5 أشخاص من أسفل أنقاض منزل منهار بحي شرق في محافظة أسيوط بصعيد مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق ساحة مسجد محمد علي بالقلعة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: وصلة رقص في ساحة مسجد «محمد علي» الأثري تفجر انتقادات

فجرت وصلة رقص بساحة مسجد «محمد علي» الأثري بقلعة صلاح الدين (شرق القاهرة)، على هامش عقد قران ابنة مذيعة شهيرة، انتقادات عبر «السوشيال ميديا».

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا صورة من فيديو نشرته وزارة الداخلية المصرية لواقعة محاولة خطف طفل في مدينة طنطا بمحافظة الغربية (إكس)

محاولة خطف طفل تثير الجدل في مصر (فيديو)

أثار مقطع فيديو لسيدة تحاول اختطاف طفل الجدل في مصر.

يسرا سلامة (القاهرة)
شمال افريقيا استقبلت المفوضية أعداداً متزايدة من اللاجئين السودانيين في مصر (مفوضية شؤون اللاجئين)

أجانب في مصر يستنفرون لـ«توفيق أوضاعهم» مع انتهاء مُهلة حكومية

تنتهي، الأحد، مُهلة حدّدتها الحكومة المصرية لجميع الأجانب المقيمين على الأراضي المصرية لتسجيل أسمائهم، وتوفيق أوضاعهم لدى وزارة الداخلية.

أحمد عدلي (القاهرة)

تحديات تنتظرُ موريتانيا في العهدة الرئاسية الثانية لغزواني

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب-أرشيفية)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب-أرشيفية)
TT

تحديات تنتظرُ موريتانيا في العهدة الرئاسية الثانية لغزواني

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب-أرشيفية)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب-أرشيفية)

أعلن بشكل رسمي الاثنين فوز الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، بعهدة رئاسية ثانية تمتد حتى 2029، بعد أن حصل على 56 في المائة من أصوات الموريتانيين، في انتخابات صوت فيها مليون ناخب، من أصل نحو مليوني موريتاني على اللائحة الانتخابية.

وولد الغزواني، وإن كان الشعب الموريتاني منحه الثقة من جديد لحكم البلاد، إلا أن رهانات كبيرة تنتظره، وهو الذي يمنعه الدستور من الترشح للرئاسيات المقبلة، ما يضعه أمام تحدٍ سياسي كبير، إذ سيظل طيلة ولايته الرئاسية الثانية يحملُ صفة «الرئيس المودّع».

برغم ذلك، عليه أن يبني مشروعاً سياسياً قادراً على الاستمرار في الحكم، في ظل الصعود القوي للمعارضة التي حصلت في هذه الانتخابات على أكثر من أربعين في المائة من الأصوات، وهو رقم صعب لم تحققه في أي انتخابات رئاسية خلال الـ15 عاماً الماضية.

مهرجان انتخابي في موريتانيا (الشرق الأوسط)

ردود فعل المعارضة على نتائج الانتخابات كانت متباينة. ففي حين تحدث بعض المرشحين المعارضين عن شوائب مسّت جوهر العملية الانتخابية، رفض صاحب المرتبة الثانية بيرام الداه أعبيد الاعتراف بالنتائج، ووصف فوز ولد الغزواني بأنه «غير شرعي».

مع ذلك، يستبعدُ بعض المحليين أن تحدث أزمة سياسية في أعقاب الانتخابات. وقال المحلل السياسي والخبير في الشأن الأفريقي محمد الأمين ولد الداه لـ«الشرق الأوسط»، إن وقوع أزمة سياسية «بالمعنى الحقيقي للكلمة أمر غير متوقع، لأن نتائج الانتخابات تلاقي مستوى معيناً من القبول لدى أغلب المترشحين، ما عدا المنافس الثاني برام الداه أعبيد، وربما بدرجة أقل، المنافس الذي حلّ رابعاً، العيد محمدن امبارك».

وأضاف ولد الداه أن أعبيد، الحاصل على نسبة 22 في المائة من الأصوات، حاول تحريك الشارع ولكن «الأجهزة الأمنية تمكنت من منع أي احتجاجات أو أعمال شغب ناتجة عن رفض النتائج، لذا فإن الموقف السياسي الرافض لها لا يشكل أزمة».

من اجتماع سابق لقادة المعارضة في موريتانيا (الشرق الأوسط)

وأوضح أن ما يضعف حجج المعارضة هو «الإشراف على الانتخابات من طرف لجنة مستقلة، وشهادة المراقبين الدوليين على تزكيتها، وعدم تقديم المرشحين أدلة تزوير دامغة ولا طرح طعون لدى المجلس الدستوري».

