مصر تدخل موسوعة «غينيس» بأكبر محطة لمعالجة «الصرف الزراعي»

وسط أزمة «شح مائي»... واستمرار تعثر مفاوضات «السد الإثيوبي»

محطة «الدلتا الجديدة» في منطقة «الحمام» بالساحل الشمالي (المتحدث العسكري المصري)
محطة «الدلتا الجديدة» في منطقة «الحمام» بالساحل الشمالي (المتحدث العسكري المصري)
TT

مصر تدخل موسوعة «غينيس» بأكبر محطة لمعالجة «الصرف الزراعي»

محطة «الدلتا الجديدة» في منطقة «الحمام» بالساحل الشمالي (المتحدث العسكري المصري)
محطة «الدلتا الجديدة» في منطقة «الحمام» بالساحل الشمالي (المتحدث العسكري المصري)

دخلت مصر موسوعة «غينيس» العالمية للأرقام القياسية بأكبر محطة لمعالجة مياه «الصرف الزراعي»، التي تأتي ضمن جهود الحكومة المصرية لتوفير بدائل مستدامة لمواردها المائية المحدودة، حيث تعاني البلاد من أزمة «شح مائي».

وتقع المحطة، التي يطلق عليها «الدلتا الجديدة»، في منطقة «الحمام» بالساحل الشمالي، ونفذتها الهيئة الهندسية التابع للقوات المسلحة المصرية، بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري، وتحالف عدد من كبرى الشركات الوطنية.

وحقق المشروع أربعة أرقام قياسية في موسوعة «غينيس»، وفق المتحدث العسكري المصري، وهي: أكبر منشأة لمعالجة المياه في العالم بمساحة تتخطى 320 ألف متر مربع، وأكبر محطة لمعالجة المياه في العالم من حيث السعة والقوة التشغيلية بقدرة 86.8 متر مكعب في الثانية، وأكبر مساحة لطلاء «الإيبوكسي» في المباني، التي بلغت مساحة التغطية فيها أكثر من 520 ألف متر مربع، وأكبر محطة لمعالجة الحمأة بقدرة جبارة تصل إلى 670.01 كيلو غرام في الثانية.

حقق المشروع أربعة أرقام قياسية في موسوعة «غينيس» (المتحدث العسكري المصري)

ويهدف المشروع إلى تنمية منطقة الصحراء الغربية، وتكوين مجتمعات زراعية وسكانية جديدة تعتمد على الإنتاج الزراعي والتصنيع، وزراعة نحو 500 ألف فدان بمنطقة غرب الدلتا في ظل استراتيجية الدولة لتوسيع الرقعة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، وفق الشركات المنفذة.

وتعاني مصر من عجز مائي يبلغ 55 في المائة، وحسب وزير الري المصري هاني سويلم، فإن نصيب الفرد في مصر من الموارد المائية المتجددة يمثل نحو 50 في المائة من خط الفقر المائي العالمي (نصيب الفرد وفقاً للتعريف العالمي لخط الفقر المائي يبلغ 1000 متر مكعب سنوياً).

يأتي ذلك في ظل توقف مفاوضات «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا منذ عام 2011، وتخشى مصر من أن يؤثر على حصتها من مياه النيل، المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

ويحمل دخول المحطة المصرية موسوعة «غينيس» الكثير من الدلالات، كما يشير نائب مدير مركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر الدكتور أيمن عبد الوهاب، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن المشروع «يشكل رسالة للرأي العام العالمي للتأكيد على (صبر مصر) على التعنت الإثيوبي بشأن مفاوضات (سد النهضة)، رغم ما تتكبده من أعباء اقتصادية تتعلق بمشروعات إعادة تدوير المياه لمواجهة الشح».

وحسب عبدالوهاب، فإن «المشروع يؤكد أيضاً استمرار مصر في خطط التنمية رغم المعوقات الاقتصادية والتعنت الإثيوبي».

وأنفقت مصر 10 مليارات دولار (الدولار يعادل نحو 47.63 جنيه في البنوك) خلال الـ5 سنوات الماضية لتعزيز كفاءة المنظومة المائية في مصر ومجابهة التحديات المائية، وفق تصريحات سابقة لوزير الري.

