كاتب يعتذر عن «الإساءة» للقبائل بعد تصريحات فجّرت «أزمة الهوية» بالجزائر

قال إنه ليس مستعداً لتوقيع أي من كتبه لأي «شخص يقدّم نفسه على أنه قبائلي»

الكاتب محمد مولسهول مع قرائه من جنسيات مختلفة (حسابه بالإعلام الاجتماعي)
الكاتب محمد مولسهول مع قرائه من جنسيات مختلفة (حسابه بالإعلام الاجتماعي)
TT

كاتب يعتذر عن «الإساءة» للقبائل بعد تصريحات فجّرت «أزمة الهوية» بالجزائر

الكاتب محمد مولسهول مع قرائه من جنسيات مختلفة (حسابه بالإعلام الاجتماعي)
الكاتب محمد مولسهول مع قرائه من جنسيات مختلفة (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

قدّم الروائي الجزائري المرموق، محمد مولسهول، المعروف أدبياً بـ«ياسمينة خضرا»، اعتذاره لـ«من شعر بالأذى من كلامي»، وذلك على خلفية جدل حاد جداً أثارته تصريحات سابقة له، أكد فيها أنه ليس مستعداً لتوقيع أي من كتبه لـ«شخص يُقدم نفسه على أنه قبائلي».

وبعد أسبوع كامل من التهجّم عليه في وسائط الإعلام الاجتماعي، كتب الضابط المتقاعد من الجيش الجزائري، محمد مولسهول، على حسابه بـ«فيسبوك»، اليوم السبت: «في هذا اليوم المقدس (الوقوف بعرفة)، الذي يُفترض أن يُنقي الإيمان من تجاوزاته، أودّ أن أقدّم اعتذاري لكل من تأذّى من كلامي. أود أن يعلموا أنه لم يكن في نيتي بأي لحظة أن أسيء إليهم». مؤكداً أنه «يحدث أحياناً أن يزلّ اللسان بفعل فائض من الحماس. ليس لديّ سوى حلم واحد: أن أرى الجزائريين يتقدمون إلى الأمام، متضامنين في مواجهة مخاطر عالم يزداد عنفاً يوماً بعد يوم. أنا لست ضد أحد، ولم أرفض أبداً توقيع كتبي لأي شخص كان، رغم ما قلت. أحب كل قرائي من دون أي تمييز».

واندلعت «الأزمة»، التي أخذت أبعاداً سياسية متصلة بـ«الهوية»، عندما جرى تداول فيديو تضمن تصريحات للكاتب الفرنكفوني الكبير بالمنصات الرقمية، يقول فيها إنه «يرفض صراعاً في الجزائر يقوم على عناصر الهوية من خلال استعمال كلمة: أنا قبائلي». مبرزاً أنه يرفض توقيع مؤلفاته خلال معارض بيع الكتب «لأي قارئ يُقدم نفسه على أساس أنه قبائلي»، على اعتبار أن ذلك «يُشكل تهديداً للأمة»، حسبه، واصفاً الأمر بـ«الفتنة»، وفُهم من كلامه أنه يُقدم الجنسية الجزائرية على البُعد اللغوي الأمازيغي، الذي يُميز المكون الثقافي لقطاع كبير من سكان الجزائر.

واتضح بعد أيام من ردود الفعل الساخطة، أن الفيديو يعود إلى 2023، ولم يتم بث التصريحات في حينها. وطرحت تساؤلات حول «مَن له مصلحة في إثارة فتنة الهوية بنشر تصريحات قديمة»، في حين تعرض «ياسمينة خضرا» لعتاب شديد من طرف قطاع من محبيه، بحجة أنه «أظهر سذاجة عندما سقط في فخ إبداء الرأي حول ثقافة سكان منطقة القبائل»، وخصوصاً «قضية تدريس اللغة الأمازيغية»، التي تشهد انقساماً بين مؤيد ومعارض.

واللافت أن أكثر من هاجموا مولسهول مثقفون وصحافيون، يتحدرون من منطقة القبائل، علماً بأن رواياته تشهد رواجاً كبيراً في هذه المنطقة التي يميل قراؤها إلى الكُتّاب أصحاب القلم المفرنس.

يشار إلى أن الأمازيغية هي لغة وطنية بموجب الدستور، وفي البلاد توجد عدة لهجات تتفرع عنها، أبرزها القبائلية والطرقية والميزابية.

وكان الكاتب المقيم بفرنسا قد أثار حفيظة الكثير من قرائه، عندما صرح في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، بأن «ما قامت به حركة (حماس) لا يستحق أن يكون إنساناً».

وعرف محمد مولسهول، الذي استعار اسمه الأدبي من اسم زوجته، بثلاثيته حول سنوات العنف والإرهاب بالجزائر، وهي تتكون من روايات «موريتوري» (1997) و«خرفان المولى» (1998)، و«بماذا تحلم الذئاب» (1999). وهو صاحب ثلاثين رواية، تُرجمت في غالبها إلى عدد من لغات العالم، ومنها «فضل الليل على النهار» (2008)، و«أولمب البؤس» (2010)، و«الملائكة تموت من جراحنا» (2013)، و«اعتداء في حق سارة إيكر» (2019).


مقالات ذات صلة

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

انتخابات «جوبالاند» تعمق الخلاف مع حكومة الصومال

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

انتخابات «جوبالاند» تعمق الخلاف مع حكومة الصومال

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)

إجراء الانتخابات الرئاسية في ولاية جوبالاند جنوب الصومال، رغم رفض مقديشو، حرّك تساؤلات بشأن مسار العلاقات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، مع حديث عن إعادة انتخاب الرئيس الحالي أحمد محمد مدوبي، الرافض لقانون الاقتراع المباشر الموحد للبلاد.