رهان الأمن

من جهة أخرى، على ولد الغزواني في عهدته الرئاسية الثانية أن يواجه التحدي الأمني. ويقول المحلل السياسي والخبير في الشأن الأفريقي محمد الأمين ولد الداه إنَّ «التحدي الأمني حاسم ويؤثر على مستقبل موريتانيا».

وأشار إلى أن «قضايا الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، تحديات تفرضُ على موريتانيا تعزيز قدراتها الأمنية لمواجهة التهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة، وخاصة على الحدود مع مالي».

وشدد ولد الداه على أن «الوضع الأمني في المناطق الحدودية مع مالي يتطلبُ اهتماماً خاصاً خلال السنوات المقبلة، لضمان أمن السكان المحليين ووقف تسلل الجماعات المسلحة»، في إشارة إلى حوادث اختراق الحدود الموريتانية من طرف مقاتلي «فاغنر» المنتشرين في مالي.

ورغم أن موريتانيا تستعد نهاية العام الجاري لدخول نادي الدول المنتجة للغاز الطبيعي، وهي التي تنتج الحديد والذهب والنحاس، وتمتلك ثروات هائلة من السمك، وأراضي زراعية شاسعة على ضفاف نهر السنغال، فإنها تبقى واحدة من أفقر دول العالم، وتنتشر البطالة في صفوف الشباب الذين يمثلون نحو سبعين في المائة من السكان.

انعدام فرص الشغل وازدياد معدلات الفقر يرغمان جل شبان موريتانيا على التفكير في مغادرة البلد (الشرق الأوسط)

كل ذلك يزيد من التحديات الاقتصادية التي تنتظر ولد الغزواني، حيث يقول ولد الداه إن عليه «أن يعمل على تنويع اقتصادي حقيقي لتقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية مثل الحديد والنفط، وتعزيز القطاعات الأخرى كالسياحة والزراعة».

وأضاف أنه من أجل رفع المستوى الاقتصادي لموريتانيا، سيواجه ولد الغزواني معضلة «تحسين البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك الطرق والكهرباء والاتصالات، لتشجيع الاستثمار ودعم النمو وتطوير النظام التعليمي لتلبية متطلبات السوق، وتحسين جودة التعليم لتوفير فرص أفضل للشباب».

وفي السياق ذاته، قال ولد الداه إن ولد الغزواني في حملته الانتخابية «قدم وعوداً كثيرة للشباب الموريتاني، بل وسمى المأمورية المقبلة بمأمورية الشباب، وشمل برنامجه العديد من المشاريع الشبابية الطموحة».

ناخبون عند بوابة مركز للاقتراع بمدينة روصو جنوبي موريتانيا في يونيو الماضي (الشرق الأوسط)

ولكن كل هذه الرهانات السابقة تبقى مرتبطة بالمطلب الذي يجمع عليه الموريتانيون وهو «محاربة الفساد»، وخاصة أن ولد الغزواني وعد بأنه «سيضرب بيد من حديد على المفسدين»، بل وقال إنه في عهدته الرئاسية الثانية «لا مكان فيها لمن تمتد يده إلى المال العام».

ويقول الخبير في الشأن الأفريقي إن «التحدي الأكبر لدى ولد الغزواني يتمثلُ في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في الإدارة العامة، لزيادة الثقة بين المواطنين والحكومة، وتحسين كفاءة الجهاز الإداري لتقديم خدمات أفضل للمواطنين».

وإضافة إلى التحديات الداخلية التي ستواجه ولد الغزواني في عهدته الرئاسية الثانية، عليه أيضاً أن يواجه أوضاعاً خارجية صعبة، تتمثل في محيط إقليمي مضطرب في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، بالإضافة إلى قضية الصحراء المتأزمة.

موريتانية ترفع لافتة لمرشحها خلال حملة الانتخابات السابقة (الشرق الأوسط)

وهنا يقول المحلل السياسي والخبير في الشأن الأفريقي محمد الأمين ولد الداه إن على ولد الغزواني أن يحافظ على دبلوماسية «متوازنة» في تدبير وتسيير العلاقات الخارجية لموريتانيا، سواء في محيطها الإقليمي أو الدولي.

ويضيف أنه في ظلّ التغيرات التي يشهدها العالم، يتوجب على ولد الغزواني أن «يظل متوازناً في علاقات موريتانيا مع القوى الكبرى مثل فرنسا وروسيا والصين، وضمان دعم دولي لمشاريع التنمية»، وهي مهمة قد يكون نجح فيها خلال عهدته الرئاسية الأولى.