مصر تحتفل بدخول محطة «الدلتا الجديدة» موسوعة «غينيس» (المتحدث العسكري المصري)

وعد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي مشروع محطة «الدلتا الجديدة» لمعالجة مياه الصرف الزراعي بأنه يأتي ضمن التدابير المصرية لمواجهة «الشح المائي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعاني (شحاً مائياً) قبل أزمة (سد النهضة)، لذلك تتخذ تدابير لإعادة تدوير المياه مرة واثنتين».

وحسب شراقي فإن «سد النهضة يفاقم أزمة الشح المائي المصري، خصوصاً مع استعداد إثيوبيا للملء الخامس الشهر المقبل»، وبشأن وجود آفاق لاستئناف المفاوضات بين القاهرة وأديس أبابا، أكد شراقي أن «كل الشواهد الحالية تؤكد أن إثيوبيا لا تريد التفاوض، فهي مستفيدة من توقفها، حيث تقوم باستكمال السد دون تشاور».

وفي حين أثنى ممثلو موسوعة «غينيس» على مشروع المحطة المصرية، واصفين إياه بـ«المشروع العملاق»، قال وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور هاني سويلم خلال الاحتفالية إن «أهمية هذا المشروع تكمن في بناء مجتمعات متكاملة مستدامة بالمناطق الزراعية الجديدة من خلال إنشاء مناطق سكنية وحضارية والاستفادة من الإنتاج الزراعي كمواد خام للتصنيع الزراعي».

وتبلغ الاستخدامات الحالية لمصر من المياه نحو 80 مليار متر مكعب سنوياً، ويتم تعويض الفجوة بتدوير وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، وفق وزير الري المصري، الذي أكد خلال مؤتمر «أسبوع القاهرة للمياه» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن «مصر تقوم بتدوير وإعادة استخدام نحو 26 مليار متر مكعب سنوياً من مياه الصرف الزراعي لتعويض العجز».


مقالات ذات صلة

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

يوميات الشرق مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

كشفت بيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) بالتعاون مع ألمانيا، عن تراجع حاد في إجمالي كميات المياه العذبة على كوكب الأرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم «فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

«فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

بسبب البنية التحتية المتقادمة والإهدار

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا سويلم يلتقي سفيرة الإمارات في القاهرة (وزارة الموارد المائية)

مصر تطالب بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي»

طالبت مصر بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي» الذي تعاني منه المنطقة عبر إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع تحديات المياه الأمر الذي عدّه خبراء «ضرورة ملحة».

عصام فضل (القاهرة)

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
TT

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)

أدى قرار استبعاد المئات من الإدراج على «قوائم الإرهاب» في مصر، بقرار من محكمة الجنايات، إلى إعادة الجدل بشأن إمكانية «المصالحة» مع جماعة «الإخوان»، في ظل تضمين القرار أسماء عدد من قيادات الجماعة «المحظورة» رسمياً، أو محسوبين عليها، وعلى رأسهم يوسف ندا، ووجدي غنيم، وأمير بسام، ويحيى حامد، والأخير شغل منصباً وزارياً خلال حكم الجماعة بين عامي 2012 و2013.

وقررت محكمة الجنايات رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الإرهابيين استجابة لطلب النائب العام في قضية «تمويل جماعة الإخوان»، التي بدأ تحريكها عام 2014، بينما تضمنت حيثيات القرار إجراء «الأمن الوطني» تحريات تكميلية بشأن 808 أشخاص سبق إدراجهم في القضية البالغ عدد المتهمين فيها أكثر من 1500 شخص.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في مصر جدلاً بشأن تداعيات القرار، فبينما فسره البعض بوصفه «يمهد لإمكانية التصالح مع الإخوان»، نفى آخرون ذلك وبينهم برلمانيون مصريون، مشددين على أن «الإجراء طبيعي وقانوني ولا يمثل بداية لأي مصالحة مع الإخوان»، التي صنفت «إرهابية» بأحكام قضائية.

وذكر عدد من المدونين تأكيدات على استمرار إدراج بعض الأسماء على القوائم، لكن في قضايا أخرى بخلاف القضية التي جرى رفع اسمهم فيها.