اقتراع جوبالاند، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، سيعمق الخلاف مع حكومة الصومال غير المعترفة بالانتخابات، والمتمسكة بإجراء انتخابات بنظام الاقتراع المباشر، مرجحين احتمال وصول الأمر «إلى «مواجهات أو اقتتال أهلي» بين الحكومتين، وقد يستدعي «انفصال» ولاية جوبالاند ما لم يتم حدوث توافقات وحلول سريعة.

وجاءت انتخابات «جوبالاند» بعد يومين من مصادقة نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعنيّ بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي، الذي يعد رئيساً لجوبالاند منذ إنشائها عام 2013، ويعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

وأفادت وسائل إعلام صومالية محلية، الاثنين، بأن «أعضاء برلمان ولاية جوبالاند في جنوب الصومال، أعادوا الاثنين، انتخاب مدوبي رئيساً للولاية في فترة رئاسية ثالثة» على الرغم من معارضة الحكومة الصومالية للانتخابات التي جرت في الولاية.

رئيس ولاية جوبالاند يتفقد عدداً من المناطق المحررة من الإرهاب (وكالة الأنباء الصومالية)

وحصل مدوبي على 55 صوتاً مقابل 16 لأقرب منافسيه فيصل محمد متان، في حين حصل المرشح الثالث، أبو بكر عبدي حسن على 4 أصوات فقط، وفق المصادر نفسها التي كشفت أن مرشحين آخرين في مدينة «كسمايو» مقاطعون لهذه الانتخابات، أعلنوا إجراء انتخابات موازية.

وأجريت تلك الانتخابات بحسب المحلل والأكاديمي المتخصص في شؤون منطقة القرن الأفريقي، الدكتور على محمود كولاني، «بسرعة، وأسفرت عن فوز مدوبي كما كان متوقعاً».

بينما رأى الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، أن «انتهاء انتخابات جوبالاند بانتخاب مدوبي للمرة الثالثة مع تسمية المعارضة رئيساً آخر (يتحدث السيناتور إلياس غابوس، عضو مجلس الشيوخ، أنه تم انتخابه رئيساً)، وهذا يعني أن الولاية فيها رئيسان، وربما تندلع مواجهات بينهما».

وكان أحمد مدوبي قد انسحب من اجتماعات «المجلس الاستشاري الوطني» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي ترعاها الحكومة الفيدرالية، ورفض نتائجها التي أقرت إجراء انتخابات مباشرة موحدة للولايات الإقليمية الصومالية، وصدر بشأنها قانون نهائي من البرلمان، السبت، رفضته ولايتا جوبالاند وبونتلاند، وقوى سياسية أخرى.

وفي خطاب قبل نحو أسبوع، كشف رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، أن «رئيس جوبالاند المنتهية ولايته، أحمد مدوبي، وقّع جميع الاتفاقيات لتوجيه الانتخابات المباشرة في البلاد»، مؤكداً أن «العملية الانتخابية التي في جوبالاند غير قانونية، وما يتمخض عنها غير مقبول»، في تصريحات سبقها بيان أصدرته وزارة الداخلية الصومالية في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) كرر عدم الاعتراف بالاقتراع أيضاً.

وأجريت آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، تلتها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، إذ ينتخب بناءً على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس أعضاء المجالس التشريعية المحلية ومندوبو العشائر نواب البرلمان الفيدرالي، الذين ينتخبون بدورهم رئيس البلاد، إلا أنه في الآونة الأخيرة ازدادت المطالبة لإجراء انتخابات مباشرة، وفق إعلام محلي.

وسبق يوم الاقتراع في ولاية جوبالاند، نفي بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس) في بيان صحافي، الأحد، التقارير التي تزعم أن عناصر الشرطة التابعة لها متورطة في تنظيم الانتخابات في ولاية جوبالاند، مجددة التزامها بالحياد والدعوة إلى حوار بنَّاء بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وسلطات جوبالاند لحل النزاعات الانتخابية سلمياً.

وبرأي كولاني فإن «تلك الانتخابات التي جرت في حكومة إقليم جوبالاند الصومالية تتعارض مع قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان قبل أيام، كما أنها خطوة خطيرة على نزاهة الانتخابات التي من المتوقع إجراؤها في مناطق إقليمية عدة قريباً في الصومال، وسبق أن حذرت الحكومة المركزية من هذا الأمر، وأكدت عدم الاعتراف بانتخابات مدوبي».

ويعد انتخاب أحمد محمد إسلام (أحمد مدوبي) وفق كولاني «انتكاسة قوية للمفاوضات البطيئة بالفعل بين الحكومة الفيدرالية وحكومة جوبالاند الإقليمية»، متوقعاً أن يزيد فوز مدوبي من «تصعيد الصراع القوي بين الطرفين».

ويرى أن «هذا الصراع سينتهي إلى فوضى بالبلاد في حال وجود حل فوري ينهي هذا الأمر، وكذلك التدخل الأجنبي الذي سيؤثر في نهاية المطاف في كل الانتخابات الأخرى التي من المتوقع إجراؤها قريباً في البلاد».

وبحسب تقدير مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم فإن «أحمد مدوبي يريد أن يفشل الحكومة الفيدرالية ونظامها الانتخابي، ويبدو في ظل الأجواء الحالية أن انتخاب مدوبي وقانون الانتخابات المدعوم من الحكومة سينتهيان بالفشل».

وسيؤدي ذلك بحسب إبراهيم إلى «تعميق الخلافات مع حكومة الصومال، وقد يحدث اقتتال مسلح بين الحكومة الفيدرالية وحكومة مدوبي»، مرجحاً حال تطور الخلافات أن تؤدي إلى انقسام وانفصال ولاية جوبالاند عن الصومال.