ودشن عدد من المتابعين وسم «لا تصالح مع الإخوان» للتعبير عن رفضهم القرار، مستذكرين الضباط والجنود الذين سقطوا ضحايا للعمليات الإرهابية.

ودخل عضو مجلس النواب (البرلمان) النائب محمود بدر على خط السجال مستبعداً في تدوينة عبر حسابه على «إكس»، أن يكون القرار مقدمة للمصالحة مع «الإخوان»، مؤكداً أن الإدراج على القوائم «إجراء احترازي» لم تعد هناك حاجة لتطبيقه على الأسماء التي صدر قرار برفعها.

وأضاف أن بعض الشخصيات رحلت عن الحياة على غرار القرضاوي ونجل الرئيس الأسبق محمد مرسي، والبعض الآخر صدرت بحقه أحكام قضائية نهائية، والبعض صدر بحقه قرار بالعفو الرئاسي ويمارس حياته بشكل اعتيادي، ولم تعد هناك ضرورة لتطبيق هذا الإجراء الاحترازي بحقه.

وهنا يشير الصحافي المتخصص بالملف القضائي محمد بصل لـ«الشرق الأوسط»، إلى صعوبة تحديد أعداد المدرجين على قوائم «الإرهاب» بسبب وجود كثير من القضايا وتكرار أسماء بعض الشخصيات في أكثر من قائمة، الأمر الذي يؤدي أيضاً لصعوبة تحديد الأعداد الفعلية التي استفادت من قرار المحكمة الأخير، مشيراً إلى أن الأعداد الفعلية للمدرجين تقدر بـ«الآلاف».

وأضاف أن النيابة العامة والجهات القضائية وحدهما القادرتان على حصر الأسماء غير المتكرر إدراجها في قوائم أخرى لتحديد استفادتها من قرار المحكمة، مشيراً إلى أن القضية التي فتح التحقيق فيها قبل سنوات، لم يصدر أي قرار بحبس أي متهم فيها حتى الآن، ولم تتم إحالة المتهمين فيها للمحاكمة، وكان الإدراج على قوائم الإرهاب الإجراء القانوني الوحيد المتخذ بحق المتهمين.

لكن النائب محمود بدر كشف في تدوينته، عن وجود 4408 أشخاص وكيانات مدرجة على القوائم، بحسب آخر تحديث في 12 أغسطس (آب) الماضي.

ويفرّق مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور عمرو الشوبكي، بين «الإجراء القضائي الذي يهدف إلى رفع الصفة عن أشخاص طبقت عليهم إجراءات استثنائية في ظروف محددة كانت الدولة تواجه فيها مخاطر وجودية، ومتورطين في جرائم عنف وتحريض من الجماعة، لا يوجد مجال للتصالح معهم».

ويؤكد مستشار مركز الأهرام لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطوة رفع الأسماء من القوائم مهمة، خصوصاً مع وجود كثيرين يستحقون حذف أسمائهم من هذه القوائم».

ووفق بيان النيابة العامة، الأحد، فإن الـ716 الذين شملهم القرار، «ثبت توقفهم عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها».

ويقول محامي عدد من المتهمين في القضية محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط»، إن القانون لا يحدد مدة معينة لانتهاء الجهات المعنية من التحريات حول المتهمين، ومن ثم لا يمكن توقع أي توقيتات بشأن الفصل في مصير باقي الأسماء المدرجة على «قوائم الإرهاب» في القضية.

وعادة ما تتجاهل السلطات المصرية أي حديث عن مبادرة للتصالح مع «الإخوان»، التي كان آخرها ما طرحته الجماعة، في رسالة منسوبة لنائب القائم بأعمال «المرشد العام»، حلمي الجزار (مقيم في لندن)، في أغسطس الماضي، عن مبادرة تشمل إطلاق سراح سجناء الجماعة، مقابل اعتزال «الإخوان» العمل السياسي.

لكن الجزار عاد بعد شهر من طرح المبادرة، مؤكداً أن حديثه عبارة عن بحث لتسوية سياسية للوضع، لا يقتصر فقط على «الإخوان»؛ لكن يشمل كل الأطراف في الداخل والخارج.